حين تتفتّح الورود على ثغر الكوكب فيُزهر هناءً

في معرض «وتضحك الأرض في الزهور» للتشكيلية لاريسا شاوول

تبحث دائماً في ذاكرتها عن صور خيالية لتنقلها إلى لوحاتها (الشرق الأوسط)
تبحث دائماً في ذاكرتها عن صور خيالية لتنقلها إلى لوحاتها (الشرق الأوسط)
TT

حين تتفتّح الورود على ثغر الكوكب فيُزهر هناءً

تبحث دائماً في ذاكرتها عن صور خيالية لتنقلها إلى لوحاتها (الشرق الأوسط)
تبحث دائماً في ذاكرتها عن صور خيالية لتنقلها إلى لوحاتها (الشرق الأوسط)

في مشهديّة فنيّة تشبه حدائق معلَّقة على جدران غاليري «آرت هاوس» في الجميزة، ينطلق معرض الفنانة التشكيلية لاريسا شاوول بعنوان «وتضحك الأرض في الزهور»، مطبِّقاً المثل المعروف: «الرسالة تُقرأ من عنوانها».

لوحاتها، المنفّذة بالأكريليك والميكسد ميديا، تفيض بالطاقة الإيجابية. وبريشة زاهية مشبعة بالبسمة والأمل، تخاطب الناظر قائلة: «حان وقت الإصغاء».

ترسم شاوول باقات الورد بتقنيتي الأكريليك والميكسد ميديا (الشرق الأوسط)

فالزهور تذكير بمرونة الأرض وقدرتها على توليد الفرح، حتى في أحلك الظروف، لتكمل دورة الحياة على طريقتها، غير آبهة بالضجيج المحيط بها.

تتجلّى أفكار لاريسا التفاؤلية في قصص ترويها على ورق الورد وبتلاته. تجمعها أحياناً لتؤلّف مساراً يفيض بالفرح، وتقدّمها أحياناً أخرى على شكل باقات تفوح بعطر غامض.

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها رسالة مباشرة أوجّهها إلى سكّان الأرض، أحثّهم فيها على ملاقاة الطبيعة والإنسانية. الطبقات التي اعتمدتها في لوحاتي تعبّر بوضوح عن هذه الرسالة».

تركن لاريسا في أعمالها إلى ذاكرتها، كما تذكر لـ«الشرق الأوسط». فهي تستعيد مشاعر راودتها لدى رؤيتها وردة معيّنة، فتترجمها بريشة مفعمة بالأمل. تقول: «ألجأ دائماً إلى ذكرياتي المتراكمة، وكلّ ما أرسمه أنقله من مخيّلتي مباشرة».

هذه الذكريات شكّلتها في وجوه نسائية على هيئة ورود. نادتها ريشتها بأسماء مثل «إيريس»، و«ليلاس»، و«سيلين». وفي أحيان أخرى، حمّلت تلك النسوة رسائل تُعبِّر عن هواجسها، كما في لوحة «غرايس»؛ إذ تصوّر امرأة مقنَّعة تحمل زهرة التوليب، ترمز في الوقت نفسه إلى الجمال والجاذبية.

بألوان صارخة تارة، وهادئة تميل إلى الدفء تارةً أخرى، تؤلّف لاريسا من الزهور حلقات لأشخاص يرقصون بخفّة، كما في لوحة «ضوء راقص».

نساء على شكل ورود مختلفة تشكّل مجموعة من لوحاتها (الشرق الأوسط)

وفي أخرى عنونتها «تحت سماء هادئة» و«صدى» و«انِتظار»، تأخذنا إلى عالم يمزج بين الواقع والخيال. فتتعانق الزهور شامخة حيناً وخانعة حيناً آخر. ولتحيك أناقة سيدة بتسريحة شعر جميلة تتزين بعقد من اللؤلؤ، تنظر إلى الغد وهي في حالة انتظار موشّحة بورق الورد الأحمر.

تشير لاريسا إلى أن الألوان التي تستخدمها في أعمالها تستوحيها من طبيعة الشرق الأوسط. وتقول: «أشعر كأنها تنبع من داخلي وتشبهني إلى حدّ بعيد. فهي تحمل تناقضات الصيف والشتاء، والحرارة والبرودة. حتى النساء في رسوماتي منحتهنّ ملامح من وجهي وشخصيتي، فعكسنَ صورتي الذاتية (أوتو بورتريه)».

تُطالعك في وسط المعرض لوحةٌ عملاقة بعنوان «وتضحك الأرض في الزهور» تترجم فيها لاريسا شاوول عنوان معرضها على مساحة واسعة. فلوحات معرضها استوحتها منها بحيث جزّأت تفاصيلها في لوحات منفردة، وتُبرز فيها جمالَ طبيعة تعيش في هناءة. فزهورها الكثيفة تطلّ برأسها فوق الأرض مبتسمة، وتغمرها ألوان الحياة من أخضر وأزرق وأصفر وبرتقالي وغيرها.

وتطلّ خلفها مجموعة أشجار معمّرة، تصطفّ قرب بعضها ككوكبة نجوم تضيء العتمة بألوان هادئة. وفي لوحة «همسات النمو» تصوِّر مجموعة من الزهور تبدو كأطفالٍ يلهون بسعادة.

حدائق معلقة تتوزع على غاليري «آرت هاوس» في الجميزة (الشرق الأوسط)

وفي أحد أركان المعرض، تلفتك مجموعةُ لوحات معلّقة، رُسمت وجوهها على أسطح معدنية، تتدلّى بخيوط بيضاء لتؤلِّف حديقة غنَّاء بشخصياتها، تُعرِّف عنها شاوول بأسماء مثل: «الموج»، و«الصدى»، و«الكسوف»، و«التناغم»، و«نسمة البحر»، و«الشَّفق»، وغيرها.

وتختم لاريسا شاوول حديثها لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «رغبتُ من خلال هذا المعرض بالتأكيد على أننا، جميعنا، متّصلون على هذا الكوكب عبر الطبيعة. ومن خلاله، أدعو إلى اكتشاف حقيقة لا يمكن إخفاؤها عن أحد، وهي أن الإنسان والطبيعة متلازمان، لا يمكن فصلهما أبداً».


مقالات ذات صلة

«الصيرورة» موضوع «آرت بازل قطر» في نسخته الافتتاحية

يوميات الشرق «الصيرورة» موضوع «آرت بازل قطر» في نسخته الافتتاحية

«الصيرورة» موضوع «آرت بازل قطر» في نسخته الافتتاحية

في نسخته الافتتاحية، سيبتعد «آرت بازل قطر» عن نموذج المقصورة التقليدية ليقدم شكلاً جديداً للمعرض يرتكز على الرؤية الفنية والدقة المفاهيمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بوابة الفتوح في القاهرة التاريخية (محافظة القاهرة)

معرض فوتوغرافي يحتفي بمرور 1056 عاماً على تأسيس مدينة القاهرة

تحتفل مصر بمرور 1056 عاما على إنشاء مدينة القاهرة، العاصمة المصرية التي يعود إنشاؤها للعصر الفاطمي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق عرائس «ماتريوشكا» في المعرض (الشرق الأوسط)

«حكاوي ماتريوشكا»... معرض قاهري يحمل رسالة سلام بالدمى الروسية

قدّمت الفنانة الدُمية في معرضها بطابع مصري؛ فتشعر كأنها وصلت إلى قاعة العرض للتوّ من حي «الأنفوشي» في الإسكندرية مرتدية «الملاية اللف» المزينة بالترتر.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق «انطباعات» يدمج ما بين فني التصوير الفوتوغرافي وعصر النهضة (الشرق الأوسط)

«انطباعات»... أحلام نساء تطفو على سطح المياه

تُبحر الفنانة لارا زنكول بعدستها في أعماق الحلم فترسم بالضوء ملامح أنوثة تسبح بين السكون والماء.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تتألق الأصالة وتتجلّى الثقافة السعودية بكل تنوعها (إكسبو السعودية)

‏85 يوماً لرحلة الثقافة السعودية في «إكسبو أوساكا»

عبَرت رحلة الثقافة السعودية المشاركة في «إكسبو أوساكا»، ثاني أكبر جناح بعد الدولة المستضيفة، يومها الخامس والثمانين وقدمت لأكثر من مليون زائر الثقافة السعودية.

عمر البدوي (الرياض)

عمّا تحدث ترمب وأوباما في جنازة جيمي كارتر؟ كتاب يكشف

دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
TT

عمّا تحدث ترمب وأوباما في جنازة جيمي كارتر؟ كتاب يكشف

دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرئيس الأسبق باراك أوباما للعب جولة غولف في أحد ملاعبه العديدة خلال اللقطات التي انتشرت على نطاق واسع، وأظهرت الرجلين في جنازة الرئيس السابق جيمي كارتر في يناير (كانون الثاني)، وفقاً لكتاب جديد.

طلب الرئيس المنتخب آنذاك من سلفه الانضمام إليه في لعبة الغولف، حيث فاجأ الخصمان السياسيان العالم بمجاملاتهما خلال جنازة كارتر الرسمية داخل كاتدرائية واشنطن الوطنية في 9 يناير 2025، بحسب صحيفة «نيويورك بوست».

ووفقاً لمقطع من كتاب «2024: كيف استعاد ترمب البيت الأبيض وخسر الديمقراطيون أميركا»، وبحسب موقع «أكسيوس»، «جلس ترمب بجانب باراك أوباما ودعاه للعب الغولف».

يُسلّط الكتاب الضوء على عودة ترمب إلى البيت الأبيض عام 2024، وحملتي الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس. وقد كتبه الصحافيون السياسيون جوش داوسي، وتايلر بيجر، وإسحاق أرنسدورفن، الذين عملوا في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الحملة الرئاسية لعام 2024.

ولم يكن معروفاً متى تمت دعوة أوباما إلى أحد الملاعب الـ17 المملوكة لترمب أثناء الجنازة، أو ما إذا كان الديمقراطي قد قبل الدعوة.

التُقطت صورٌ للرجلين وهما يبتسمان ويضحكان قبل بدء مراسم جنازة كارتر.

يُعتقد أن الرجلين استخدما تعابير وجهيهما المرحة لإخفاء محادثة أكثر جدية عن أعين المتطفلين.

في إحدى اللحظات، أخبر ترمب أوباما أن عليهما «البحث عن مكان هادئ» في وقت لاحق من اليوم لمناقشة «مسألة مهمة»، وفقاً لقارئ الشفاه جيريمي فريمان.

لاحقاً، انحنى ترمب نحو أوباما، قائلاً لنظيره: «لقد انسحبتُ من ذلك. إنها الشروط. هل يمكنك تخيّل ذلك؟».

وانسحب ترمب من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه أوباما عام 2015 واتفاقية باريس للمناخ عام 2016 في ولايته الأولى، مع أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاتفاقيات هي ما كان يُناقش.

وقال ترمب: «لا أستطيع التحدث، علينا إيجاد مكان هادئ في وقت ما. هذه مسألة بالغة الأهمية، وعلينا القيام بذلك في الخارج حتى نتمكن من التعامل معها، بالتأكيد، اليوم».

وأفاد لاحقاً بأنه «لم يُدرك مدى ود» أوباما حتى تبادلا أطراف الحديث.

وصرّح لشبكة «إن بي سي نيوز» من ناديه مارالاغو في فلوريدا عقب الجنازة: «قلتُ: يا إلهي، يبدو أنهما شخصان يُعجبان ببعضهما بعضاً. وربما نُعجب ببعضنا بعضاً».

جلس ترمب بجانب أوباما في الصف الثاني من الكاتدرائية الوطنية لأن السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما كانت في هاواي ولم تحضر الجنازة بسبب «تضارب في المواعيد».

رفضت السيدة البالغة من العمر 61 عاماً حضور حفل تنصيب ترمب لولاية ثانية داخل مبنى الكابيتول في 20 يناير (كانون الثاني). وحضر الرئيس أوباما الحفل بمفرده.

كان أوباما صريحاً في انتقاد سياسات ترمب، لكنه أدلى بتصريحات علنية نادرة، بما في ذلك بعد إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).