هدايا رمضان تقليدٌ أصيلٌ يتجدَّد بروح العصر

تجسيداً لمعنى «تهادوا تحابوا» وتعزيزاً لأواصر الجيرة والصداقة

هدايا رمضان تقليدٌ يجمع الأصالة بالمحبة ويُغزّز الأواصر (الشرق الأوسط)
هدايا رمضان تقليدٌ يجمع الأصالة بالمحبة ويُغزّز الأواصر (الشرق الأوسط)
TT
20

هدايا رمضان تقليدٌ أصيلٌ يتجدَّد بروح العصر

هدايا رمضان تقليدٌ يجمع الأصالة بالمحبة ويُغزّز الأواصر (الشرق الأوسط)
هدايا رمضان تقليدٌ يجمع الأصالة بالمحبة ويُغزّز الأواصر (الشرق الأوسط)

عشية شهر رمضان المبارك، تتجدَّد مَشاهد المحبة والتواصل بين العائلات في المجتمع السعودي، فتعود عادة تبادل الهدايا الرمضانية لتُزيّن الأجواء بروح الألفة والتقدير. ليست هذه العادة حديثة العهد، وإنما تمتدّ جذورها إلى الماضي، حين كانت تقتصر على التمر والقهوة، رمزاً للكرم والضيافة. ومع تطوّر الحياة، لم تندثر، وإنما ازدادت تنوّعاً ورقياً، فأصبحت تضمّ مصاحف مزخرفة، وأطقم صلاة أنيقة، وسُبحاً مصنوعة من الأحجار الكريمة، وصناديق تمور فاخرة بتصاميم مبتكرة.

أفكار مبتكرة لعبوات يوضع فيها التمر والمكسرات تُهدى في رمضان (الشرق الأوسط)
أفكار مبتكرة لعبوات يوضع فيها التمر والمكسرات تُهدى في رمضان (الشرق الأوسط)

وبينما يحافظ المجتمع على هذا التقليد، أضفى إليه المصمّمون لمسات حديثة تجمع الأصالة بالإبداع، لتصبح الهدايا الرمضانية اليوم أكثر من مجرّد تقليد اجتماعي، وإنما تعبير عن الذوق والابتكار، ومناسبة لتعزيز روابط المحبة بين الأهل والأصدقاء.

في هذا السياق، تبرُز المشروعات المتخصّصة في تصميم الهدايا الرمضانية بأسلوب يُحاكي الأصالة والجمال. فتقول مالكة متجر «محراب»، دينا بخيت، إنها بدأت هذا المشروع قبل 9 سنوات بدافع حبّها للإبداع الفنّي ورغبتها في تقديم هدايا رمضانية برؤية حديثة تستلهم التراث بروح عصرية.

وتُقدّم مجموعة متنوّعة من الهدايا، من بينها مصاحف بأسماء مخصّصة، وأطقم شراشف صلاة وسجادات بتصميمات حديثة، وسبح بالأحجار الطبيعية، وصناديق تمور مصنوعة يدوياً بتصاميم فريدة. وتؤكد أنّ الطلب على الهدايا الرمضانية شهد تطوّراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، إذ أصبح العملاء يبحثون عن هدايا تجمع بين الأصالة والتصميم الحديث.

هدايا متنوّعة مُطرّزة يدوياً تقدَّم تهنئةً بالشهر الفضيل (الشرق الأوسط)
هدايا متنوّعة مُطرّزة يدوياً تقدَّم تهنئةً بالشهر الفضيل (الشرق الأوسط)

وعن الإلهام، تستوحي دينا بخيت أفكارها من صور التراث، مع الحرص على تطويرها برؤية حديثة تظهر في تفاصيل المنتجات وتصاميمها. أما عن التغليف، فتؤكد أنها تُقدّم خيارات متنوّعة بين التطريز المبتكر والخامات التقليدية؛ مثل سلال القشّ، مع دمجها بلمسات إبداعية. كما يوفّر المتجر خدمة التصاميم الخاصة، فيساعد العملاء على تحويل أفكارهم إلى واقع من خلال هدايا مصمَّمة لهم.

ووفق دينا بخيت، يبدأ الإقبال على الهدايا الرمضانية في بداية شهر رجب، وتُعد أطقم الصلاة والصناديق المميّزة لتعبئة التمور من أكثر المنتجات طلباً. وعن دور هذه الهدايا اجتماعياً، تؤمن بأنّ مقولة «تهادوا تحابوا» تنطبق تماماً على هذه العادة، إذ تُعزّز الهدايا الروابط الأسرية والاجتماعية، وتنشر أجواء المحبة والمودّة بين الأصدقاء والعائلات.

التطريز اليدوي لتزيين عبوات تعبئة تُقدّم هدايا في رمضان (الشرق الأوسط)
التطريز اليدوي لتزيين عبوات تعبئة تُقدّم هدايا في رمضان (الشرق الأوسط)

أما إيمان حمود، فتحرُص على إحياء عادة تبادل الهدايا مع جاراتها ومعارفها وتستقبلها بفرح، كما تبادر كل عام بإرسال هدايا تحمل بصمتها الخاصة. لا تكتفي باختيار هدايا تقليدية، وإنما تسعى دائماً إلى ابتكار طرق جديدة لتنسيقها، لتكون جاذبة ومميّزة، لجهتَي التغليف والعرض.

ورغم حرصها على الإبداع في التنسيق، فإنّ المحتوى يبقى الأهم، إذ تؤمن بأنّ الهدايا يجب أن تفيد ربّة المنزل، لذا تختار بعناية مكوّناتها، التي تتضمّن غالباً توابل الطعام المتنوّعة، والتمر، والقهوة السعودية، وغيرها من المستلزمات التي تحتاج إليها العائلات خلال الشهر الفضيل.

بالنسبة إلى المجتمع السعودي، فإنّ تبادل الهدايا ليس مجرّد عادة، وإنما رسالة محبة وتقدير تُعزّز أواصر الجيرة والصداقة، وتجعل من رمضان مناسبة تزدان بروح العطاء والكرم.


مقالات ذات صلة

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

يوميات الشرق أتقن جوان رَسْم ملامح «فجر» وقدَّم مشهديات صامتة (مشهد من «تحت سابع أرض»)

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

أتقن الممثل السوري جوان خضر رَسْم ملامح «فجر» في مسلسل «تحت سابع أرض» الرمضاني وقدَّم مشهديات صامتة أغنت الحوار. نطق بعينيه. شخصية مُركَّبة حملت أكثر من تفسير.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق في فيلم «نهاد الشامي» تُجسّد جوليا قصّار شخصية الحماة المتسلّطة (إنستغرام)

جوليا قصّار لـ«الشرق الأوسط»: الكيمياء بين ممثل وآخر منبعُها سخاء العطاء

ترى جوليا قصّار أنّ مشاركة باقة من الممثلين في المسلسل أغنت القصّة، ونجحت نادين جابر في إعطاء كل شخصية خطّاً يميّزها عن غيرها، مما ضاعف حماسة فريق العمل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حسن عسيري خلال استضافته المطرب إيهاب توفيق (الشرق الأوسط)

حسن عسيري يستحضر حسَّه الكوميدي في برنامجه «بروود كاست»

في حواره مع «الشرق الأوسط» تحدّث الفنان والمنتج السعودي حسن عسيري عن كواليس برنامجه «بروود كاست».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

من مصر إلى لبنان وسوريا مروراً بالخليج، جولة على أكثر أغاني المسلسلات جماهيريةً واستماعاً.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق العمل أهلٌ بتصنيفه بين الأفضل (البوستر الرسمي)

«بالدم»... مخاطرةٌ رابحة مع ملاحظات ضرورية

العمل لم ينل التنويه لمجرّد عواطف وطنية، فذلك مُعرَّض لأنْ تفضحه ثغر ويدحضه افتعال. أهليته للإشادة به مردُّها أنه أقنع بكثير من أحداثه، ومنح شخصيات قدرة تأثير.

فاطمة عبد الله (بيروت)

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT
20

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ضمن خطة مصر لتطوير القاهرة التاريخية، بدأتْ خطوات تحويل ميدان السيدة عائشة الذي يقع على أطراف المنطقة التاريخية، جنوب قلعة صلاح الدين، إلى ممشى سياحي عالمي، بعد تطويره وإزالة الإشغالات حوله، وربطه بباقي الأماكن الأثرية المحيطة والقريبة منه.

وظهرت أعمال التطوير بميدان السيدة عائشة والمنطقة المحيطة بالقلعة خلال فيديو بثه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، يشرح ما يتم اتخاذه من خطوات لتطوير المنطقة، لتحويلها من مكان مزدحم بالسيارات والباعة وفي خلفيته كوبري قديم متهالك إلى ممشى سياحي عالمي، يتضمن الخدمات الترفيهية التي تجذب السياح من كل أنحاء العالم، وفق ما ورد بمقطع الفيديو.

وأوضح الفيديو أن الممشى سيتم تسميته «ساحة السلطان»، وسيضم ميدان السيدة عائشة ومسجدي السلطان حسن والرفاعي ومنطقة القلعة، وخلال أعمال التطوير تم اكتشاف أجزاء من سور القاهرة القديمة الذي سيعاد ترميمه ودمجه في الممشى السياحي الذي سيحافظ على الهوية البصرية للقاهرة التاريخية، بالإضافة لاستحداث مسطحات خضراء كبيرة بالمنطقة.

المساجد والوكالات القديمة أبرز ما يميز القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)
المساجد والوكالات القديمة أبرز ما يميز القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)

يذكر أن مصر أعلنت من قبل عن خطة لتطوير القاهرة التاريخية التي تتضمن آثاراً من العصر الفاطمي مروراً بالأيوبي ثم المملوكي، وتضم مساجد ومدارس وأسبلة وقصوراً ووكالات تجارية قديمة، وأشهر هذه الآثار الإسلامية توجد في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وشارع الأزهر وحي الغورية ومحيط منطقة القلعة وشارع الصليبة بالخليفة.

وفي ضوء هذا أشار خبير الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن إزالة كوبري السيدة عائشة كان مطلباً مهماً منذ فترة، ليس فقط لأنه يمثل تشويهاً للمنطقة الأثرية بل أيضاً لكثرة الحوادث عليه.

من مدخل شارع الغورية بمنطقة القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)
من مدخل شارع الغورية بمنطقة القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)

بخصوص خطة التطوير، قال ريحان لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا المنطقة ضمن حدود القاهرة التاريخية التي تشمل الآثار الإسلامية والقبطية في ثلاث نطاقات، وهي منطقة القلعة وابن طولون والجمالية، والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودي، وقد اعتمدت حدود واشتراطات تلك المنطقة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية طبقاً للقانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية في 2011».

وأشاد الخبير الآثاري بهذا التطوير، وعدّه «ضمن سلسلة تطوير شاملة بالقاهرة التاريخية، شملت مشروع تطوير ورفع كفاءة إضاءة شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية ومشروع قباب مقابر الأسرة العلوية الأثرية الموجودة بالمنطقة، واختراق منطقة المدابغ وإعادة صياغتها لتكون منطقة تراثية ومنفذاً للنزهة لكل المصريين للسياحة الداخلية ومقصداً للأجانب».

شوارع القاهرة التاريخية بها العديد من المساجد والأسبلة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
شوارع القاهرة التاريخية بها العديد من المساجد والأسبلة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتضم القاهرة التاريخية أو الإسلامية 537 مبنى أثرياً مسجلاً، وهي منطقة مدرجة ضمن التراث العالمي في اليونيسكو، وفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، لافتاً إلى اتخاذ قرارات كل فترة لترميم أجزاء في المنطقة التاريخية دون نظرة عامة، وتسعى الحكومة حالياً لتطوير شامل للمنطقة، لما تمثله من كنز تراثي وتاريخي، وفق قوله.

ولفت عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة إلى أن «هذا المشروع سيخلق موقعاً تراثياً خاصاً أطلق عليه (ساحة السلطان) يشمل ممشى سياحياً يربط القلعة بمساجد الرفاعي والسلطان حسن والسيدة عائشة مع زيادة المسطحات الخضراء وغلق الميدان أمام حركة السيارات، وإزالة مواقف السيارات التي تشوه المنطقة مما يسهم في تحسين الصورة البصرية للقاهرة التاريخية».

في الوقت نفسه، حذر ريحان من أن «يمس المشروع هدم أي مقابر تراثية، ضمن حدود القاهرة التاريخية المسجلة باليونسكو، حتى وإن كانت غير مسجلة كآثار»، حسب تعبيره.