نائب وزير الثقافة الكازاخستاني: بها تتعزّز العلاقات مع العالم الإسلامي

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ بلاده تهتمّ بدعم الصناعات الإبداعية

نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)
نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)
TT

نائب وزير الثقافة الكازاخستاني: بها تتعزّز العلاقات مع العالم الإسلامي

نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)
نائب وزير الثقافة الكازاخستاني يفجيني كوتشيتوف يؤمن بمَدّ الجسور (الشرق الأوسط)

تُولي جمهورية كازاخستان أهمية كبرى للثقافة بكونها أداة لتعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية؛ إذ تُشكّل الروابط التاريخية والروحية المُشتركة أساساً متيناً للحوار والتعاون. من هنا، تعمل كازاخستان على توظيف الدبلوماسية الثقافية لمدّ جسور التواصل مع العالم الإسلامي، مستفيدةً من منصات دولية بارزة، مثل مؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي، المُنعقد حالياً في المملكة العربية السعودية.

في هذا السياق، أكد نائب وزير الثقافة والإعلام الكازاخستاني، يفجيني كوتشيتوف، أنّ بلاده تعتمد نهجاً استراتيجياً لتعزيز التعاون الثقافي مع الدول الإسلامية، مشيراً، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ الثقافة تُعدّ عنصراً جوهرياً في دعم الحوار بين الشعوب، وأنّ القيم الروحية والثقافية المشتركة بين كازاخستان والدول الإسلامية تُسهم في تعزيز الشراكة، ليس فقط على المستوى الثقافي، وإنما أيضاً في مجالات التنمية المستدامة والتبادل الأكاديمي والفنّي.

وأشار إلى أنّ كازاخستان، بكونها رائدة في مؤتمر قادة الأديان العالمية والتقليدية، تسعى إلى تعزيز مبادئ التسامح والتعايش المشترك؛ وهي قيم تتماشى مع التوجّهات الثقافية للدول الإسلامية، كما أنّ عضويتها في منظمات مثل «الإيسيسكو» تتيح لها تطوير مشروعات استراتيجية تهدف إلى حماية التراث الإسلامي وتعزيز الهوية الثقافية المشتركة.

وشهدت كازاخستان تطوّراً ملحوظاً في قطاع الثقافة والفنون خلال السنوات الأخيرة؛ إذ نظَّمت فعاليات ومعارض دولية أسهمت في تعزيز حضورها الثقافي عالمياً. ومن أبرز هذه الفعاليات، الألعاب البدوية الخامسة التي استضافتها بحضور أكثر من 17 ألف متفرّج، وشهدت مشاركة فنانين عالميين مثل المغنّي الكازاخستاني الشهير ديماش كوداي بيرجن.

كما سجَّل الفنّ الكازاخستاني حضوراً لافتاً على الساحة العالمية؛ إذ عُرض للمرة الأولى في بينالي البندقية ومتحف غيميه للفنون الآسيوية، مما جذب اهتماماً واسعاً من الأوساط الثقافية العالمية. وامتد التأثير الثقافي لكازاخستان إلى 14 دولة من خلال الجولات الدولية للفرق الإبداعية، بما فيها عروض فرقة باليه أوبرا آستانة في دبي، التي قدَّمت عرض «كسارة البندق» أمام أكثر من 12 ألف متفرّج، إلى جانب نجاح أوبرا خان سلطان، «Golden Horde»، في تركيا، التي استقطبت أكثر من 4 آلاف مُشاهد.

وفي خطوة لتعزيز الهوية الثقافية الكازاخستانية عالمياً، أطلقت وزارة الثقافة منصة «ثقافة قازاق» الإعلامية والتعليمية، التي توفّر محتواها بـ8 لغات، بما فيها العربية، بهدف تعريف العالم بالتراث الثقافي الغني لكازاخستان.

وسط هذا كلّه، أكد نائب وزير الثقافة أنّ كازاخستان تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على التراث الثقافي الإسلامي والترويج له، خصوصاً في ظلّ تفاقُم الاهتمام العالمي بالثقافة الإسلامية. وتعمل على تطوير السياحة الإسلامية من خلال الإضاءة على المعالم التاريخية البارزة، مثل ضريح خوجة أحمد ياساوي في تركستان، المُدرَج ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو».

وأصبحت مدينة تركستان مركزاً ثقافياً إسلامياً، تستضيف مهرجانات وفعاليات دولية تحتفي بإرث العلماء المسلمين. كما تتعاون كازاخستان مع المملكة العربية السعودية لتسهيل مسارات الحج، مما يعكس التزامها بدعم السياحة الدينية والثقافية.

إلى جانب جهودها في الحفاظ على التراث، تتبنَّى كازاخستان استراتيجية متقدّمة لتعزيز الصناعات الثقافية والإبداعية، مستفيدةً من التطوّرات الرقمية الحديثة. وفي هذا الإطار، أقرَّت الحكومة تشريعات جديدة توفّر حوافز ضريبية لدعم الصناعات الإبداعية، كما تخطّط لإطلاق صندوق دعم الصناعات الإبداعية، الذي سيشكّل منصة تمويل رئيسية للمشروعات الثقافية، مُستلهماً التجارب الناجحة في المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية.

وأيضاً، تُركّز كازاخستان على مجالات متنوّعة في هذا القطاع، بما فيها الفنون الرقمية، وتنمية المواهب، ودعم الحِرف التقليدية، وتعزيز الهوية الثقافية الكازاخستانية على الساحة الدولية. وقد حقَّق الفنانون الكازاخستانيون بالفعل إنجازات بارزة على المستوى العالمي، مثل نجاح الفنان ديماش كوداي بيرجن والمنتج الموسيقي إيمانبيك، مما يؤكد الإمكانات الواعدة للصناعات الإبداعية الكازاخستانية.

وفي ظلّ التطوّرات الرقمية، تُولي كازاخستان اهتماماً خاصاً بحماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق الطبع والنشر، لضمان بيئة آمنة للمبدعين والفنانين. ويهدف هذا الإجراء إلى تحقيق العدالة في تعويض الفنانين عن أعمالهم، وتعزيز الابتكار والاستدامة في قطاع الصناعات الثقافية.

وختم كوتشيتوف حديثه بالتأكيد على أنّ رؤية كازاخستان الثقافية تمتد إلى ما هو أبعد من مجرّد الترويج الثقافي؛ إذ تسعى البلاد إلى تحقيق تنمية اقتصادية مُستدامة من خلال دعم الصناعات الثقافية والإبداعية. كما تهدف إلى ترسيخ مكانتها بكونها مركزاً ثقافياً عالمياً يعكس ثراء حضارتها وانفتاحها على مختلف الثقافات، مع تعزيز دورها في الحوار بين الشعوب. كما تُسهم، من خلال جهودها المستمرّة في تعزيز التبادل الثقافي، في خلق فضاء جديد للحوار والتعاون، مما يعزّز قيم التسامح والتفاهم المتبادل بين الحضارات، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع الدول الإسلامية والعالم بأسره.


مقالات ذات صلة

طبلة تراثية وصيحات «حداثية»... المسحراتي في مصر يوقظ حنين الساهرين

يوميات الشرق المسحراتي يتجوَّل قبل الفجر في مصر خلال رمضان (الشرق الأوسط)

طبلة تراثية وصيحات «حداثية»... المسحراتي في مصر يوقظ حنين الساهرين

استطاع المسحراتي في مصر الحفاظ على مكانته التاريخية رغم انتفاء دوره العملي، فمن خلال الجوال يستطيع الصائم ضبط منبّهه والاستيقاظ للسحور، هذا إنْ كان نائماً.

رحاب عليوة (القاهرة)
ثقافة وفنون العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»

في العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو» الثقافية... الغذامي لا يخشى على الشعر

بالتزامن مع انعقاد مؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي، الذي احتضنته مدينة جدة السعودية، منتصف الشهر الماضي، تمّ إطلاق العدد الأول من «مجلة الإيسيسكو…

«الشرق الأوسط» (الدمام)
خاص جانب من مضيق هرمز الذي تطل عليه محافظة مسندم العمانية (الشرق الأوسط)

خاص مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز

تشهد محافظة مسندم تحولات تنموية كبيرة تهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية، وتحقيق نهضة اقتصادية وسياحية متكاملة.

آيات نور (مسندم)
يوميات الشرق هدايا رمضان تقليدٌ يجمع الأصالة بالمحبة ويُغزّز الأواصر (الشرق الأوسط)

هدايا رمضان تقليدٌ أصيلٌ يتجدَّد بروح العصر

بالنسبة إلى المجتمع السعودي، فإنّ تبادل الهدايا ليس مجرّد عادة، وإنما رسالة محبة وتقدير تُعزّز أواصر الجيرة والصداقة، وتجعل من رمضان مناسبة تزدان بروح العطاء.

أسماء الغابري (جدة)
ثقافة وفنون الفائزان بجوائز «المُعلَّقة» في فئة في فئة الشعر الفصيح

حسن المطروشي وميثم راضي وناصر الحمادين يحصدون ملايين «المعلقة»

كما حصلت الشاعرة المغربية سكينة حبيب الله على الجائزة الثانية ومقدارها نصف مليون ريال.


«طلعت حرب» يعيد التلفزيون المصري إلى ساحة الإنتاج الدرامي

مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

«طلعت حرب» يعيد التلفزيون المصري إلى ساحة الإنتاج الدرامي

مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)

يعود التلفزيون المصري للإنتاج الدرامي من خلال تقديم مسلسل «طلعت حرب»، الذي يتناول سيرة «رائد الاقتصاد المصري» محمد طلعت حرب، والمقرر عرضه في رمضان 2026، ليكون المشروع الذي يستأنف التلفزيون المصري من خلاله مسار الإنتاج الدرامي بعد 10 سنوات من التوقف، وفق بيان للهيئة الوطنية للإعلام، الأربعاء.

وأعلن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلماني، الاتفاق مع مدينة الإنتاج الإعلامي، التي تُعد الهيئة المالك الأكبر لها، على إنتاج المسلسل وبدء الاتفاق على تفاصيله قريباً، مؤكداً خلال لقائه مؤلف العمل محمد السيد عيد، الاتفاق على تواصل التحضيرات للمشروع.

وقال مؤلف المسلسل إن «المشروع كُتب بالفعل قبل عدة سنوات بمبادرة لتقديم عمل درامي يرصد رحلة طلعت حرب ومسيرته، بدعم من بنك مصر، الذي قام بتأسيسه، على أن تتولى مدينة الإنتاج الإعلامي مسؤولية إنتاجه، لكن المشروع تأجل خروجه للنور».

وأضاف عيد لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل مكتوب في 30 حلقة، وتم الانتهاء منه بشكل كامل، وأُعيد إحياؤه مجدداً في الأيام الماضية»، لافتاً إلى أن «المشروع يلقى دعماً كبيراً من (الهيئة الوطنية للإعلام)، مع رغبة في تقديمه بصورة جيدة وبشكل يناسب القيمة التاريخية لطلعت حرب.

وجاء الإعلان عن المشروع بعد أيام من حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أهمية الدراما وضرورة مناقشتها لقضايا تعزز القيم الاجتماعية، وعلى أثر ذلك أعلنت «الوطنية للإعلام» تنظيم مؤتمر حول «مستقبل الدراما» الشهر المقبل، بجانب إعلان الشركة «المتحدة» تشكيل لجنة متخصصة للمحتوى الدرامي، ضمن الاستراتيجية القائمة على تحقيق التوازن بين الإبداع والمسؤولية الاجتماعية.

وأكد رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، عبد الفتاح الجبالي، لـ«الشرق الأوسط»، اعتزامهم إقامة مؤتمر صحافي موسع بعد إجازة عيد الفطر، من أجل الكشف عن تفاصيل مسلسل «طلعت حرب» بشكل كامل والإعلان عن فريق العمل.

تسهم الهيئة الوطنية للإعلام بالحصة الكبرى في ملكية مدينة الإنتاج الإعلامي (مدينة الإنتاج الإعلامي)

وحسب محمد السيد عيد، فإن المسلسل يرصد، من خلال حياة طلعت حرب وسيرته، الفترة التي عاش فيها، عبر استعراض كثير من الأحداث التاريخية المهمة التي عاصرها.

ويشكل المسلسل الجديد عودة للتلفزيون المصري لساحة الإنتاج الدرامي، بعد 10 سنوات من توقفه بشكل كامل عن الإنتاج منذ عام 2015، بعدما قدم مسلسل «دنيا جديدة» للمخرج عصام شعبان، بسبب تراكم المديونيات على الأعمال التي أنتجها، وعدم القدرة على سدادها.

ويشيد الناقد الفني محمود قاسم بخطوة عودة التلفزيون للإنتاج الدرامي، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار سيناريو «طلعت حرب» ليكون أول عمل، خطوة تبدو موفقة في ظل سابقة أعمال مؤلفه التاريخية المميزة، على غرار (مشرفة... رجل لهذا الزمان» و«علي مبارك».

وأضاف قاسم أن «التليفزيون قدّم، على مدى عقود، روائع درامية بكوادر لا يزال بعضها موجوداً في الوقت الحالي، وأن توقفه خلال السنوات الماضية لم يكن قراراً صائباً، باعتبار أن الأعمال التي يقدمها من الصعب إنتاجها عبر القطاع الخاص، إلى جانب طبيعة القضايا التي يطرحها، مما يستلزم ضرورة التشجيع على الاستمرارية وزيادة الأعمال التي يجري إنتاجها».

وتعد شركة «صوت القاهرة»، التي أسسها الفنان محمد فوزي عام 1959، من أذرع التلفزيون الإنتاجية في الدراما التلفزيونية، والمتوقفة عن تقديم أعمال جديدة منذ سنوات، في وقت يعمل فيه القائمون على الشركة للعودة والانخراط في تقديم أعمال جديدة قريباً، حسب رئيسة الشركة الإعلامية نادية مبروك.

وقالت مبروك لـ«الشرق الأوسط» إن «الشركة لديها بالفعل كثير من السيناريوهات الدرامية الجيدة التي يمكن تقديمها، لكن هناك مشكلات مالية يجري العمل على معالجتها من أجل إعادة الشركة كجهة منتجة للأعمال الدرامية»، مشيرةً إلى أن هدفهم هو العودة لتقديم أعمال جيدة درامياً، لا سيما أن نجاح الدراما اليوم لم يعد مرتبطاً بوجود النجوم بقدر ما يعتمد على الفكرة التي يقدمها العمل».