جددت رواية السيرة الهلالية وفرق الفنون الشعبية والتراثية ذكريات رمضان ولياليه المُبهجة في الحديقة الثقافية بحي السيدة زينب في القاهرة التاريخية، حيث توالت الفعاليات التي تنظمها هيئة قصور الثقافة المصرية.
وشهِد مقهى نجيب محفوظ في الحديقة الثقافية عرضاً للسيرة الهلالية، قدمته فرقة الفنان عز الدين نصر الدين، حيث تناولت الرواية الملحمية «ناعسة الأجفان»، التي تدور أحداثها حول وصول ثلاثة شعراء إلى ديوان السلطان حسن، ملك العرب، الذي استقبلهم بحفاوة وطلب منهم الغناء والإنشاد وإلقاء أبيات من الشعر. وأثنى عليهم بمنحهم الهدايا والدنانير، وسألهم: «هل قابلتم من هو أكرم مني في البلاد التي زرتموها؟» ليرد الشاعر جميل بن راشد: «لقد قابلنا العديد من الكرماء، ومن بينهم الملك زيد العجادي، والد ناعسة الأجفان، من بلاد إيران، حيث أغدق علينا الكثير من العطايا». ومن بين الهدايا التي قدمها لهم سبحة، تحتوي على حبيتين تجلبان نصف ثروة قبائل زغابة وهلايل، لتتوالى بعدها الأحداث في سياق درامي مشوق.

ويقول الشاعر مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الثقافية في الهيئة العامة لقصور الثقافة، إن «برنامج الليالي الرمضانية في الحديقة الثقافية متنوع وثري جداً، ومن بين فقراته أو عناصره عرض السيرة الهلالية»، ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف أن السيرة الهلالية من العناصر الثقافية المصرية التي سجّلت على قائمة (اليونيسكو) واهتمامنا بها نابع من أهميتها بوصفها الكنز الأكبر من السير في الوطن العربي».
وتُعد السيرة الهلالية من الملاحم الشعبية التي اشتهرت في بلدان عدّة، حيث تتبع «تغريبة بني هلال» بعد هجرتهم من موطنهم الأصلي المفترض في بلاد نجد بالجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا، وتتضمن السيرة نحو مليون بيت شعر، كما تتضمن قصصاً فرعية متنوعة.
وتابع: «يتحلق الجمهور حول السيرة الهلالية كل ليلة، ونتواصل مع الجمهور يومياً ليس من خلال السيرة فقط، وإنما عبر الحكي والرواة وفقرات للتَّباري بفنون الحكي مثل الواو والمربعات، وغيرها من الفنون الشعبية التي تقدمها الهيئة للجمهور بشكل يومي، إضافة إلى أنشطة مختلفة».
وأشار إلى وجود أكثر من برنامج احتفالي من بينها «عطر الأحباب» المعني بإلقاء الضوء على الراحلين من الكتاب في أقاليم مصر المختلفة، وكذلك هناك اهتمام بالحِرف التراثية عبر عدد كبير من الورش تقدمها إدارات متنوعة لشرائح متميزة.

وهناك عروض مستمرة للتنورة وألعاب السيرك وفرق الآلات الشعبية والفرق الموسيقية التي تُقدِم يومياً أنشطة للجمهور العريض في مصر، سواء بالقاهرة أو الأقاليم، وفق شومان.
وتضمنت الفعاليات إقامة معرض لإصدارات الهيئة، ومعرض للحرف التراثية واليدوية لمنتجات الجلود، والطَّرق على النحاس، والديكوباج، والإكسسوارات والحلي، وكذلك الخيامية والمكرمية، وفق بيان للهيئة.
وشهدت ليالي رمضان في الحديقة الثقافة أيضاً فرقاً فنيّة شعبية عدّة، ورقصة التّحطيب الصعيدية، وكذلك رقصة التنورة التي قدمتها أكثر من فرقة، وسط حضور حاشد من الجمهور.
وكانت هيئة قصور الثقافة قد أعلنت سابقاً عن برنامج احتفاليات خلال شهر رمضان في القاهرة وباقي الأقاليم يتضمن نحو 4 آلاف فعالية على مدى الشهر في مواقع ثقافية مختلفة.