ناقد سعودي يحصد جائزة «جيل المستقبل» في «القاهرة السينمائي»

العياد بعد تسلم الجائزة في المهرجان (الشرق الأوسط)
العياد بعد تسلم الجائزة في المهرجان (الشرق الأوسط)
TT

ناقد سعودي يحصد جائزة «جيل المستقبل» في «القاهرة السينمائي»

العياد بعد تسلم الجائزة في المهرجان (الشرق الأوسط)
العياد بعد تسلم الجائزة في المهرجان (الشرق الأوسط)

حصد الناقد السينمائي السعودي أحمد العياد جائزة «جيل المستقبل» التي أقيمت نسختها الأولى ضمن فعاليات «أيام القاهرة لصناعة السينما» بالدورة الـ45 من مهرجان «القاهرة السينمائي»، بعدما اختاره القائمون على الجائزة بوصفه «أحد أنشط النقاد العرب»، بحسب البيان الرسمي الصادر عن المهرجان.

وفاز بالجائزة كذلك كل من المخرج المصري هاني خليفة، والمخرجة الشابة نهى عادل، بالإضافة إلى الممثلة الأردنية ركين سعد؛ تقديراً لإسهاماتهم في المجال السينمائي.

وأكد مدير مهرجان القاهرة الناقد عصام زكريا أن الاتفاق على إعلان الجائزة ضمن فعاليات المهرجان يأتي في إطار سعيهم لتعزيز التواصل مع المنصات السينمائية المختلفة والمؤثرة في العالم، عبر تغطياتها لفعاليات المهرجانات المختلفة، معرباً عن سعادته بإطلاق النسخة الأولى من الجائزة التي تقدم بالشراكة بين إدارة المهرجان المصري وموقع «ذا فيلم فيردكت» الذي تترأسه الناقدة الأميركية ديبورا يونغ.

خلال الجلسة الحوارية التي أعقبت تسليم الجوائز (الشرق الأوسط)

وعبرّت الناقدة الأميركية عن ترحيبها بالتعاون مع مهرجان القاهرة في الجائزة التي اختيرت لها أسماء متنوعة تركت بصمة في صناعة السينما، حيث أدارت جلسة حوارية مع الفائزين الأربعة؛ للحديث عن تجاربهم المختلفة وعلاقاتهم بالسينما.

وقال الناقد السعودي أحمد العياد إن حرصه على حضور المهرجانات السينمائية، ومتابعة النقد الذي يكتب عن الأفلام بشكل مستمر، أمر شجعه على إطلاق منصة «فاصلة»، العام الماضي، التي اهتمت بالكتابات النقدية عن الأفلام السينمائية فور عرضها في المهرجانات المختلفة، مشيراً إلى أن المنصة لاقت تفاعلاً سريعاً من السينمائيين بعد وقت قصير من طرحها.

وأضاف أن «الزخم السعودي بالسينما والاهتمام بالأفلام الجديدة لعبا دوراً مهماً في هذا الأمر»، مشيراً إلى «أهمية استمرار التعمق السعودي في صناعة الأفلام المختلفة، وألا يقتصر الأمر على الأفلام المدعومة حكومياً، بل يمتد لأفلام تجارية تصمد في شباك التذاكر».

وتحدث المخرج هاني خليفة عن وجود جيل جديد من صناع السينما لديهم حماس لتقديم أعمال متنوعة وأفكار مختلفة، من دون الانخراط في قيود العملية الإنتاجية، مشيراً إلى أنه يستمتع بمشاهدة تجارب الشباب المختلفة في ظل إمكانية تقديم الأعمال السينمائية بسهولة عن أي وقت مضى.

وأضاف أنه درس لمدة 4 سنوات بأكاديمية الفنون، وبدأ العمل في وقت كان صناع الأعمال ينتظرون فيه نحو أسبوع قبل مشاهدة ما قاموا بتصويره، لكن اليوم الوضع اختلف بشكل كبير، وأصبحت عملية تنفيذ الأفلام أسهل تقنياً، مشيراً إلى أنه يستلهم الأفكار من الجيل الجديد.

واستعادت الفنانة الأردنية ركين سعد ذكرياتها عن الاهتمام بالسينما منذ طفولتها ومشاهدتها الأفلام كل خميس مع أسرتها، وحرصها على متابعة الأعمال الجديدة باستمرار، لافتة إلى «أنها أصبحت تدرك الكثير من التفاصيل الخاصة بالتعامل مع الكاميرا مع مرور الوقت، وانتقالها من تجربة لأخرى».

وأبدت المخرجة نهى عادل التي عُرض فيلمها الأول «دخل الربيع يضحك» بالمسابقة الدولية للمهرجان، سعادتها بخوض التجربة وقدرتها على تجاوز العديد من الصعوبات التي واجهتها خلال تقديم الفيلم.

صورة تذكارية للمكرّمين بعد تسلم الجوائز (الشرق الأوسط)

وأكد العياد أهمية النظر لأداء الممثلين عند تقييم الأفلام السينمائية، ومدى نجاح الممثلين في التعامل بتلقائية مع الأدوار التي يقدمونها، وقدرة المخرج على تحقيق معايشتهم للشخصية أمام الكاميرا، لافتاً إلى أن الناقد عندما يشاهد الفيلم يضع تقييمه بناءً على عدة اعتبارات؛ منها التمثيل والإخراج والموسيقى التصويرية، وغيرها من عناصر صناعة الفيلم.

وأبدى المخرج هاني خليفة رغبته في تقديم تجربة سينمائية مختلفة بعيدة عن القيود الإنتاجية، من خلال وجوه جديدة تقف أمام الكاميرا للمرة الأولى، فيما تحدث عن الصعوبات التي واجهته في فيلم «رحلة 404» الذي عُرض مطلع العام الحالي، ورشحته مصر ليمثلها في جوائز «الأوسكار».


مقالات ذات صلة

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق ترميم فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة» (إدارة مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

ترميم 3 أفلام مصرية ضمن «كنوز البحر الأحمر»

أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن ترميم وعرض 3 أفلام مصرية خلال الدورة الرابعة من المهرجان المقرر إقامتها في الفترة من 5 حتى 14 ديسمبر (كانون الأول).

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق صنّاع الفيلم على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة السينمائي (إدارة المهرجان)

«فخر السويدي»... فيلم سعودي يتناول قضية التعليم بـ«القاهرة السينمائي»

مدير مدرسة يقرر تأسيس «الفصل الشرعي» في «ثانوية السويدي الأهلية»، ليبدأ رحلة مليئة بالمغامرات، مراهناً على إثبات صحة وجهة نظره حول حاجة الطلاب لاكتشاف مواهبهم.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)
يوميات الشرق صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)

مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

يوثق المخرج المصري بسام مرتضى في تجربته السينمائية الجديدة «أبو زعبل 89» مرحلة مهمة في حياة عائلته.

أحمد عدلي (القاهرة )

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
TT

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)

لم تتعمَّد الرسامة اللبنانية آية دبس التحوُّل إلى لاجئة، وإنما بدفعٍ من تكدُّس الأهوال، تُحدِّث «الشرق الأوسط» من كاليفورنيا. كانت في الثانية عشرة عندما رسمت لوحتها الأولى؛ شجرة. ولما اشتدَّت إبادة جنوبها اللبناني، سألت إنقاذها من على جدران منزل العائلة هناك؛ خشية مُشاركته المصير المريع. تشبه موضوعاتها المكان وناسه، وترسم مواسم الزيتون والبيوت العتيقة. تهوى رسم الجدّات، ففيهنّ ترى العُمر المحال على الهدوء.

قصدت بيروت للدراسة في كلية الفنون الجميلة، فلمحت في عمارتها جسر تواصل بين الحجر والبشر. تَلاصُق أبنيتها ألهمها رسم التقارُب الإنساني، فإذا بصُور طفولتها ورائحة الأرض في قريتها الجنوبية تلتحقان بالمشهد البيروتي، وتجعلان الفنانة تعكس على الوسائط ما يعتمل في الروح.

تشبّثها برسم واقع الإنسان على الأرض يتصدَّر في السلم والحرب (آية دبس)

تصف الفنّ بـ«الحقيقي» حين يؤدّي دوره حيال «الأشياء القريبة» قبل مُطالبته بتجسيد «ما هو بعيد». تُحمّله وظيفة «المراقبة والتقاط التفاصيل»، فيستدعي إلى وسائطه «ما قد لا تراه عيون الآخرين». والفنانة، إن استقالت من الرسم بالريشة والألوان، مُعلنةً تحوَّلها إلى احتراف فنّ الديجيتال، تُشيَّد في أعمالها اختزالات عاطفية غذَّتها ذاكرة ثرية بالصور وخيال يجيد الشحطات بشرط الإبقاء على صلتها بالواقع.

تهوى رسم الجدّات ففيهنّ ترى العُمر المحال على الهدوء (آية دبس)

ويحلو لها رسم الشرفات، وبولع مُشابه ترسم القطط. هذا اللطف الذي يسير على أربع ويُصدر مواء رقيقاً، يتّخذ في رسوم آية دبس مساحة عريضة. تعلّقها بالقطط تجسَّد في الفنّ، أسوةً بأشكال التعلُّق الأخرى المستقاة من ذاكرة القرية ووجوه عصيّة على الغياب. ولمّا طارد التوحُّش إنسان غزة، رسمت طاعنةً في السنّ تُغادر منزلها مُحمَّلة بكنبتها على ظهرها. تمدُّد النار إلى لبنان أشعل التفاعل مجدداً مع الرسم، لتجاوُز الموضوع حيّزَه ومحاكاته ضحايا الحروب على الأرض.

طاعنة في السنّ تُغادر منزلها مُحمَّلة بكنبتها على ظهرها (آية دبس)

الوفاء للمكان جعل تناوُل إشكالية النزوح الطارئة جراء الحرب، مُلحَّاً. وها هي تحضُر في رسومها، كأنها تتدفّق لتشغل المساحة بمظاهر هذا التدفُّق، فيتراءى الشوق والحنين والانسلاخ والغصّة. تقول: «أحبّ المكان. أحمل منزلي أينما غادرت. وفيه قططي وكنبتي. رسمتُ الكنبة لأنها الملاذ الحميم. باستطاعتها نَقل المرء من حالة مزاجية إلى أخرى. المساحة الشخصية تُسلَب من مالكها بفعل النزوح، فأجدني أرسم واقع الانسلاخ. حين أغادر منزلي، لا أعود أنا. أشعُر بالبُعد. كأنني طوال الوقت أطرح سؤالاً واحداً: أين أشيائي؟».

تشبه موضوعاتها المكان وناسه (آية دبس)

لصدّ هذه الغربة، سعت والدتها من مكان النزوح إلى إحضار ألبوم الصور، فلا تتوحَّش الذكريات في منزل غادره ناسه. ترى أنها «قصة سعيدة وحزينة في آن، لكنّ الأهم ألا نشعر بأننا غرباء». الأمُّ نفسها المعتادة على حصاد الزيتون وإعداده للمواسم، أبت شراءه جاهزاً من محلات البيت، لتتقصَّد رصَّ ما وصلها منه بيديها والتأكُّد من ملحه ومائه. ترسم هذه المُشاهدات، والأمل بالعودة، مُمتهنةً فَلْش الصور لضخّ الحياة في ذاكرتها البصرية والإبقاء على اتّقادها.

ارتباط الموضوع بالواقع يصيب الفنانة باحتمال تسلُّل العجز، فتجد أنّ عملاً على صلة بالموت المتواصل يتعذَّر اكتماله سريعاً. تقول: «لسنا في وضعية إنهاء الأشغال ثم إغلاق الكمبيوتر والتفرُّغ للانهيار. رسمُ الموضوع القاسي يمسُّ الحالة النفسية. نُعبّر بالفنّ ونجد فسحاتنا للبوح والتشارُك، لكنّ قسوة الموضوع لا مفرّ من تجاهلها».

ترى أنّ الفنان لا يضيف شيئاً إنْ نَقَلَ الصورة نسخةً طبق الأصل إلى فضائه التشكيلي (آية دبس)

وترى أنّ الفنان لا يضيف شيئاً إنْ نَقَلَ الصورة نسخةً طبق الأصل إلى فضائه التشكيلي. ذلك لأنها تُميّز بين الفوتوغرافيا والرسم، وتجد اختلافاً بين المجالَيْن. تستغرب ما يبدو لها استعجالاً في رسم صور ضحايا الحروب مثلاً، وتصف الفعل بـ«تسلُّق اللحظة». يتهيّأ لها العالم ظلالاً، لانسلاخ الأماكن عن ناسها، والناس عن أماكنهم، وتأجُّج الشوق. تشبّثها بالموضوع، وهو واقع الإنسان على الأرض، يتصدَّر في السلم والحرب. الفارق أنه في الأيام الهادئة ترسمه بحميمية وعاطفة. والآن يطفو الحزن، ويلحّ الحنين إلى منزل الجدّة والذكرى الجميلة وجَمعة العائلة. رسْم التاريخ والطفولة شغفها. اليوم تؤلمها الأمكنة وتشتاق إليها. ترسمها بمشاعر لا تُفسَّر.