على مدى 12 عاماً عكف الطبيب المصري الفنان أحمد حسن على العمل لتقديم مجسمات فنية لأهم المعالم الأثرية في أنحاء العالم، مستخدماً خامة ربما تبدو نادرة أو غريبة للبعض، فهذه المجسمات المتقنة بهيئاتها الضخمة وإضاءتها اللافتة مصنوعة من أعواد الثقاب.
وفي المعرض الذي استضافته قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية تحت عنوان «فن بأعواد الكبريت» احتشد الضيوف والزوار والتفوا حول تلك المجسمات وكأنهم يقرأون من خلالها تاريخ الأماكن من كنائس ومساجد وقلاع ومعالم تاريخية يضمها المعرض.
الدكتور أحمد حسن، طبيب مصري، يعمل منذ عام 1980 على تصميم مجسمات بأعواد الكبريت، وامتدت محاولاته لتشمل الكثير من الأفكار بين معالم حديثة وموجودة بالفعل وبين أخرى اختفت مثل فنار الإسكندرية.
«هي هواية بدأت من خبر قرأته في إحدى الصحف عن فنان يقوم بتصميم أعمال من أعواد الكبريت، أعجبتني الفكرة وبدأت أعمل عليها، الإنتاج الأول كان بدائياً بالطبع، لكن بعد ذلك تطور الأمر ونجحت في صناعة أعمال متقنة مع الوقت والمثابرة»، بهذه الكلمات يحكي الفنان عن بداياته في هذا الفن.
ويعتبر هذا المعرض هو الفردي الثاني للفنان الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك العديد من المعارض الجماعية التي اشتركت فيها، وكان أول معرض فردي لي في عام 2017، وقدمت في معرضي الجديد بالأوبرا 18 قطعة».
ويذكر أن هذا المعرض نتاج عمل الفنان منذ عام 2013، وعن الوقت الذي يستغرقه في تصميم أحد الأعمال يوضح أن «القطعة المتوسطة تستغرق بين 3 إلى 4 شهور، بينما تصل بعض القطع الكبيرة إلى 10 شهور».
وحول اختياراته لمبانٍ معينة لتصميم نماذج لها بأعواد الثقاب، مثل كنيسة نوتردام أو المعبد السماوي في الصين أو مسجد محمد علي بالقلعة أو مسجد الصحابة في شرم الشيخ أو قبة الصخرة بالقدس، يقول: «لا تهمني طبيعة المبنى أو استخداماته، الأهم جمال المبنى نفسه، وإمكانية أن أبرز هذا الجمال بالخامة التي أستخدمها، هذا هو معيار الاختيار».
المعرض الذي افتتحه نقيب الفنانين التشكيليين المصريين، الفنان طارق الكومي، مساء الاثنين، ويستمر حتى 30 يناير (كانون الثاني) الجاري، يضم معالم تاريخية وأثرية من دول مختلفة منها مصر، وفلسطين، والإمارات، وفرنسا.
ويرى الفنان أن المباني الأثرية أو القديمة هي الأكثر ثراء في التفاصيل وجمالياتها الفنية، ويضيف: «لذلك لا أتحمس كثيراً للمباني الحديثة، ما عدا المباني الحديثة المبنية على طراز معماري قديم مثل مسجد الصحابة في شرم الشيخ أو مسجد الشيخ زايد».
ويلفت إلى أنه يمنح نفسه الحرية في الزخرفة الخارجية للمبنى؛ بغرض إظهار جمال مناطق معينة فيه: «كما أن كل النماذج مزودة بوحدات إضاءة، وكل ما أتمناه وأعتقد أنني وصلت إليه في بعض الأعمال، هو ترك انطباع لدى المتلقي كأنه يقف أمام المبنى الحقيقي».
باستخدام عشرات الآلاف من أعواد الثقاب قدم الفنان أحمد حسن نماذج لمسجد الشيخ زايد الكبير في الإمارات، وكنيسة الساكرى كور في باريس وكاتدرائية نوتردام ومن النماذج المصرية مكتبة وفنار الإسكندرية، وقصر السكاكيني وجامع محمد علي تأكيداً لتفرد العمارة المصرية.
ويعتمد الفنان على الصور الفوتوغرافية في صناعة مجسماته، فلم يقم بزيارة المعالم التاريخية التي رسمها حول العالم، ويقول إنه يعتمد في صناعة مجسماته على أعواد الثقاب والغراء الأبيض، بالإضافة إلى تأثير الزجاج بالبلاستيك الملون.
ويحلم الفنان بوضع أعماله في متحف دائم، ويوضح: «طبعاً ليس لدي الإمكانية لتخصيص متحف للأعمال، لكنني أتمنى أن تكون متاحة في مكان دائم ليشاهدها الجمهور باستمرار».
شارك الفنان في العديد من المعارض الفنية بمصر، من بينها معرض فردي بنقابة الفنانين التشكيليين عام 2017، وعدد من المعارض الجماعية منها معرض القاهرة ومعرض دمج الحضارات المصرية والروسية عام 2023 في المركز الثقافي الروسي بالقاهرة.