من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن المهارة اللبنانية رغم الأزمات

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)

تكبُر أحلام الشاب اللبناني المهندس هشام الحسامي يوماً بعد يوم، فلا يتعب من اللحاق بها واقتناص الفرص ليُحقّقها. منذ نحو العام، أطلق إنجازه الأول في عالم التكنولوجيا، فقدّم سيارة «ليرة» الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، لتكون المنتج النموذج لتأكيد قدرة اللبناني على الابتكار.

اليوم، يُطوّر قدراته مرّة أخرى، ويُقدّم أول تاكسي طائرة، «سكاي ليرة»، من صنع محلّي؛ تأتي ضمن سلسلة «ليرة» ومزوَّدة بـ8 محرّكات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أول طائرة من نوعها في العالم العربي مصنوعة محلّياً. فمعظم طائرات التاكسي في الإمارات العربية وغيرها، تُستَورد من الصين. رغبتُ من خلالها التأكيد على إبداعات اللبناني رغم الأزمات المتلاحقة، وآخرها الحرب».

يتمتّع هذا الابتكار بجميع شروط الأمان والسلامة العامة (هشام الحسامي)

أجرى الحسامي دراسات وبحوثاً ليطّلع بشكل وافٍ على كيفية ابتكار الطائرة التاكسي: «بحثتُ بدقّة وكوّنتُ فكرة كاملة عن هذا النوع من المركبات. خزّنتُ المعلومات لأطبّقها على ابتكاري المحلّي. واستطعتُ أن أقدّمها بأفضل جودة تُضاهي بمواصفاتها أي تاكسي طائرة في العالم».

صمّم ابتكاره ونفَّذه بمفرده: «موّلتها بنفسي، وهي تسير بسرعة 130 كيلومتراً في الساعة، كما تستطيع قَطْع مسافة 40 كيلومتراً من دون توقُّف».

يهدف ابتكاره إلى خلق مجال صناعي جديد في لبنان (هشام الحسامي)

لا يخاطر هشام الحسامي في إنجازه هذا، ويعدُّه آمناً مائة في المائة، مع مراعاته شروط السلامة العامة.

ويوضح: «حتى لو أُصيب أحد محرّكاتها بعطل طارئ، فإنها قادرة على إكمال طريقها مع المحرّكات الـ7 الأخرى. كما أنّ ميزتها تكمُن في قدرتها على الطيران بـ4 من هذه المحرّكات».

ولكن مَن هو المؤهَّل لقيادتها؟ يردّ: «قيادتها بسيطة وسهلة، ويستطيع أيٌّ كان القيام بهذه المَهمَّة. الأمر لا يقتصر على قبطان طائرة متخصّص، ويمكن لهذا الشخص أن يتعلّم كيفية قيادتها بدقائق».

يحاول هشام الحسامي اليوم تعزيز ابتكاره هذا بآخر يستطيع الطيران على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»: «سيكون أكثر تطوّراً من نوع (الأوتونومايس)، فيسهُل بذلك طيرانها نحو الموقع المرغوب في التوجُّه إليه مباشرة».

صورة لطائرة تاكسي أكثر تطوّراً ينوي تصميمها (هشام الحسامي)

صمّم المهندس اللبناني الطائرة التاكسي كي تتّسع لشخص واحد. ويوضح: «إنها نموذج أولي سيطرأ عليه التطوُّر لاحقاً. إمكاناتي المادية لم تسمح بالمزيد».

من المُنتَظر أن يعقد الحسامي اجتماعاً قريباً مع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، جورج بوشيكيان، للتشاور في إمكان الترويج لهذا الابتكار، وعمّا إذا كانت ثمة فرصة لتسييره ضمن ترتيبات معيّنة تُشرف عليها الدولة؛ علماً بأنّ الطائرة التاكسي ستُطلَق مع بداية عام 2025.

أطلق هشام الحسامي عليها تسمية «سكاي ليرة»، أسوةً بسيارة «ليرة»، وأرفقها بصورة العلم اللبناني للإشارة إلى منشئها الأصلي: «إنها صناعة لبنانية بامتياز، فكان من البديهي أن أرفقها بالعَلَم».

وهل يتوقّع إقبال اللبنانيين على استخدامها؟ يجيب: «الوضع استثنائي، ومشروعات من هذا النوع تتطلّب دراسات وتخصيصَ خطّ طيران لتُحلِّق من خلاله؛ وهو أمر يبدو تطبيقه صعباً حالياً في لبنان. نصبو إلى لفت النظر لصناعتها وبيعها لدول أخرى. بذلك نستطيع الاستثمار في المشروع، وبالتالي رَفْع مداخيلنا وأرباحنا بكوننا دولة لبنانية»، مؤكداً: «من خلال هذا الابتكار، يمكن للبنان أن ينافس نوعَها عينه الرائج في العالم. فكلفة صناعتها تتراوح بين 250 و300 ألف دولار عالمياً، أما في لبنان، وبسبب محلّية صناعتها وتجميع قطعها، فكلفتها أقل. نستطيع بيعها بأسعار لا تزيد على 150 ألف دولار».

المواد الأولية لصناعة «الطائرة التاكسي» مؤمَّنة في لبنان. وحدها القطع الإلكترونية اللازمة تُستَورد من الخارج: «بذلك يكون بمقدورنا تصدير التكنولوجيا الخاصة بنا».


مقالات ذات صلة

تحديات تواجه الدوري اللبناني مع عودة النشاط بعد الحرب

رياضة عربية الحياة ستعود لشرايين الدوري اللبناني (الاتحاد اللبناني)

تحديات تواجه الدوري اللبناني مع عودة النشاط بعد الحرب

يطوي الدوري اللبناني لكرة القدم في نسخته الخامسة والستين نحو أربعة أشهر من التوقف القسري بفعل الأحداث التي شهدتها البلاد جراء الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (أ.ف.ب)

إسرائيل: ملتزمون بوقف النار في لبنان لكننا «لن نتنازل عن أمننا»

أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الأربعاء، أن بلاده ملتزمة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، مؤكداً في الوقت نفسه أنها لن تتنازل عن أمنها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ مورغان أورتاغوس المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية الأميركية (أ.ف.ب)

خلفاً لهوكشتاين... مَن هي مورغان أورتاغوس المبعوثة الأميركية الجديدة للشرق الأوسط؟

وسط تغيير الإدارة في واشنطن، وتسلم الرئيس دونالد ترمب مقاليد الحكم، من المتوقع أن يتم تعيين وسيطة جديدة بين إسرائيل ولبنان - مورغان أورتاغوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي (الوكالة الوطنية للإعلام)

لبنان: مقتل مسؤول «حزب الله» في البقاع برصاص مسلحين

كشف الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن مقتل مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي برصاص مسلحين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يتحدث في القصر الرئاسي في بعبدا 14 يناير 2025 (رويترز)

سلام: حكومة لبنان الجديدة لن تستغرق وقتاً للتشكيل

قال رئيس وزراء لبنان المكلف نواف سلام، اليوم (الثلاثاء)، إن تشكيل الحكومة الجديدة يسير بخطى ثابتة ولن يستغرق وقتا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لماذا نتجنب أقرب الناس إلينا عندما نحتاج دعمهم؟

لماذا نميل إلى تجنب التحدث مع الأشخاص الذين نشعر بأنهم الأقرب إلينا؟ (كانفا)
لماذا نميل إلى تجنب التحدث مع الأشخاص الذين نشعر بأنهم الأقرب إلينا؟ (كانفا)
TT

لماذا نتجنب أقرب الناس إلينا عندما نحتاج دعمهم؟

لماذا نميل إلى تجنب التحدث مع الأشخاص الذين نشعر بأنهم الأقرب إلينا؟ (كانفا)
لماذا نميل إلى تجنب التحدث مع الأشخاص الذين نشعر بأنهم الأقرب إلينا؟ (كانفا)

أحد الأشياء الرائعة في وجود أشخاص قريبين من كل فرد هو أنه عندما يواجه صعوبات، يمكنه التحدث إليهم. إنهم أصدقاؤه المقربون. أو على الأقل، هذا ما يفترضه معظم الناس والكثير من علماء الاجتماع أيضاً... ولكن ربما ليس الأمر كذلك.

وأشار تقرير لموقع «سايكولودجي توداي»، إلى أن علماء الاجتماع ماريو إل سمول، وكريستينا برانت، وماليا فيكيتي، وجدوا أدلة مذهلة على «أننا نميل إلى تجنب التحدث إلى الأشخاص الذين نشعر بأنهم الأقرب إلينا بقدر ما نميل إلى الانفتاح عليهم بشأن القضايا الحساسة».

واستندت الدراسة إلى عينة ممثلة على المستوى الوطني من 1000 شخص بالغ في الولايات المتحدة، ونُشرت النتائج تحت عنوان «تجنب العلاقات القوية» في المراجعة الاجتماعية الأميركية في يوليو (تموز) 2024.

كيف أجريت الدراسة؟

في استطلاع عبر الإنترنت أجراه المركز الوطني لأبحاث الرأي، طُلب من 1000 شخص بالغ في الولايات المتحدة، (18 عاماً أو أكثر)، أولاً تسمية الأشخاص السبعة الذين يشعرون بأنهم الأقرب إليهم. ثم سُئِل المشاركون عن مدى احتمالية التحدث إلى كل من هؤلاء الأشخاص إذا «كانوا بحاجة إلى التحدث عن شيء حساس وشخصي».

ثم قيل لهم: «من وقت لآخر، نمر جميعاً بقضايا شخصية حساسة». وسُئِلوا عن القضايا التي واجهوها في الأشهر الثلاثة الماضية في مجالات الصحة العقلية أو الجسدية، والعمل، والعلاقات الرومانسية أو الأسرية. (تحدث المشاركون أيضاً عن الأصدقاء، رغم أنه يبدو أنهم لم يُسألوا تحديداً عن الصداقات).

ثم جاءت الأسئلة الرئيسية. لكل قضية حساسة، ولكل شخص ذكر اسمه، سُئِلوا عما إذا كانوا قد تحدثوا إلى ذلك الشخص عن تلك القضية. إذا لم يفعلوا، سُئِلوا عما إذا كانوا يفكرون في القيام بذلك. إذا فكروا في التحدث وقرروا عدم ذلك، فقد تم احتساب ذلك على أنه تجنب نشط.

إذا قالوا إنهم لن يتحدثوا إلى ذلك الشخص عن تلك القضية، فقد تم احتساب ذلك على أنه تجنب سلبي - لقد تجنبوا تلقائياً التحدث إلى ذلك الشخص عن تلك القضية الحساسة، دون التفكير كثيراً في الأمر.

وفيما يلي أدلة على تجنب الأشخاص الذين نشعر بأنهم الأقرب إلينا عندما يدور في أذهاننا أمر ما، وبعض النتائج الرئيسية:

- كان المشاركون على الأرجح يتجنبون التحدث عن القضايا الحساسة مع الأشخاص الذين يشعرون بأنهم الأقرب إليهم (38 في المائة) كما كانوا يتحدثون عن تلك القضايا (37 في المائة).

- في معظم الأحيان، عندما كان الناس يتجنبون التحدث عما يزعجهم، كانوا يفعلون ذلك بشكل سلبي؛ ولم يفكروا حتى في التحدث إلى الشخص الآخر عن ذلك.

- تم تجنب أكثر من نصف أقرب الأشخاص في حياة المشاركين (58 في المائة) مرة واحدة على الأقل. تم تجنب واحد من كل ثلاثة بشكل متكرر.

- كان الرجال أكثر عرضة لتجنب التحدث عن القضايا الحساسة، لكن النساء كان لديهن معدلات عالية من التجنب أيضاً.

- لم يكن الدخل والتعليم مهمين كثيراً. كانت معدلات التجنب متماثلة تقريباً بالنسبة لأولئك الذين لديهم المزيد وأولئك الذين لديهم أقل.

- كان البالغون في هذه الدراسة يميلون بشكل خاص إلى تجنب الحديث عن القضايا السرية أو المحرجة، لكنهم تجنبوا أيضاً التحدث عن القضايا التي لم تكن كذلك.

- كان المشاركون يميلون بشكل خاص إلى تجنب التحدث إلى الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التعامل معهم والأشخاص الأقوياء، لكن التجنب كان كبيراً حتى بالنسبة للأشخاص الذين لم يكونوا صعبين أو أقوياء.

- كانت الموضوعات التي تم تجنبها في أغلب الأحيان هي (1) الجنس؛ (2) الصراع مع الزوج أو الزوجة السابقة أو الشريك الرومانسي؛ (3) مشكلة الصحة البدنية أو العقلية لصديق؛ (4) الشعور بالعزلة أو الوحدة؛ و(5) السياسة. مرة أخرى، على الرغم من ذلك، تم تجنب مواضيع أخرى أيضاً بمعدلات عالية إلى حد ما.

لماذا يتجنب الناس التحدث إلى الأشخاص الأقرب إليهم عندما يحتاجون إليهم أكثر؟

أولاً، السؤال السهل: لماذا يكشف الناس عن مشاكلهم للأشخاص الذين يشعرون بأنهم الأقرب إليهم؟ إنهم يريدون الدعم. إنهم يعرفون أن السرية يمكن أن تقوض العلاقة الحميمة التي يتوقون إليها.

ويضيف سمول وزملاؤه أن «الأشخاص يكشفون عن أنفسهم بطريقة أكثر جوهرية من أجل التواصل الإنساني».

وقد تبدو بعض الأسباب التي تدفعنا إلى تجنب الحديث عن القضايا الحساسة أو الشخصية واضحة بذاتها. على سبيل المثال، قد تكون بعض الإفصاحات محرجة أو وصمة عار.

وفي إشارة إلى عالم الاجتماع جورج سيميل، يقترح سمول وزملاؤه أيضاً أن تجنب الحديث يساعدنا على «الحفاظ على فرديتنا بين الآخرين، لأن ما يتم إخفاؤه فقط هو ملكنا حقاً».