العيدية في السعودية... النقود الجديدة مطلوبة والألعاب تُحلّي اللَّمة

عادات تتجدَّد سنوياً لتؤكد التلاحُم والروح الحلوة

النقود الجديدة تترك بهجة خاصة لدى الأطفال المحتفلين بالعيد (الشرق الأوسط)
النقود الجديدة تترك بهجة خاصة لدى الأطفال المحتفلين بالعيد (الشرق الأوسط)
TT

العيدية في السعودية... النقود الجديدة مطلوبة والألعاب تُحلّي اللَّمة

النقود الجديدة تترك بهجة خاصة لدى الأطفال المحتفلين بالعيد (الشرق الأوسط)
النقود الجديدة تترك بهجة خاصة لدى الأطفال المحتفلين بالعيد (الشرق الأوسط)

يخرُج مفهوم العيدية لدى السعوديين من نطاقه التقليدي، ليتجاوز كونها مجرّد مبلغ مالي يُقدَّم إلى الأطفال وأفراد العائلة. فالعيدية اليوم تحمل بُعداً معنوياً يُعزّز أجواء البهجة والمودّة بين الجميع، ويرتبط بثقافة المجتمع حيال تقديم أفراده ممّا لديهم إلى الطرف الآخر بشكل لائق؛ أياً كان هذا الآخر أو نوعية ما يجري تقديمه.

النقود الجديدة فرحة العيد في السعودية (الشرق الأوسط)

هذا المفهوم يبرُز بوضوح مع عيد الفطر، إذ يهبّ السعوديون لاستبدال أوراق نقدية جديدة بالنقود القديمة، في مشهد يتكرّر عاماً بعد عام، ليعكُس ارتباط هذه العادة بالموروثَيْن الاجتماعي والثقافي. فالعيدية تُمثّل جزءاً أصيلاً من فرحة العيد، لذلك كثُرت في الأيام الأخيرة لشهر رمضان عملية البحث في المصارف أو عبر أجهزة الصرافة عن نقود يُؤمَل أن تكون جديدة.

إقبالٌ لسحب العيديات (الشرق الأوسط)

ويأتي اهتمام كثيرين بالحصول على نقود جديدة لأسباب ترتبط بجوانب نفسية واجتماعية، إذ تُضفي الأوراق النقدية النظيفة شعوراً خاصاً لدى مستلميها، وتحديداً الأطفال الذين ينتظرونها بشغف، من منطلق أنّ العيد لا يكتمل إلا بها؛ خصوصاً أنّ تقديم العيديات بأوراق مُهترئة أو قديمة قد لا يكون مناسباً في نظر البعض، ممّا يدفعهم إلى استبدالها لضمان مظهر أكثر لياقةً وأناقةً عند تبادلها.

وتلحُّ الحاجة إلى الفئات الصغيرة من العملة خلال الأعياد، نظراً إلى كثرة تبادل العيديات بين الأقارب والجيران والأصدقاء؛ مما يرفع معدل الطلب على الأوراق الجديدة. ورغم توفّر النقد الجديد طوال العام، فإنّ الحصول عليه خارج مواسم الأعياد قد يكون محدوداً، مما يجعل هذه الفترة فرصة مثالية لتجديد الأموال واستخدامها في التوزيع، خصوصاً تلك التي يُقبل عليها السعوديون من فئة 5، و10، و50، و100 ريال، فيما يبحث ميسورو الحال عن الفئة الكبيرة؛ 500 ريال سعودي.

مِن مظاهر العيد انتشار الألعاب في مواقع تجمُّع الأسرة (الشرق الأوسط)

ولتلبية هذا الإقبال الموسمي، تُخصّص مصارف البلد نوافذ وماكينات خاصة لصرف النقود الجديدة، إذ تُضخّ كميات إضافية من الفئات الصغيرة في أجهزة الصرّاف الآلي، إلى جانب تخصيص بعض الفروع لاستبدال النقود مباشرة. تأتي هذه الإجراءات في إطار تسهيل عملية الحصول على العيديات، وضمان استمرار هذه العادة المتوارثة التي تعكس روح العيد وفرحته في المجتمع السعودي.

وتحليلاً لهذه الظاهرة، يرى الاختصاصي النفسي الدكتور رامي عبد الله النفيعي، أنّ ذلك الجهد في تقديم الأفضل مردّه إلى طبيعة السعوديين الكريمة؛ وهذه ثقافة مجتمع اعتاد منذ تكوينه على الضيافة والجود بأشكاله المختلفة، في سياق قيمة اجتماعية لم تبرُز في مرحلة متقدّمة، وإنما تشكَّل عليها المجتمع، حدّ تكريس هذا السخاء الذي تختزله العيدية والبحث عن جماليات تقديمها لضمان الفرحة الكاملة.

ويشدّد النفيعي، لـ«الشرق الأوسط»، على أنّ «جزءاً من الكرم يتمثّل بطريقة التقديم. فكلّما كان أبهى وأجمل، يتّضح مردوده لدى المتلقّي بغَمْره بالسعادة؛ وهذا يبرُز بما يُقدَّم في العيد من هدايا أو هبات مالية (عيدية)»، موضحاً: «لذا نجد المجتمع المحلّي يبحث في كيفية تقديم هذه الهدية أو العدية بشكل يتلاءم مع حجم الفرحة وقيمة الشخص المقدَّمة له الهدايا».

تُقبل الأُسر على شراء أنواع مختلفة من الألعاب للهو أيام العيد (الشرق الأوسط)

في سياق متصل، ينتشر في المجتمع السعودي ما يُعرف بألعاب العيد، بأشكالها المختلفة، منها لعبة الاختيارات العشوائية المعروفة بـ«شختك بختك»؛ وتعتمد على الحظّ في اختيار إحدى الخانات التي تحتوي على هدية، ترتفع أو تقلّ قيمتها وفق التوفيق. بالإضافة إلى ألعاب أخرى مختلفة تعتمد على الذكاء والتشويق في الأسئلة والبحث؛ وقد راجت مؤخراً، ومسرحُها بيت العائلة أو مقرّ تجمُّع الأسرة في أول أيام العيد، وذلك بهدف إضفاء أجواء حماسية وتشويقية على اللَّمة الحلوة.

الورد من الهدايا التي يكثُر الطلب عليها في العيد (واس)

وتشهد محلات بيع هذه الألعاب إقبالاً في اليومَيْن الأخيرَيْن من رمضان، كما تزدهر محلات بيع الورد، إذ تُقبل نسبة لافتة من السعوديين على تقديم باقات إلى ذويهم في ليلة العيد أو صباحه. تلك عادات راسخة يحرص عليها خصوصاً جيل التسعينات والألفية، فيجري تبادُل هذا النوع من الهدايا التي تترك ذكرى عطرة في نفوس متلقّيها.


مقالات ذات صلة

دول الخليج تمضي للاستفادة من التقنيات الحديثة عبر التطبيقات الرقمية الشاملة

الاقتصاد جانب من إحدى فعاليات تطبيق «توكلنا» في السعودية (الشرق الأوسط)

دول الخليج تمضي للاستفادة من التقنيات الحديثة عبر التطبيقات الرقمية الشاملة

تمضي حكومات دول الخليج بخطى متسارعة نحو الاستفادة من التقنيات الحديثة في صياغة نموذج جديد للعلاقة بين الفرد والحكومة، من خلال تعزيز التحول الرقمي.

مساعد الزياني (الرياض)
المشرق العربي الشيخ محمد بن زايد أثناء اجتماعه مع الرئيس السوري أحمد الشرع بقصر الشاطئ في أبو ظبي الاثنين (الرئاسة الإماراتية - أ.ف.ب)

جولة للشرع إلى الخليج بعد رفع معظم العقوبات الدولية عن سوريا

بدأ الرئيس السوري أحمد الشرع جولته الثانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تأتي بعد رفع معظم العقوبات الدولية عن سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق) «الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد جانب من حفل توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم (وكالة الأنباء العمانية)

بتنفيذ شركات سعودية وعمانية... بدء أعمال المنطقة الحرة في الظاهرة

وقّعت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة العمانية على 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم للمنطقة الاقتصادية بمحافظة الظاهرة.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الخليج جاسم البديوي يلتقي المشاركين في اجتماع المديرين العامين للجوازات بدول الخليج (مجلس التعاون)

قريباً... إطلاق التأشيرة السياحية الخليجية

كشف جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون، عن إطلاق التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة خلال الفترة القريبة القادمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج صورة تذكارية من احتفال مجلس التعاون بالأسبوع الخليجي لمكافحة المخدرات (مجلس التعاون)

تأكيد أممي على استهداف دول الخليج بالمخدرات... ومعدلات التعاطي فيها أقل من المتوسط العالمي

أكدت الأمم المتحدة أن معدلات تعاطي المخدرات التقليدية في منطقة الخليج أقل من المتوسط العالمي.

غازي الحارثي (الرياض)

شراكة «صندوق الاستثمارات» و«فورمولا إي» تُعزز مستقبل النقل المستدام

جانب من ورشة العمل التي عُقدت في مدينة جدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)
جانب من ورشة العمل التي عُقدت في مدينة جدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)
TT

شراكة «صندوق الاستثمارات» و«فورمولا إي» تُعزز مستقبل النقل المستدام

جانب من ورشة العمل التي عُقدت في مدينة جدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)
جانب من ورشة العمل التي عُقدت في مدينة جدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)

أعلن «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، بالشراكة مع بطولة «فورمولا إي»، عن تجاوز البرنامج التعليمي الناتج عن الشراكة مستهدفه العالمي، بعد أن وصل إلى أكثر من 50 ألف طالب من مختلف دول العالم، قبل نهاية عام 2025، وهو الموعد الذي كان محدداً سابقاً لتحقيق هذا الإنجاز.

وجاء الإعلان خلال ورشة العمل المدرسية الأخيرة التي أقيمت في أكاديمية «هامرسميث» في العاصمة البريطانية لندن، أمس، لتختتم مرحلة أولى ناجحة من البرنامج، واستهدف تمكين الطلاب من الفئة العمرية بين 8 و18 عاماً في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، مع التركيز على مفاهيم الاستدامة ومجالات التنقل الكهربائي المستقبلي.

ويُعد برنامج «قوة الدفع» ثمرة التعاون بين «صندوق الاستثمارات العامة» و«فورمولا إي»، في إطار شراكة «E360» التي تجمع كذلك «إكستريم إي» و«إي 1»، بهدف دعم الابتكار في رياضة المحركات الكهربائية وتعزيز دورها في بناء مستقبل أكثر استدامة لقطاع النقل.

وشمل البرنامج ورش عمل حضورية وتجارب تفاعلية أُقيمت في مدارس السعودية، والولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، إلى جانب محتوى رقمي متقدم يتيح للطلاب والمعلمين التفاعل عن بُعد، من خلال منصة تعليمية رقمية تحتوي على نماذج عملية لموضوعات مثل الاقتصاد الدائري، وتلوث الهواء، وحماية المحيطات، والفرص المهنية في رياضة المحركات الكهربائية.

ويأتي تحقيق البرنامج هدفه الطموح بتعليم أكثر من 50 ألف طالب حول العالم، ليعكس التزام الصندوق بتطوير الكفاءات الوطنية ونقل وتوطين

الطلاب المشاركون في أكاديمية «هامرسميث» في العاصمة البريطانية لندن (الشرق الأوسط)

المعرفة في المملكة، من خلال الاستثمار في المهارات المستقبلية والقطاعات الواعدة، وعلى رأسها التنقل المستدام والطاقة المتجددة.

وكان محمد الصياد، مدير إدارة الهوية المؤسسية في «صندوق الاستثمارات العامة»، قال في وقت سابق إن «البرنامج يعكس رؤية الصندوق في تمكين الجيل الجديد وتحفيزه نحو الابتكار، عبر توفير بيئة تعليمية تفاعلية تصقل المهارات الفنية في مجالات مستقبلية حيوية». وأضاف: «نحن ملتزمون عبر شراكتنا مع (E360) بتحقيق أثر مستدام، يعزز ريادة المملكة في مجالات التنقل النظيف، ويواكب التحول العالمي نحو حلول ذكية ومستدامة».

من جهته، قال أليخاندرو أجاج، المؤسس ورئيس مجلس إدارة «فورمولا إي» و«إكستريم إي» و«إي 1»: «نجح البرنامج في تجسيد دور الشراكة بين (فورمولا إي) و(صندوق الاستثمارات العامة) في دعم التحول نحو مستقبل مستدام. ويسعدنا أن نرى هذا التأثير الإيجابي الملموس على مستوى آلاف الطلاب حول العالم».

ويعتمد البرنامج على منهجيات تعليمية حديثة تناسب مختلف الأعمار، بدءاً من إعداد العروض والأبحاث العلمية، وصولاً إلى تصميم حلول عملية للتحديات التي تواجه قطاع التنقل المستدام. ويركز على تطوير مهارات التفكير النقدي، والعمل الجماعي، والابتكار التكنولوجي، بما يدعم توجهات الصندوق في تحفيز اقتصاد قائم على المعرفة.

وبحسب المعلومات الصادرة، فإن البرنامج يعد مثالاً على كيفية دمج التعليم بالترفيه والتقنية؛ إذ تم استثمار رياضة السيارات الكهربائية كمنصة لاختبار وتطوير تقنيات المحركات النظيفة، وتعزيز الوعي البيئي لدى الأجيال الجديدة، في وقت تتصدر فيه هذه الرياضة مشهد الابتكار العالمي في أنظمة النقل المستقبلية.

ويمثل تجاوز البرنامج مستهدفه العالمي الموعد المحدد، مؤشراً على نجاحه وتأثيره الواسع، وسط توقعات باستمرار توسعه ليشمل فئات جديدة ومناطق إضافية، مما يعزز مكانة المملكة بوصفها محوراً عالمياً لرياضات المستقبل، ووجهة رائدة في تطوير حلول التنقل المستدام.