بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

نال الكلب شهرة بعد فيديو غير اعتيادي التقطه أميركي بالطيران الشراعي

كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)
كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)
TT

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)
كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

منذ أكثر من قرن، يتوافد السياح على أهرامات الجيزة لمعاينة هذه المعالم الحجرية المهيبة، لكن البعض باتوا يقصدون الموقع راهناً لسبب آخر: إلقاء نظرة على أبولو، الكلب الضال الشهير الذي بات يُعرف بـ«جرو الأهرامات».

وأثار هذا الحيوان ضجة كبيرة على شبكة الإنترنت بعد أن صُوّر في أكتوبر (تشرين الأول) وهو يتسلق هرم خفرع، أحد عجائب الدنيا السبع، بقوائمه الرشيقة.

هذا المقطع المصور غير الاعتيادي الذي انتشر على نطاق واسع عبر الإنترنت، التقطه الأميركي أليكس لانغ المولع بالطيران الشراعي، ونشره صديقه مارشال موشر عبر الإنترنت. ويظهر فيه أبولو متسلقاً الهرم الذي يبلغ ارتفاعه 136 متراً من دون خوف بينما كان ينبح على الطيور من الأعلى.

حظيت الكلاب الشاردة بشعبية بعد مقطع فيديو لكلب يدعى «أبولو» تسلق الأهرامات (أ.ف.ب)

ويقول أليكس لانغ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لقد كان يتصرف مثل الملك». ومنذ عملية التسلق الجريئة هذه، أصبحت الكلاب الضالة بالجيزة عامل جذب للزوار الذين اكتشفوا أنه ينتمي إلى عائلة كلاب تعيش بين المواقع الأثرية.

وبات سياح كثر، مثل البولندي أركاديوش يوريس، يزورون الأهرامات على أمل رؤية «أبولو» ورفاقه. ويقول يوريس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنه يتسلق، ثم يتكئ على إحدى الحجارة (...) ويلتقط الناس الصور حوله فيما هو ينظر إلى الجميع من الأعلى».

كما جاء السائح الأرجنتيني دييغو فيغا بالهدف نفسه. ويقول: «هذه الكلاب الضالة لها روح الأهرامات»، مضيفاً: «التقرب منها أشبه بالاتصال بالفراعنة».

نعمة للتجار

لم تُسعد شهرة «أبولو» المفاجئة السياح فحسب، بل أعطت أيضاً دفعة لمتاجر الحلي على هضبة الهرم.

وتقول أم بسمة (43 عاماً)، التي تبيع الهدايا التذكارية، إن مبيعاتها ارتفعت بنسبة 20 في المائة بفضل تدفق السياح الذين يأتون للقاء «كلاب الأهرامات»، وتوضح مبتهجة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نراها تتسلق الأهرامات، لكننا لم نعتقد أبداً أنها ستصبح نعمة بالنسبة لنا».

وبلغ الاهتمام بهذه الكلاب الشاردة درجة كبيرة حتى أن بعض المرشدين باتوا يتحدثون عنها للسياح في الموقع. ويقول أحد هؤلاء المرشدين لاثنين من السياح الأميركيين «إنه أنوبيس»، في حين بدأ كثر في رسم أوجه التشابه بين «أبولو» وإله الموتى لدى المصريين القدماء، والذي غالباً ما يتم تمثيله برأس ابن آوى.

كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

وفي هذا الصدد، يقول المرشد صبحي فخري: «كثير من السائحين هم من الشباب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك يستمرون في سؤالنا عن هذا الكلب، وأصبح هو وقطيعه جزءاً من محادثاتنا خلال الزيارات».

يضيف: «على الرغم من أن الكثيرين لا يعرفون من أيّ الكلاب هو (أبولو)، فإن السياح دائماً يسعدون بالتقاط الصور لهم مع أحد رفاقه».

يقول أحد حراس الهرم إن مذيعاً تلفزيونياً مصرياً شهيراً دفع المال مقابل تصوير كلبه مع «أبولو»، وهذا الأخير، البالغ ثلاث سنوات، جزء من مجموعة مكونة من ثمانية جراء من سلالة محلية معروفة بمرونتها وقدرتها على الصمود في مناخ مصر القاسي.

ويصف إبراهيم البنداري، المؤسس المشارك للمؤسسة الأميركية لإنقاذ الحيوانات في القاهرة، التي تراقب الكلاب الهرمة، أبولو بأنه «الذكر ألفا» في القطيع. ويوضح أن «أبولو» هو «الأشجع والأقوى» بين كلاب القطيع ويوفر «الحماية» لباقي الحيوانات لكونه «الأعلى في اللياقة البدنية والشجاعة».

وقد وضعت والدته «ليكا» صغارها في أحد شقوق الأهرامات، لكن الكثير من الجراء قضت بحوادث سقوط، فيما يدين «أبولو» ببقائه لحارسٍ نقل «ليكا» إلى أسفل المعلم.

حياة أفضل

وبعد الاهتمام الذي أثارته قصة كلاب الجيزة، قرر مارشال موشر أن يتبنى «أنوبي»، ابنة «أبولو».

وكتب عبر حسابه على «إنستغرام»: «أتخيل العلاقة التي ستتشكل معها». ويوضح أن «أنوبي» لا تزال في مصر حيث تتلقى العلاج لتصبح «قوية وبصحة جيدة»، قبل أن تنضم إلى سيدها الجديد في الولايات المتحدة.

وفي الموقع، تعمل جمعيات حماية الحيوان مع الحكومة على تركيب نقاط ماء وطعام لهذه الكلاب الضالة.

أحد الكلاب الضالة أمام هرم خوفو في الجيزة (أ.ف.ب)

كما أعلن وزير السياحة عن قرب إنشاء مركز بيطري دائم بهضبة الهرم لرعاية الحيوانات بالمنطقة، وسيتلقى موظفو الهرم تدريبات على كيفية التعامل معها.

تشعر فيكي ميشال براون، المؤسسة المشاركة لـACARF، بالرضا إزاء هذا الاهتمام المستجد. وتقول: «إنه أمر رائع لأنه يسلط الضوء على الكلاب والقطط هنا»، وتضيف: «أعتقد أن صعوده (أبولو) إلى الأهرامات يمكن أن يساعد كل كلاب مصر في الحصول على حياة أفضل».


مقالات ذات صلة

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي  ونظيره البرازيلي لولا دا سيلفا قبل اجتماع في ريو دي جانيرو (ا.ف.ب)

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقع مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بياناً مشتركاً بشأن ترقية…

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
شمال افريقيا نائب السفير السوداني في القاهرة خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن ملتقين اقتصاديين بين البلدين (الشرق الأوسط)

السودان يُعوّل على دعم اقتصادي مصري لتقليل خسائر الحرب

أعلنت السفارة السودانية في القاهرة عن تدشين عدد من الفعاليات الاقتصادية بين مصر والسودان خلال الفترة المقبلة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا شركة «النصر للسيارات» أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (مجلس الوزراء المصري)

تفاعل مصري مع «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها عبد الناصر

حظي «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1959، بتفاعل على «السوشيال ميديا».

أحمد عدلي (القاهرة )
رياضة عربية أحمد فتوح في أحد تدريبات نادي الزمالك (صفحة نادي الزمالك)

الحكم على لاعب الزمالك المصري أحمد فتوح يثير اهتماماً في مصر

أسدلت محكمة جنايات مطروح في مصر، السبت، الستار على قضية أحمد فتوح، لاعب نادي الزمالك ومنتخب مصر لكرة القدم، بإصدار حكمها على اللاعب بالحبس لمدة سنة.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا مجلس النواب المصري خلال جلسة سابقة (مجلس الوزراء المصري)

«النواب» المصري لتنظيم أوضاع اللاجئين

يتجه مجلس النواب المصري (البرلمان) إلى تنظيم أوضاع اللاجئين في البلاد. ويناقش "النواب"، الأحد، مشروع قانون جديد يتضمن "إنشاء لجنة دائمة تختص بشؤون اللاجئين".

أحمد إمبابي (القاهرة)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)
جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)
TT

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)
جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

«ما في مي يا أبو نزار» يصيح علي عامل شركة المياه في إحدى مناطق لبنان الجبلية وينطلق هذا فاحصاً المواسير والخزانات لتأمين ما يلزم. إنه رجل منهك مثل سيارته القديمة التي باتت لا تعمل جيّداً. ككل مياه مقطوعة ستنقطع بدورها عن العمل وسيجلس أبو نزار فيها منتظراً نجدة ما، في منطقة قلّما تمرّ بها سيارة.

حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (رويترز)

إيقاع حياة

هذا جزءٌ من عالم حزين وجميل يرسمه المخرج كريم قاسم في فيلمه الروائي الأول «موندوف»، الذي عُرض في المسابقة الدّولية في «مهرجان القاهرة السينمائي» باستقبال متفاوت.

للفيلم إيقاعه الخاص الذي وجده بعضهم رتيباً، لكنه إيقاع الحياة في ذلك الفيلم الذي يبتعد عن تقليد سرد القصّة كما اعتاد كثيرون في العالم العربي عليها. هناك شخصيات تدخل وتخرج في مشاهد متوالية يستخدم فيها قاسم لقطات بعيدة أو بعيدة جداً. وربما كان الفيلم يحتاج إلى لُحمة أفضل قليلاً لناحية ربط بين تلك الانتقالات بأسلوب أكثر سلاسة، لكن لا شيء بالتأكيد يعبّر عن خطأ فادح في تشييد فيلم مبني على هذه الوسيلة في الانتقال من حال عائلي إلى آخر. إنه تشييد يتبع إيقاع الحياة في منازل متباعدة مرمية في أحضان تلك البقعة الجميلة.

«موندوف» (مهرجان القاهرة السينمائي)

إحدى العائلات (يبدأ بها الفيلم) هي لصاحب محل لتصليح السيارات. عجوز يتحامل على نفسه. لديه ولدان (شاب وفتاة) والشاب يعتني بسربه من الحمام الذي سيضطر لبيعه كما سنراه لاحقاً. يقف مودعاً الحمام قبل أن يقبل على شنطته مقرراً المغادرة.

رجل عجوز آخر وزوجته في بيت أثري يجلسان معاً في حضن ذكرياتهما. قليل ما يفعلانه. ثم هناك أبو نزار المتعب سلفاً الذي ما زال يحب المرأة التي لم يتزوّجها.

الفيلم صورة جميلة لهذه الأنفس المتعَبة. يميل إلى الصمت واللقطات الطويلة ويرسم صورة طبيعية وواقعية تنأى بنفسها عن أحداث اليوم بحكمة.

حالة لبنانية عبر درّاجة

هناك فيلم آخر من لبنان هو «أرزة» لميرا شعيب الذي، على حسناته، يبدو متأثراً بفيلم ڤيتوريو دي سيكا الشهير «سارقو الدرّاجة». هنا أم (الرائعة دياموند بو عبّود)، تسرق سوار شقيقتها وتشتري بثمنه دراجة لكي يعمل عليها ابنها، لكن الدراجة تتعرض للسرقة وها هي وابنها يبحثان عنها. ما يمنح الفيلم خصوصيّته، اتصاله بالواقع المعيشي الصعب للفئات اللبنانية في مجتمع متلاطم بسبب ضغوط الحياة والسياسات العامّة.

المخرج السينمائي الفلسطيني رشيد مشهراوي (رويترز)

مواهب فلسطينية

المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عرض هنا «أحلام عابرة» مرّتين، بوصفه فيلم افتتاح ولاحقاً للجمهور العام في اليوم التالي، ولاقى استقبالاً جيداً في الحالتين.

لكنه عرض كذلك فيلماً طويلاً مؤلف من 22 فيلماً قصيراً (بعضها قصير جداً) تحت عنوان «أفلام من المسافة صفر». هي أفلام صوّرها أبناء غزة وبناتها خلال القصف وقبل دخول الاحتلال إليها مؤخراً جمعها المخرج الفلسطيني معاً. بعضها أفضل صنعاً وتنفيذاً من بعضها الآخر لكن من هو الذي يستطيع أن يلوم رجالاً ونساءً توجهوا إلى الكاميرات ليصوّروا وقائع حياتهم اليومية في المخيمات وتحت القصف وكيف يحاولون البقاء أحياء تحت ركام المنازل أو حتى فوقها.

اتخاذ منطقة حيادية حيال ما يُشاهد على الشاشة فعل صعب لكنه ضروري. بعض تلك الأفلام فكرة تنطلق وتنتهي ببساطة غير فاعلة، وبعضها الآخر. مثل «خارج التغطية» لمحمد الشريف (رجل يدرك أن أباه تحت الأنقاض لكنه لا يستطيع إخراجه) و«جنة الجحيم» لكريم ساتوم (عن رجل يأخذ كفناً من البلاستيك ينام فيه تمهيداً لاحتمال موته)

كذلك هناك «آسف سينما» لأحمد حسونة عن رجل حلم طويلاً بأن يصبح مخرجاً لكنه الآن يسعى فقط لكي يبقى وعائلته على قيد الحياة، متنقلاً مع حاجيات المعيشة الصعبة. يعكس ليس فقط أفكاراً جديدة، بل نيّرة وتكشف عن مواهب، علماً بأنه ليس من السهل مطلقاً الجمع بين مواصلة الحياة وتصوير الأفلام في وقت واحد. مخرجو هذا الفيلم يدفعون المُشاهد لتقدير ما حققوه بصرف النظر عن تفاوت القيمة الفنية التي سنحت لهم.

حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (أ.ف.ب)

التزام كامل

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور. حين سألتُ رئيس المهرجان حسين فهمي عن هذا الاهتمام قال:

«أنت تعلم أن المهرجانات الدولية الكبيرة حالياً باتت ميداناً سياسياً أكثر مما كانت عليه. حضرت «برلين» وتناقشت مع بعض المسؤولين حول هذا الوضع. لأنه حين كانت بعض المهرجانات تطلب من زيلينسكي الحضور إلكترونياً على الأقل، لم تكن تطلب في المقابل الأمر نفسه من بوتين. أجد هذا انحيازاً لا معنى له، لأن السينما فعل ديمقراطي في الأساس يجب الدفاع عنه. دافعي هنا هو عرض وجهة نظر الفلسطينيين فيما يدور لأن الإعلام الغربي متخلّف في هذه الناحية ولأن ما يدور ليس حرباً، بل إبادة».

وماذا عن الشركات والمؤسسات التي عرضت دعماً مادياً للمهرجان ورُفضت: «هذه المؤسسات تغاضت عن أن موقف مهرجان القاهرة في أساسه ملتزم بموقف الدولة في مصر، وشخصياً التزامي هو أيضاً إيماني العميق بأن ما يحدث في فلسطين ولبنان لا يجب أن يستمر تحت أي عذر. لذلك أنا سعيد بإصداري هذا القرار رغم أن الميزانية التي تلقيناها، وهي أعلى من ميزانية الدورة الأخيرة قبل عامين، بالكاد تلبّي كل متطلبات المهرجان. هي كافية وتحركنا بها جيداً ضمن حدودها. الأهم أننا عبّرنا عن رفضنا لعروض المؤسسات التي تدعم الاحتلال».