للسنة الرابعة على التوالي، تستضيف العاصمة اللبنانية مهرجان «أسبوع بيروت الدولي لموسيقى الجاز» في نسخته الرابعة. ويهدف منظموه إلى تسليط الضوء على هذه الموسيقى، وتشجيع اللبنانيين على التعرّف إليها من كثب. فالشرائح الاجتماعية التي تهوى «الجاز» ضئيلة نسبة إلى هواة موسيقات أخرى.
ينطلق المهرجان في 23 أبريل (نيسان) الحالي لغاية 30 منه. ويتنقل، كعادته، في مناطق لبنانية عدّة؛ لإحياء حفلات عزف مباشرة. هذه السنة يحطّ رحاله في البترون لأول مرة، لتنضمَّ بدورها إلى خريطة المهرجان الفنية، في حين تستضيف العاصمة اللبنانية أكبر عدد من هذه الحفلات، في مدينتَي الحمراء والأشرفية، إضافة إلى ضبية، والبوشرية، والنقّاش، في ضواحي العاصمة. وتمتد حفلات المهرجان إلى مدن جونية، وطرابلس، وجبيل، وزغرتا.
ويفتتح المهرجان فعالياته في شارعَي «الحمراء» و«كليمنصو»، وكذلك بمنطقة غزير في جونية. ويحييها كل من: فريق «بالس بويت»، والعازف سام أرنيليان، ورافي مانداليان، لتنتقل في اليوم التالي (24 أبريل) إلى الأشرفية وضبية مع فريق «الثلاثي لوتس» و«بالس بويت». وتتوزع الحفلات الأخرى على مناطق بيروت.
من جانبه، يُشير منظّم المهرجان، يوسف نعيم، إلى أن معظم العازفين في نسخة العام الحالي من المهرجان هم فنانون محليون. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما ضمَّت نسخاتنا في الأعوام الماضية فنانين أجانب، يأتون خصِّيصاً للمشاركة في فعاليات المهرجان، بيد أننا اكتفينا خلال هذا العام بنجوم (جاز) محليين».
ويوضح نعيم أن المهرجان يحاول توليد نوع من التوعية بشأن هذا النوع من الموسيقى... «نهتم بتعريفها إلى أكبر عدد من اللبنانيين، لا سيما أن بعض الحفلات تمزج بين موسيقى الجاز وتلك الشرقية التي يحبّونها. كما نسعى إلى إثبات أهمية لبنان من حيث تذوُّق هذه الموسيقى. ونسبة إلى مهرجانات أخرى تقام حول العالم، فإن لبنان يأتي في الصدارة، لا سيما أن البرنامج الاحتفالي الذي نركن إليه غني ولا يقتصر على ليلة واحدة فقط».
والمعروف أن الاحتفال بـ«اليوم العالمي لموسيقى الجاز» يوافق 30 أبريل من كل عام؛ إذ تعمُّ الحفلات كثيراً من بلدان العالم في هذا اليوم تحديداً. ويُنظّم لبنان برنامجاً من أسبوع كامل لهذه المناسبة.
ومن العازفين المشاركين في هذه الأمسيات: «دونا وجو»، و«ثلاثي كريستينا كيروز»، و«الثنائي رافي وعلي». فيما يجتمع تحت سقف أحد محال بيروت (صالون بيروت) مواهب موسيقية وأخرى تحترف موسيقى «الجاز»، وذلك في يوم الاحتفال العالمي بهذه الموسيقى.
وفي ظل غياب ليالي المهرجان عن بلدات كانت تشكِّل محطات له؛ من بينها دير القمر وبحمدون، يوضح نعيم: «لم نملك هذه السنة دعماً مادياً لازماً لتوسيع شبكة حفلاتنا، وكذلك لاستقدام عازفين نجوم أجانب في موسيقى (الجاز)... بيد أننا ننوي في العام المقبل، إذا ما قُدِّر لنا ذلك، استضافة نجوم عرب وأجانب، يشاركون في إحياء المهرجان ويسهمون في إبراز لبنان بوصفه بلداً ريادياً في هذا الفن».
وعن سبب عدم إعطاء هذا الفن الاهتمام الكافي من اللبنانيين بأعداد كبيرة، يردّ: «بعضهم يستمع إلى موسيقى (الجاز) من دون أن يُدرك تصنيفها. فتقديمها في قالب فني جديد على طريقة زياد الرحباني، لا شك في أنه أحرز فرقاً. وتلحينه أغنيات لفيروز معتمداً موسيقى (الجاز) ساهم في نشرها تلقائياً. وهناك فنانون آخرون أدخلوا (الجاز) في أغنياتهم. ومن بينهم تانيا صالح، وريما خشيش؛ حتى إن الفنانة إليسا لوَّنت بعض أغنياتها بنوتات من موسيقى (الجاز). في حين لجأ غيرها إلى المزج بين مقامات موسيقية عربية وموسيقى (الجاز)، فولَّدوا أعمالاً فنية راقية لاقت استحساناً لدى الجمهور اللبناني عامة، على الرغم من أنه لا يدرك أنها تنتمي إلى (الجاز)، فغالبية موسيقى البوب العربية اليوم تستعين بعناصر من موسيقى (الجاز)».
ويحاول مجتمع «الجاز»، الذي يرأسه يوسف نعيم، أن يمدَّ من خلال هذه الاحتفالات الجسور الاجتماعية بين مناطق لبنان. ويوضح: «عندما نقيم حفلات في طرابلس، وزغرتا، وغزير... وغيرها، فذلك من أجل إحياء الوحدة بين المناطق. وكذلك لتتوسَّع معرفة اللبنانيين بمناطقهم بشكل أفضل. وعبر موسيقى (الجاز) نُحاول كسر حواجز وهمية، ونوسِّع مساحات وأرضيات مجتمعنا إلى حدّ كبير».
وفي ختام حديثه، يقول نعيم إن «تجمُّع موسيقى الجاز» في لبنان، يدأب على إحياء هذه الموسيقى طيلة أيام السنة. ويتابع: «تحضر حفلات موسيقى (الجاز) أسبوعياً في مقاهٍ ومطاعم ومراكز ثقافية. فنقيمها باستمرار لتشكِّل نافذة دائمة، نُطلُّ عبرها على موسيقى (الجاز) العريقة والممتعة».