جهاز ذكي يكشف عن مؤشرات الخرف مبكراً

الجهاز يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل حركات الجسم أثناء أداء مهام إدراكية وحركية (جامعة ميسوري)
الجهاز يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل حركات الجسم أثناء أداء مهام إدراكية وحركية (جامعة ميسوري)
TT
20

جهاز ذكي يكشف عن مؤشرات الخرف مبكراً

الجهاز يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل حركات الجسم أثناء أداء مهام إدراكية وحركية (جامعة ميسوري)
الجهاز يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل حركات الجسم أثناء أداء مهام إدراكية وحركية (جامعة ميسوري)

طوّر باحثون من جامعة ميسوري الأميركية جهازاً محمولاً يعمل بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في الكشف المبكر عن الاختلال المعرفي المعتدل، الذي قد يكون مؤشراً مبكراً على مرض ألزهايمر أو الخرف.

وأوضح الباحثون أن هذا الجهاز يمكن أن يُحسّن فرص التدخُّل المبكر ويحقق نتائج علاجية أفضل، لا سيما في المناطق الريفية التي تعاني من نقص الاختصاصيين في علم النفس العصبي، ونُشرت النتائج، الجمعة، بدورية «Alzheimer Disease & Associated Disorders».

والاختلال المعرفي المعتدل حالة تتمثل في تراجع ملحوظ بالقدرات الإدراكية، مثل الذاكرة والانتباه والتفكير، لكنه لا يصل إلى حد التأثير الشديد على الأنشطة اليومية كما يحدث في الخرف. وغالباً ما يُعد مرحلة انتقالية بين الشيخوخة الطبيعية ومرض ألزهايمر أو أنواع أخرى من الخرف؛ حيث يعاني المصابون به من صعوبة في تذكر المعلومات أو التركيز، لكنهم لا يفقدون استقلاليتهم بالكامل. ورغم أن هذه الحالة لا تؤدي دائماً إلى الخرف، فإن الكشف المبكر عنها يتيح فرصاً للتدخل العلاجي وإبطاء تطور التدهور الإدراكي.

ووفق الدراسة، يعتمد الجهاز الجديد على تقنية الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الاختلال المعرفي المعتدل من خلال قياس وظائف الحركة لدى كبار السن، عبر تحليل حركات الجسم أثناء أداء مهام إدراكية وحركية في الوقت نفسه.

ويتكوّن الجهاز من كاميرا تلتقط حركات الجسم بدقة، وأداة لقياس توازن الجسم وثباته، ولوحة معالجة بيانات لتحليل المعلومات المجمّعة.

ويتم الاختبار العملي من خلال 3 مهام رئيسية تشمل الوقوف بثبات، والمشي لمسافة قصيرة، والنهوض من على مقعد. وخلال تنفيذ هذه الأنشطة، يُطلب من المشاركين العدّ التنازلي بفارق 7 أرقام، مما يزيد من الجهد الإدراكي المطلوب ويكشف عن أي اضطرابات في التوازن أو الحركة. بعد ذلك، تُدخل البيانات إلى نموذج ذكاء اصطناعي يحلل الحركات ويكشف عن أي اختلالات طفيفة في المشي والتوازن.

وأظهرت الدراسة أن الجهاز تمكن من تحديد 83 في المائة من المصابين بالاختلال المعرفي المعتدل بدقة، مما يجعله أداة تشخيصية واعدة للكشف المبكر عن هذه الحالة.

وقال الدكتور ترينت غيس، الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة ميسوري، إن «مناطق الدماغ المسؤولة عن الإدراك تتداخل مع تلك المسؤولة عن الوظائف الحركية، لذا فإن أي ضعف في إحداهما يؤثر على الأخرى».

وأضاف عبر موقع الجامعة: «يمكن لجهازنا اكتشاف تغيرات دقيقة في التوازن والمشي لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، مما يجعله وسيلة فعالة لمساعدة الملايين؛ خصوصاً أن الاختلال المعرفي المعتدل يُعد من المؤشرات المبكرة لمرض ألزهايمر».

ويسعى الباحثون لاختبار قدرة الجهاز على التنبؤ بمخاطر السقوط والهشاشة لدى كبار السن، فضلاً عن استخدامه في مجالات أخرى مثل إصابات الارتجاج الرياضي، وإعادة التأهيل بعد الإصابات، ومرض التصلب الجانبي الضموري، والشلل الرعاش (باركنسون)، وعمليات استبدال الركبة والورك.


مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي يُشخِّص أمراض القلب عبر مسح العين

يوميات الشرق الباحثة الرئيسية للدراسة ويني هو ومشرفتها ليزا تشوتينغ تشو (جامعة ملبورن)

الذكاء الاصطناعي يُشخِّص أمراض القلب عبر مسح العين

اختبرت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين من جامعة ملبورن الأسترالية، استخدام مسح لشبكية العين مدعوم بالذكاء الاصطناعي لفحص المرضى داخل العيادات الطبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة سعودية خيل أكد أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في تحليل المباريات (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يزيد الإثارة والمتعة في الـ«لاليغا»

يكتسب الذكاء الاصطناعي أرضاً جديدة كل يوم، ليصبح عنصراً مهماً في تطوير كرة القدم، خصوصاً في دوري الدرجة الأولى الإسباني الذي تديره رابطة الدوري «لاليغا».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
خاص تقرير «كيندريل»: 92 % من الشركات السعودية تثق ببنيتها الرقمية و43 % لا تعدها جاهزة للمستقبل (أدوبي)

خاص تقرير: الشركات واثقة من حاضرها الرقمي... وقلقة من المستقبل

يكشف تقرير شركة «كيندريل» عن فجوة بين الثقة بالبنية التحتية الرقمية والاستعداد لها مؤكداً أهمية التحديث المرحلي وأمن المعلومات وربط التقنية بالاحتياجات الحقيقية

نسيم رمضان (الرياض)
علوم باحثون أميركيون يسبرون  أغوار «تفكير» الذكاء الاصطناعي التوليدي

باحثون أميركيون يسبرون أغوار «تفكير» الذكاء الاصطناعي التوليدي

بدأوا فهم مساراته وتحليل أنماطه

مارك سوليفان (واشنطن)

«ستوب كولينغ بيروت»... أحلام غارقة في بحر الحنين

فريق زقاق الذي يعمل معاً منذ نحو 20 عاماً (مسرح زقاق)
فريق زقاق الذي يعمل معاً منذ نحو 20 عاماً (مسرح زقاق)
TT
20

«ستوب كولينغ بيروت»... أحلام غارقة في بحر الحنين

فريق زقاق الذي يعمل معاً منذ نحو 20 عاماً (مسرح زقاق)
فريق زقاق الذي يعمل معاً منذ نحو 20 عاماً (مسرح زقاق)

لبيروت تأثيرها على أولادها، وزوّارها، وكل من وطأ أرضها. وتبقى بالنسبة لأجيال مرّت الحلم الذي لا تنطفئ شعلته، فيتذكرونها بحلوها ومرّها، وفي زمن السِّلم كما في زمن الحرب. قصصهم معها لا تنتهي، وهي محفورة في ذاكرة بحرها، وأزقتها، ومقاهيها، وشوارعها. وفي مسرحية «ستوب كولينغ بيروت» (Stop calling Beirut) على خشبة «زقاق» في العاصمة اللبنانية، يستعرض المخرج عمر أبي عازار فسيفساء العاصمة. اختار حقبة معينة ليحكي عن ذكرياته فيها. وتمتد ما بين الثمانينات والتسعينات. خلالها كانت بيروت تنتقل من الرماد إلى الإعمار. وحينها كبرت أحلام الشباب وتوسعت إلى حدّ طال سماءها.

تحكي قصة العمل عن 3 أصدقاء، يحاولون التقاط حنينهم للمدينة في تلك الفترة.

«ستوب كولينغ بيروت» على خشبة زقاق ابتداء من 4 أبريل (مسرح زقاق)
«ستوب كولينغ بيروت» على خشبة زقاق ابتداء من 4 أبريل (مسرح زقاق)

ومع الممثلين لميا أبي عازار، وجنيد سري الدين، ومايا زبيب، يتابع الحضور حكاياتهم. أما التصميم البصري فيعود إلى مايا الشامي، والسينوغرافيا لحسين بيضون. ويعود التأليف الموسيقي إلى كارول أوهير، وتصميم الإضاءة لأنطونيلا رزق. ويوقع إخراجها كل من عمر ولميا أبي عازار.

تُقدّم المسرحية على مسرح «زقاق» ابتداء من 4 أبريل لغاية 20 منه، وتحمل تكريماً للشقيق زياد أبي عازار الذي فقدته عائلته في حادثة غرق في محلة الدالية في الروشة.

لماذا تحمل المسرحية عنوان «ستوب كولينغ بيروت»؟ يوضح مخرجها عمر أبي عازار لـ«الشرق الأوسط»: «لأنه يُترجم وعوداً عشناها ولم تتحقق. وبسذاجة صدّقنا أن مستقبلاً زاهراً ينتظرنا، بيد أن جميع هذه الوعود اختفت كما اختفى الشقيق بين ليلة وضحاها، وبقيت بيروت واقفة هناك، وقد أصيب نموّها بالشلل. صارت مثل ولد لا يكبر، أو شاب رحل باكراً، ولكنه يسكن ذاكرتنا فتياً ينبض بالحياة أبداً».

مخرج العمل عمر أبي عازار (مسرح زقاق)
مخرج العمل عمر أبي عازار (مسرح زقاق)

الصورة سريالية، ولكنها ترتكز على مدينة من نارٍ وورق، يحاول 3 أصدقاء إنقاذها في خيالهم قبل أن تختفي. ويتابع أبي عازار: «الخط العريض للعمل يحكي عن الأخ المفقود، وقد خسرناه باكراً. وعن ذكرياتنا معه، ومع المدينة في تلك الفترة، عندما كانت بيروت تخلع لباس الحرب لترتدي زيّاً مزخرفاً بالازدهار».

العنوان له علاقة بالماضي، وأحداث جرت بين الثمانينات والتسعينات، لتنتهي في عام 2011. حين بدأت رياح التغيير في المنطقة تلوح من بعيد، وطال تفاصيل مدينة لم تعد تشبه نفسها.

يوضح أبي عازار: «تربينا على ذكريات أهالينا عن بيروت الذهبية في الستينات. ومن ثم اشتعلت الحرب الأهلية، وقضت على ما تبقى من تلك الخبريات. وبين الثمانينات والتسعينات عاش جيلنا ما يشبه بيروت الستينات. وخاض فرح العودة إلى الحياة والعيش المشترك والنهضة المعمارية والثقافية. وبعدها مُحيت تلك المشهدية عن خارطة أحلامنا. أُصبنا بالخيبة لوعود لم تتحقق، فتحولت تلك الفترة بدورها إلى ذكريات نخبر عنها أولادنا».

شعور الخيبة يصلك مباشرة من فحوى حديث المخرج عمر أبي عازار. ويعلّق: «هناك بالفعل خيبة أمل رغبت في تناولها بالمسرحية على طريقتي. وتتجلّى بقصص الممثلين الثلاثة على المسرح. فهم ينتمون إلى فريق «زقاق» المسرحي. عملنا معاً منذ سنوات طويلة، وعشنا سوياً الذكريات والإحباطات والصدمات نفسها». يتابع: «تُمثِّل المسرحية صورة مجازية تُشبه إلى حدّ كبير شخصاً نفقد الاتصال به. فعندما نقوم بهذه المحاولة مرة وأكثر ولا نتلقى جواباً، ندرك في أعماقنا أننا فقدنا الاتصال به إلى الأبد».

تعبق مسرحية «ستوب كولينغ بيروت» بالنوستالجيا، والحنين لما تبقى من مدينة. وانطلاقاً من قصص شخصية ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببيروت، تنقل لمشاهدها حالة غرق؛ يسمع أصوات فقاقيع الهواء الأخيرة قبل التلاشي في بحر الموت، وتتحوّل هذه القصص إلى قصيدة شاعرية. ويُكمل أبي عازار: «هذه القصيدة نابعة من مشاعر حزن لم يتسنَّ لنا التعبير عنها. وهنا يأتي دور الخشبة لنستوعب خساراتنا بأسلوب حزين، بيد أنه لا يخلو من الأمل».

3 ممثلين يلعبون بطولة «ستوب كولينغ بيروت» (مسرح زقاق)
3 ممثلين يلعبون بطولة «ستوب كولينغ بيروت» (مسرح زقاق)

مؤثرات بصرية وسمعية تلوّن العمل، وتسهم في تبسيط مشهدية المدينة التي تعيش حالة غرق. «هذه المؤثرات توازي بأهميتها حبكة النص، ويشكّل الجمهور جزءاً منه. فهي لحظات شاعرية نحاول تشاركها مع الحضور».

وعكس ما قد يعتقده قارئ هذه السطور، المخرج أبي عازار يؤكد أن العمل لا يزوّد الحضور بمشاعر خيبة الأمل. ويختم :«سيكون بمثابة صدى ذكريات لشيء فقدناه. النص تمت كتابته جماعياً، لينقل قصصاً حقيقية عدّة. والمسرحية هي كناية عن عصارة مشاعر وأحاسيس محورها تلك القصص».