في العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو» الثقافية... الغذامي لا يخشى على الشعر

تمّ إطلاق المجلة في جدة ضمن فعاليات مؤتمر وزراء الثقافة الإسلامي

العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»
العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»
TT

في العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو» الثقافية... الغذامي لا يخشى على الشعر

العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»
العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»

بالتزامن مع انعقاد مؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي، الذي احتضنته مدينة جدة السعودية، منتصف الشهر الماضي، تمّ إطلاق العدد الأول من «مجلة الإيسيسكو الثقافية». وتناقش المجلة الجديدة التي أطلقتها «منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة» موضوعات ثقافية وتربوية وأدبية، مع تسليط الضوء على قضايا معاصرة تهم الساحة الثقافية في العالم الإسلامي.

رسالة المجلة

يشرف على هيئة تحرير المجلة الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لـ«الإيسيسكو»، وتتولى رئاسة التحرير الشاعرة السودانية روضة الحاج، مع فريق من المحررين.

في كلمة العدد، كتب الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لـ«الإيسيسكو»: «قد لا تكون هذه المرة هي الأولى التي تشهد إصدار مجلة باسم (الإيسيسكو)، ولكنها المرة الأولى التي تفلح فيها المجلة في المزج الخلّاق والشراكة الذكية بين إسهام الفاعلين في حقول عمل (الإيسيسكو) واستثمار الخبرات والمعارف والمواد القيمة التي تزخر بها أروقة وقطاعات ومراكز المنظمة عبر حراكها الذي لا يتوقف ونشاطها الذي لا يعرف السكون».

وأضاف: «إن رسالة (الإيسيسكو) القائمة على كونها مسرّعاً للتنمية، من خلال تطوير السياسات التنموية وبناء المنظومات المعرفية والابتكارية وتأهيل قيادات رائدة وتقديم الدعم والخبرة والمشورة، يحتم عليها السعي للوصول إلى أكبر قطاع ممكن من المستفيدين والشركاء في كل أنحاء العالم الإسلامي. وخير وسيلة لذلك ولا شك هي تعددية القنوات الإعلامية التي تمكّنها أن تقوم بتجسير العلاقات وإيصال الأفكار والرؤى ودعم التواصل بين المنظمة وعضويتها التي تتجاوز الخمسين دولة في مختلف أنحاء العالم. والمجلة قناة أخرى نضيفها إلى قنوات تواصلنا المتعددة، مع خصوصية لونيتها وخصوصية جمهورها أيضاً».

أما رئيسة التحرير الشاعرة روضة الحاج، فتساءلت في مقالها بالعدد الأول: ما الأهداف الجديدة التي تحملها مجلة «الإيسيسكو» في ثوبها الجديد؟

لتجيب: «إن ثراء (الإيسيسكو) وغناها متعدد الملامح هو أحد أهم أسباب تجدد فكرة المجلة. فالقريبون من المنظمة والمتعاملون معها وأصدقاء موقعها على الإنترنت وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي يعرفون حقّ المعرفة الحراك الموّار الذي لا يكاد يهدأ داخل قطاعات المنظمة ومراكزها المتخصصة، ويعلمون الجهد الكبير الذي يبذله المخلصون والخبراء لتقديم أفضل ما لديهم في مجالات التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية والثقافة والعلوم».

وتضيف الحاج: «إصدار مجلة غير محكّمة عن منظمة تعمل في مجالات الثقافة والتربية والعلوم أمر غير معتاد، ولكنها محاولتنا للاقتراب من المتلقي بكافة مستويات التلقي، والمثقف من كافة أنماط الثقافة، في تطلعهم إلى المعرفة والثقافة والحوار بأبسط الطرق وأيسرها».

د. سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة «الإيسيسكو» (واس)

رأس المال الثقافي

شمل العدد الأول من المجلة حوارات صحافية مع عدد من الشخصيات البارزة في مجالات الثقافة والتربية والعلوم، منهم الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لـ«الإيسيسكو»، الذي أكد في حواره على أن المنظمة باتت بيت خبرة لكل المثقفين والمبدعين في العالم الإسلامي.

تأسست منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عام 1982، وتتخذ من العاصمة المغربية الرباط مقراً لها، وتضم في عضويتها 53 دولة. وفي الحوار معه، يذكر المدير العام لـ«الإيسيسكو» الدكتور سالم بن محمد المالك أن «الثقافة تمثّل رافعة من روافع التنمية المستدامة، وذاكرة حية للشعوب تمثل هويتها الأصيلة وإرثها الإنساني»، فالثقافة هي «روح الأمم وجوهر هويتها، وأعدّ أن المنظمة بيت لكل المثقفين والمبدعين في العالم الإسلامي. ولأن دول العالم الإسلامي هي دول ذات ثقل حضاري وثقافي وتراثي ضارب في القدم، زاخر بالتنوع والغنى والتميز، كان لزاماً على المنظمة التفكير في آلية تحتفي فيها مع دولها الأعضاء بهذا التفرد، ما جعلها تعمل على تحديث وتجديد برنامج (الإيسيسكو) للاحتفاء بالعواصم الثقافية في دول العالم الإسلامي، الذي ينبع من وعيها الكبير بأهمية رأس المال الثقافي، ومن رغبة المنظمة في تغيير صورة هذه المدن نحو الأفضل، على نحو يبرز الجاذبية الثقافية لهذه العواصم المحتفى بها. ومن أجل إنعاش الذاكرة التاريخية لشعوب دول العالم الإسلامي».

قصاصة من حوار الغذامي في مجلة «الإيسيسكو» الثقافية

لا خوف على الشعر

كما اشتمل العدد على حوار مع الناقد والمفكر السعودي الدكتور عبد الله الغذامي، أجرته الشاعرة روضة الحاج. تناول الحوار السيرة الفكرية والنقدية للدكتور الغذامي. وفي إجابته على سؤال بشأن نظرته لمستقبل الشعر العربي، وهل يخشى عليه غوائل الزمان؟ أجاب الغذامي: «الشعر والسرد معاً أهم سمات الحيوية البشرية، وكل إنسان هو شاعر وحكّاء في الوقت ذاته. ونحن نصنع حكاياتنا ونحوّل تجاربنا إلى سردية ذاتية نرويها حتماً ونقصّها لغيرنا، ويسأل بعضنا بعضاً عنها، كأن نقول: كيف حالك؟ في كل حالة لقاء، وهذا ليس سؤالاً عن الصحة، لكنه استجداء للحكي وفتح شهية لعمران اللحظة بالقول، ومنه قيل السمر لمجالس البدو في الليل خارج الخيام في الهواء الطلق. وكذلك إيقاع حياتنا هو قصائد موزونة بشرط الحياة، أي أننا قصائد وإن كانت عاقلةً، أي ليس كل شعر إلهاماً، فبعضه هو ما نحفظه ونتمتم به ونغنيه، ولو همساً بخلواتنا، وهذه حالة عامة، تتحول لحالة خاصة، حينما يكون الإنسان شاعراً بالمعنى المصطلحي، أو روائياً كما هو عرفياً. ولذا، فالشعر والسرد لا يمكن أن نضعهما في موضع سؤال، وهما باقيان ما بقي الإنسان».

مكر شيطان ووعى نبي

حفل العدد بمجموعة من النصوص الشعرية، بينها قصيدة الشاعر الإماراتي محمد عبد الله البريك «مكر شيطان ووعي نبي»، جاء فيها:

في داخلي مكرُ شيطانٍ ووعيُ نبي

وفي العيونِ أرى مولايَ ثُمَّ أبي وأدخلُ الحقلَ، لا أسطو على شَجَرٍ إلا لأقطفَ من أغصانِهِ أدبي

مسافِرٌ بي جنوني حيثُ توصِلُني هذى النجومُ التي تلهو، إلى شَغَبي إلى القُرى، حيثُ أمّي وهىَ تَلْمَحُني أشاكِسُ الشَّوْقَ قَبْلَ البابِ بالصَّخَبِ

إلى دواليبِ ألعابي، إلى شجرٍ أيقظتُ فيهِ جنونَ الرقصِ من تعبي إلى فتاةٍ تربّي الوردَ في يَدِها وتملأُ الكأسَ للأيامِ من عِنَبي إلى حَمامٍ بصدرِ الناس ينسبُني إلى الهديلِ، وأدرى أنَّهُ نَسَبي

وقفتُ عندَ تخومِ الماءِ منتشِياً حتى أُفَرِّغَ بحرَ الشعرِ بالقِرَبِ

أقامَني من منامي زائرٌ قَلِقٌ وكانَ يكشفُ سِرَّ الروحِ بالحُجُبِ وراودَ النخلَ حبّى للصعودِ فما طاوعتُهُ قبلَ أن يلهو على سُحُبي وقلتُ للأرضِ هذا الكونُ محتفلٌ بما لدىَّ من الألحانِ، فاقتربي وقرّبى لي الحزانى كي أهُزَّ لهم جذعَ الشعورِ فيدنو نحوهُم رُطَبي وكى أقدّمَ فنجاناً بدهشتِهِ من الأحاسيسِ مغليّاً على حطبي

الليلُ ناطورُ أحزاني أُلاعبُهُ نَرْدَ الحظوظِ وأُهدى صبرَهُ كُتُبي

وإنْ غَفَت أحرفي أيقظتُ سيِّدَةً جاءت إلى مخدعي سهواً بقلبِ صَبي تُحَوِّلُ الصمتَ موسيقا بِخَطْوَتِها ولا تُغَنّى سوى للعاشقِ الطّرِبِ

تقولُ لي: أنتَ شيطانٌ، فقلتُ لها: أنا غَوِىٌّ ولكنّي بقلبِ نبي!


مقالات ذات صلة

طبلة تراثية وصيحات «حداثية»... المسحراتي في مصر يوقظ حنين الساهرين

يوميات الشرق المسحراتي يتجوَّل قبل الفجر في مصر خلال رمضان (الشرق الأوسط)

طبلة تراثية وصيحات «حداثية»... المسحراتي في مصر يوقظ حنين الساهرين

استطاع المسحراتي في مصر الحفاظ على مكانته التاريخية رغم انتفاء دوره العملي، فمن خلال الجوال يستطيع الصائم ضبط منبّهه والاستيقاظ للسحور، هذا إنْ كان نائماً.

رحاب عليوة (القاهرة)
خاص جانب من مضيق هرمز الذي تطل عليه محافظة مسندم العمانية (الشرق الأوسط)

خاص مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز

تشهد محافظة مسندم تحولات تنموية كبيرة تهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية، وتحقيق نهضة اقتصادية وسياحية متكاملة.

آيات نور (مسندم)
يوميات الشرق هدايا رمضان تقليدٌ يجمع الأصالة بالمحبة ويُغزّز الأواصر (الشرق الأوسط)

هدايا رمضان تقليدٌ أصيلٌ يتجدَّد بروح العصر

بالنسبة إلى المجتمع السعودي، فإنّ تبادل الهدايا ليس مجرّد عادة، وإنما رسالة محبة وتقدير تُعزّز أواصر الجيرة والصداقة، وتجعل من رمضان مناسبة تزدان بروح العطاء.

أسماء الغابري (جدة)
ثقافة وفنون الفائزان بجوائز «المُعلَّقة» في فئة في فئة الشعر الفصيح

حسن المطروشي وميثم راضي وناصر الحمادين يحصدون ملايين «المعلقة»

كما حصلت الشاعرة المغربية سكينة حبيب الله على الجائزة الثانية ومقدارها نصف مليون ريال.

يوميات الشرق الشخصيات آسرة بأشكالها وتوظيفها تسرد جَمْعه المذهل بين الخرافة والحقيقة (فيسبوك)

وائل شوقي يُبدِّد غموض العالم بجَمْعه المذهل بين الخرافة والحقيقة

هذا فيلم وائل شوقي الأول حول تصوّرات مبنية على الأساطير الإغريقية؛ عبره يطرح مفهوم نشأة الكون من وجهة نظرها، حيث البداية من الصمت قبل تحوّله إلى فوضى.

فاطمة عبد الله (بيروت)

10 آلاف ساعة صنعت من هيلين غارنر كاتبة

دوايت غارنر
دوايت غارنر
TT

10 آلاف ساعة صنعت من هيلين غارنر كاتبة

دوايت غارنر
دوايت غارنر

لطالما حظيت روايات الكاتبة الأسترالية هيلين غارنر بتقدير كبير من الأشخاص الذين أثق بذوقهم. ومع ذلك، عندما كنت أبدأ بقراءة رواياتها كنت أرتد عنها مثل مركبة فضائية أخطأت في العودة إلى الغلاف الجوي للأرض. لا بد أن يكون لكل قارئ كاتب أو اثنان من هذا القبيل، كاتب أو اثنان يشعر بأنه يجب أن يُعجب بهما لكنهما لا يكونان كذلك أبداً. بدت أعمال غارنر، في قراءاتي الموجزة ركيكةً، ركيكة وتفتقر إلى الصقل.

والآن يأتي كتاب «كيف تُنهي قصة»، وهو كتاب بوزن ثقيل للغاية يجمع 3 مجلدات من مذكراتها اليومية من 1978 إلى 1998، بدءاً من منتصف الثلاثينات من عمرها. يقع هذا الكتاب في أكثر من 800 صفحة، وهو يضم كثيراً من مذكرات غارنر اليومية (دون صلة مباشرة). كدتُ أضع هذا الكتاب جانباً أيضاً لأنه يبدأ بداية مرتجلة ومترددة.

نقاد الكتب، مثل العاملين في مجال النشر، يبحثون دائماً عن عذر للتوقف عن القراءة. لكن بعد فترة من الوقت بدأتُ في الانسجام مع صوتها. وبحلول ربع الطريق، كنتُ غارقاً بين يديها تماماً. ويا لخطئي الفادح!

هذا الكتاب موجه إلى الانطوائيين، الحذرين والمتشائمين، غير المتيقنين من مظهرهم أو ذوقهم أو موهبتهم أو مكانتهم الطبقية. تمتلك غارنر صوتاً مثالياً للتعبير عن مخاضات القلق والضيق في وقت متأخر من الليل، بعضها أكثر هزلية من البعض الآخر. أسلوبها في النثر واضح وصادق ومقتصد؛ إما أن تقبله أو ترفضه، على الطريقة الأسترالية.

وهي في سردها من النوع الذي قد يُخطئ الناس في اعتبارها أحد العاملين في مهرجانات الكتاب. يتوجَّه الناس إليها على نحو مفاجئ ويسألونها: «ما الخطب؟» (وهذا أمر أكرهه بصورة خاصة أيضاً). وهي تخشى على آداب المائدة. يقول لها المصورون أشياء مثل: «إن هيئة وجهك ليست هي الأفضل».

إذا سبق لك أن نظرت إلى صورة فوتوغرافية لنفسك وشعرت بالذهول من قبح مظهرك، حسناً، إن غارنر هي صاحبة السبق في هذه التجربة:

* لقد عرضت عليّ بعض الصور التي التقطها لي العام الماضي وصُدمت من قبح مظهري: بشرة مرقطة، ووجه مجعد، وقَصة شعر قبيحة، وتعابير داكنة. أعني أنني صُدمت للغاية. وذعرت من احتمال أن أكون بمفردي الآن لبقية حياتي.

يمتد إحساسها بعدم الجدارة إلى كتاباتها الخاصة. تقول: «أنا مجرد حرفية ذات مستوى متوسط». و«الحزن ليست كلمة قوية للغاية لما يشعر به المرء أمام ضعفه وتواضعه». إنها تحارب مستويات من «متلازمة المحتال» من الدرجة الفائقة للغاية.

احتفظ الكُتّاب بمذكرات لأسباب لا تُعد ولا تُحصى. تمنت آناييس نين أن تتذوق الحياة مرتين. وكانت باتريشيا هايسميث تتوق إلى توضيح «الأمور التي قد تهاجم ذهني وتحتل مُخيلتي». كما أرادت آن فرنك أن تستمر في الحياة بعد موتها. وشعرت شيلا هيتي بأنها إذا لم تنظر إلى حياتها من كثب فإنها تتخلى عن مهمة بالغة الأهمية.

تلك هي غرائز غارنر أيضاً. لكنها تقول أيضاً وبكل افتتان: «لماذا أكتب هذه الأشياء؟ جزئياً من أجل متعة رؤية القلم الذهبي يتدحرج على الورق كما كان يفعل عندما كنت في العاشرة من عمري». كانت هذه الكتابة تخدم غرضاً أكثر جدية. إذ قالت غارنر ذات مرة لمجلة «باريس ريفيو»: «المذكرات اليومية هي الطريقة التي حوَّلتُ بها نفسي إلى كاتبة - تلك هي الـ10 آلاف ساعة خاصتي».

تتألق تفاصيل حياتها اليومية دوماً في هذا الكتاب - النباتات المزروعة في الأصص التي تنمو إلى جانبها، ورحلات التسوق («كيمارت، ومنبع كل الخير»)، وحفلات العشاء، وغسل ملابسها الخاصة في دلو، وإزالة فضلات الكلب، وإصلاح التنورة، والذهاب إلى السينما، والاحتفاظ بنسخة من كتاب «الفردوس المفقود» في الحمام الخارجي. تعيش أحياناً في شقق صغيرة في المدينة، وأحياناً أخرى في منزل ريفي حيث ترى الكوالا، والكنغر، والنسور، والكوكابورا.

هذا هو تقريرها عن إحدى وجبات تناول العشاء في الخارج: «في منزل الهيبيز لتناول العشاء، وجدت في شريحة الكيشي التي أتناولها عنصرين غريبين: عود ثقاب مستعمل وشعر. أخفيتهما تحت ورقة الخس وواصلنا الحديث».

حديثها الأدبي يتسم بالحماسة والبراعة: «تظل العاطفية تتطلع من فوق كتفها لترى كيف تتقبل الأمر. لكن (الانفعال)، على الرغم من ذلك، لا يهتم سواء كان أحد ينظر إليه أم لا».

إنها تقيّم منطقة الانفجار حول بعض الأمور المملة. عن عشاء مع أكاديميين، تكتب قائلة: «أعفوني من افتراض كبار السن الهادئ بأن أي شيء يقولونه مهما كان مملاً أو بطيئاً أو رتيباً يستحق أن يُقرأ وسوف يحظى بجمهور».

لا يحتاج هذا الكتاب إلى جرعة من الدراما، ولكن الجرعة تأتي لا محالة. بعد زيجتين فاشلتين، تدخل غارنر في علاقة مع كاتب صعب المراس ومتزوج، تدعوه باسم «ڨي». (إنه الروائي موراي بايل). وفي نهاية الأمر يتزوجان، وتزاحم احتياجاته احتياجاتها فتغلبها. ثم تشرع في الشعور وكأنها دخيلة في شقتها الخاصة. فهو الذي تحق له الكتابة هناك، بينما يجب عليها الذهاب إلى مكان آخر للعمل. إنه يغار من أي نجاح تحرزه بنفسها. فأيهما هو المضيف وأيهما الطفيلي؟

يبدأ الزوج علاقة غرامية مع امرأة أخرى، وهي رسامة، ويراوغ ويكذب. تتظاهر غارنر، لأشهُر، بأنها لا تلاحظ ذلك. وتتشبث به لفترة أطول مما تتصور. ويصبح الأمر مروعاً. فعلاقتهما صارت الوعاء الذي تتكسر فيه عظامها حتى تستحيل إلى عجينة. وتكتب فتقول: «للمرة الأولى، بدأت أفهم نفسية النساء اللاتي يبقين مع رجال يضربونهن باستمرار».

العمل هو خلاصها وجسرها إلى العالم. خطتي هي أن أعود إلى كتبها الأخرى، وأن أخوض فيها هذه المرة لما هو أبعد من حجم كاحلي.

*خدمة «نيويورك تايمز»