«مخبأ» و«حكايات سميرة»... قصص حياة على الخشبة

تأتي ضمن احتفالية «مسرح شغل بيت» اللبناني في عامها الثامن

المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
TT

«مخبأ» و«حكايات سميرة»... قصص حياة على الخشبة

المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)

كان من المقرر أن يحتفل «مسرح شغل بيت» بذكرى تأسيسه الثامنة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بيد أن اندلاع الحرب في لبنان حال دون إقامة الحفل، فأُلغيت البرمجة التي كانت مقررة حتى إشعار آخر.

ممثلون هواة تابعون لـ«مسرح شغل بيت» (شادي الهبر)

اليوم يستعيد «مسرح شغل بيت» نشاطاته الثقافية ويستهلها بمسرحيتي «مخبأ» و«حكايات سميرة». ويعلّق مخرجهما شادي الهبر لـ«الشرق الأوسط»: «كانتا من ضمن نشاطات روزنامة الاحتفال بسنتنا الثامنة، فقررنا نقلهما إلى الشهر الحالي، ونعرضهما على التوالي في (مسرح مونو) خلال 16 و17 و18 و19 يناير (كانون الثاني) الحالي». لكل مسرحية عرضان فقط، تشارك فيهما مواهب تمثيلية جديدة متخرّجة من ورش عمل ينظمها «مسرح شغل بيت». ويوضح الهبر: «الهدف من هاتين المسرحيتين هو إعطاء الفرص لطلابنا. فهم يتابعون ورش عمل على مدى سنتين متتاليتين. ومن هذا المُنطلق كتب هؤلاء نص العملين من خلال تجارب حياة عاشوها. وما سنراه في المسرحيتين هو نتاج كل ما تعلّموه في تلك الورش».

* «مخبأ»: البوح متاح للرجال والنساء

تُعدّ المسرحية مساحة آمنة اختارتها مجموعة من النساء والرجال للبوح بمكنوناتهم. فلجأوا إلى مخبأ يتيح لهم التّعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية. وفي هذا المكان الصغير بمساحته والواسع بأجوائه تجري أحداث العمل. ويشارك فيه 4 نساء و4 رجال. وتتراوح أعمارهم ما بين 20 و65 عاماً. وقد كتب محتوى النص كل واحد منهم انطلاقاً من تجاربه الحياتية. ويعلّق شادي الهبر: «إنها تجارب تنبع من واقع يشبه في موضوعاته وظروفه ما عاشه ناس كثر. وقد طلبت من عيسى بيلون أحد الممثلين فيها أن يضع لها التوليفة المناسبة. وخرج بفكرة محورها المخبأ. فحملت المسرحية هذا الاسم للإشارة إلى مشاعر نخبئها في أعماقنا».

يشارك في هذا العمل إيرما مجدلاني وكريستين مطر ومحمد علي بيلوني وغيرهم. وتتناول موضوعات اجتماعية مختلفة، من بينها ما يتعلّق بالعُقم والقلق والعمل بمهنة غير مرغوب بها. كما تطلّ على موضوع الحرب التي عاشها لبنان مؤخراً. فتحكي قصة شاب لبناني تعرّض منزله في الضاحية للقصف، فيقف أمام ما تبقّى منه ليتحدث عن ذكرياته.

مسرحية «مخبأ» تحكي عن مساحة أمان يتوق لها الناس (شادي الهبر)

ويتابع شادي الهبر: «تحمل المسرحية معاني كثيرة، لا سيما المتعلقة بما نخفيه عمّن هم حولنا، وأحياناً عن أنفسنا محاولين غضّ الطّرف عن مشاعر ومواقف تؤلمنا. فتكشف عن أحداث مرّ بها كلٌّ من الممثلين الثمانية، وتكون بمثابة أسرار يبوحون بها لأول مرة في هذا المكان (المخبأ). ويأتي المسرح كجلسة علاج تداوي الجراح وتبلسمها».

* «حكايات سميرة»: علاقات اجتماعية تحت المجهر

في المسرحية التي تُعرض خلال 18 و19 يناير على «خشبة مونو»، يلتقي الحضور بالممثلة لين جمّال بطلتها الرئيسة. فهي تملك كمية هائلة من القصص التي تحدث في منزلها. فتدعو الحضور بصورة غير مباشرة لمعايشتها بدورهم. وتُدخلهم إلى أفكارها الدفينة في عقلها الذي يعجّ بزحمة قصصٍ اختبرتها.

ويشارك في «حكايات سميرة» مجموعة كبيرة من الممثلين ليجسّدوا بطولة حكايات سميرة الخيالية. ومن الموضوعات التي تتناولها المسرحية سنّ الأربعين والصراعات التي يعيشها صاحبها. وكذلك تحكي عن علاقات الحماة والكنّة والعروس الشابة. فتفتح باب التحدث عن موروثات وتقاليد تتقيّد بها النساء. كما يطرح العمل قضية التحرّش عند الرجال ومدى تأثيره على شخصيتهم.

مسرحية «حكايات سميرة» عن العلاقات الاجتماعية (شادي الهبر)

مجموعة قصص صغيرة تلوّن المسرحيتين لتشكّل الحبكة الأساسية للنص المُتّبع فيها. ويشير الهبر إلى أنه اختار هذا الأسلوب كونه ينبع من بنية «مسرح شغل بيت».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «مسرحنا قائم على المختبر التمثيلي والتجارب فيه. وأردت أن أعطي الفرصة لأكبر عددٍ ممكن من متابعي ورش العمل فيه. فبذلك يختبرون العمل المسرحي ويُبرزون مواهب حرفية يتحلّون بها. وما حضّني على اتباع الأسلوب القصصي هو اتّسام قصصهم بخبراتهم الشخصية. فيضعونها تحت الضوء ضمن تجربة مسرحية جديدة من نوعها. فأنا من المخرجين المسرحيين الباحثين باستمرار عن التّجدد على الخشبة. لا أخاف الإخفاق فيه لأني أُخزّن الخبرة من أي نتيجة أحصدها».

ويوضح شادي الهبر أنه انطلاقاً من موقعه مُخرجاً يرمي إلى تطوير أي عمل مكتوب يتلقاه من طلّابه. «أطّلع عليه لأهندسه على طريقتي، فأبتعد عن السطحية. كما أرنو من خلال هذا التّطوير لجذب أكبر عدد ممكن من المجتمع اللبناني على اختلاف مشاربه». ويتابع: «وكلما استطعت تمكين هؤلاء الطلاب ووضعهم على الخط المسرحي المطلوب، شعرت بفرح الإضافة إلى خبراتهم».

ويختم الهبر حديثه مشجعاً أيّ هاوي مسرح على ارتياد ورش عمل «مسرح شغل بيت»، «إنها تزوده بخبرة العمل المسرحي، وبفُرص الوقوف على الخشبة، لأنني أتمسك بكل موهبة أكتشفها».


مقالات ذات صلة

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

يوميات الشرق جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

بالنسبة إلى جويل حجار، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق رُفِع الصوت من أجلها (موقع المنارة)

حملة فرنسية بآلاف التوقيعات لإنقاذ أقوى منارة في أوروبا

يتداول روّاد مواقع التواصل نداء يُطالب الحكومة الفرنسية بالتراجع عن قرارها برفع الحماية عن منارة (فنار) «كرياك» بغرب البلاد، وخفض أنوارها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ما له عُمر لا تقتله شِدَّة (مواقع التواصل)

هاتف «بحالة جيّدة» بعد تجمّده شهرين في حلبة تزلّج

أُعيد هاتف تجمَّد بالخطأ في حلبة تزلّج، إلى صاحبته، بعدما ظلَّ لـ8 أسابيع تحت سطح الجليد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دفء الشخصيات (رويال ميل)

احتفال خاص للبريد الملكي البريطاني بمسلسل «قسيسة ديبلي»

أصدر البريد الملكي البريطاني (رويال ميل) 12 طابعاً خاصاً للاحتفال بمسلسل «The Vicar of Dibley» (قسيسة ديبلي) الكوميدي الذي عُرض في تسعينات القرن الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)

«جنون تام» لاصطياد «سمكة قرموط» وزنها 68 كيلوغراماً

قال صيادٌ إنه بات «منهكاً تماماً» بعدما اصطاد سمكةً يأمل أن تُسجَّل بوصفها أكبر سمكة سلور (قرموط) اصطيدت في بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مهرجان «شاشات الواقع» في دورته الـ19 بانوراما سينما منوعة

من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)
من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)
TT

مهرجان «شاشات الواقع» في دورته الـ19 بانوراما سينما منوعة

من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)
من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)

كان من المقرر إقامة مهرجان «شاشات الواقع» من قبل جمعية «سينما متروبوليس» في سبتمبر (أيلول) الفائت، لكن الحرب دفعت بمنظميه لتأجيله حتى موعد آخر.

اليوم وبعد افتتاح سينما «متروبوليس» في منطقة مار مخايل ببيروت، قرر المشرفون على المهرجان إطلاقه من 10 لغاية 21 يناير (كانون الثاني) الحالي.

نحو 35 فيلماً وثائقياً طويلاً وشرائط سينمائية قصيرة، يتألف منها برنامج عروض المهرجان. ويتميز هذه السنة بحضور كثيف لصنّاع السينما اللبنانيين. ويبرز فيها أسماء مخرجين صاعدين ومحترفين، وغالبيتهم تشارك في أوقات عروض أفلامهم شخصياً. ويلي كل عرض حلقات نقاش يستفيد منها الحضور لتلقّي أي جواب على أسئلتهم.

وتقول المشرفة على مهرجان «شاشات الواقع» نسرين وهبي، إن هذه الدورة التي تحمل رقم الـ19 منوعة. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «ميزة الدورة هو تدشينها أول النشاطات الكبرى في سينما (متروبوليس) التي افتتحناها مؤخراً. ففي الماضي القريب كنّا نتنقل بين صالات لبنانية مختلفة لتنظيم المهرجان. أما اليوم فصار للمهرجان عنوان واحد يختصر المسافات بالنسبة لروّاده».

تشير وهبي في سياق حديثها إلى أن الحضور اللبناني يبرز في هذه الدورة. ويوجد فريق خاص مهمته اختيار الأفلام المعروضة. وتتخلل هذه البانوراما السينمائية المنوعة والغنية أعمال عالمية.

وبالتعاون مع مهرجان «ريف» السينمائي البيئي، ومع مخرجين حققوا نجاحات باهرة في عالم السينما، تتوزع عروض المهرجان.

فيلم الختام للمهرجان «نحن في الداخل»

يُفتتح المهرجان بعرض فيلم «رسائل»، من فكرة وإنتاج جوزف خلّوف في عام 2023 خلال الحرب على غزّة، فاجتمع 18 مخرجاً لبنانياً للتعبير عن مشاعرهم عبر رسائل تبادلوها وحولوها إلى أفلام قصيرة. واكتمل العمل على هذه الأفلام في أواخر مايو (أيار) 2024، من دون إدراكهم بأن العدوان الشامل كان يتجه نحوهم. وليصبح لبنان الهدف التالي للدمار.

أما فيلم الختام، فعنوانه «نحن في الداخل» للمخرجة فرح قاسم. ومعه وبعد غياب 15 عاماً تعود إلى لبنان للعيش بقرب والدها المتقدم بالعمر. ويحاول الاثنان العثور على لغة مشتركة تسمح لهما بإجراء محادثة أخيرة. في النهاية، يتضح أن اللغة الوحيدة التي يفهمها هي الشعر. حصل الفيلم على تنويه خاص في مهرجان «Vision du Réel 2024»، ونجمة الجونة الذهبية للفيلم الوثائقي وجائزة «NETPAC» في مهرجان الجونة السينمائي.

«الواقع الافتراضي» تجربة مختلفة

من العروض الجديدة التي يتبناها «شاشات الواقع» في دورته الـ19 فيلم «نحلم بلبنان». وهو شريط يكرّم لبنانيين تربطهم علاقة وثيقة بوطنهم. ويعدّ من نوع الواقع الافتراضي لسينتيا صوما ومارتن واهليش. وتؤكد صوما في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن التجربة كانت جديدة عليها، وقد استغرقت نحو عام كامل لتنفيذها. وعن ميزة هذا الشريط تقول: «تم استخدام عدة تقنيات سينمائية مستحدثة. فتوضيبه يدخله فن (الرسوم المتحركة) وتقنية الـ360 وأخرى تعرف بـ(رباعية الأبعاد). وهذه الأخيرة تتيح لمشاهده الشعور وكأنه يجلس مع أبطاله مباشرة». ويضع مشاهد هذا الفيلم نظارات خاصة لمدة 30 دقيقة مدة العمل. وتنقسم موضوعاته على 10 دقائق لكل من أبطاله الذين يأخذوننا بجولة في مناطق لبنانية. وتوضح سينتيا صوما: «3 أبطال من طرابلس والأشرفية وصيدا يجسدون قصة الفيلم. الأول اسمه رفيق، فنان ومختص بالصحة النفسية. والثانية هي جوزفين التي حوّلت محطة بنزين إلى مطبخ جماعي بعيد انفجار بيروت. والثالثة بتول وهي من مدينة صيدا، حيث افتتحت مختبراً صديقاً للبيئة».

«نحلم بلبنان» أول تجربة من سينما الواقع الافتراضي

الفيلم من نوع «في آر» (VR)، ويشكّل مبادرة أطلقتها الأمم المتحدة من خلال خلية «unschool» و«الأونيسكو».

ومن الأفلام المعروضة في المهرجان «داهومي» (Dahomey) الذي فاز بجائزة «الدب الذهبي» في مهرجان برلين السينمائي 2024. ويحكي عن كنوز وآثارات تم تهريبها من مملكة داهومي الأفريقية. وقد تحولت اليوم إلى جمهورية بنين، فيسود الجدل بين طلاب جامعة «أبومي - كلافي» لإيجاد الطريقة المناسبة لإعادتها إلى أرض الوطن.

ومن النشاطات والعروض التي يتضمنها «شاشات الواقع» لقاء سينمائي مع المخرج غسان سلهب، إضافة إلى عرض سينمائي، ترافقه موسيقى حيّة من أداء سينثيا زافين ورنا عيد، بعنوان «فلسطين سردية منقّحة».

وتحضر برمجة خاصة حول التنوّع البيولوجي بالشراكة مع منظمي مهرجان «ريف» البيئي.

وبالتعاون مع «المركز الثقافي الفرنسي» يتم عرض بعض الأفلام في سينما «مونتاين» التابعة له. ومن الأفلام الوثائقية البارزة في المهرجان «باي باي طبريا» للينا سويلم. وتحكي فيه عن مقاومة نساء فلسطين عبر الزمن. أما فيلم «بنات ألفة» لكوثر بن هنية فيشارك أيضاً في المهرجان، ويحكي قصة ألفة التي تتولى رعاية 4 بنات. وتنقلب حياتها رأساً على عقب حينما تختفي اثنتان من ابنتيها في ظروف غامضة.