صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
TT
20

صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)

تحوّل صديقان بريطانيان من «كاشفي معادن» إلى «سجينين» بعد أن أُدينا بسرقة أحد أكبر الكنوز المكتشفة في تاريخ الجزر البريطانية، بقيمة 3 ملايين جنيه إسترليني (نحو 4 ملايين دولار).

وتعود جذور القصة إلى أكثر من ألف عام، وتحديداً إلى أوائل العصور الوسطى في بريطانيا، عندما دُفنت مجوهرات ذهبية وسبائك فضية ومئات العملات المعدنية على يد شخص مجهول، يُرجَّح أنه عضو في أحد جيوش الفايكنغ التي كانت تنسحب من بريطانيا آنذاك، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وفُقدت هذه الكنوز في غياهب التاريخ حتى صباح أحد أيام يونيو (حزيران) 2015، عندما بدأ كاشفا المعادن جورج باول، من مدينة نيوبورت الويلزية، وصديقه لايتون ديفيز، من بونتيبريد المجاورة، في مسح أرض في حقل بمقاطعة هيريفوردشاير، وعندها اكتشف الثنائي الكنز المفقود منذ زمن طويل، وظنا أنهما سيُصبحان أغنياء وأن حياتهما ستتغير إلى الأبد.

لكن واحدة فقط من الأمنيتين تحققت، فقد تغيرت حياتهما إلى الأبد.

ويحتاج أي شخص إلى إذن من مالك الأرض للكشف في أرضه، ولم يكن لدى باول وديفيز إذن بالوجود في الحقل الذي اكتشفا فيه الكنز. ثم، بدلاً من إبلاغ مالك الأرض والطبيب الشرعي المحلي بالاكتشاف خلال 14 يوماً كما يقتضي القانون، وضع الثنائي الكنز في كيس بلاستيكي وعادا من حيث أتيا، ونشرا صور اكتشافهما على موقع متخصص في الكشف عن الكنوز.

وحذف الصديقان الصور من الموقع ومن هواتفهما بعد ذلك بوقت قصير، لكن الإنترنت وبرامج الكشف التابعة للشرطة «لا تنسى أبداً»، وفق «بي بي سي».

وحاول باول معرفة المزيد عن الكنز بالتواصل مع تاجر العملات، بول ويلز، في متجر تحف بكارديف. وكان ويلز برفقة تاجر التحف، جيسون سلام، وعندما رأى نحو 12 عملة فضية معروضة على طاولة، صُدم. وقال ويلز: «بدت كما لو أنها دُفنت في الأرض يوم سكها. كما لو أنها لم تُستخدم قط لشراء شيء». وأضاف: «للوهلة الأولى، ظننت أنها من العصور الوسطى، من القرن الحادي عشر أو الثاني عشر». أما سلام فكان أكثر حماسة وقال إنها ربما تعود إلى القرن السابع أو الثامن.

كذب باول وديفيز وأخبرا التجار أنهما حصلا على إذن من مالك الأرض للحفر، قبل أن يُخرجا «أجمل ما عُثر عليه»، ثلاث قطع من المجوهرات الذهبية.

وحذّر التاجران الرجلين من أنهما في منطقة خطرة، وعليهما الإعلان بصورة قانونية عن هذا الاكتشاف، لكن ويلز قال إن باول «لم يُصغِ لما قاله». وافق ويلز بعد ذلك على أخذ بعض العملات المعدنية و«الاعتناء بها».

تناهى الأمر إلى مسامع بيتر ريفيل، الذي كان مسؤولاً عن الاكتشافات في برنامج الآثار المحمولة بالمتحف البريطاني عام 2015. وقال: «كانت هناك إشاعة تدور حول العثور على شيء مهم، والتفاصيل هي أن أحدهم عثر على كنز ضخم من العملات المعدنية من العصور الوسطى، وكان هناك ما لا يقل عن 300 عملة معدنية».

استعان ريفيل بشبكة خبراء الكشف الأثري لديه لمعرفة ما إذا كان أي شخص قد سمع أي شيء مؤكد، وعادوا جميعاً قائلين إنهم سمعوا الشيء نفسه تقريباً: «عُثر على كنز ضخم من العصور الوسطى».

وصلت الصور المحذوفة التي نشرها باول وديفيز على الإنترنت إلى ريفيل، الذي بحث عن عنوان بريد إلكتروني للصديقين، وأخبرهما أن أمامهما 14 يوماً للإبلاغ عن الاكتشاف. لكن باول وديفيز لم يلتزما بالنصيحة مرة أخرى.

فلقد سلما المجوهرات لمتاحف ويلز، لكن معظم العملات المعدنية الـ300 ظل «مفقوداً». وعند هذه النقطة، بدأت الشرطة التحقيق.

وفي عام 2019، تمت إدانة باول وديفيز بالسرقة و«إخفاء ما عثرا عليه». وحُكم على باول بالسجن عشر سنوات، خُفِّضت لاحقاً إلى ست سنوات ونصف عند الاستئناف، بينما سُجن ديفيز ثماني سنوات ونصف، خُفِّضت لاحقاً إلى خمس سنوات. وأُدين ويلز، تاجر العملات، بـ«إخفاء ما عثر عليه»، وحُكِم عليه بالسجن 12 شهراً مع إيقاف التنفيذ.

قضى باول وديفيز عقوبتيهما، لكن المحكمة أمرتهما لاحقاً برد نحو 600 ألف جنيه إسترليني لكلٍّ منهما، لاعتقاد القاضي أنهما ما زالا يُخفيان بشكل غير قانوني ما يصل إلى 270 قطعة نقدية ومجوهرات بهدف التربح منها.

وبعد جلسة استماع لإنفاذ الحكم في سبتمبر (أيلول) 2024، حُكم على ديفيز بالسجن خمس سنوات وثلاثة أشهر إضافية لتخلفه عن سداد مبلغ الـ600 ألف جنيه إسترليني. أما باول، فقد فر هارباً، وأُلقي القبض عليه في نهاية المطاف واحتُجز في إدنبرة، قبل إطلاق سراحه في ديسمبر (كانون الأول). لكن عندما كان من المقرر أن يمثل أمام المحكمة في يناير (كانون الثاني) 2025 للرد على تهمة عدم سداد مبلغ الـ600 ألف جنيه إسترليني، هرب مرة أخرى، ولا يزال هارباً حتى الآن.


مقالات ذات صلة

جدارية هندية أُهمِلت لعقود سعرها 13.8 مليون دولار

يوميات الشرق تاريخ في لوحة (كريستيز)

جدارية هندية أُهمِلت لعقود سعرها 13.8 مليون دولار

بعد عقود من النسيان، أُعيد اكتشاف تحفة زيتية على القماش للرسام الهندي مقبول فيدا حسين، مما أدّى إلى تحطيم الأرقام القياسية للفنّ الهندي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق القهوة «ملهاة» (غيتي)

إزالة آلات القهوة من مكاتب بلدية إيطالية... «لحفظ الوقت»

رغم أنّ القهوة من المشروبات المحببة في إيطاليا، فإنّ عمدة بلدة صغيرة في قلب مدينة البندقية حظر جميع آلات المشروبات الساخنة في مكاتب البلدية.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق «إي تي» يُجسِّد براعة عصر آفل (إ.ب.أ)

الكائن الفضائي «إي تي»... للبيع

تطرح دار «سوذبيز» في نيويورك نموذجاً أصلياً لشخصية الكائن الفضائي «إي تي»، استُخدم في فيلم «E.T. the Extra-Terrestrial» للمخرج ستيفن سبيلبرغ، للبيع في مزاد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق مشهد «جنوني» (مايك غيبارد)

مستندات عسكرية «حسّاسة» مُتناثرة في شارع بريطاني

فوجئ المارّون بأحد شوارع مدينة نيوكاسل البريطانية بأكوام متناثرة من الأوراق التي تحتوي على معلومات عسكرية سرّية...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رفضت أن يُعرقلها العُمر (غيتي)

أميركية تبلغ 106 سنوات تنتقد موظّفي المطار لتكرار التدقيق في عمرها

انتقدت سيدة من مدينة هيوستن الأميركية وزارة الأمن الداخلي ومديري شركات الطيران بسبب مشكلة تُواجهها خلال المرور عبر أمن المطار. 

«الشرق الأوسط» (تكساس)

كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي في تقديم أفكار لوجبات صحية ولذيذة؟

يمكن للذكاء الاصطناعي منحك وصفات مبتكرة وجديدة للطعام (جامعة سيدني)
يمكن للذكاء الاصطناعي منحك وصفات مبتكرة وجديدة للطعام (جامعة سيدني)
TT
20

كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي في تقديم أفكار لوجبات صحية ولذيذة؟

يمكن للذكاء الاصطناعي منحك وصفات مبتكرة وجديدة للطعام (جامعة سيدني)
يمكن للذكاء الاصطناعي منحك وصفات مبتكرة وجديدة للطعام (جامعة سيدني)

لكل مَن يجد صعوبة في إعداد قائمة مشترياته أو التخطيط لأسبوع كامل من وجبات العائلة، فإن وعد الذكاء الاصطناعي بالمساعدة مُبهجٌ للغاية، وفق دراسة جديدة نُشرت في دورية «نيوتريانس (Nutrients)».

وأظهرت نتائج الدراسة أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُسهّل المهام المملة والمُستهلكة للوقت، وأفادت بأن خبراء التغذية الذين يُدركون أهمية هذه التكنولوجيا الناشئة مُتحمسون للغاية. لكنهم يُضفون على حماسهم بعض الحذر أيضاً.

قال راؤول بالاسيوس، مدير البرنامج التعليمي في علم التغذية بجامعة تكساس التقنية في لوبوك بالولايات المتحدة: «هذه الأدوات بارعة حقاً في إعطائك ما تطلبه، طالما أنك تعرف بالضبط ما تطلبه».

في منزله، التقط بالاسيوس صوراً لمخزونه الغذائي ومحتويات ثلاجته، وسأل: «مرحباً، بناءً على المكونات المتوفرة لدي حالياً، ماذا يمكنني أن أصنع لعائلة من أربعة أفراد؟».

ويضيف بالاسيوس يمكنك أيضاً أن تقول: «أحاول تقليل كمية الملح في نظامي الغذائي. هل لي ببعض البدائل؟»، موضحاً أن هذه الأدوات جيدة جداً في تحديد أي من الأعشاب والتوابل يمكن إضافته بدلاً من منتجات الملح، وفق قوله.

كما طلب بالاسيوس من الذكاء الاصطناعي تعديل الوصفات، مثلاً، بإضافة لمسة مكسيكية على طبق لطعام مقلي.

ولكن قبل أن تتحول توصيات الذكاء الاصطناعي إلى وجبة صحية ولذيذة وصالحة للأكل، هناك الكثير لنتعلمه وبعض القضايا المهمة التي يجب مراعاتها. «لا تستخدم أداة ذكاء اصطناعي عامة للبحث عن إجابة لشيء لا تفهمه»، كما قال بالاسيوس، «هذا خطير بشكل خاص على عامة الناس»؛ حيث سيبحث معظمهم عن المساعدة في شيء ليسوا خبراء فيه. كما شدد على أنه ينبغي أن نستخدم الذكاء الاصطناعي للحصول على نصائح طبية.

ووفقاً لبيان علمي صادر عن جمعية القلب الأميركية العام الماضي، أظهرت أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي نتائج واعدة، لكن الأبحاث لم تُظهر قدرتها على تحسين الرعاية بما يكفي لتبرير استخدامها على نطاق واسع في البيئات الطبية.

وهو ما يفسره بالاسيوس بأن الأبحاث المتعلقة بأدوات الذكاء الاصطناعي وفاعليتها في تخطيط الوجبات محدودة، لأن البحث العلمي يستغرق وقتاً طويلاً وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تُحدّث بسرعة.

وكانت إحدى الدراسات، المنشورة في دورية Nutrition عام 2023، اختبرت قدرة روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي على التوصية بأنظمة غذائية آمنة للحساسية. وجد التحليل الأولي لـ«الأنظمة الغذائية الروبوتية» أن الوجبات التي أوصى بها كانت متوازنة، ولكنها غير دقيقة أحياناً في تفاصيل كميات الطعام وقيم الطاقة، وفي إحدى الحالات، كانت غير آمنة. لذا، لأي استخدام غير اعتيادي، ينصح بالاسيوس بالاستعانة بمحترفين يفهمون احتياجاتك.

وتسمى التعليمات الموجهة للذكاء الاصطناعي «مطالبات». وكلما كنت أكثر تحديداً، زادت احتمالية حصولك على نتائج جيدة، كما تقول جانيس ماكليود، اختصاصية التغذية المعتمدة في غلين بيرني في ماريلاند بالولايات المتحدة.

خطة لمدة أسبوع

أعطِ الذكاء الاصطناعي أكبر قدر ممكن من السياق، كما تقول ماكليود، قل له: «هذا ما يثير اهتمامي» و«هذه أشياء لا أحبها». ثم أضف شيئاً مثل: «أحاول تناول المزيد من الأطعمة النباتية. هل يمكنك إعطائي بعض الأفكار الجيدة لذلك؟».

لا تقتصر على الكتابة فقط عند تقديم المطالبات. يمكنك تحميل الصور، كما يفعل بالاسيوس. لكنه يوافق على أن الأمر كله يتعلق بالتفاصيل، مشدداً على أن مجرد قول «أريد خطة وجبات لمدة سبعة أيام» لن يُجدي نفعاً.

وينصح: «وجّه الذكاء الاصطناعي نحو ما تُريد. لتخطيط الوجبات، يمكنك أن تسأل: أريدك أن تُعطيني خطة وجبات لمدة سبعة أيام تُعطيني نحو 2000 سعرة حرارية، و80 غراماً من البروتين، وأن تكون قليلة الملح، مناسبة لي ولعائلة مكونة من أربعة أفراد».

مرة أخرى، لا يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُغني عن اختصاصي الرعاية الصحية. لكن طلب التصرف كاختصاصي سيُوجّهه نحو مصادر بيانات أكثر موثوقية، كما قال بالاسيوس. وأضاف: «وإذا لم يكن الذكاء الاصطناعي على دراية بأذواقك، فسيُعطي نتائج تعكس تفضيلات الآخرين».