ليست واقعة «كولدبلاي» أوّلها... قضمُ وطواط وضَربٌ وغرائب أخرى في حفلات الفنانين

ليست واقعة «كولدبلاي» أوّلها... قضمُ وطواط وضَربٌ وغرائب أخرى في حفلات الفنانين
TT

ليست واقعة «كولدبلاي» أوّلها... قضمُ وطواط وضَربٌ وغرائب أخرى في حفلات الفنانين

ليست واقعة «كولدبلاي» أوّلها... قضمُ وطواط وضَربٌ وغرائب أخرى في حفلات الفنانين

إذا كان حفل فريق «كولدبلاي» في بوسطن، الأسبوع الماضي، قد أسفر عن استقالة رئيس مجلس إدارة إحدى أهم الشركات، بعد أن أظهرته الكاميرات برفقة عشيقته، فإنّ حفلاتٍ كثيرة لفنانين عالميين لم تكن أقلّ غرابةً، ولم تخلُ هي الأخرى من اللحظات المحرجة.

وفي حين حاول نجم الفريق البريطاني، كريس مارتن، أن يبدو لطيفاً مع ضحيتَي الحفل، فإنّ مغنّين آخرين فقدوا أعصابهم على المسرح. هذا ما حصل مثلاً مع كريس براون خلال حفل له في برلين عام 2023، عندما رمى بهاتف إحدى المعجبات وهي تحاول التقاط فيديو معه.

مغنّي الراب كريس براون يرمي بهاتف معجبة من على المسرح (يوتيوب)

أما غضب مغنّي «أويسس (Oasis)»، ليام غلاغر، فقد انصبّ على شقيقه وشريكه في الفريق، نويل. حدث ذلك خلال حفلٍ للثنائي البريطاني الشهير عام 1994 في لوس أنجليس. أما السبب فكان توجيه نويل إهانات لشقيقه وللجمهور الأميركي، ما دفع بليام إلى رميه على رأسه بالدفّ الذي كان بين يدَيه.

تلك لم تكن المواجهة المباشرة الأولى بين الأخوين غلاغر، فمن المعروف عنهما علاقتهما العاصفة وشجاراتهما المتكررة، بحضور الجمهور وبغيابه على حدٍ سواء. وقد لعب ذلك دوراً محوَرياً في انفصال الفريق.

الشقيقان نويل وليام غلاغر وعلاقة ملتبسة لطالما تجلّت على المسرح (أ.ب)

تعود إحدى أكثر اللحظات غرابةً إلى عام 1982، يوم رمى أحد الحاضرين في حفلٍ لأوزي أوزبورن في الولايات المتحدة الأميركية، المغنّي بوطواط. ظناً منه بأن الطير دمية مطاطية، التقطها المغنّي الراحل وقضم الرأس. ما إن امتلأ فمه بالدم، حتى أدرك فظاعة ما ارتكب، خصوصاً أنّ الوطاويط تحمل الكثير من الفيروسات.

تسببت تلك الحادثة بسخطٍ عالمي كبير ضد أوزبورن، مع العلم بأنّ الفنان الأميركي المثير للجدل كان قد اعتاد على رشق جمهوره بقطع من اللحم خلال حفلاته، وهم كانوا يبادلونه برمي الأفاعي والجرذان على المسرح.

وإذا كان أوزبورن قد نجا من دم الوطواط، فإن المغنية الأميركية «بينك» كادت تتعرّض لكسور خلال حفلٍ لها في ألمانيا عام 2010؛ ففي حركة استعراضية، كان من المفترض أن تتعلّق ضمنها بالحبال، خرجت الحبال عن مسارها، ورمت ببينك من على خشبة المسرح.

من حسن حظ المغنية أن الإصابة اقتصرت على رضوض، كما كان عليها أن توقف الحفل بسبب الآلام المبرحة التي تعرضت لها.

تتصدّر الانزلاقات والسقطات على المسرح قائمة المواقف المحرجة التي يتعرض لها الفنانون خلال حفلاتهم. منهم مَن يتلقّف اللحظة ويتابع الغناء وكأنّ شيئاً لم يكن، ومنهم مَن لا يحالفه الحظ.

متسلّحةً بخبرتها الاستعراضية الصلبة، وقفت مادونا على قدمَيها وتابعت الرقص والغناء بعد سقطةٍ تدحرجت خلالها على السلالم. ففي عرضها، خلال حفل توزيع جوائز الموسيقى البريطانية (Brit Awards) عام 2015، كانت الفنانة العالمية تلتحف رداءً طويلاً وواسعاً. تعثّر به أحد الراقصين، فسحبها من أعلى السلالم إلى أسفلها مباشرةً على المسرح، لتقوم مادونا بلمح البصر وتتابع أداءها.

أما أكثر الفنانات عرضةً للحوادث على المسرح، فهي بيونسيه. لكنها، وكما إحدى أبرز ملهماتها (مادونا)، تقف على رجلَيها وتتابع العرض. ولعلّ أصعب سقطة تعرضت لها خلال حفل كانت في فلوريدا عام 2007، حيث انزلقت على السلالم لتقع على وجهها أرضاً.

يحدث أن تتعرض بيونسيه كذلك لنوع آخر من الحوادث؛ كأن يعلق شعرها بمروحة على المسرح، وألّا تستطيع التحرُّر منها سوى بعد تدخّل فريقها. ورغم تلك الحادثة التي سُجّلت عام 2013 خلال حفل في كندا، فإنّ المغنية الأميركية واصلت الغناء بثقة، وهي مازحت الجمهور لاحقاً حول ما جرى.

آخر حادثة سُجّلت مع بيونسيه وقعت قبل أسابيع ضمن جولتها العالمية. كانت المحطة في هيوستن الأميركية، وقد أطلّت النجمة على جمهورها على متن سيارة حمراء معلّقة بحبالٍ بين سقف المسرح وأرضه. لكن فجأةً بدأت السيارة تميل في اتجاه واحد، فما كان من بيونسيه سوى أن تمسّكت بأحد الأعمدة المثبتة عليها متوجّهةً إلى الفريق التقني بالقول: «أوقفوها. أوقفوا السيارة». وقد انتهى المشهد الذي حبس أنفاس الجمهور وبيونسيه، بأن جرى إنزال السيارة ببطء وإخراج الفنانة منها بلا أي أضرار جسدية.

موقفٌ مشابه تعرضت له كيتي بيري قبل أيام خلال حفلٍ لها في سان فرانسيسكو. كانت المغنية الأميركية تحلّق فوق الجمهور وهي جالسة داخل ما يشبه فراشة ضخمة، عندما هبطت الفراشة بشكلٍ مفاجئ باتّجاه الحضور، قبل أن تتوقف بسبب عطل ميكانيكي واضح. بدا وكأنّ الآلة تفقد توازنها؛ ما تسبب بموجة ذعرٍ أصابت الحشد والفنانة التي توقفت عن الغناء.

من بين المواقف المحرجة التي يتعرّض لها الفنانون خلال حفلاتهم، تَمزّق مفاجئ في ملابسهم، على غرار ما حصل مرةً مع جنيفر لوبيز. ومنهم مَن يصاب كذلك بإعياءٍ؛ كأن يتقيّأ على المسرح، مثلما حصل مع كلٍ من جاستن بيبر وليدي غاغا.

أما إحدى اللحظات الأكثر إثارةً للصدمة، بالنسبة إلى الجمهور، فكانت عام 2023، خلال افتتاح الجولة العالمية للنجمة الأميركية تايلور سويفت. فاجأت سويفت جمهورها الحاضر في أريزونا تلك الليلة، برمي بنفسها داخل ما بدا أنها فتحة في أرض المسرح، لتظهر بعد ثوانٍ وهي تسبح في مياه تحت الخشبة.

لا تبخل سويفت باللحظات الاستثنائية على روّاد حفلاتها، إلا أنّ تلك شكّلت كبرى مفاجآتها على الإطلاق.


مقالات ذات صلة

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يوميات الشرق يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات Fringe وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة خلال الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر

يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي (هيئة الترفيه)

أول مؤتمر للموسيقى العربية في الرياض يوصي بتوثيق وصون التراث الشرقي

أوصى أول مؤتمر للموسيقى العربية عُقد في الرياض بأهمية تنفيذ مشروع عربي شامل، لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية، وفق منهجيات علمية دقيقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الوتر السادس مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

كان لأغنيات الشاعر مصطفى الجارحي التي لحنها وغناها الفنان مصطفى رزق، مطرب الجاز المصري، حضور كبير في النسيج الدرامي لمسلسل «ولاد الشمس».

حمدي عابدين (القاهرة)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.