قصور مصر التاريخية لاستعادة طابعها الحضاري

«السكاكيني» و«زينب خاتون» و«الأمير بشتاك» من أبرزها

قصر البارون إمبان بمصر الجديدة (وزارة السياحة والآثار)
قصر البارون إمبان بمصر الجديدة (وزارة السياحة والآثار)
TT

قصور مصر التاريخية لاستعادة طابعها الحضاري

قصر البارون إمبان بمصر الجديدة (وزارة السياحة والآثار)
قصر البارون إمبان بمصر الجديدة (وزارة السياحة والآثار)

تسعى مصر لترميم وإعادة تأهيل القصور التاريخية لتستعيد تلك «التحف المعمارية» طابعها الحضاري، وتدخل ضمن خطط السياحة الثقافية بالقاهرة التاريخية، ومن بين هذه القصور قصر «زينب خاتون» الواقع خلف الجامع الأزهر، وقصر السكاكيني بحي الظاهر وسط القاهرة.

جاء ذلك خلال متابعة مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية، اللواء خالد فودة، لأعمال التطوير بمنطقة القاهرة الفاطمية، مع توجيهات بسرعة إعادة إحياء هذه المناطق للحفاظ عليها، واستعادة دورها الحيوي في التعبير عن الطابعين المعماري والعمراني لهذه المنطقة، وفق بيان لوزارة الثقافة.

وترى عميدة كلية الهندسة بجامعة بنها، الدكتورة زينب فيصل، عضوة لجنة إدارة بيت المعمار المصري، أن «القصور التاريخية في مصر تمثل جزءاً مهماً من الهوية الثقافية والتاريخية، وقد تميزت بتصاميمها الفريدة التي تمزج بين العمارة والفنون الإسلامية وأحياناً بعض العناصر الأوروبية».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تواجه القصور العديد من التحديات، مما يستدعي جهوداً كبيرة لاستعادة طابعها التاريخي، بدءاً بمرحلة الترميم التي تتطلب جهوداً مكثفة من حيث الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة في الحفاظ على العناصر المعمارية الأصلية، مثل النقوش الخشبية والزخارف الجصية والنوافذ المشغولة، كما يمكن الاستعانة بالتقنيات الحديثة».

وتسعى مصر لإعادة المظهر الحضاري للعديد من مناطق القاهرة التاريخية والإسلامية، وتجديد الروح وإعادة الدورين الثقافي والتاريخي لهذه المناطق، وفي هذا الصدد تمت متابعة أعمال الترميم والتطوير، ورفع كفاءة قصر زينب خاتون بالأزهر، وكذلك المرور على أعمال التطوير بقصر السكاكيني بحي الظاهر.

أعمال ترميم قصر السكاكيني بحي الظاهر وسط القاهرة (وزارة الثقافة المصرية)

وكانت مصر قد رممت وطورت عدداً من القصور التاريخية مثل قصر الأمير طاز بحي الخليفة، وقصر الأمير بشتاك بشارع المعز في القاهرة الفاطمية، وتم توظيف القصرين الأثريين في استقبال أنشطة ثقافية وفنية متنوعة.

وعَدّت عضوة لجنة إدارة بيت المعمار المصري «استخدام هذه القصور في أنشطة تتوافق مع طبيعة المبنى، مثل مراكز ثقافية وفنية من شأنها أن تساهم في إعادة تقديم مصر للعالم بوصفها مركزاً حضارياً يجذب الأنظار بمعالمه التاريخية المبهرة»، وتابعت أنه «يمكن مشاركة القطاع الخاص في إدارة القصور التاريخية في مصر، ويعد ذلك خطوة استراتيجية لتحقيق الاستدامة، وتوفير التمويل اللازم للحفاظ على هذه الثروة الثقافية لمصر»، ولفتت إلى أن «النهوض بهذه القصور لا يقتصر على الحفاظ عليها، بل يمكن أن يعزز من السياحة الثقافية في مصر، مما يساهم في تحفيز الاقتصاد المحلي ودعمه».

وتضم مصر نحو 54 قصراً أثرياً وتاريخياً كانت مقراً للحكم في فترات مختلفة، وفق تصريحات سابقة لمسؤول عن مشروع القاهرة التاريخية، معلناً أنه سيتم ترميم هذه القصور وتحويلها لمتاحف.

وأشاد خبير الآثار المصري الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بهذه الخطوة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تضم مئات القصور التاريخية موزعة على المحافظات».

جانب من أعمال ترميم منزل زينب خاتون بالأزهر (المقاولون العرب)

وعن أهمية قصر السكاكيني، أشار ريحان إلى أنه «يقع في منطقة غمرة في ميدان السكاكيني، حيث صممه معماريون إيطاليون، ويعتبر تحفة معمارية وقيمة عالمية استثنائية لتنوع عمارته، كما يعتبر نموذجاً لفن الروكوكو، وقد شيّد عام 1897 على يد حبيب باشا السكاكيني، وعرف محيط القصر لاحقاً بحي السكاكيني، ويضم القصر أكثر من 50 غرفة، ويصل ارتفاعه إلى خمسة طوابق، ويضم 300 تمثال، منها تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكيني بأعلى المدخل الرئيسي للقصر».

أما منزل زينب خاتون الذي يقع خلف الجامع الأزهر في القاهرة، فقد تم تصوير العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات به؛ نظراً لما يتميز به من جمال التصميم وروعة البناء، كما يعد نموذجاً للعمارة المملوكية. ويوضح ريحان أن «المنزل يتكون من طابق أرضي وطابقين علويين، ويتميز بالمدخل المنكسر؛ طبقاً لفقه العمارة الإسلامية حتى لا يرى المار في الشارع من بالداخل، كما يؤدي المدخل إلى فناء كبير يطلق عليه صحن المنزل؛ لضمان وصول الضوء والهواء إلى واجهات البيت ومحتوياته من الداخل».

ويعتبر هذا المنزل شاهداً على مقاومة المصريين للحملة الفرنسية، فقد شاركت زينب خاتون في نضال شعب مصر ضد الحملة عام 1798، حيث كانت تؤوي الفدائيين والجرحى في منزلها عندما يطاردهم الفرنسيون، وفق الخبير الأثري.

وكان وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، زار قصر البارون إمبان بمصر الجديدة، الخميس، وتابع الأنشطة الثقافية والتعليمية والحركة السياحية الوافدة إلى هذا القصر، الذي يعدّ واحداً من أهم المباني الأثرية في مصر، فقد بُني القصر على طراز العمارة الهندية، حيث أسسه المليونير البلجيكي إدوارد إمبان أوائل القرن العشرين.


مقالات ذات صلة

«وسام فلسطين» لرئيس «الآثاريين العرب»

يوميات الشرق الدكتور محمد الكحلاوي يتسلم نجمة الاستحقاق الفلسطينية من السفير دياب اللوح (اتحاد الآثاريين العرب)

«وسام فلسطين» لرئيس «الآثاريين العرب»

منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، نجمة الاستحقاق ووسام دولة فلسطين للدكتور محمد الكحلاوي، رئيس المجلس العربي للآثاريين العرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الكشف الأثري في جبَّانة أسوان بجوار ضريح الأغاخان (وزارة السياحة والآثار)

جبَّانة أسوان ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية عالمياً في 2024

جاءت جبَّانة أسوان الأثرية المكتشفة بمحيط ضريح الأغاخان في مدينة أسوان (جنوب مصر) ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق واجه الآثاريون مشاقَّ في الوصول إليها والتنقيب في أسرارها وفك رموزها (واس)

مدوَّنة سعودية لحفظ تراث 14 قرناً من نقوش الجزيرة العربية

بعد أن بقيت النقوش القديمة محفوظة على الصخور وبطون الأودية في الجزيرة العربية أضحت تلك الكنوز التاريخية متاحة من خلال مدونة لغوية أطلقتها السعودية للوصول إليها.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)

«سعد الراشد» حياة في الآثار ودراسة حضارات الجزيرة العربية

مسيرة مهنية فذّة للبروفيسور سعد الراشد في مجال الآثار ودراسات الحضارة والنقوش في الجزيرة العربية انطلاقاً من جوهرة أعماله في استكشاف طريق الحج من الكوفة إلى مكة

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق إقبال كبير على معرض «قمة الهرم» في الصين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض «حضارة مصر القديمة» في الصين يتجاوز المليون زائر

حققت المعارض الأثرية التي تقيمها مصر مؤقتاً في الخارج أرقاماً «قياسية» خلال العام الماضي 2024، وفق ما أعلنته وزارة السياحة والآثار.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«فنون العُلا 2025» ينطلق بتجارب ملهمة

المهرجان يقود الزوّار في رحلة حسية شاملة لاكتشاف العُلا بمختلف تفاصيلها (الهيئة الملكية)
المهرجان يقود الزوّار في رحلة حسية شاملة لاكتشاف العُلا بمختلف تفاصيلها (الهيئة الملكية)
TT

«فنون العُلا 2025» ينطلق بتجارب ملهمة

المهرجان يقود الزوّار في رحلة حسية شاملة لاكتشاف العُلا بمختلف تفاصيلها (الهيئة الملكية)
المهرجان يقود الزوّار في رحلة حسية شاملة لاكتشاف العُلا بمختلف تفاصيلها (الهيئة الملكية)

انطلقت، الخميس، فعاليات مهرجان «فنون العُلا 2025» في نسخته الرابعة، لتقديم تجربة فنية وثقافية مميزة وسط الطبيعة الخلابة لواحة العُلا، شمال غربي السعودية.

ويجمع المهرجان الذي يستمر حتى 22 فبراير (شباط)، نخبة من الفنانين السعوديين والعالميين لعرض أعمال ملهمة تستلهم تراث العُلا العريق بأسلوب معاصر، مما يبرز دورها كمركز للإبداع الثقافي والحضاري.

ويسلّط الضوء على فنون متنوّعة من العروض الأدائية والتصوير الفوتوغرافي إلى الموسيقى والسينما، ليفتح آفاقاً جديدةً للإبداع، ويقود الزوّار في رحلة حسية شاملة لاكتشاف العُلا بمختلف تفاصيلها، بدءاً من المناظر الأخّاذة حتى الأصوات والملابس والنكهات والروائح الساحرة.

المهرجان يعرض أعمالاً ملهمة تستلهم تراث العُلا العريق بأسلوب معاصر (واس)

وتتضمن الفعاليات مجموعة معارض فنية، حيث يتميز المهرجان ببرنامج فني شامل يقام في معالم مميزة، مثل وادي الفن، وحي الجديدة للفنون، إلى جانب معارض فردية لأبرز الفنانين العالميين.

وتحتضن العُلا خلال فترة المهرجان برامج تفاعلية وورش عمل وعروضاً موسيقية وسينمائية؛ ما يعكس رؤية الهيئة لتحويلها إلى وجهة عالمية للتبادل الثقافي والفني.

وأوضحت نورة الدبل، المديرة التنفيذية لقطاع الفنون والصناعات الإبداعية في الهيئة، أن المهرجان يجسّد رؤية الهيئة بتحويل العُلا إلى مركز عالمي للتبادل الثقافي، مبيّنة أن برنامج هذا العام يجمع طيفاً متنوعاً من الأعمال الفنية الطموحة التي تستلهمها المنطقة بطبيعتها الفريدة.

المهرجان يجمع طيفاً متنوعاً من الأعمال الفنية المستلهمة من طبيعة المنطقة (واس)

وأكدت الدبل مكانة العُلا بوصفها ملتقى للحضارات والحِرَف والأزمنة، متطلعةً إلى تفاعل الزوّار مع هذه الأعمال الفنية والمجتمع والأماكن المختلفة فيها، حيث ينسج الفن المعاصر حواراً متواصلاً مع التراث العريق والطبيعة الساحرة.

ويُمكن للزوار الاستمتاع بتجارب فريدة من خلال استكشاف المعارض والعروض، بما فيها أعمال تركيبية ضوئية في وادي الفن، وفعاليات موجهة للمجتمع المحلي والعائلات.