مصر: «البطولة المطلقة» تعانق فنانين شباباً للمرة الأولى في 2024

إيمان العاصي ونور النبوي وطه دسوقي من بينهم

طه دسوقي من مسلسل «حالة خاصة» (الشركة المنتجة)
طه دسوقي من مسلسل «حالة خاصة» (الشركة المنتجة)
TT

مصر: «البطولة المطلقة» تعانق فنانين شباباً للمرة الأولى في 2024

طه دسوقي من مسلسل «حالة خاصة» (الشركة المنتجة)
طه دسوقي من مسلسل «حالة خاصة» (الشركة المنتجة)

شهدت خريطة الفن المصري على مدار عام كامل في 2024 العديد من المتغيرات على مستوى بطولة الأفلام والمسلسلات، حيث صعدت وجوه شابة إلى صدارة المشهد لتعانق مجد «البطولة المطلقة» للمرة الأولى في تجربتها القصيرة.

وحققت أسماء أخرى الإنجاز ذاته، وإن كانت لا تنتمي إلى الجيل الجديد، وقد يتجاوز عمرها الفني 10 أو ربما 20 عاماً، لتنتقل أخيراً من خانة «البطولة الجماعية» إلى فكرة «البطل المطلَق» فيما يُعدّ نوعاً من «إعادة الاكتشاف» بالنسبة لهذه الأسماء.

ومن أبرز نماذج الحالة الأولى، الفنان نور النبوي في كل من فيلم «الحريفة» بجزأيه، ومسلسل «6 شهور»، وطه دسوقي في مسلسل «حالة خاصة»، وأحمد حاتم في مسلسل «عمر أفندي»، ورنا رئيس في مسلسل «إنترفيو».

أحمد حاتم في مسلسل «عمر أفندي» (الشركة المنتجة)

فيما تنطبق الحالة الثانية على كل من دياب في مسلسل «مليحة»، وإيمان العاصي في مسلسل «برغم القانون». ورغم أن الفنان هشام ماجد سبق أن عرف البطولة المطلقة في تجربته السينمائية، وتحديداً في فيلمَي «حامل اللقب» و«فاصل من اللحظات اللذيذة»، إلا أن 2024 شهد أول بطولة له من هذا النوع في عالم الدراما التلفزيونية، عبر مسلسل «أشغال شاقة».

ويشير مصطلح «البطولة المطلقة»، بحسب متخصصين، إلى مساحة الدور الرئيسي التي يحظى بها الفنان، حيث يتم تسويق العمل باسمه، ومن ثم يتطلب مواصفات خاصة، مثل الجماهيرية والقدرة على جذب الجمهور للمشاهدة. ويرتبط المصطلح بتعبيرات أخرى موازية له وتتقاطع معه، مثل: «البطل الأول» أو «نجم الشباك».

بوستر فيلم «الحريفة» (الشركة المنتجة)

وعَدّ الناقد الفني محمد رفعت صعود وجوه شابة إلى منصات البطولة المطلقة بمثابة «عملية تعديل مسار طبيعية ومطلوبة لإنقاذ الفن بشكل عام، لا سيما السينما والدراما، من الوجوه المكررة والأسماء المعادة، التي تسبب عدم تغييرها لسنوات طويلة في انصراف الجمهور عن متابعة الأعمال الجديدة»، مشيراً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المثال الأبرز على ذلك ما حدث في التسعينات، حين ظهرت أسماء، مثل محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وهاني رمزي وأحمد حلمي ومحمد سعد، لتعلن عن ميلاد جيل جديد في السينما».

بوستر «أشغال شاقة» (الشركة المنتجة)

ووصف رفعت ما حدث بـ«الظاهرة الإيجابية» التي كسرت الاعتماد على ما يُسمى بـ«النجم الأوحد»، وجعلت المنتجين يتحلون بقدر أكبر من الجرأة والمجازفة المحسوب، ويراهنون على وجوه شابة صنعت الفارق، وتصدرت الإيرادات، كما حدث مع نور النبوي في فيلم «الحريفة»، على سبيل المثال.

وتابع رفعت: «الملاحَظ أن السينما أصبحت أكثر جرأة في الرهان على أسماء جديدة من حيث البطولة، على عكس الدراما التلفزيونية التي لا تزال تعتمد على أسماء مكرَّرة في الموسم الدرامي الأهم، وهو رمضان، مثل غادة عبد الرازق وياسمين عبد العزيز وأمير كرارة وأحمد العوضي وعمرو سعد، ولا تتيح الفرصة للوجوه الجديدة إلا في مواسم (الأوف سيزون)، خارج رمضان».

وعَدّ متابعون تجربة نور النبوي، في الجزء الأول من فيلم «الحريفة»، بأنها «مفاجأة من العيار الثقيل»، في موسم يناير (كانون الثاني) 2024 السينمائي؛ حيث لم يحظَ العمل بميزانية ضخمة أو دعاية كبرى، ويعتمد على عدد من الوجوه الشابة، كما أنه التجربة الأولى لمخرجه، رؤوف السيد. ومع ذلك حقَّق نجاحاً جماهيرياً لافتاً، وتصدَّر لفترة ليست بالقصيرة شباك الإيرادات، كما نال إشادة نقدية، وتم طرح الجزء الثاني منه أخيراً.

بوستر مسلسل «6 شهور» (الشركة المنتجة)

ويلعب نور في الفيلم دور شاب ثري ينتقل إلى الإقامة بمنطقة شعبية، وهناك يتعرف على أصدقاء جدد من بيئة مختلفة ويندمج معهم، عبر تكوين فريق لكرة القدم، لينافسوا على بطولة مهمة تُعدّ بمثابة حلم لهذا الجيل.

ويجسِّد طه دسوقي، عبر مسلسل «حالة خاصة»، شخصية «نديم»، الشاب المصاب بمرض التوحُّد، الذي يتخرج بتفوق كاسح في كلية الحقوق، لكنه يتعرض إلى الظلم، حين ترفض إدارة الجامعة تعيينه معيداً، بسبب ظروفه المرضية.

نور النبوي (فيسبوك)

يلتحق «نديم» بمكتب خاص لمحامية شهيرة، وتظهر عبقريته في حل كثير من ألغاز القضايا التي يترافع فيها. وتعرَّض المسلسل، الذي أخرجه عبد العزيز النجار، ولعبت بطولته النسائية غادة عادل، لانتقادات، بسبب اقتباس الخط الدرامي الرئيسي من المسلسل الكوري «المحامية الاستثنائية»، إلا أنه في المجمل حصد تفاعلاً جماهيرياً كبيراً، وحظي أداء طه دسوقي لهذه الشخصية بإشادة واسعة.

ومن جانبه، يتساءل الناقد الفني محمود عبد الشكور: «كيف ستتجدد دماء الدراما دون أبطال جدد كما كان يحدث باستمرار في السينما والمسلسلات؟»، مؤكداً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرهان على أحمد حاتم وهشام ماجد وطه دسوقي ونور النبوي. والأخير كان رائعاً؛ إذ حقق فيلمه (الحريفة) بجزأيه عشرات الملايين من الجنيهات (الدولار الأميركي يعادل 50.8 جنيه)، في مفاجأة قوية تؤكد صواب المغامرة وصحة الرهان».

وأضاف: «أتمنى أن تتواصل تلك الظاهرة الإيجابية، وأن نرى الشباب يلعبون بطولات في مسلسلات رمضانية، وأن نرى بعض أفلام السينما تلعب بطولتَها المطلقة فتيات».

وكان لافتاً أنَّ رنا رئيس تقدِّم 3 شخصيات مختلفة في مسلسل «إنترفيو»، الذي أخرجه أحمد خالد أمين، ويناقش المسلسل تحديات الجيل الجديد في البحث عن مهنة لائقة، وما ينتج عن ذلك من مفاجآت، فيما يحمل مسلسل «عمر أفندي» مغامرة فنية تتمثل في المزج بين الواقع والتاريخ، من خلال العودة لحقبة الاحتلال الإنجليزي لمصر، من خلال قصة شاب يعاني في حياته الزوجية، ويجد نفسه متورِّطاً في خلية سرية لمقاومة الاحتلال. ويُعدّ المسلسل أول بطولة تلفزيونية مطلقة لأحمد حاتم، بعد تجربته في فيلم «الهرم الرابع»، إنتاج عام 2016، وإخراج بيتر ميمي.

وجسَّد دياب شخصية ضابط حرس حدود مصرياً يتسم بالشهامة والأخلاق العالية، في مسلسل «مليحة»، الذي يتكون من 15 حلقة، وعُرض ضمن موسم رمضان الماضي، ويتناول محاولة رجوع أسرة فلسطينية في الخارج إلى موطنها الأصلي في غزة.

وحقق مسلسل «برغم القانون» مشاهدات عالية، وتفاعَل الجمهور بقوة مع مأساة امرأة تعمل بمهنة المحاماة، جسَّدت شخصيتَها إيمان العاصي، تستيقظ ذات يوم لتجد زوجها قد تخلَّى عنها من فرط أنانيَّته وقسوته، بعد 10 سنوات من الزواج، تاركاً لها طفليه.

بوستر مسلسل «عمر أفندي» (الشركة المنتجة)

ويلفت الناقد الفني محمد عبد الخالق إلى أن «العاصي حصلت على فرصة ذهبية بعد مشوار طويل في عالم الفن، وفرض المسلسل نفسه، رغم أنه (أوف سيزون)، أي لم يُعرض في موسم درامي بعينه ليضمن المشاهدة العالية، مثل شهر رمضان»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عوامل نجاح هذا العمل متعددة، منها القصة المحكمة والإيقاع السريع وملامح الشخصية التي تم نسجها بمهارة».

واعتبر عبد الخالق أن «نجاح مسلسلَي (عمر أفندي) و(أشغال شقة) لا يعود بالضرورة إلى أداء أحمد حاتم وهشام ماجد، بقدر ما يعود إلى تكامل العناصر الأخرى، مثل القصة والإخراج؛ فالأول جاء أداؤه عادياً للغاية. أما الثاني فلم يخرج عن إطار الشخصية التي سبق أن قدَّمها في فيلم (قلب أمه)، وشاركه في بطولته شيكو».


مقالات ذات صلة

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى شعبان (حسابه على فيسبوك)

مصطفى شعبان يخطف الاهتمام بالحديث عن كواليس زواجه

خطف الفنان المصري مصطفى شعبان الأنظار بعد حديثه للمرة الأولى عن كواليس حياته الشخصية وزواجه قبل أشهر عدّة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انطلق عرض الموسم الثاني من «Squid Game» قبل أيام (نتفليكس)

«الحبّار 2» يقع ضحيّة لعبته... المسلسل العائد بعد 3 سنوات يخسر عنصر الدهشة

بعض المسلسلات لم يُكتب لها أن تفرز مواسم جديدة، إنما عليها الاكتفاء بمجد الموسم الواحد. لكن يبدو أن فريق «لعبة الحبّار» لم يستوعب هذا الأمر.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق إنجي المقدّم قدَّمت أدواراً درامية عدّة (فيسبوك)

إنجي المقدم: «كاميليا» الشريرة في «وتر حساس» غيَّرت جلدي الفنّي

عن شخصيتها بعيداً عن التمثيل، أكدت إنجي المقدّم أن أسرتها تشكّل أولوية، فهي تحبّ البقاء في البيت، لكونها ليست اجتماعية أو منطلقة، فتفضل الطبخ وصنع الحلويات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق جردة مسلسلات 2024 وروزنامة 2025... الختام مع «الحبّار» والافتتاح مع «هارفي سبيكتر»

جردة مسلسلات 2024 وروزنامة 2025... الختام مع «الحبّار» والافتتاح مع «هارفي سبيكتر»

أي من مسلسلات 2024 كانت الأقوى؟ وما الإنتاجات الكبرى التي ينتظرها مشاهدو المنصات في 2025؟

كريستين حبيب (بيروت)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)
تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)
TT

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)
تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم. فمنذ أيام الفراعنة، وتحديداً في نقادة سنة 3725 قبل الميلاد، ظهر الفخار الأحمر المصنوع من طمي النيل أو طمي وديان الصحراء الغربية الذي يتمّ تجفيفه وطحنه وعجنه بالمياه ويتشكّل بالطريقة التي يريدها الصانع.

يصف الفيلم هذه المهنة بأنها مفتاح للحضارات، فلا توجد حضارة قديمة إلا واهتمت بهذه الحرفة، خصوصاً مصر التي صدّرت الفخار إلى الكثير من حضارات العالم القديم، خصوصاً في الشام وبلاد ما بين النهرَيْن وآسيا الوسطى.

ويُعد الفيلم الذي أنتجه مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري بمكتبة الإسكندرية، امتداداً لسلسلة أفلام تتناول الحضارة المصرية على امتداد الزمن، بكل ما فيها من فنون وحرف وأحداث وأماكن وشخصيات مميّزة، مع التركيز على الأبعاد التاريخية والتوثيقية للموضوع الذي يجري تناوله.

مراحل صنع الفخار لدى المصريين القدماء (مكتبة الإسكندرية)

ويقول مدير مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري، المشرف على مشروع الأفلام الوثائقية، الدكتور أيمن سليمان، إن «الفيلم يشير إلى إبداعات الأجداد في حرف يدوية أصيلة، تُعد شاهدة على عظمة الحضارة المصرية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «صناعة الفخار في صدارة هذه الحرف التراثية، بصفتها أقدم الفنون التي أبدعها الإنسان، وألهمت حضارات بأكملها عبر آلاف السنين».

كان الفخار أكثر من مجرد أداة، بل كان لساناً ناطقاً يحكي قصة تفاعل الإنسان المصري مع بيئته، ويروي رحلة تطور فني وتقني لا مثيل لها، وفق سليمان.

ويشير الفيلم إلى مراحل تطور صناعة الفخار، بداية من صناعة الآنية البسيطة وحتى تزيينها بالكثير من الأشكال؛ مثل: الحيوانات والنباتات الموجودة في الطبيعة، واستخدام الفخار في التخزين، وكان يتمّ ختم الأواني الفخارية الموجود بها مواد غذائية للتعريف بتاريخ الإنتاج.

ويوضح سليمان أن «الفيلم الوثائقي الجديد يتتبع مسيرة الفخار في مصر انطلاقاً من عهد المصريين القدماء، مروراً بمختلف الحقب التاريخية، وصولاً إلى يومنا هذا؛ حيث بدأت قصة حرفة الفخار في مدينة نقادة التاريخية، ومع تعاقب العصور، تطوّرت هذه الصناعة العريقة لتشمل قطعاً فخارية ذات رسومات بديعة مستوحاة من وحي الطبيعة، تجسّد صوراً للمراكب والحيوانات والطيور، وتعكس نظرة المصري القديم إلى عالمه المحيط».

صناعة الفخار حرفة ممتدة عبر الزمان (فيلم وثائقي في مكتبة الإسكندرية)

ومع دخول اليونان إلى مصر، ومن بعدها الرومان، تطورت صناعة الفخار، وأصبح أخف وزناً، وله لمعان وبريق، وتميّز بالزخارف المتعددة على سطحه. وفي الفترة المسيحية أخذ الكثير من الرموز القبطية، مثل: عناقيد العنب وأغصان الكروم، وغيرها من العناصر النباتية، ومع الحضارة الإسلامية اشتهرت وتطورت صناعة الفخار. وعُرف الفخاريّة بالاسم مثل مسلم بن الدهان، وظلّت الفسطاط أول عاصمة للحضارة الإسلامية في مصر مركزاً لصناعة الفخار حتى اليوم.

يُذكر أن فيلم «حرفة الفخار» جاء ضمن سلسلة أفلام «عارف» الوثائقية التي تقدّمها مكتبة الإسكندرية في حدود 3 دقائق. كما أصدرت من قبل عدة أفلام؛ من بينها: «هيباتيا»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«بورتريهات الفيوم»، و«رحلة مسلة»، و«الملك الذهبي - توت عنخ آمون»، وغيرها.