«رمضان القرية»... عادات متوارثة وطقوس اجتماعية من خارج المدينة

تُعلَّق الزِينة والفوانيس وتكتسي الشوارع حلَّة تُعمّق البهجة

يُزيِّن أهالي القرى الجدران احتفاءً بشهر رمضان (واس)
يُزيِّن أهالي القرى الجدران احتفاءً بشهر رمضان (واس)
TT
20

«رمضان القرية»... عادات متوارثة وطقوس اجتماعية من خارج المدينة

يُزيِّن أهالي القرى الجدران احتفاءً بشهر رمضان (واس)
يُزيِّن أهالي القرى الجدران احتفاءً بشهر رمضان (واس)

من زِينة رمضان التي تُضيء القرى والحارات، إلى الإفطارات الجماعية التي تجاوز عُمر بعضها عقوداً، وأطباق الفطور التقليدية المتبادَلة بين العائلات، يُشكّل «رمضان القرية» منصّة بطابع مختلف للاحتفاء بالشهر الفضيل من خلال إحياء طقوس وعادات الاجتماعية تبرُز في القرى وتغيب عن المدينة، عاكسةً صورة التضامن بين المجتمع الواحد.

وقبل بدء شهر الصوم، يُزيِّن أهالي القرى الجدران والأحياء احتفاءً بالمناسبة، لتزدهر طوال لياليه تفاصيل الحياة، وينتعش الطابع الاجتماعي للقرية من خلال إبراز روح التضامُن بين الأهالي وتواصلهم عبر الطقوس والعادات التي ورثتها الأجيال وحافظت عليها على مرِّ السنوات.

تبرُز روح رمضان في القرى عبر طقوس وعادات ورثتها الأجيال (واس)
تبرُز روح رمضان في القرى عبر طقوس وعادات ورثتها الأجيال (واس)

«الإفطار الجماعي» شاهد على الالتزام

التزامٌ طويل عرفه كثير من القرى والحارات بعادة الإفطار الجماعي الذي يلتئم فيه أفراد القرية على مائدة واحدة تكون بمنزلة اجتماع سنوي لا يتغيَّب عنه أحد.

وانطلاقاً من مسجد القرية العتيق، أو جامع الحيّ الأكبر، يُحدّد الأهالي موعدهم السنوي لتشارُك لحظة الإفطار، ويُعاهد بعضهم بعضاً على التواصل والاطمئنان على الحال.

من هنا، يُخبر أحمد فيحان الذي يُنظِّم أحد أشهر الإفطارات في مسجد إحدى قرى جنوب غربي السعودية، عن تجربته في العمل على إبقاء هذه التظاهرة التضامنية حيَّة، وذلك منذ نحو 3 عقود؛ وقد تولَّى المَهمَّة نيابة عن أحد رجال الحيّ بعدما تقدَّم في السنّ؛ فيقول إنَّ الموعد السنوي للإفطار الجماعي في مسجد القرية يُعدُّ تقليداً متَّبعاً منذ 28 عاماً بلا انقطاع، باستثناء عامين بسبب جائحة «كورونا» التي عطَّلت الحياة.

تزدهر في ليالي رمضان تفاصيل الحياة الاجتماعية (واس)
تزدهر في ليالي رمضان تفاصيل الحياة الاجتماعية (واس)

أنشطة ترفيهية وثقافية وألعاب شعبية تُحيي التراث وتقدّم تجربة مميّزة (واس)
أنشطة ترفيهية وثقافية وألعاب شعبية تُحيي التراث وتقدّم تجربة مميّزة (واس)

الابتهاج في رمضان بروح التراث

وفي مركز «القحمة» شمال منطقة عسير، يحتفل الأهالي بشهر رمضان عبر إحياء كثير من عادات الشهر المُتناقَلة عبر العقود، مع إضفاء لمسة لتطويرها بروح متجدّدة، فتُعلَّق داخل الحيّ الزِينة والفوانيس والأنوار، وتكتسي المنازل والشوارع والأزقّة بحلَّة جديدة تُعمّق ارتباط الناس ببهجة الموسم.

وخلال شهر رمضان المبارك أيضاً، تتنافس الحارات داخل القرى في تزيين الأماكن العامة وإضفاء الطابع الفنّي عليها، مع تنفيذ لوحات تشكيلية مُستَمدة من تراث المكان تحاكي روح العصر. ذلك يُحوّل جدران المنازل داخل الأحياء واجهاتٍ فنيةً بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين ومواهب القرية الناشئين، إلى جانب إقامة أنشطة رياضية وترفيهية وثقافية مثل الألعاب الشعبية، مما يُعزّز الجهود المبذولة لإحياء التراث وتقديم تجربة مميّزة تُسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد، وتُحيي التراث الثقافي للمنطقة، وتعكس روح الشهر الكريم.

ويحتفظ كثير من القرى بالأطباق الشعبية التقليدية؛ ومن خلال مناسبات الإفطار الجماعي، يتشارك أهالي كل قرية الوجبات التقليدية التي تتعرَّف إليها الأجيال الجديدة، فتعيد الاتصال بالموروث الاجتماعي والثقافي الذي احتفظت به القرى وتتزيَّن فيه خلال أيام رمضان ولياليه.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق مدحت صالح يختتم ليالي الأوبرا الرمضانية (وزارة الثقافة المصرية)

مدحت صالح يُسدِل ستارة حفلات «ليالي رمضان» مُقدِّماً جميل أغنياته

شدا مدحت صالح على المسرح الكبير في الأوبرا بأشهر أغنياته برفقة عازف البيانو والموزّع الموسيقي عمرو سليم، والفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد عامر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تاريخ من العراقة والحكايات (تصوير: غازي مهدي)

«المظلوم» في جدة... حارةٌ كثُرت حولها الأساطير والحكايات

في أيام رمضان، يُقبل الزوار على حارة «المظلوم» التي شهدت أسوةً بقرى في المدينة التاريخية فعاليات توزَّعت على جميع الأحياء، تشمل عروضاً ثقافيةً وتفاعليةً.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق ميدان «المصليات» في المدينة المنورة (واس)

ميدان «المصليات» معلم تاريخي يقصده أهالي وزوّار المدينة المنورة

يعدّ ميدان «المصليات» الواقع في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد النبوي، أحد الأماكن التاريخية بالمدينة المنورة، وكان يصلي فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مسجد الرفاعي حظي بتصميم معماري مميز (وزارة السياحة والآثار)

مساجد مصر الأثرية تتصدر الوجهات السياحية خلال رمضان

في ليالي رمضان، يصبح لمساجد مصر الأثرية طابعها الخاص المميز؛ تلك المساجد التي تشهد صلاة التراويح، والتفرغ للعبادة خصوصاً في العشر الأواخر.

محمد الكفراوي (القاهرة )

إطفاء الأضواء حول العالم بمناسبة «ساعة الأرض»

أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
TT
20

إطفاء الأضواء حول العالم بمناسبة «ساعة الأرض»

أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)

غرقت معالم شهيرة وآفاق مدن حول العالم في الظلام، يوم السبت، مع انضمام الملايين إلى حملة ساعة الأرض، وهي مبادرة عالمية أطلقتها منظمة «الصندوق العالمي للطبيعة» للدعوة إلى تحرك عاجل لمواجهة التغير المناخي ووقف فقدان الطبيعة والتنوع البيئي.

ومن آسيا إلى أوروبا، أطفأت المباني الكبيرة والصغيرة أنوارها في رسالة تضامن رمزية مع كوكب الأرض، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

إضاءة الأنوار في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بعد إطفائها لمدة ساعة (أ.ف.ب)
إضاءة الأنوار في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بعد إطفائها لمدة ساعة (أ.ف.ب)

وبدأت موجة الإظلام التدريجي من نيوزيلندا، حيث غطت الظلمة برج سكاي تاور وجسر هاربور بريدج في أوكلاند، بالإضافة إلى مباني البرلمان في ويلينغتون عند الساعة (08:30) مساء بالتوقيت المحلي. كما شارك العديد من المعالم والمباني في مختلف أنحاء البلاد في هذا الحدث، إيذاناً ببدء الفعالية العالمية.

ومع انتقال ساعة الأرض إلى الغرب، تبعتها معالم أخرى، بما في ذلك دار الأوبرا في سيدني، وحدائق الخليج في سنغافورة، ومعبد وات آرون في بانكوك، وبوابة براندنبورغ في برلين، والكولوسيوم في روما، وعين لندن.

أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)

وقال حاكم العاصمة التايلاندية تشادشارت سيتيبونت: «كل ضوء يطفأ هو خطوة نحو مستقبل مستدام».

أشخاص يقفون أمام بوابة براندنبورغ في برلين قبل إطفاء أنوارها للمشاركة في حملة ساعة الأرض (د.ب.أ)
أشخاص يقفون أمام بوابة براندنبورغ في برلين قبل إطفاء أنوارها للمشاركة في حملة ساعة الأرض (د.ب.أ)

وفي برلين، تجمع المارة عند بوابة براندنبورغ التي خيّم عليها الظلام في الساعة (08:30) مساء، ورددوا أغنيات احتفالاً بهذه اللحظة.

أضواء الكولوسيوم في روما قبل إطفائها للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
أضواء الكولوسيوم في روما قبل إطفائها للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)

ونمت حملة «ساعة الأرض»، التي بدأت في أستراليا عام 2007، لتصبح حركة عالمية. وأصبحت الشوارع بأكملها وأفق المدن والمعالم البارزة تظلم بشكل روتيني للفت الانتباه إلى أزمة المناخ.