ما «الأمر الأساسي» الذي يغفل الآباء تعليمه لأطفالهم؟

أطفال يظهرون إلى جانب أولياء أمورهم خلال إحدى الحملات في واشنطن (أ.ب)
أطفال يظهرون إلى جانب أولياء أمورهم خلال إحدى الحملات في واشنطن (أ.ب)
TT
20

ما «الأمر الأساسي» الذي يغفل الآباء تعليمه لأطفالهم؟

أطفال يظهرون إلى جانب أولياء أمورهم خلال إحدى الحملات في واشنطن (أ.ب)
أطفال يظهرون إلى جانب أولياء أمورهم خلال إحدى الحملات في واشنطن (أ.ب)

العديد من الأطفال السعداء يكبرون ليصبحوا بالغين تعساء. هناك فرق بين الاستمتاع بالحياة في الصغر والاستعداد للاستمتاع بها كبالغين.

بصفتها المؤسِسة والرئيسة التنفيذية لمدارس أكاديمية النجاح التعليمية، قضت إيفا موسكوفيتز عقوداً في العمل مع أولياء الأمور وتعليم الطلاب من المجتمعات المحرومة، كما أنها أم لثلاثة أطفال.

وقالت إيفا: «يُولي كثير من الآباء اهتماماً بالغاً بتعليم أطفالهم تنظيف غرفهم، والتصرف بمسؤولية، وأداء واجباتهم المدرسية. هذه الأمور مهمة، ولكن هناك أمر واحد أساسي يغفله كثير منا تماماً: كيفية الاستمتاع بالحياة»، بحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

بالتأكيد، يبدو هذا أمراً طبيعياً لدى الأطفال، لكن العديد من الأبناء السعداء يكبرون ليصبحوا بالغين تعساء. هناك فرق بين الاستمتاع بالحياة في الصغر والاستعداد للاستمتاع بها كبالغين.

رسالة خاطئة عن السعادة

من تجربتها، أشارت الخبيرة التربوية إلى أن الناس يكونون في أسعد حالاتهم عندما تتضمن حياتهم نوعاً من النشاط الهادف والمثمر. للأسف، نتعرض باستمرار لوابل من الرسائل التي تقول إن السعادة تأتي من الاستهلاك.

عندما يُطالبنا المُعلنون بـ«تدليل» أنفسنا بمنتجاتهم، فهم يُحاولون إقناعنا بأن الشراء هو المكافأة الكبرى، وأننا لن نكون سعداء إلا بشراء سيارة فاخرة أو منزل أكبر.

كيف تُقاوم ذلك؟ قلّل من اصطحاب أطفالك إلى المتاجر حيث يتجولون قائلين: «أريد هذا» و«أريد ذاك».

حتى لو لم يشاهد طفلك الكثير من الإعلانات مباشرة، فقد يتأثر بالثقافة التي خلقتها هذه الإعلانات. على سبيل المثال، يُريه صديقه لعبة جديدة رائعة حصل عليها ليلعب بها طوال الأسبوع حتى يحصل على لعبة أخرى، أو يحضر حفلة عيد ميلاد تُغدق فيها الهدايا على صديقه.

أسعد الأطفال يُقدّرون التجارب

أوضحت إيفا: «لا تُشجّع طفلك على الاعتقاد بأن امتلاك الأشياء يجلب السعادة بإهدائه الكثير منها».

فكرة التعبير عن حبك لشخص ما بإهدائه هدية جميلة كانت ناجحة في السابق، لكن كثيراً من الأطفال اليوم يحصلون على العديد من الأشياء لدرجة أنها سرعان ما تُصبح بلا قيمة.

وقالت الخبيرة: «أما بالنسبة لأعياد ميلادك، فاستغلها فرصةً لتعزيز قيمك. زوجي إريك لا يُشجع على تقديم الهدايا في عيد ميلاده، ويطلب بدلاً من ذلك من أطفالنا مُشاركته ذكرى شيء استمتعوا بفعله كعائلة».

يمكنك أيضاً مساعدة أطفالك في اختيار هدايا مُفيدة، مثل بطاقة مصنوعة يدوياً، أو كعكة منزلية الصنع، أو إلقاء قصيدة.

يجب أن يفهم الأطفال أنه بينما يُمكن للمال أن يمنحهم فرصة السعادة، فإنه لا يُمكنه أن يُفسد طريقهم إليها.

وأضافت إيفا: «العب مع أطفالك لتُظهر لهم مدى المتعة التي يُمكن الحصول عليها من خلال مجموعة أوراق لعب بسيطة. اصنع لهم بيتاً على شجرة أو اخبز كعكة معهم لإظهار متعة النشاط المُثمر. قم بزيارة متحف لتريهم متعة النشاط الفكري... إذا استطعتَ تعليم أطفالك قيمة هذه الأشياء الصغيرة، فستزداد فرص سعادتهم بشكل هائل عندما يكبرون».


مقالات ذات صلة

مقتل 6 أطفال في غارة إسرائيلية على مبنى بمدينة غزة

المشرق العربي مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ) play-circle 00:31

مقتل 6 أطفال في غارة إسرائيلية على مبنى بمدينة غزة

لقي 6 أطفال حتفهم وأصيب آخرون إثر قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية بمدينة غزة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق أمينة خليل والطفل علي البيلي في لقطة من مسلسل «لام شمسية» (الشركة المنتجة)

«لام شمسية» يطرح ظاهرة «البيدوفيليا» درامياً للمرة الأولى

أثبت المسلسل أنَّ أكثر الأخطاء والمشكلات التي نعيشها من الممكن طرحها درامياً، وأن مصطلح «قضايا مسكوت عنها» لم يعد موجوداً.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق بعض الخبراء يرون أننا نتوافق بشكل أفضل مع أطفالنا الأكثر تشابهاً بنا (رويترز)

لماذا يفضل الآباء أحد أبنائهم على إخوته؟

يشرح الأطفال من جميع الأعمار والبالغون أيضًا تصورهم لديناميكيات الأسرة، وغالبًا ما يشعرون بالإحباط لأن والديهم يفضلون أحد أشقائهم مهما بذلوا من جهد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي إيلا أسامة أبو دقة (25 يوماً) تحتضنها عمتها الكبرى سعاد أبو دقة بعد انتشال الطفلة من تحت الأنقاض في وقت سابق عقب غارة جوية بخان يونس جنوب غزة 20 مارس 2025 (أ.ب)

إنقاذ الرضيعة إيلا من ركام منزل عائلتها بخان يونس (صور)

بينما كان رجال الإنقاذ يحفرون بين ركام مبنى سكنيّ انهار في خان يونس بغزة جراء غارة جوية إسرائيلية، اليوم الخميس، سمعوا صراخ رضيعة من تحت الركام.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال في مخيم للنازحين بعد غارة إسرائيلية بخان يونس (رويترز)

«تعبت يا أمي وأرغب في الموت»... حرب غزة تحطم جيلاً كاملاً من الأطفال

منذ بدء حرب غزة أكتوبر (تشرين الأول) 2023، يعيش الأطفال الفلسطينيون حالة من المعاناة والصدمة والرعب، جعلت بعضهم يتمنى الموت في كل لحظة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

آخر شمبانزي في الأَسر بكولومبيا يبدأ حياة جديدة

النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)
النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)
TT
20

آخر شمبانزي في الأَسر بكولومبيا يبدأ حياة جديدة

النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)
النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)

بعدما عاش بمفرده لعامين، نُقل «يوكو»، آخر شمبانزي يعيش في الأَسر بكولومبيا، عبر طائرة إلى البرازيل؛ حيث سيلتقي قردة أخرى من نوعه في محمية للرئيسيات.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، نُقل «يوكو» (38 عاماً)، الذي يزن 60 كيلوغراماً، ولم يبقَ في شدقه سوى بعض الأسنان بسبب سوء الرعاية التي تلقاها بعد شرائه من السوق السوداء، إلى سوروكابا في ولاية ساو باولو البرازيلية؛ وهي أكبر محمية للرئيسيات الكبيرة في أميركا اللاتينية، وتضمّ 250 حيواناً.

يتصرَّف مثل طفل وهو ما ينبغي ألا يكون عليه الوضع (رويترز)
يتصرَّف مثل طفل وهو ما ينبغي ألا يكون عليه الوضع (رويترز)

وأُطلق على عملية نقله تسمية «عملية سفينة نوح»، وجرت برفقة طبيب بيطري عبَّر عن قلقه بشأن الاندماج المستقبلي للقرد.

ولم يرَ «يوكو» المحبّ للسكاكر، والذي أعدّ رسوماً ملوّنة بأقلام تلوين على ورق وقماش، أي قرد من نوعه منذ نحو عامين. وكانت الشرطة قد صادرت هذا الشمبانزي عام 2017، بعدما حصل عليه أحد تجّار المخدرات بشكل غير قانوني، ووضعته في حديقة حيوانات أوكوماري في بيريرا وسط غرب كولومبيا.

وعام 2023، هرب آخر حيوانَي شمبانزي كانا لا يزالان يعيشان في الأَسر بكولومبيا، وهما الأنثى «تشيتا» والذكر «بانشو»، من حديقة حيوانات أوكوماري، وقُتلا على يد قوات الأمن بسبب الخطر الذي كانا يُشكّلانه على المجتمعات المجاورة. وقد أثارت هذه الحادثة احتجاجات ناشطين في حقوق الحيوان.

الانتقال إلى حيث تكون الحياة أفضل (أ.ف.ب)
الانتقال إلى حيث تكون الحياة أفضل (أ.ف.ب)

وكان «يوكو» الذي جرت تربيته والتعامل معه مثل إنسان، والمُعتاد على مشاهدة التلفزيون، يجد صعوبة في التواصل مع قرود شمبانزي أخرى، وفق مربّيه. ومع ذلك، كانت لديه علاقة وثيقة مع «تشيتا»، لدرجة أنه فقد علاقته بجنسه بعد وفاتها؛ علماً بأنّ قردة الشمبانزي تُعدُّ من الأنواع «المهدَّدة بالانقراض»، بتصنيف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

وقرّرت السلطات نقل «يوكو» إلى سوروكابا في البرازيل. ويأمل حراسه بأنْ يلقى قبولاً من الرئيسيات الأخرى، وأن يكون قادراً على التفاعل معها.

يقول طبيبه البيطري خافيير غيريرو: «إنه شمبانزي يُشبه البشر كثيراً في تصرفاته، ودرجة تدجينه عالية جداً. يتصرَّف مثل طفل، وهو ما ينبغي ألا يكون عليه الوضع، إذ عليه التصرّف مثل الشمبانزي».

واستحوذت المافيا الكولومبية على مختلف أنواع الحيوانات الغريبة، إما لاستخدامها على أنها حيوانات أليفة، وإما للمحافظة على حدائق الحيوانات الخاصة بها.

حُرم «يوكو» من فرصة أن يكون شمبانزي ويكبر مع عائلته (أ.ف.ب)
حُرم «يوكو» من فرصة أن يكون شمبانزي ويكبر مع عائلته (أ.ف.ب)

يحبّ «يوكو» المحروم من موئله الطبيعي، الدجاج والفاكهة الحلوة مثل الموز والمانغو والعنب. وبسبب منحه وجبات غير صحّية تسبَّبت له في مشكلات بالأسنان، لم يبقَ في فمه سوى 4 أسنان.

عُلِّم التدخين وأُلبِس قطعاً فاخرة ما تسبَّب له بمشكلات جلدية، وأفقده قسماً من فروه.

في البرّية، يعيش هذا النوع الذي يعود أصله إلى أفريقيا ما بين 40 و45 عاماً، ويمكن أن يصل إلى 60 عاماً في حال تلقّى الحيوان رعاية احترافية. ونظراً إلى عدم تواصله مع قرود شمبانزي أخرى في سنواته الأولى، طوّر «يوكو» سلوكيات وطرق تواصل مختلفة.

«يوكو» المحروم من موئله الطبيعي (رويترز)
«يوكو» المحروم من موئله الطبيعي (رويترز)

بدورها، تقول المساعدة البيطرية أليخاندرا مارين إنّ «يوكو» حُرم من فرصة أن يكون شمبانزي ويكبر مع عائلته.

ويغلق نقل الشمبانزي إلى سوروكابا، حيث يعيش أكثر من 40 من هذه الحيوانات، الفصل المؤلم من رحيل القردَيْن «تشيتا» و«بانشو». تذكُر سيلفانا رودريغيز، وهي طبيبة ودَّعت مثل مئات الزوار، القرد «يوكو»، السبت، خلف نافذة في متنزه أوكوماري البيولوجي: «بالنسبة إليَّ، أحدث الأمر شعوراً بالألم الرهيب لدرجة أنني أبكي».

ووفق منظّمة «مشروع القردة العليا» غير الحكومية الدولية، فإنّ كولومبيا تصبح بذلك أول دولة في العالم تتوقّف طواعية عن الاحتفاظ بأيٍّ من الرئيسيات الكبرى في الأَسر.

وتقول عضوة مجلس الشيوخ عن «حزب الخضر»، أندريا باديا، التي أسهمت في تسهيل إجراءات نقل القرد: «لرحيل (يوكو) رمزية عميقة. لا يوجد أي نوع من هذه الأنواع متوطّن، وليس لها مكان في البلاد».

ولا تزال تتعيَّن معرفة فرص نجاح دمج «يوكو» في البرازيل. ويأمل عالِم الأحياء الذي ينسّق رعاية الحيوان في «بيوبارك أوكوماري»، سيزار غوميز، أن يجد القرد «يوكو» في سوروكابا حيوانات شمبانزي تتوافق معه سلوكياً.

ويقول: «(يوكو) فرد وليس شمبانزي بالمعنى الدقيق. إنه حيوان يتماهى أكثر بكثير مع البشر»، مضيفاً: «على سبيل المثال، الابتسامة علامة إيجابية بالنسبة إلينا، ولكن بالنسبة إلى الشمبانزي علامة سلبية، و(يوكو) لا يفهم هذا النوع من إشارات التواصل».