هيئة الإحصاء البريطانية: العمال عن بُعد ينامون أكثر ويعملون أقل

تحليل جديد يكشف عن الفروقات بين العمل من المنزل وفي المكتب

سلطت دراسة علمية جديدة الضوء على فوائد كبيرة للعمل الهجين (رويترز)
سلطت دراسة علمية جديدة الضوء على فوائد كبيرة للعمل الهجين (رويترز)
TT

هيئة الإحصاء البريطانية: العمال عن بُعد ينامون أكثر ويعملون أقل

سلطت دراسة علمية جديدة الضوء على فوائد كبيرة للعمل الهجين (رويترز)
سلطت دراسة علمية جديدة الضوء على فوائد كبيرة للعمل الهجين (رويترز)

كشف تحليل رسمي أجرته هيئة الإحصاء البريطانية عن أن العمال الذين يعملون من المنزل يحققون توازناً أفضل بين العمل والراحة مقارنة بزملائهم الذين يذهبون إلى المكاتب، حيث يستفيدون من 24 دقيقة إضافية للراحة و15 دقيقة إضافية من التمارين اليومية، ولكنهم يعملون بمعدل أقل بمقدار 10 دقائق، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

النتائج التي تم جمعها من خلال دراسة استقصائية شملت مجموعة واسعة من العمال في المملكة المتحدة، أظهرت أن العمال عن بُعد ينامون لفترات أطول مقارنة بمن يعملون في مكاتبهم.

وفي المقابل، يميل المديرون إلى تفضيل نماذج العمل الهجينة، حيث يعمل 45 في المائة من الأشخاص في المناصب العليا عن بُعد جزئياً مقارنة بـ27 في المائة فقط من العمال بشكل عام.

وعلى الرغم من دعوات بعض الشركات الكبرى مثل «أمازون» و«آسدا» لعودة العمال إلى المكاتب بشكل كامل، فإن الإحصاءات تشير إلى انخفاض نسبة من يعملون عن بُعد بشكل كامل من 37 في المائة في فبراير (شباط) 2021 إلى 13 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. ومع ذلك، فإن العديد من هؤلاء العمال قد تحولوا إلى نموذج العمل الهجين، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يتبعون هذا النموذج من 9 في المائة إلى 28 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) 2021.

من جهة أخرى، أثار موضوع العمل عن بُعد نقاشاً حاداً في الأوساط الحكومية، حيث ألقى بعض المسؤولين اللوم على العمل من المنزل لتراجع الإنتاجية في القطاع العام. كان من بين هؤلاء السير جاكوب ريس موغ الذي حذر من انخفاض فاعلية الخدمات العامة بسبب غياب الموظفين عن مكاتبهم. وأضاف أن العمل من المنزل يؤدي إلى النوم في أثناء العمل وهو ما ينعكس سلباً على الإنتاجية.

وفي المقابل، يرى العديد من السياسيين ومنهم جوناثان رينولدز من حزب العمال أن العمل المرن يحقق فوائد اقتصادية حقيقية، ويؤيدون تبني نماذج العمل الهجين كجزء من السياسات المستقبلية.

من ناحية أخرى، أظهر التحليل أن العمال الأصغر سناً، خاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، أقل استفادة من العمل عن بُعد مقارنة بزملائهم الأكبر سناً، حيث إن 19 في المائة فقط من هؤلاء يستخدمون نماذج العمل الهجين مقارنة بـ29 في المائة لدى العاملين فوق عمر الـ30.

وفيما يتعلق بالقطاعات، سجل قطاع تكنولوجيا المعلومات أعلى نسبة من العاملين بنماذج عمل هجينة، حيث كان نحو نصف الموظفين يعملون عن بُعد جزئياً.


مقالات ذات صلة

مليونير عصامي: 5 عادات تساعدك على بناء ثروتك

يوميات الشرق لتعزيز الثروة من الضروري التركيز على أمر واحد لتكون الأفضل فيه (أ.ب)

مليونير عصامي: 5 عادات تساعدك على بناء ثروتك

كان آلان كوري في الثانية والعشرين من عمره يغمره الأمل في أن يصبح مليونيراً، لم يكن لديه علاقات أو مرشدون أثرياء، لكنه لم يتراجع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق فهم طريقة عمل الذكاء الاصطناعي أمر مهم لكنه ليس المهارة الوحيدة اللازمة للنجاح في العمل (رويترز)

ليست البرمجة... مهارة أساسية تحتاج إليها للنجاح في عصر الذكاء الاصطناعي

يحتاج جميع الشباب للنجاح في مكان العمل، وسط انتشار الذكاء الاصطناعي، إلى مهارة أساسية، موجودة منذ آلاف السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ضغوط العمل يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات (رويترز)

ضغوط العمل قد تؤدي إلى صعوبة التحكم في السلوك والانفعالات

أكدت دراسة جديدة أن ضغوط وإرهاق العمل ومحاولة الشخص الدائمة لدفع نفسه للصبر وممارسة ضبط النفس، يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة بالتحكم في المشاعر.

«الشرق الأوسط» (روما)
الخليج مبادرات «رؤية 2030» جعلت من الإنسان محوراً لجميع برامجها ومشاريعها التطويرية (واس)

السعودية تنفي مزاعم بشأن ظروف العمل

نفى «مجلس السلامة المهنية» السعودي صحة ما تداولته منصات إعلامية من مزاعم بشأن ازدياد أعداد حالات الوفاة للعاملين بسبب ظروف العمل في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من جلسات ملتقى التحول الوطني الذي عُقد في جدة (الشرق الأوسط)

«الموارد البشرية»: سوق العمل السعودية لم تتأثر من التأشيرات الموسمية

أكد د. أحمد العبدالله، الوكيل المساعد لتطوير الأنظمة والأعمال في وزارة الموارد البشرية بالسعودية، عدم تأثر سوق العمل المحلية من التأشيرات الموسمية.

سعيد الأبيض (جدة)

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
TT

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)

لم تتعمَّد الرسامة اللبنانية آية دبس التحوُّل إلى لاجئة، وإنما بدفعٍ من تكدُّس الأهوال، تُحدِّث «الشرق الأوسط» من كاليفورنيا. كانت في الثانية عشرة عندما رسمت لوحتها الأولى؛ شجرة. ولما اشتدَّت إبادة جنوبها اللبناني، سألت إنقاذها من على جدران منزل العائلة هناك؛ خشية مُشاركته المصير المريع. تشبه موضوعاتها المكان وناسه، وترسم مواسم الزيتون والبيوت العتيقة. تهوى رسم الجدّات، ففيهنّ ترى العُمر المحال على الهدوء.

قصدت بيروت للدراسة في كلية الفنون الجميلة، فلمحت في عمارتها جسر تواصل بين الحجر والبشر. تَلاصُق أبنيتها ألهمها رسم التقارُب الإنساني، فإذا بصُور طفولتها ورائحة الأرض في قريتها الجنوبية تلتحقان بالمشهد البيروتي، وتجعلان الفنانة تعكس على الوسائط ما يعتمل في الروح.

تشبّثها برسم واقع الإنسان على الأرض يتصدَّر في السلم والحرب (آية دبس)

تصف الفنّ بـ«الحقيقي» حين يؤدّي دوره حيال «الأشياء القريبة» قبل مُطالبته بتجسيد «ما هو بعيد». تُحمّله وظيفة «المراقبة والتقاط التفاصيل»، فيستدعي إلى وسائطه «ما قد لا تراه عيون الآخرين». والفنانة، إن استقالت من الرسم بالريشة والألوان، مُعلنةً تحوَّلها إلى احتراف فنّ الديجيتال، تُشيَّد في أعمالها اختزالات عاطفية غذَّتها ذاكرة ثرية بالصور وخيال يجيد الشحطات بشرط الإبقاء على صلتها بالواقع.

تهوى رسم الجدّات ففيهنّ ترى العُمر المحال على الهدوء (آية دبس)

ويحلو لها رسم الشرفات، وبولع مُشابه ترسم القطط. هذا اللطف الذي يسير على أربع ويُصدر مواء رقيقاً، يتّخذ في رسوم آية دبس مساحة عريضة. تعلّقها بالقطط تجسَّد في الفنّ، أسوةً بأشكال التعلُّق الأخرى المستقاة من ذاكرة القرية ووجوه عصيّة على الغياب. ولمّا طارد التوحُّش إنسان غزة، رسمت طاعنةً في السنّ تُغادر منزلها مُحمَّلة بكنبتها على ظهرها. تمدُّد النار إلى لبنان أشعل التفاعل مجدداً مع الرسم، لتجاوُز الموضوع حيّزَه ومحاكاته ضحايا الحروب على الأرض.

طاعنة في السنّ تُغادر منزلها مُحمَّلة بكنبتها على ظهرها (آية دبس)

الوفاء للمكان جعل تناوُل إشكالية النزوح الطارئة جراء الحرب، مُلحَّاً. وها هي تحضُر في رسومها، كأنها تتدفّق لتشغل المساحة بمظاهر هذا التدفُّق، فيتراءى الشوق والحنين والانسلاخ والغصّة. تقول: «أحبّ المكان. أحمل منزلي أينما غادرت. وفيه قططي وكنبتي. رسمتُ الكنبة لأنها الملاذ الحميم. باستطاعتها نَقل المرء من حالة مزاجية إلى أخرى. المساحة الشخصية تُسلَب من مالكها بفعل النزوح، فأجدني أرسم واقع الانسلاخ. حين أغادر منزلي، لا أعود أنا. أشعُر بالبُعد. كأنني طوال الوقت أطرح سؤالاً واحداً: أين أشيائي؟».

تشبه موضوعاتها المكان وناسه (آية دبس)

لصدّ هذه الغربة، سعت والدتها من مكان النزوح إلى إحضار ألبوم الصور، فلا تتوحَّش الذكريات في منزل غادره ناسه. ترى أنها «قصة سعيدة وحزينة في آن، لكنّ الأهم ألا نشعر بأننا غرباء». الأمُّ نفسها المعتادة على حصاد الزيتون وإعداده للمواسم، أبت شراءه جاهزاً من محلات البيت، لتتقصَّد رصَّ ما وصلها منه بيديها والتأكُّد من ملحه ومائه. ترسم هذه المُشاهدات، والأمل بالعودة، مُمتهنةً فَلْش الصور لضخّ الحياة في ذاكرتها البصرية والإبقاء على اتّقادها.

ارتباط الموضوع بالواقع يصيب الفنانة باحتمال تسلُّل العجز، فتجد أنّ عملاً على صلة بالموت المتواصل يتعذَّر اكتماله سريعاً. تقول: «لسنا في وضعية إنهاء الأشغال ثم إغلاق الكمبيوتر والتفرُّغ للانهيار. رسمُ الموضوع القاسي يمسُّ الحالة النفسية. نُعبّر بالفنّ ونجد فسحاتنا للبوح والتشارُك، لكنّ قسوة الموضوع لا مفرّ من تجاهلها».

ترى أنّ الفنان لا يضيف شيئاً إنْ نَقَلَ الصورة نسخةً طبق الأصل إلى فضائه التشكيلي (آية دبس)

وترى أنّ الفنان لا يضيف شيئاً إنْ نَقَلَ الصورة نسخةً طبق الأصل إلى فضائه التشكيلي. ذلك لأنها تُميّز بين الفوتوغرافيا والرسم، وتجد اختلافاً بين المجالَيْن. تستغرب ما يبدو لها استعجالاً في رسم صور ضحايا الحروب مثلاً، وتصف الفعل بـ«تسلُّق اللحظة». يتهيّأ لها العالم ظلالاً، لانسلاخ الأماكن عن ناسها، والناس عن أماكنهم، وتأجُّج الشوق. تشبّثها بالموضوع، وهو واقع الإنسان على الأرض، يتصدَّر في السلم والحرب. الفارق أنه في الأيام الهادئة ترسمه بحميمية وعاطفة. والآن يطفو الحزن، ويلحّ الحنين إلى منزل الجدّة والذكرى الجميلة وجَمعة العائلة. رسْم التاريخ والطفولة شغفها. اليوم تؤلمها الأمكنة وتشتاق إليها. ترسمها بمشاعر لا تُفسَّر.