نائب وزير الثقافة الكازاخستاني: بها تتعزّز العلاقات مع العالم الإسلامي

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ بلاده تهتمّ بدعم الصناعات الإبداعية

نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)
نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)
TT
20

نائب وزير الثقافة الكازاخستاني: بها تتعزّز العلاقات مع العالم الإسلامي

نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)
نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)

تُولي جمهورية كازاخستان أهمية كبرى للثقافة بكونها أداة لتعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية؛ إذ تُشكّل الروابط التاريخية والروحية المُشتركة أساساً متيناً للحوار والتعاون. من هنا، تعمل كازاخستان على توظيف الدبلوماسية الثقافية لمدّ جسور التواصل مع العالم الإسلامي، مستفيدةً من منصات دولية بارزة، مثل مؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي، المُنعقد حالياً في المملكة العربية السعودية.

في هذا السياق، أكد نائب وزير الثقافة والإعلام الكازاخستاني، يفجيني كوتشيتوف، أنّ بلاده تعتمد نهجاً استراتيجياً لتعزيز التعاون الثقافي مع الدول الإسلامية، مشيراً، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ الثقافة تُعدّ عنصراً جوهرياً في دعم الحوار بين الشعوب، وأنّ القيم الروحية والثقافية المشتركة بين كازاخستان والدول الإسلامية تُسهم في تعزيز الشراكة، ليس فقط على المستوى الثقافي، وإنما أيضاً في مجالات التنمية المستدامة والتبادل الأكاديمي والفنّي.

وأشار إلى أنّ كازاخستان، بكونها رائدة في مؤتمر قادة الأديان العالمية والتقليدية، تسعى إلى تعزيز مبادئ التسامح والتعايش المشترك؛ وهي قيم تتماشى مع التوجّهات الثقافية للدول الإسلامية، كما أنّ عضويتها في منظمات مثل «الإيسيسكو» تتيح لها تطوير مشروعات استراتيجية تهدف إلى حماية التراث الإسلامي وتعزيز الهوية الثقافية المشتركة.

وشهدت كازاخستان تطوّراً ملحوظاً في قطاع الثقافة والفنون خلال السنوات الأخيرة؛ إذ نظَّمت فعاليات ومعارض دولية أسهمت في تعزيز حضورها الثقافي عالمياً. ومن أبرز هذه الفعاليات، الألعاب البدوية الخامسة التي استضافتها بحضور أكثر من 17 ألف متفرّج، وشهدت مشاركة فنانين عالميين مثل المغنّي الكازاخستاني الشهير ديماش كوداي بيرجن.

كما سجَّل الفنّ الكازاخستاني حضوراً لافتاً على الساحة العالمية؛ إذ عُرض للمرة الأولى في بينالي البندقية ومتحف غيميه للفنون الآسيوية، مما جذب اهتماماً واسعاً من الأوساط الثقافية العالمية. وامتد التأثير الثقافي لكازاخستان إلى 14 دولة من خلال الجولات الدولية للفرق الإبداعية، بما فيها عروض فرقة باليه أوبرا آستانة في دبي، التي قدَّمت عرض «كسارة البندق» أمام أكثر من 12 ألف متفرّج، إلى جانب نجاح أوبرا خان سلطان، «Golden Horde»، في تركيا، التي استقطبت أكثر من 4 آلاف مُشاهد.

وفي خطوة لتعزيز الهوية الثقافية الكازاخستانية عالمياً، أطلقت وزارة الثقافة منصة «ثقافة قازاق» الإعلامية والتعليمية، التي توفّر محتواها بـ8 لغات، بما فيها العربية، بهدف تعريف العالم بالتراث الثقافي الغني لكازاخستان.

وسط هذا كلّه، أكد نائب وزير الثقافة أنّ كازاخستان تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على التراث الثقافي الإسلامي والترويج له، خصوصاً في ظلّ تفاقُم الاهتمام العالمي بالثقافة الإسلامية. وتعمل على تطوير السياحة الإسلامية من خلال الإضاءة على المعالم التاريخية البارزة، مثل ضريح خوجة أحمد ياساوي في تركستان، المُدرَج ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو».

وأصبحت مدينة تركستان مركزاً ثقافياً إسلامياً، تستضيف مهرجانات وفعاليات دولية تحتفي بإرث العلماء المسلمين. كما تتعاون كازاخستان مع المملكة العربية السعودية لتسهيل مسارات الحج، مما يعكس التزامها بدعم السياحة الدينية والثقافية.

إلى جانب جهودها في الحفاظ على التراث، تتبنَّى كازاخستان استراتيجية متقدّمة لتعزيز الصناعات الثقافية والإبداعية، مستفيدةً من التطوّرات الرقمية الحديثة. وفي هذا الإطار، أقرَّت الحكومة تشريعات جديدة توفّر حوافز ضريبية لدعم الصناعات الإبداعية، كما تخطّط لإطلاق صندوق دعم الصناعات الإبداعية، الذي سيشكّل منصة تمويل رئيسية للمشروعات الثقافية، مُستلهماً التجارب الناجحة في المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية.

وأيضاً، تُركّز كازاخستان على مجالات متنوّعة في هذا القطاع، بما فيها الفنون الرقمية، وتنمية المواهب، ودعم الحِرف التقليدية، وتعزيز الهوية الثقافية الكازاخستانية على الساحة الدولية. وقد حقَّق الفنانون الكازاخستانيون بالفعل إنجازات بارزة على المستوى العالمي، مثل نجاح الفنان ديماش كوداي بيرجن والمنتج الموسيقي إيمانبيك، مما يؤكد الإمكانات الواعدة للصناعات الإبداعية الكازاخستانية.

وفي ظلّ التطوّرات الرقمية، تُولي كازاخستان اهتماماً خاصاً بحماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق الطبع والنشر، لضمان بيئة آمنة للمبدعين والفنانين. ويهدف هذا الإجراء إلى تحقيق العدالة في تعويض الفنانين عن أعمالهم، وتعزيز الابتكار والاستدامة في قطاع الصناعات الثقافية.

وختم كوتشيتوف حديثه بالتأكيد على أنّ رؤية كازاخستان الثقافية تمتد إلى ما هو أبعد من مجرّد الترويج الثقافي؛ إذ تسعى البلاد إلى تحقيق تنمية اقتصادية مُستدامة من خلال دعم الصناعات الثقافية والإبداعية. كما تهدف إلى ترسيخ مكانتها بكونها مركزاً ثقافياً عالمياً يعكس ثراء حضارتها وانفتاحها على مختلف الثقافات، مع تعزيز دورها في الحوار بين الشعوب. كما تُسهم، من خلال جهودها المستمرّة في تعزيز التبادل الثقافي، في خلق فضاء جديد للحوار والتعاون، مما يعزّز قيم التسامح والتفاهم المتبادل بين الحضارات، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع الدول الإسلامية والعالم بأسره.


مقالات ذات صلة

«دهشة الأساطير الشعبية» بـ«ديوانية القلم الذهبي» في الرياض

يوميات الشرق تناولت الجلسة تحويل الشخصيات الشعبية إلى رموز أسطورية جديدة (ديوانية القلم الذهبي)

«دهشة الأساطير الشعبية» بـ«ديوانية القلم الذهبي» في الرياض

ناقشت جلسة حول «دهشة الأساطير الشعبية»، استضافتها «ديوانية القلم الذهبي» بحي السفارات في مدينة الرياض، كيفية تشكّل الأسطورة في المخيال الشعبي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المسحراتي يتجوَّل قبل الفجر في مصر خلال رمضان (الشرق الأوسط)

طبلة تراثية وصيحات «حداثية»... المسحراتي في مصر يوقظ حنين الساهرين

استطاع المسحراتي في مصر الحفاظ على مكانته التاريخية رغم انتفاء دوره العملي، فمن خلال الجوال يستطيع الصائم ضبط منبّهه والاستيقاظ للسحور، هذا إنْ كان نائماً.

رحاب عليوة (القاهرة)
ثقافة وفنون العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»

في العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو» الثقافية... الغذامي لا يخشى على الشعر

بالتزامن مع انعقاد مؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي، الذي احتضنته مدينة جدة السعودية، منتصف الشهر الماضي، تمّ إطلاق العدد الأول من «مجلة الإيسيسكو…

«الشرق الأوسط» (الدمام)
خاص جانب من مضيق هرمز الذي تطل عليه محافظة مسندم العمانية (الشرق الأوسط)

خاص مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز

تشهد محافظة مسندم تحولات تنموية كبيرة تهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية، وتحقيق نهضة اقتصادية وسياحية متكاملة.

آيات نور (مسندم)
يوميات الشرق هدايا رمضان تقليدٌ يجمع الأصالة بالمحبة ويُغزّز الأواصر (الشرق الأوسط)

هدايا رمضان تقليدٌ أصيلٌ يتجدَّد بروح العصر

بالنسبة إلى المجتمع السعودي، فإنّ تبادل الهدايا ليس مجرّد عادة، وإنما رسالة محبة وتقدير تُعزّز أواصر الجيرة والصداقة، وتجعل من رمضان مناسبة تزدان بروح العطاء.

أسماء الغابري (جدة)

هل أخفق أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا؟

أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
TT
20

هل أخفق أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا؟

أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

شارك الفنان المصري أحمد مكي في موسم دراما رمضان هذا العام بمسلسل «الغاوي»، الذي نقله من عالم الكوميديا التي قدمها عبر شخصيات «الكبير»، و«جوني»، و«حزلقوم»، في مسلسل «الكبير أوي» خلال 8 مواسم، إلى الدراما الاجتماعية الشعبية.

وتباينت التعليقات «السوشيالية»، والآراء النقدية حول تحول مكي من الكوميديا إلى الدراما الاجتماعية؛ فبينما هناك مَن يرى البعض أن خروج مكي من لون واقتحامه لآخر يُحسَب له، قال آخرون إنها «مغامرة كبيرة»، وكان لا بد من التمعُّن في اختيار عناصر العمل، خصوصاً السيناريو؛ فهل «أخفق» أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا وتقديمه لدور شعبي؟

الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

الناقد المصري محمد عبد الخالق يرى أن مكي لم يخفق بابتعاده عن الكوميديا، حتى ولو رأى البعض أن مسلسله «الغاوي» لم يحقق النجاح المتوقَّع، فقراره بالتغيير والابتعاد عن اللون الذي أحبه الجمهور صائب وجريء، بل وواجب على أي فنان حقيقي أن يبحث دائماً عن تحدٍّ جديد.

ويضيف عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط»: «الممثل الحقيقي هو الذي يستطيع أن يقنع المشاهد بأي دور»، لافتاً أن «التصنيف يكبل الفنان ويحد من إبداعه ويتركه حبيس قالب محدد، وهو ما لا يقبل به أي فنان مجتهد».

ويشير عبد الخالق إلى أن مسلسل «الغاوي» نجح وقدم حالة مختلفة عن كل ما شاهدناه في رمضان 2025؛ فنحن لا نطلب الكمال في أي عمل إبداعي، بل نطلب التجديد والتجريب والمحاولة، على حد تعبيره.

الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

ويجسد مكي في المسلسل شخصية «شمس»، الذي ينتمي لأحد الأحياء الشعبية، ويقرر الابتعاد عن نمط حياته المعتاد ويتحول من «بلطجي» إلى شخص آخر يساعد الناس، وذلك بعد تعرضه لأزمة كبيرة في حياته تتمثل في وفاة زوجته، محاولاً تقديم نموذج جديد من خلال دوره يبرز سمات الشخصية الشعبية النبيلة.

ويشارك مكي في بطولة «الغاوي»، عائشة بن أحمد، وأحمد بدير، وولاء الشريف، ومحمد لطفي، والمسلسل من تأليف محمود زهران، وطارق الكاشف، وإخراج محمد العدل الشهير بـ«ماندو العدل».

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن مكي لم يخفق في الابتعاد عن الكوميديا، ولكنه أخطأ في اختياره، فالفنان بإمكانه الابتعاد عن لون بعينه وتقديم آخر بشكل أفضل، وربما يظل في لونه ويكون رديئاً، ومكي قدم الكوميديا في الجزء الثامن من «الكبير أوي» ولم ينجح، على عكس الجزء السابع، لكن مكي، في «الغاوي»، أخفق في اختيار النص والإخراج، والأداء، بجانب «الاستظراف».

ويوضح الشناوي لـ«الشرق الأوسط» أن «الغاوي» من الأعمال التي جعلتنا نتوقع في البداية أننا أمام عمل عميق وجميل، لكننا اكتشفنا أنه متعثر على كل المستويات.

مكي قدم دور البطل الشعبي في مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
مكي قدم دور البطل الشعبي في مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

وتصدَّر اسم مكي ومسلسل «الغاوي» الترند بمواقع التواصل، عقب طرح البرومو الترويجي للعمل قبيل عرضه في النصف الثاني من رمضان، وتوقع متابعون أن يحقق مكي حضوراً لافتاً عبر إطلالته الجديدة.

وتقول الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله إن «مسلسل (الغاوي) جيد، وبه تصوير وتمثيل مختلف لمكي، حيث قدم شخصية البطل الشعبي النبيل بشكل رائع»، لكنها أوضحت أن السيناريو ينقصه بعض التفاصيل، «مثل دور الشرير النمطي».

الفنان أحمد مكي (حسابه بموقع «فيسبوك»)
الفنان أحمد مكي (حسابه بموقع «فيسبوك»)

واستنكرت خير الله استبعاد الناس للمسلسل من الأعمال الأكثر أهمية هذا الموسم، موضحة أن به جهداً كبيراً بالمشاعر الإنسانية، بجانب ابتعاد العمل عن الاصطناع والألفاظ الفجة، ومن الإجحاف وضعه في خانة واحدة مع مسلسلات أخرى لم تجد رواجاً وقبولاً.

الفنان أحمد مكي يتصدر الملصق الترويجي لمسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان أحمد مكي يتصدر الملصق الترويجي لمسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

وذكرت خير الله في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن جمهور مكي كان يعتقد أنه سيسير على نهج «الكبير» لسنوات أطول، لكن النقلة التي قدمها خالفت توقعاتهم، وأحدثت فجوة بينه وبينهم؛ خصوصاً أنهم كانوا ينتظرون منه تقديم دور «الكبير» مجدداً، أو عمل آخر كوميدي بشكل عام.

وكان متابعون قد قالوا إن «سقف طموحاتهم تجاه مكي كان أكبر مما قدمه في (الغاوي) من ناحية الأداء واختيار فريق العمل والنص، إلا أنهم أشادوا بصوت المبتهل التنزاني يحيى بيهقي الذي قدم شارة العمل. واعتاد مكي المنافسة في دراما رمضان منذ سنوات، إلا أنه في المقابل لم يقدم أعمالاً سينمائية منذ تقديمه لفيلم (سمير أبو النيل) قبل 12 عاماً».