يتذكر بيل غيتس المرة الأولى التي شعر فيها بالنجاح الحقيقي: كان عمره 42 عاماً، وكان بالفعل مليارديراً لأكثر من عقد من الزمان.
وقال غيتس لشبكة «سي إن بي سي»: «لا أستطيع أن أقول إنني شعرت بالراحة لأننا كنا ناجحين حتى عام 1998». كان ذلك بعد 11 عاماً من طرح غيتس شركة «مايكروسوفت» للاكتتاب العام وأصبح أصغر ملياردير في التاريخ حتى تلك النقطة في سن 31 عاماً، وفقاً لمجلة «فوربس».
وفي مذكرات غيتس الجديدة بعنوان «Source Code»، والتي تُنشر الثلاثاء وتغطي حياته منذ الطفولة وحتى الأيام الأولى لبناء «مايكروسوفت»، التي شارك في تأسيسها عام 1975، يحكي غيتس عن العمل بانتظام لمدة 80 ساعة في الأسبوع في برمجة البرامج والقلق المستمر من أن أي زلة قد تكلف «مايكروسوفت» مكانتها في طليعة ثورة الكمبيوتر الشخصي.
وقال: «لم أشعر حتى أواخر التسعينات بأننا نستطيع ارتكاب بعض الأخطاء. اعتقدت أنني كنت على بعد خطأ واحد من الموت حتى ذلك الحين. كانت هذه عقليتي».
في تلك المرحلة، كانت «مايكروسوفت» الشركة العامة الأكثر قيمة في العالم، بقيمة تزيد عن 250 مليار دولار. وكان غيتس نفسه أغنى شخص في العالم، حيث قدرت مجلة «فوربس» صافي ثروته بنحو 58 مليار دولار.
لقد حقق نجاحاً لا لبس فيه - ويرجع ذلك جزئياً على الأقل إلى الشعبية الواسعة النطاق لنظام التشغيل Windows 95 - لدرجة أن الشركة واجهت دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار، حيث زعم المنافسون والحكومة الأميركية أنها أصبحت احتكاراً.
ووفق ما قال غيتس: «كانت هذه هي المرة الأولى التي أنظر فيها إلى الوراء وأقول، حسناً، نحن في وضع جيد جداً هنا، وأنا أفهم سبب غيرة منافسي لدرجة أنهم يعتقدون أنهم بحاجة إلى وزارة العدل لمساعدتهم».
وتقدر قيمة «مايكروسوفت» الآن بأكثر من 3 تريليونات دولار، ويقدر صافي ثروة غيتس بنحو 165 مليار دولار، وفقاً لـ«بلومبرغ».
«ليس لدي وقت للنظر إلى الوراء»
اليوم، يدرك غيتس المفارقة، ووفقاً له، فقد أمضى عقوداً من الزمان مقتنعاً بأن شركته الناشئة كانت على بعد خطأ واحد من الفشل الذريع، حتى مع نموها لتصبح واحدة من أكبر الشركات في تاريخ العالم.
هذا التفاوت ليس فريداً من نوعه بالنسبة لغيتس، وقال خبير القيادة جيم كولينز في خطاب ألقاه في قمة منتدى الأعمال العالمي لعام 2023 إن العديد من الأشخاص الناجحين لديهم «كميات هائلة من جنون العظمة الإنتاجية».
كذلك، قالت أليكسا فون توبل مؤسسة «LearnVest» في عام 2023 إن رواد الأعمال يحتاجون إلى الوجود باستمرار في «حالة جيدة من جنون العظمة الصحي جداً» لتحقيق النجاح.
يمكن لمثل هذه الكثافة الشديدة أن تدفع الشركة إلى الأمام، وتساعد الشركة الناشئة على النمو لتصبح شركة تتمتع بالقدرة على البقاء. لكن إيجاد توازن جيد قد يكون صعباً. يمكن أن يؤدي التركيز المفرط على النتائج السلبية المحتملة إلى إنشاء أماكن عمل سامة وإلحاق الضرر بصحتك العقلية.
وعبر غيتس عن ندمه على تركيزه الشديد على تنمية «مايكروسوفت» خلال الجزء الأول من فترة ولايته رئيساً تنفيذياً. كان رئيساً مكثفاً ومتطلباً، وقال إن قلقه بشأن آفاق «مايكروسوفت» منعه غالباً من الاستمتاع بالنجاح الهائل الذي حققته الشركة.
حتى بعد طرح «مايكروسوفت» للاكتتاب العام في عام 1986 وظهور غلاف مجلة «فورتشن» الذي أشاد بتدفق ثروته، كان غيتس متردداً في الاحتفال بإنجازاته -أو حتى تحديد المعالم المهمة للشركة، خوفاً من الرضا عن الذات.
وقال: «كنت دائماً خائفاً. لذلك كلما احتفلت (مايكروسوفت) بالذكرى السنوية، كنت أقول: ليس لدي وقت للنظر إلى الوراء».