فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

صورتها الأولى نُشرت في مجلة «الصياد» عام 1951 (الحلقة الثانية)

فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)
TT

فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

بدأ مشوار فيروز في عالم الغناء مع دخولها الإذاعة اللبنانية رسمياً في فبراير (شباط) 1950، حيث تردّد صوتها بشكل متواصل ثم انتشر بتعاونها مع الأخوين رحباني، ودخولها معهما محطة الشرق الأدنى ثم الإذاعة السورية. حصدت النجمة الناشئة الشهرة باكراً، غير أن هويّتها الشخصية ظلّت محتجبة، كما أن صورة وجهها ظلّت مجهولة، إلى أن قدّمتها مجلة «الصياد» في 13 ديسمبر (كانون الأول) 1951 ضمن ركن أسبوعي يحمل عنوان «أرشيف الفن».

جاء في هذا التعريف: «هذه أول صورة تُنشر للمطربة فيروز في الصحف، و(الصياد) هي أول صحيفة تثير مشكلة هذه المطربة التي يملأ صوتها المخملي عشرات التسجيلات في جميع محطات الإذاعة العربية، ومع ذلك فهي لا تكسب في لبنان أكثر من مرتب فتاة كورس، أي أقل من ثمن فستان من الدرجة (الترسو). وعيب فيروز أنها دخلت قصر المجد الفني من باب الإذاعة، وهو أضيق أبوابه، وهي لا تزال طالبة ومن أسرة فقيرة مؤلفة من 9 أشخاص ينامون جميعهم في منزل متواضع جداً مؤلف من غرفتين، وليس لهذه العائلة ثروة ومورد غير صوت فتاتها الصغيرة الذي يتألق دائماً في جميع البرامج الموسيقية بمحطة الإذاعة، ولكن بالسخرة ومجاناً لوجه الفن الربيع. وقد ذهبت جميع المحاولات، حتى التي بذلها الأخوان رحباني، في حمل فيروز على الظهور أمام الجماهير، فالفتاة خجولة يحمرّ خداها ويتلعثم لسانها إذا قال لها أحد زملائها أحسنتِ يا ست، وعندما تتكامل قوى فيروز النفسيّة وتظهر على المسرح ستكون النجمة التي رشّحتها وترشّحها (الصياد) لاحتلال مكان الصدارة بين المغنيات اللبنانيات. وكل ما نرجوه من حضرة مدير الأنباء والإذاعة هو أن يشملها بعطفه لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يُنصف هذه الفنانة الضعيفة».

فيروز في أول صورة تُنشر لها في الصحافة اللبنانية 13 ديسمبر 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

نُشر هذا التعليق في وقت سطع فيه اسم فيروز في محطة الشرق الأدنى عند اشتراكها في العمل مع «ملك التانغو» الشهير إدواردو بيانكو. وفق ما نقلت مجلة «الإذاعة»، قام صبري الشريف، مراقب البرامج الموسيقية في هذه المحطة، بدعوة بيانكو ليسجل بعضاً من أعماله مع فرقته الموسيقية، ورأى أن يجري تجربة جديدة تجمع بين هذه الفرقة وبين الغناء الشرقي، فقام الموسيقار بإجراء تجربة لصوت فيروز فأعجب به، ثم شرع في العمل معها بمشاركة الأخوين رحباني.

حكاية الحوار الصحافي الأول

بثّت محطة الشرق الأدنى في هذه المناسبة حديثاً للآنسة إنعام الصغير مع «المطربة الجديدة فيروز»، ونشرت نص هذه المقابلة في المجلة الخاصة بها في مطلع عام 1952، ويُشكّل هذا الحوار أول حديث معروف لفيروز كما يبدو. سألت المحاورة ضيفتها «المطربة الجديدة» عن اسمها وعن سبب اختيار فيروز اسماً فنياً لها، فأجابت: «اسمي نهاد حداد. ولم أكن أنا التي اختارت اسم فيروز، ولكن عندما ابتدأت الغناء اقترحوا عليّ هذا الاسم ولم أمانع لأنه اسم جميل». ثمّ تحدّثت عن بداياتها، وقالت: «وصلت في دراستي إلى الدراسة الابتدائية، ولكن الفن أرغمني على تلبية دعوته فاضطررت إلى ترك المدرسة ومتابعة الدروس الخاصة». وسألتها المحاورة: «كيف تعلّمت الموسيقى؟ ومن اكتشف هذا الكنز المخبّأ في حنجرتك؟». فأجابت: «كانت مديرة المدرسة تعرف أن لي صوتاً لا بأس به، وفي زيارة للملازم فليفل، الأستاذ أبو سليم، أتت بي لأغني أمامه فأُعجب على ما يظهر بصوتي وطلب مني أن أذهب لتعلم الغناء في المعهد الموسيقي اللبناني. فذهبت، وأخذ يقدمني في الإذاعة اللبنانية». وكان السؤال التالي: «ومن أوّل من طلب منكِ أن تغني في الإذاعة؟». جاء الجواب ملتبساً: «لا أدري في الحقيقة. فكانوا كُثْراً. كلّ يعتبر نفسه أنه هو من خلقني وأوجدني، والحقيقة أن أول أغنية غنيتها، غير الأناشيد الوطنية، كانت أغنية للأستاذ حليم الرومي، وهي أول أغنية أذعتها باسمي الجديد الخاص فيروز».

واصلت فيروز الكلام، وتطرّقت إلى الأمور العائلية التي واجهتها في مهنتها، فقالت: «اعترض والدي في البدء، ولكن عندما وجد أنني مصرّة على الغناء وأني أميل إلى الفن بطبيعتي، وافق وصار من أنصاري». انتقل الحديث إلى «اللون الموسيقي» الذي عُرفت به، وهو «مزيج من الموسيقى الغربية والشرقية»، فأوضحت: «الحقيقة أنني أغنّي في بعض الأحيان لوناً شرقياً خالصاً، وفي أحيان أخرى لوناً غربياً معرّباً، وأنني في الأوبريت مثلاً والبرامج الخاصة، أغني غناءً تمثيلياً ذا طابع شرقي مفطور، ينسبه بعض الناس إلى الموسيقى الغربية». في الختام، سألت المحاورة ضيفتها: «ماذا تنوين عمله في المستقبل؟». فأجابت: «أود أن أتابع دراسة الموسيقى، وليس في نيّتي الآن الظهور لا على المسرح ولا على الشاشة».

فيروز مع ملك التانغو إدواردو بيانكو في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

من مسرح المدرسة إلى الإذاعة اللبنانية

تعدّدت الروايات التي تحدّثت عن انطلاقة فيروز، وتبدّلت تفاصيلها مع مرور الزمن، وأولاها على الأرجح هي تلك التي سجّلها الصحافي المصري محمد السيد شوشة في 1956، ونقلها في كتابه «فيروز المطربة الخجول». في مقدّمة هذا التحقيق، ذكر شوشه والد فيروز، وديع حداد، وقال إنه عامل يرتدي الثياب الزرقاء في مطبعة صحيفة «لوجور» في بيروت، استمرّ في هذا العمل بعد بروز ابنته ونجاحها. تطرّق الصحافي إلى سيرة نهاد حداد في طفولتها بإيجاز، وقال: «هي إحدى 4 أشقاء، 3 بنات وهن نهاد وهدى وآمال، وولد يُدعى جوزيف»، والغريب أنه لا يأتي على ذكر والدتها. ثم يضيف: «كانت أسرة فقيرة تعيش على الكفاح، ولكن الأب أخذ يقتصد من دخله القليل ليعلّم أبناءه، فألحق نهاد بإحدى المدارس الابتدائية، حيث ظهر نبوغها في إلقاء الأناشيد، وأصبحت موضع إعجاب مدرّساتها، يُظهرنها في الحفلات المدرسية كصاحبة أجمل صوت في المدرسة».

وسمعها محمد فليفل في إحدى هذه الحفلات الموسيقية، «فأعجب بصوتها، ونصح والدها بأن يوجهها توجيهاً موسيقياً، وبأن يلحقها بمعهد الموسيقى، فوافق الأب على ذلك، ومنذ ذلك التاريخ، بدأ الرجل يتعهّدها بالتعليم، فحفظت عنه الأناشيد، وبعد ذلك ضمّها إلى فرقته التي كانت تذيع برامج مدرسية من دار الإذاعة اللبنانية باسم فرقة الأخوين سليم ومحمد فليفل. من هنا لفتت المطربة الصغيرة نظر حافظ تقي الدين سكرتير برامج الإذاعة في ذلك الحين؛ فقد وجد في صوتها معدناً نادراً، ما جعله يسرع بالذهاب إلى مكتب رئيس الموسيقى ويقول له: (تعالَ معي إلى الاستديو، فهناك مفاجأة)». دعا مدير القسم الموسيقي حليم الرومي للاستماع إلى هذه الصبية، ففعل، وتحمّس لها، وألحقها بالكورس النسائي الخاص بالإذاعة.

نهاد حداد (يسار الصورة) مع مكتشفها محمد فليفل 5 مايو 1950 (أرشيف محمود الزيباوي)

حليم الرومي يروي قصة اللقاء الأول

قبل أن ينشر محمد السيد شوشة هذه الرواية، استعاد حليم الرومي قصة اكتشافه لفيروز في مقالة نشرها بمجلة «الإذاعة» في أكتوبر (تشرين الأول) 1954، وذكر فيها أن حافظ تقي الدين دلّه في الاستوديو إلى الصبية التي أعجب بصوتها، فنظر إليها، ولم يبدُ له «أن شيئاً مهمّاً يكمن في صدر هذه الفتاة وحنجرتها»، فطلب منها أن توافيه إلى المكتب، ففعلت، فسألها عن اسمها، «فقالت بخجل ظاهر جداً نهاد حداد». واصل حليم الرومي روايته: «طلبت إليها أن تغنّي، فاحمرّ وجهها احمراراً شديداً، فما كان منّي إلّا أن شجّعتها، ووعدتها بإعطائها عملاً شهرياً منظّماً إذا نجحت في التجربة، فما كان منها إلّا أن بدأت الغناء بموال (يا ديرتي مالك علينا اللوم) لأسمهان، فلمست في صوتها أشياء جديدة غير موجودة في بقية الأصوات، فقد شعرت إلى رخامة الصوت وعذوبته بأن قلبها هو الذي يغنّي، وشعرت بأن هذا الصوت قوة نحن بحاجة إليها. وبعد أسبوع، كانت نهاد موظّفة في محطة الإذاعة اللبنانية، وقدّمتها في أولى حفلاتها باسم فيروز وهو الاسم الفني الذي اتخذته لها بموافقتها، وغنّت من ألحاني وألحان مختارة أخرى لأنجح الملحنين اللبنانيين والمصريين، وتفتح ذهنها والتهب حبها لهذا الفن، وكانت تتفوّق على نفسها في كل مرة تحفظ فيها الألحان؛ ذلك أنها فنانة بطبعها وروحها وعروقها».

تلميذة «حوض الولاية للبنات»

بعد عقود طويلة، روى محمد فليفل قصة اكتشافه لفيروز بعد أن بلغ الثمانين من عمره، وذلك في حوار صحافي أجرته معه هدى المر، ونشرته مجلة «المجلة» في عام 1980. تقول هذه القصة إن الأخوين محمد وأحمد فليفل كانا يحضران لتقديم عمل بعنوان «نشيد الشجرة» عبر الإذاعة اللبنانية، وكانا بحاجة إلى أصوات جميلة لتنفيذ هذه المهمة، فبدآ رحلة التفتيش عبر المدارس، وكانت إحدى محطاتهما مدرسة «حوض الولاية للبنات» حيث قدمت لهما مديرة المدرسة سلمى قربان فرقة المنشدات التي راحت تنشد أمامهما. لفت سمع محمد فليفل صوت الطالبة الصبية نهاد حداد، فتبنّاها فنياً، وأدخلها الكونسرفاتوار لتدرس أصول الموسيقى تحت إشرافه، فصارت تحضر يومي الثلاثاء والخميس من كل أسبوع لتتعلم أصول النوتة الموسيقية.

تابعت الصبية هذه الدراسة بشغف، فكانت «الطالبة التي تقضي كل أوقاتها في التمارين الموسيقية، وتبلورت موهبتها، وزادها توهّجاً درسها الموسيقى الغربية والشرقية، والإنشاد الصوتي والغنائي، وكذلك التمارين التي كانت تقوم بها من أجل تهذيب لفظها العربي وإلقائها التمثيلي». وسأل أستاذها مدير الكونسرفاتوار وديع صبرا عن رأيه فيها، فرأى أنها ممتازة، «وبعد أن أجرت الامتحانات النهائية، كانت نتائجها باهرة، واستحقت إعجاب اللجنة الفاحصة».

نهاد حداد تغنّي في حفل أقيم على شرف محمد فليفل في الكونسرفاتوار 5 مايو 1950 (أرشيف محمود الزيباوي)

واصل فليفل الكلام، وتحدث عن التحاق نهاد حداد بعملها في الإذاعة، وتختلف روايته عن تلك التي قدّمها حليم الرومي. فحسب هذه الرواية، حضرت نهاد حداد أمام لجنة امتحان الأصوات، التي ضمّت حليم الرومي وخالد أبو النصر ونقولا المني، وأدّت موال أسمهان الشهير «يا ديرتي ما لك علينا لوم»، بمصاحبة الرومي الذي ذهل بصوتها، فترك العود، وراح يحدّق فيها. جرى تقييم نهاد حداد بوصفها تلميذة أكملت دروسها الموسيقية، وليست مبتدئة، «واستقرّ الرأي على أن تدخل ضمن ملاك الإذاعة براتب شهري قدره 100 ليرة لا غير». نقع على روايات أخرى تتضارب كذلك في التفاصيل، والثابت أن نهاد حداد تتلمذت في مطلع صباها على يد محمد فليفل، ودخلت معه الإذاعة حيث قدّمها حليم الرومي باسم فيروز. ولمع هذا الاسم منذ بداية انطلاقه، وتوهّج حين ارتبط عضوياً بالأخوين رحباني.

«كوكب البرامج الرحبانية»

في مطلع عام 1952، كتبت مجلة «الفن» المصرية: «أصبح إنتاج الأستاذين عاصي ومنصور رحباني يملأ برامج محطات الإذاعة في لبنان ودمشق والشرق الأدنى، وقد فاوضتهما أخيراً محطة بغداد لتسجيل اسكتشات عدة وأغنيات بأجر ممتاز، وقد تلقّت المطربة الشابة فيروز، وهي كوكب البرامج الرحبانية، رسالة من الموسيقي العالمي إدواردو بيانكو يعرض فيها عليها إقامة حفلات عدّة في مسارح نيويورك وباريس، وذلك بعدما سجّلت أثناء وجوده في لبنان بعض أغانيه العالمية بصوتها الساحر، ووُفّقت في غنائها كل التوفيق».

تابعت فيروز مسيرتها الإذاعية، وشكّلت مع الأخوين رحباني ظاهرة فنية حصدت مجدها الأول خلال عامين من العمل المتواصل، وتكشف مراجعة هذا النتاج عن الكثير من الأحداث المثيرة والمجهولة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

ثقافة وفنون المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز) play-circle

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق أيقونة الهيب هوب كوين لطيفة ترتدي البشت السعودي (تصوير: إيمان الخطاف)

كوين لطيفة ترتدي البشت السعودي وتستعيد رحلتها الفنّية في «البحر الأحمر»

منذ اللحظة الأولى، تعاملت كوين لطيفة مع المسرح والجمهور بحميمية أثارت إعجاب الحاضرين...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تامر حسني أكد أن حالته الصحية في تحسن (إنستغرام)

تامر حسني يحظى بتعاطف واسع في أزمته الصحية

حالة واسعة من التعاطف والدعم للفنان المصري تامر حسني، شهدتها منصات التواصل الاجتماعي، عقب كشفه تفاصيل وضعه الصحي، ونفيه تعرضه لأي خطأ طبي.

محمود إبراهيم (القاهرة )

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.


أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.


ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
TT

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

أصدر النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

وأكد دي كابريو، البالغ من العمر 51 عاماً، أن الإفراط في الظهور قد يضر بالممثل الطموح الذي يتطلع إلى النجاح في هوليوود، وفقاً لشبكة «فوكس نيوز».

وقال نجم فيلم «تايتانيك»: «أكثر ما يمكنني قوله هو إنه إذا كنت تحب هذه المهنة، إذا كنت تحب التمثيل، فعليك أن تدرك أنها أشبه بماراثون، وليست سباقاً قصيراً».

وأضاف: «هذا لا يعني أن هذه كلها خيارات مصيرية. لا تجرّبوا شيئاً تجارياً. لا تفعلوا هذا مبكراً جداً.. يتعلق الأمر بفكرة النظر إلى مسيرتكم المهنية بعد 20، 30، 40، 50 عاماً من الآن، ووضع هذه العناصر معاً لضمان استمراريتها».

وتابع: «ربما يكون الإفراط في التعرض مضراً... أعتقد، إن لم يكن هناك أي شيء، أنني كنتُ أملك حدساً مبكراً بشأن الإفراط في التعرض. صحيحٌ أن ذلك كان زمناً مختلفاً. كان زمناً شاهدتُ فيه ممثلين اختفوا عن الأنظار، ولم نكن نعرف الكثير عنهم. أما الآن، فقد اختلف الأمر كثيراً مع وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لم أتمكن من معرفة الكثير عنهم إلا ما رأيته على الشاشة».

أشار دي كابريو إلى أن الزمن تغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مشاهدة ممثلين آخرين يبنون ببطء أعمالاً قوية أثّرت على قراراته المهنية.

وشرح: «رأيتهم يبنون أعمالاً رائعة مع مرور الوقت. لم أُغمر بفيضٍ هائل من أفلامهم في عام أو عامين. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك قبول العمل عندما يُعرض عليك، ولكن الفكرة هي توزيعه، أو ربما مجرد اختيار الأفلام التي تضم شخصيات ثانوية رائعة ومثيرة للاهتمام وتترك بصمتك في هذا المجال».

اشتهر دي كابريو برفضه دوراً في فيلم «هوكس بوكس»، وهو أعلى أجر كان سيحصل عليه آنذاك. وبدلاً من ذلك، قبل دور «ما الذي يزعج جيلبرت جريب»، الذي نال عنه أول ترشيح لجائزة الأوسكار. وصرح الممثل أن نقطة التحول في مسيرته كانت فيلم «تايتانيك»، الذي مكّنه من اختيار أفلامه بنفسه.

وأوضح: «كنت محظوظاً جداً في البداية. وكما ذكرتُ مع فيلم (تايتانيك)، كانت تلك نقطة التحول الحقيقية، عندما أتيحت لي فرصة اختيار أفلامي بنفسي. ولكن حتى ذلك الحين، كنتُ أشارك في العديد من الأفلام المستقلة. كنتُ أختار الشخصية التي أجدها الأكثر إثارة للاهتمام، والتي أستمتع بها».