علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)
العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)
العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

إنه أندر حوت في العالم؛ حيث لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق. لا يُعرف أي شيء تقريباً عن هذا النوع الغامض. ولكن يوم الاثنين، اجتمعت مجموعة صغيرة من العلماء والخبراء الثقافيين في نيوزيلندا حول حوت ذي أسنان مجرفية محفوظ بشكل شبه مثالي على أمل حل عقود من الغموض.

قال أنطون فان هيلدن، كبير مستشاري علوم البحار في الوكالة النيوزيلندية للحفاظ على البيئة، الذي أعطى الحوت ذا الأسنان المجرفة اسمه، لتمييزه عن الأنواع الأخرى ذات المنقار: «لا أستطيع أن أخبرك بمدى غرابته». وأضاف: «بالنسبة لي شخصياً، إنه أمر لا يُصدق».

خبير الحيتان المنقارية أنطون فان هيلدن يفحص حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

درس فان هيلدن الحيتان المنقارية لمدة 35 عاماً، لكن يوم الاثنين كان المرة الأولى التي يشارك فيها في تشريح النوع ذي الأسنان المجرفية. في الواقع، جاءت الدراسة الدقيقة للحوت -الذي جرفته الأمواج نافقاً إلى شاطئ نيوزيلندا في يوليو (تموز)- الأولى على الإطلاق. لم يسبق أن شُوهد أي من هذه الحيتان حياً في البحر، كما أن قائمة ما لا يعرفه العلماء عن الحيتان ذات الأسنان المجرفية أطول من قائمة ما يعرفونه. فالعلماء لا يعرفون أين تعيش هذه الحيتان في المحيط، ولماذا لم تُرصد قط، أو كيف تبدو أدمغتها. كل الحيتان ذات المنقار لها أنظمة معدة مختلفة، ولا يعرف الباحثون كيف تعالج الحيتان ذات الأسنان المجرفية طعامها. كما أنهم لا يعرفون كيف نفق هذا الحوت.

على مدار الأسبوع المقبل، يأمل الباحثون الذين يدرسون الذكر الذي يبلغ طوله 5 أمتار (16 قدماً) في مركز أبحاث زراعي بالقرب من مدينة دنيدن النيوزيلندية، في معرفة ذلك.

قال فان هيلدن الذي كان متحمساً لفرصة معرفة كيف ينتج هذا النوع من الحيتان الصوت وماذا يأكل: «قد تكون هناك طفيليات جديدة تماماً على العلم تعيش في هذا الحوت. من يدري ماذا سنكتشف؟». تم العثور على ستة حيتان ذات أسنان مجرفية فقط، ولكن دُفنت كل تلك التي اكتُشفت بحالة سليمة قبل أن يتمكّن اختبار الحمض النووي من التحقق من هويتها.

تُعد نيوزيلندا من المناطق التي تشهد جنوح الحيتان، حيث تم تسجيل أكثر من 5000 حالة جنوح منذ عام 1840، وفقاً لقسم الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا.

عُثر على أول عظام حوت مجرفي في عام 1872 على جزيرة بيت بنيوزيلندا. واكتُشف حوت آخر في جزيرة قبالة الساحل في الخمسينات، وعُثر على عظام حوت ثالث في جزيرة روبنسون كروزو في تشيلي عام 1986.

صورة التُقطت في 5 يوليو 2024 تُظهر جثة حوت نادر ذي أسنان مجرفية بعد اكتشافه على الشاطئ بالقرب من مصب تاييري في مقاطعة أوتاغو جنوب نيوزيلندا (أ.ف.ب)

أثبت تسلسل الحمض النووي في عام 2002 أن العينات الثلاث من الحيتان كانت من النوع نفسه، وأنها كانت مميزة عن الحيتان المنقارية الأخرى. لكن الباحثين الذين يدرسون الثدييات لم يتمكنوا من تأكيد ما إذا كان النوع قد انقرض حتى عام 2010، عندما جرف البحر حوتين مجرفيين كاملين، وكلاهما نافق، على شاطئ نيوزيلندا. لكن لم تتم دراسة أي منهما من قبل.

في يوم الاثنين، ظهر الحوت السابع من نوعه محاطاً بعلماء يرتدون مآزر بيضاء كانوا يقيسون ويصورون، وجسده سليم نسبياً، ولم يقدموا أي دليل على سبب وفاته.

ومن المتوقع أن تكون عملية التشريح هادئة ومنهجية وأبطأ من المعتاد، لأنها تتم بالشراكة مع الماوري، السكان الأصليين في نيوزيلندا. بالنسبة للماوري، الحيتان هي تاونغا (كنز ثمين)، وسيجري التعامل مع المخلوق (الحوت) بالاحترام الممنوح لأسلافه. سيكون أعضاء قبيلة إيوي المحلية حاضرين طوال عملية التشريح، وستتم استشارتهم في كل منعطف من العملية؛ مما يسمح لهم بمشاركة المعرفة التقليدية ومراقبة العادات، مثل قول كاراكيا (صلاة) على الحوت قبل بدء الدراسة.

سكان محليون من قبيلة الماوري أمام الحوت المجرفي قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

قال توماي كاسيدي، من السكان المحليين: «وفقاً لمعتقداتنا وتقاليدنا، فإن هذا الحوت هدية من تانغاروا، إله المحيط. من المهم جداً بالنسبة إلينا احترام هذه الهدية وتكريم الحوت». سيحتفظ أعضاء قبيلة الإيوي بفك الحوت وأسنانه في نهاية التشريح، قبل عرض هيكله العظمي في متحف.

يُعتقد أن الحيتان ذات الأسنان المجرفية تعيش في المحيط الهادئ الجنوبي الشاسع، وهو موطن لبعض أعمق الخنادق المحيطية في العالم. الحيتان المنقارية هي أعمق الكائنات التي تغوص في المحيط للحصول على الطعام، ونادراً ما تطفو الحيتان ذات الأسنان المجرفية على السطح، مما يزيد من غموضها.

وضمّ العلماء المجتمعون، يوم الاثنين، عدداً قليلاً من علماء سافروا من الخارج لرؤية الحوت، الذي تم وضعه في مخزن مبرد بعد اكتشافه.

قال جوي ريدنبرغ، عالم التشريح المقارن من كلية طب «إيكان» في مستشفى «جبل سيناء» في نيويورك: «ما يهمنا ليس فقط كيف نفقت هذه الحيوانات، ولكن كيف عاشت». وأضاف: «من خلال اكتشاف كيفية معيشتهم، نأمل أن نجد اكتشافات يمكننا تطبيقها على الحالة الإنسانية».


مقالات ذات صلة

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «مو دينغ» يُكثّف نجوميته (أ.ب)

أغنية رسمية بـ4 لغات لفرس النهر التايلاندي القزم «مو دينغ» (فيديو)

إذا لم تستطع رؤية فرس النهر التايلاندي القزم، «مو دينغ»، من كثب، فثمة الآن أغنية رسمية مميّزة له بعدما بات الحيوان المفضَّل لكثيرين على الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق عدد الفيلة في النوعين مجتمعين بلغ ما بين 415 ألف و540 ألف فيل حتى عام 2016 (رويترز)

انخفاض كبير في أعداد الأفيال الأفريقية خلال نصف قرن

واختفت الأفيال من بعض المواقع بينما زادت أعدادها في أماكن أخرى بفضل جهود الحفاظ عليها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ولادة 3 توائم من هراميس نادرة للنمر العربي في «مركز العلا»

الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)
الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)
TT

ولادة 3 توائم من هراميس نادرة للنمر العربي في «مركز العلا»

الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)
الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)

وُلِدت مجموعةٌ نادرة من التوائم الثلاثية للنمر العربي المهدد بالانقراض، في ظل التحديات المتعلقة بالحفاظ على هذه الأنواع وإعادة تأهيلها في البرية، إذ أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة «العُلا» عن ولادة 3 توائم من هراميس نادرة (ذكرين وأنثى)، وذلك بمركز إكثار النمر العربي التابع لها، في إنجاز بارز ضمن جهودها لحماية هذا النوع المهدد بالانقراض.

الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف، في أول حالة موثقة لولادة ثلاثة توائم من الهراميس في الأسر بالمملكة، والثالثة من نوعها على مدار الثلاثين عاماً الماضية، وفقاً للسجلات المتوفرة.

ويُعد مركز إكثار النمر العربي الموقع الأكثر نجاحاً عالمياً في جهود التكاثر، والحفاظ على هذا النوع المهدد بالانقراض، كما يضطلع المركز بدور فاعل في تحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء بحماية 30 في المائة من الموائل البرية والبحرية.

ولادة 3 توائم من هراميس نادرة (ذكرين وأنثى) في مركز إكثار النمر العربي (واس)

والهراميس الثلاثة هم أبناء الأم «ورد»، البالغة من العمر 6 سنوات، والأب «باهر» البالغ نحو 13 عاماً، وقد جاء إلى المركز في ديسمبر (كانون الأول) 2023 ضمن برنامج تبادل إقليمي لتعزيز التنوع الجيني لسلالة النمر العربي، مما يساهم في استدامة برنامج التكاثر.

وتلقّى الهراميس الـ3 تطعيماتهم الأولى، وخضعوا لفحوصات طبية دقيقة لتحديد جنسهم، وعلى الرغم من صغر سنهم، فإن سلوكياتهم بدأت تظهر، وتؤدي دوراً أساسياً في تعزيز رفاههم، ومساعدتهم على التعايش مع بعضهم في أثناء نموهم.

وأكد فريق العمل أن الذكرين يتمتعان بشخصية مرحة ونشطة، حيث يتسلقان الصخور ويلعبان معاً، بينما تتميّز الأنثى بالهدوء، وكانت أكثر تعلقاً بوالدتهم، ومن المتوقع بقاؤهم معاً لمدة تصل إلى 18 شهراً.

وكان مركز إكثار النمر العربي قد شهد ازدهاراً ملحوظاً في الولادات مؤخراً، إذ يرعى 32 نمراً عربياً، وهو ما يزيد على ضعف العدد المقدر بـ14 نمراً عند تولي الهيئة إدارة المركز في عام 2020؛ حيث سجل سبع ولادات العام الماضي، وخمساً هذا العام حتى الآن، إذ وُلد توأمان قبل أقل من شهر من ولادة الهراميس الثلاثة.

وتعكس تلك الولادات التقدم المستمر في جهود الهيئة لإكثار النمر العربي، المصنف من قبل الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ضمن الأنواع المهددة بالانقراض بشكلٍ بالغ منذ عام 1996.