مئوية «المُصوّر» تفتح نافذة على ذاكرة الصحافة المصرية

إحدى أعرق المجلات العربية

جانب من أغلفة وصور مجلة المصوّر في المعرض (مجلة المصور)
جانب من أغلفة وصور مجلة المصوّر في المعرض (مجلة المصور)
TT

مئوية «المُصوّر» تفتح نافذة على ذاكرة الصحافة المصرية

جانب من أغلفة وصور مجلة المصوّر في المعرض (مجلة المصور)
جانب من أغلفة وصور مجلة المصوّر في المعرض (مجلة المصور)

يستعيد معرض «100 عام شاهدة على التاريخ» الذي استضافه المسرح الصغير في دار الأوبرا المصرية بصمة الراحلين إميل وشكري زيدان وذكريات تأسيسهما مجلة «المصوّر» المصرية التي تعد من أعرق المجلات في مصر إذ صدر عددها الأول عام 1924.

صور توثق معركة الإسماعيلية الشهيرة (مجلة المصور)

وتبدو كل صورة في المعرض كأنها تفتح كادراً واسعاً على التاريخ والحكايات السياسية والاجتماعية والفنية، لا سيما الأغلفة التي تمر على قرن كامل من تاريخ الاعتماد على إبراز الصورة وقصتها الصحافية ما يمثل إحدى أبرز ركائز وسمات مشروع مجلة «المصوّر» عبر تاريخها.

غلاف يعود للعشرينات من القرن الماضي (الشرق الأوسط)

«مجلة (المصوّر) مثلت عبر تاريخها ذاكرة كاملة، فقد سجلت كل شيء بالصورة، حيث اعتمدت على الصورة في تغطياتها بشكل أساسي، وكنوزها التي تعرض ضمن هذا المعرض هي جزء من تراث صحافي أقوى في تأثيره من المدافع والبنادق»، كما يقول الكاتب غالي محمد، رئيس التحرير السابق لمجلة «المصور» لـ«الشرق الأوسط».

السيدة فيروز تلعب الكرة مع ابنها زياد رحباني في لقطة المصوّر (مجلة المصور)

وتتبع مجلة «المصوّر» مؤسسة «دار الهلال» التي أسسها الصحافي اللبناني جرجي زيدان سنة 1892، وهو التاريخ الذي ترددت أصداؤه خلال احتفالية «مئوية مجلة المصوّر» التي يعد معرض الصور الفوتوغرافية جانباً منه، ولا تخلو الصور التي يتم عرضها من لقطات طريفة كلقطة تصوّر منيرة المهدية وهي تُطعّم إوزة مصحوبة بتعليق لاذع: «المطربة منيرة المهدية اهتمت بإطعام الإوز وتركت زعامة الغناء لأم كلثوم»، وصور أخرى تكشف جوانب مختلفة من حياة رموز للفن والأدب، كصورة تجمع عميد الأدب العربي طه حسين بأسرته، وأخرى تصوّر فيروز وهي تلعب الكرة مع ابنها زياد رحباني.

تعليقات لاذعة تصاحب لقطات المصوّر (الشرق الأوسط)

وخلال الاحتفال تم تكريم عدد من القائمين على مؤسسة «المصوّر» وعدد من الشخصيات العامة والفنية، ومنهم وزير الشباب والرياضة المصري الدكتور أشرف صبحي الذي ركزت كلمته على «أن الصحافة الرقمية الحالية هي امتداد لتاريخ طويل من الصحافة الورقية الرائدة، ومنها مجلة المصوّر التي دوّنت تاريخاً للصورة».

تحية كاريوكا تشارك في حملة تبرع بالدم (مجلة المصور)

واعتبر الدكتور محمود فوزي، وزير شؤون المجالس النيابية المصري، أن «إرث مجلة (المصوّر) ليس في صفحاتها وحسب، بقدر ما هو في تأثيرها بالصورة ومقالاتها التحليلية الرصينة».

جانب من تكريم الفنانة سميرة عبد العزيز (مجلة المصور)

فيما ضجت قاعة المسرح الصغير بالأوبرا بالتصفيق مع كلمة الفنانة المصرية سميرة عبد العزيز، التي قالت: «أحببت الفن مما كنت أقرأه في المصوّر»، وحكّت كيف أن التقدير الكبير الذي أولته مجلة «المصوّر» للفنانين كان من أكبر الأسباب التي جعلت والدها يسمح لها باحتراف العمل الفني.

صورة نادرة تجمع الراحل طه حسين مع أسرته (مجلة المصور)

ويعد الكاتب المصري ووزير الثقافة الأسبق حلمي النمنم، الذي تم تكريمه في الاحتفالية، أن «مجلة المصوّر لم تكن محلية الطابع، بل كانت حريصة على إبراز البعد العربي والشرق الأوسطي في تغطياتها»، حسبما يقول في كلمته لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «في الصحافة التي بدأتها (المصوّر) في العشرينيات، كانت تنشر أخباراً من داخل إيران، وتركيا، والسعودية، والمغرب، والسودان، وهذا منحها قدراً كبيراً من الانتشار المبكر، وهذا في حد ذاته سبقاً في مجال التغطيات الصحافية».

الفنانة الرحلة فاتن حمامة على أحد أغلفة المصوّر (مجلة المصور)

ويلفت النمنم إلى أن «مجلة (المصوّر) واكبت حركة بناء الدولة المصرية في فترة الملكية، بما في ذلك تأسيس القضاء ومحكمة النقض، علاوة على اعتماد المجلة منذ مراحلها الأولى على شدة الانضباط والصرامة المهنية، والإعلاء من قيمة الاعتماد على المعلومة، كما حافظت على هامشها من الحرية، لأنها كانت باستمرار تحافظ على استقلالها عن أي فصيل سياسي»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

«سرّ الحياة» يحتفي بصلابة المرأة العربية وحضورها الطاغي

يوميات الشرق مدارس فنّية واتجاهات مختلفة تُعبِّر عن  المرأة (الشرق الأوسط)

«سرّ الحياة» يحتفي بصلابة المرأة العربية وحضورها الطاغي

تضمَّن المعرض عشرات الأعمال التي تحتفي بصلابة المرأة العربية ومسيرتها وإنجازاتها، وحضورها الطاغي عبر التاريخ والواقع المعاصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»

أسابيع الموضة العالمية لخريف وشتاء 2026 تنتهي في باريس ببدايات جديدة

بدايات جديدة في «جيڤنشي» و«دريز فان نوتن» و«توم فورد» تُوقظ الأمل بولادة عهد جديد

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق صورة الشمس التي استوحى منها اسم معرضه في بيروت (الشرق الأوسط)

معرض «شمس» لماركو بالومبي تحية مشرقة من لبنان إلى إيطاليا

يحتار المرء كيف يحدد معاني كلمة «شمس»، فهي تحمل الدفء والأمل والضوء والحرية وغيرها. ولكن المصور الفوتوغرافي الإيطالي، ماركو بالومبي، جمع فيها كل هذه الصفات في…

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق موتيفات شعبية وتراثية في «صندوق الدنيا» وسط أجواء رمضانية (الشرق الأوسط)

«صندوق الدنيا»... كرنفال للألوان والموتيفات الشعبية في ليالي رمضان

هدف معرض «صندوق الدنيا» بغاليري «آرت كورنر» في الزمالك جمع شمل الفنانين ضمن مهرجان فنّي في ليالي رمضان المُبهجة، والاستمتاع بأعمالهم والتحاور حولها...

محمد الكفراوي (القاهرة )

«طلعت حرب» يعيد التلفزيون المصري إلى ساحة الإنتاج الدرامي

مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

«طلعت حرب» يعيد التلفزيون المصري إلى ساحة الإنتاج الدرامي

مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)

يعود التلفزيون المصري للإنتاج الدرامي من خلال تقديم مسلسل «طلعت حرب»، الذي يتناول سيرة «رائد الاقتصاد المصري» محمد طلعت حرب، والمقرر عرضه في رمضان 2026، ليكون المشروع الذي يستأنف التلفزيون المصري من خلاله مسار الإنتاج الدرامي بعد 10 سنوات من التوقف، وفق بيان للهيئة الوطنية للإعلام، الأربعاء.

وأعلن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلماني، الاتفاق مع مدينة الإنتاج الإعلامي، التي تُعد الهيئة المالك الأكبر لها، على إنتاج المسلسل وبدء الاتفاق على تفاصيله قريباً، مؤكداً خلال لقائه مؤلف العمل محمد السيد عيد، الاتفاق على تواصل التحضيرات للمشروع.

وقال مؤلف المسلسل إن «المشروع كُتب بالفعل قبل عدة سنوات بمبادرة لتقديم عمل درامي يرصد رحلة طلعت حرب ومسيرته، بدعم من بنك مصر، الذي قام بتأسيسه، على أن تتولى مدينة الإنتاج الإعلامي مسؤولية إنتاجه، لكن المشروع تأجل خروجه للنور».

وأضاف عيد لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل مكتوب في 30 حلقة، وتم الانتهاء منه بشكل كامل، وأُعيد إحياؤه مجدداً في الأيام الماضية»، لافتاً إلى أن «المشروع يلقى دعماً كبيراً من (الهيئة الوطنية للإعلام)، مع رغبة في تقديمه بصورة جيدة وبشكل يناسب القيمة التاريخية لطلعت حرب.

وجاء الإعلان عن المشروع بعد أيام من حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أهمية الدراما وضرورة مناقشتها لقضايا تعزز القيم الاجتماعية، وعلى أثر ذلك أعلنت «الوطنية للإعلام» تنظيم مؤتمر حول «مستقبل الدراما» الشهر المقبل، بجانب إعلان الشركة «المتحدة» تشكيل لجنة متخصصة للمحتوى الدرامي، ضمن الاستراتيجية القائمة على تحقيق التوازن بين الإبداع والمسؤولية الاجتماعية.

وأكد رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، عبد الفتاح الجبالي، لـ«الشرق الأوسط»، اعتزامهم إقامة مؤتمر صحافي موسع بعد إجازة عيد الفطر، من أجل الكشف عن تفاصيل مسلسل «طلعت حرب» بشكل كامل والإعلان عن فريق العمل.

تسهم الهيئة الوطنية للإعلام بالحصة الكبرى في ملكية مدينة الإنتاج الإعلامي (مدينة الإنتاج الإعلامي)

وحسب محمد السيد عيد، فإن المسلسل يرصد، من خلال حياة طلعت حرب وسيرته، الفترة التي عاش فيها، عبر استعراض كثير من الأحداث التاريخية المهمة التي عاصرها.

ويشكل المسلسل الجديد عودة للتلفزيون المصري لساحة الإنتاج الدرامي، بعد 10 سنوات من توقفه بشكل كامل عن الإنتاج منذ عام 2015، بعدما قدم مسلسل «دنيا جديدة» للمخرج عصام شعبان، بسبب تراكم المديونيات على الأعمال التي أنتجها، وعدم القدرة على سدادها.

ويشيد الناقد الفني محمود قاسم بخطوة عودة التلفزيون للإنتاج الدرامي، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار سيناريو «طلعت حرب» ليكون أول عمل، خطوة تبدو موفقة في ظل سابقة أعمال مؤلفه التاريخية المميزة، على غرار (مشرفة... رجل لهذا الزمان» و«علي مبارك».

وأضاف قاسم أن «التليفزيون قدّم، على مدى عقود، روائع درامية بكوادر لا يزال بعضها موجوداً في الوقت الحالي، وأن توقفه خلال السنوات الماضية لم يكن قراراً صائباً، باعتبار أن الأعمال التي يقدمها من الصعب إنتاجها عبر القطاع الخاص، إلى جانب طبيعة القضايا التي يطرحها، مما يستلزم ضرورة التشجيع على الاستمرارية وزيادة الأعمال التي يجري إنتاجها».

وتعد شركة «صوت القاهرة»، التي أسسها الفنان محمد فوزي عام 1959، من أذرع التلفزيون الإنتاجية في الدراما التلفزيونية، والمتوقفة عن تقديم أعمال جديدة منذ سنوات، في وقت يعمل فيه القائمون على الشركة للعودة والانخراط في تقديم أعمال جديدة قريباً، حسب رئيسة الشركة الإعلامية نادية مبروك.

وقالت مبروك لـ«الشرق الأوسط» إن «الشركة لديها بالفعل كثير من السيناريوهات الدرامية الجيدة التي يمكن تقديمها، لكن هناك مشكلات مالية يجري العمل على معالجتها من أجل إعادة الشركة كجهة منتجة للأعمال الدرامية»، مشيرةً إلى أن هدفهم هو العودة لتقديم أعمال جيدة درامياً، لا سيما أن نجاح الدراما اليوم لم يعد مرتبطاً بوجود النجوم بقدر ما يعتمد على الفكرة التي يقدمها العمل».