المسك والزعفران والعود والعنبر والكافور، هي العناصر الخمسة الشرقية الرئيسية في تركيب العطور في العصر الإسلامي، وفق ندوة استضافها متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، ضمن فعاليات تحت عنوان «في حرم الجمال: الزينة والطيب عبر العصور الإسلامية».
يحكي المعرض في جزء منه عن قصة الجمال في الحضارة الإسلامية سواء جمال المعمار والزخرفة أو جمال الروح والأخلاق والجزء الثاني هو الطيب أو العطر، فالعطر كان جزءاً من تاريخ هذه الحضارة الإسلامية، وكانت له أبعاد دينية وروحانية واقتصادية وسياسية.
وتضمن المعرض الأثري المؤقت الذي استمر على مدى شهر، 60 تحفة أثرية تعبّر عن مفهوم الطيب والزينة، وافتتحه مدير متحف الفن الإسلامي، أحمد صيام، بمشاركة من شركة الشريف بوتيه الراعية للحدث.

إعادة إحياء تركيبات عطرية من المخطوطات التي ترجع للعصور الإسلامية مثل تركيبة عطر ترجع لهارون الرشيد وعطر شهير في العصر الإسلامي اسمه عطر خلوق الزعفران الذي أساسه مادة الزعفران، كانت ضمن الجزء التفاعلي الجديد في المعرض.
كما تمت الإشارة إلى الوظائف المختلفة للعطور مثل الحصول على كحل للعين من حرق بعض المواد العطرية التي ذكّرت بمخطوط للغافقي محفوظ بمتحف الفن الإسلامي، وتركيبة عطرية لتنقية الفم وتطييبه ترجع للطبيب ابن ماسويه. تناول المعرض أيضاً صباغة وتعطير الأقمشة بالمواد العطرية مثل العود والزعفران والصندل، بالإضافة إلى بخور كان مشهوراً في العصر العباسي اسمه بخور الند للمستعين بالله العباسي. بالإضافة إلى عطور الحرم المكي، ودهن العود، ودهن الورد، وبخور الورد الطائفي، والعطور الشرقية المفردة: المسك، والعود، والزعفران، والعنبر، والصندل، وفق بيان للمتحف.

وفي ندوة مصاحبة للمعرض تحت عنوان «مسك وزعفران وورشة عطور» نظمتها الدكتورة سامية حسن، قدّمت الدكتورة داليا نبوي، مسؤولة الترميم بمتحف عواصم مصر، كلمة حول «منهجية صناعة العطور قديماً وحديثاً»، أعقبها ورشة تطبيقية تفاعلية. وقالت داليا لـ«الشرق الأوسط» إن «المسك له أبعاد دينية وروحانية، كما أنه يعبر لغلاء ثمنه عن طبقة النبلاء والملوكية، والزعفران له رمزية ودلالة روحانية ودينية أيضاً، وهو عطر شهير كانت تُدهن به الأماكن المقدسة».
وأشارت داليا إلى «العطر كرمز للروح والنقاء في الثقافة الإسلامية، وكيف ارتبط استخدامه بالطقوس الدينية، والنظافة الشخصية، والضيافة، بل وحتى في التعبير عن الهوية الاجتماعية».
وتناولت دور العلماء المسلمين في تطوير علم التقطير واستخلاص الزيوت العطرية، مثل العالم جابر بن حيان والرازي، مما مهّد الطريق لصناعة العطور في أوروبا لاحقاً. وتضمنت الورشة عرض كيف يتم تصميم العطر حديثاً ضمن فقرة تجريبية تفاعلية مع الجمهور.

شهدت الورشة التجريبية، وفق داليا، «تقديم عينات من تركيبات عطرية مستوحاة من وصفات تراثية، تجمع بين المسك والزعفران والورد والمر، ما أتاح للزوار تجربة حسية حية لروائح الماضي، بالإضافة إلى صنع عطر شخصي».
وتضمنت الندوة أيضاً محاضرة عن مفهوم الجمال في الحضارة الإسلامية من الجانب المعماري والأخلاقي والروحاني قدمته ريهام الطاهر
ودارت مناقشات حول أهمية الحفاظ على الوصفات القديمة، وإمكانية إنتاج خطوط عطور تراثية داخل المتاحف، كمصدر للترويج الثقافي والاقتصادي في آنٍ.
يذكر أن متحف الفن الإسلامي يقع في منطقة باب الخلق، وسط القاهرة، وتم افتتاحه عام 1903 في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، وتم افتتاحه مجدداً عام 2017 بعد خضوعه لفترة ترميم، ويضم أكبر مجموعة للقطع الأثرية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ويتبع وزارة السياحة والآثار، التي تسمح للزائر بالتجول عبر جميع فترات التاريخ الإسلامي، ومن أهم كنوز المتحف مفتاح الكعبة من العصر المملوكي وقطعة نسيج تحمل أقدم كتابة كوفية.




