تتجه مصر للتوثيق العمراني لجبانة المماليك (شرق القاهرة) ضمن مجموعة من التوصيات التي وضعها مشروع «منتدى جامعات التراث» حول تطوير القاهرة التاريخية، تحت عنوان «القاهرة التاريخية: دراسة حالة».
ومن بين التوصيات أيضاً مقترحات لاستخدام الطاقة النظيفة في منطقة قلعة صلاح الدين، وتصميم المساحات الخضراء والزراعة الحضرية في منطقة الفسطاط، ودعم الصناعات الإبداعية واقتصاد التراث غير المادي في منطقة الجمالية، واستثمار المباني الأثرية في منطقة الدرب الأحمر، والتكيف مع تغير المناخ في منطقة الإمام الشافعي، وتعزيز التراث الحي والمشاركة المجتمعية في منطقتي الأزهر والغوري، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار المصرية، الأحد.
وأُطلق مشروع منتدى جامعات التراث في مارس (آذار) عام 2024 بالتعاون بين جهات عدّة من بينها وزارة السياحة والآثار، والمكتب الإقليمي لـ«اليونيسكو» في القاهرة، ومشاركة عدد من الجامعات المصرية ومحافظة القاهرة، لبناء منصة تجمع الخبراء والباحثين وطلاب الدراسات العليا، للمساهمة في إعداد خطة إدارة وحفظ لموقع القاهرة التاريخية المُسجل على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979.
ويمتد تاريخ جبانة المماليك إلى أكثر من 500 عام، وبعض المصادر ترصد وجودها منذ القرن الثامن الهجري، وتضم المنطقة أكثر من 30 أثراً مسجلاً، وقد دُفن بها السلطانان قايتباي وبرقوق، وغيرهما من سلاطين المماليك، وقبل 5 سنوات أُثيرت ضجة بعد هدم مقابر في منطقة المماليك، على إثر توسعات في الطرق والمحاور المرورية بالمنطقة، إلّا أن وزارة السياحة والآثار أصدرت بياناً وقتها أكدت خلاله أن ما هُدِم بعيد عن حرم الآثار الإسلامية المسجلة في المنطقة.
وقال وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، إن «الحفاظ على التراث ليس بالأمر الصعب، في حين يُعدّ تطويره تحدياً كبيراً يتطلب توافقاً بين مختلف الأطراف، ورفع الوعي المجتمعي بأهمية المواقع الأثرية والتراثية ودورها»، مؤكداً خلال الجلسة الختامية للمنتدى في قصر الأمير محمد علي بالمنيل (جزية الروضة – غرب القاهرة) أن «المشروع يُعد نموذجاً ناجحاً يمكن تطبيق توصياته ضمن المشروعات الجارية، أو من خلال إنشاء مشروعات مستقلة»، مشدداً على أهمية التعاون بين الجهات كافة لضمان تنفيذ ما تم التوصل إليه من مخرجات، وتطوير آليات التنفيذ والمتابعة.

ووفق محافظ القاهرة، الدكتور إبراهيم صابر، فقد «قامت المحافظة بجهود عدة في الحفاظ على القاهرة التاريخية والقاهرة الخديوية ومنطقة وسط البلد»، مشدداً على أهمية استعادة مكانة القاهرة التاريخية بوصفها عاصمة للثقافة والفنون.
وجاءت وثيقة عمل المشروع نتيجة جهد متواصل على مدار عام ونصف العام، أفضى إلى عدد من التوصيات والمبادرات التي سيُعمل على تنفيذها، لتطوير القاهرة التاريخية والحفاظ عليها للأجيال القادمة، حسب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد.
فيما استعرضت مديرة المكتب الإقليمي «لليونيسكو» في القاهرة والسودان، الدكتورة نوريا سانز، محاور المشروع بصفة عامة وفرق العمل به، وأبرز ما تحقق من إنجازات ضمن المشروع خلال الفترة الماضية.
وأشار خبير الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار في المجلس الأعلى للثقافة، إلى أن «الدولة بكل وزاراتها المعنية بالتعاون مع المحليات تولي أهمية قصوى لتطوير القاهرة التاريخية، والمسجلة بوصفها منطقة تراثٍ عالمي استثنائي في (اليونيسكو) منذ عام 1979».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة التاريخية تشمل الآثار الإسلامية والقبطية في نطاقات عدّة من بينها منطقة الفسطاط، ومقابر الإمام الشافعي، وجبانة المماليك، والمنطقة القبطية».

ولفت ريحان إلى إنجازات أجهزة الدولة لتطوير القاهرة التاريخية، ومنها مشروع في إطار خطة لتطوير ورفع كفاءة عدد من المناطق الأثرية في مختلف أنحاء مصر، ومن بين المشروعات التي ذكرها «مشروع قباب مقابر الأسرة العلوية الأثرية بالإمام الشافعي»، موضحاً أن «هذه المقابر تعرف باسم (حوش الباشا) في منطقة الإمام الشافعي، وأمر ببنائها محمد علي لتكون مدفناً له ولعائلته عام 1816، ولكنه لم يُدفن بها ودُفن في مسجده بالقلعة»، وأكد ريحان أن جبانة المماليك لها خصوصية كبيرة، لما بها من مواقع ومقابر مسجلة ضمن الآثار الإسلامية.








