السودان يُعوّل على دعم اقتصادي مصري لتقليل خسائر الحرب

لقاءان قريبان لرجال الأعمال في بورتسودان والقاهرة

نائب السفير السوداني في القاهرة خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن ملتقين اقتصاديين بين البلدين (الشرق الأوسط)
نائب السفير السوداني في القاهرة خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن ملتقين اقتصاديين بين البلدين (الشرق الأوسط)
TT

السودان يُعوّل على دعم اقتصادي مصري لتقليل خسائر الحرب

نائب السفير السوداني في القاهرة خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن ملتقين اقتصاديين بين البلدين (الشرق الأوسط)
نائب السفير السوداني في القاهرة خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن ملتقين اقتصاديين بين البلدين (الشرق الأوسط)

يعوّل السودان على دعم اقتصادي مصري لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب. وأعلنت السفارة السودانية في القاهرة عن تدشين عدد من الفعاليات الاقتصادية بين البلدين في الفترة المقبلة، لتعزيز التعاون الاقتصادي، إلى جانب الإعداد لعملية إعادة الإعمار بالتعاون مع الشركات المصرية.

وفي حين يرى مسؤولون سودانيون تعزيز الشراكة الاقتصادية مع مصر «خطوة مهمة لتحقيق التعافي الاقتصادي لبلادهم»، قلل خبراء من «تأثير هذا التعاون»، وأرجعوا ذلك إلى «استمرار الحرب الداخلية في السودان التي تُهدد أي استثمارات».

وتستضيف مدينة بورتسودان، المؤتمر الاقتصادي الأول، يومي 19 و20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في حين يُعقد الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال بالقاهرة في 23 من الشهر نفسه، وفق نائب السفير السوداني في القاهرة، عمر الفاروق، الذي قال في مؤتمر صحافي بالقاهرة، مساء السبت: «إن انعقاد الملتقين بداية لأطر جديدة لتجاوز التداعيات الكبيرة التي أحدثتها الحرب في السودان، وتأثيراتها القوية على الاقتصاد الذي تأثر بصورة كبيرة».

وعدّ الفاروق أن الحرب في بلاده «أثرت كثيراً على الإيرادات والاقتصاد، خصوصاً في المجالين الزراعي والصناعي»، مشيراً إلى أن ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني يستهدف إعادة العلاقات بين القطاعين الخاص في البلدين، موضحاً أن «بلاده لديها ما تقدمه لمصر في المجالات الغذائية والصناعية والنقل والبنية التحتية».

في حين قدّر رئيس القطاع التجاري بـ«الشركة المصرية - السودانية»، منجد إبراهيم، حجم خسائر السودان الاقتصادية بسبب الحرب بنحو «200 مليار دولار، نتيجة تدمير البنية التحتية والمنشآت، إضافة إلى خروج نحو 20 مليون فدان من الزراعة».

وتأسست «الشركة المصرية - السودانية» في أبريل (نيسان) 2021 لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.

ولفت إبراهيم خلال المؤتمر الصحافي، مساء السبت، إلى «تراجع معدلات التبادل التجاري بين مصر والسودان، لتسجل نحو 1 بالمائة، فضلاً عن توقف الاستثمارات بين البلدين بسبب الحرب». وأضاف أن «المستهدف رفع نسبة التجارة إلى نحو 10 بالمائة».

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار في 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 بالمائة، وفق «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري» في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.30 جنيه في البنوك المصرية).

ووفق إبراهيم، فإن ملتقى رجال الأعمال سيناقش عدداً من الملفات، على رأسها إعادة إعمار السودان والأمن الغذائي المصري - السوداني، مشيراً إلى عدد من المشروعات الجديدة التي ستناقش، من بينها إقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والسودان في أسوان، جنوب مصر.

ويرى الباحث السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، أن «التوقيت الحالي غير مناسب لبحث استثمارات جديدة في السودان، في ظل استمرار الحرب الداخلية»، وقال: «إن المناخ غير جاذب لأي مشروعات استثمارية، في ظل استمرار العدائيات الداخلية في عدد من الولايات»، مشيراً إلى أن «الفعاليات الاقتصادية تستهدف إتاحة فرص للمستثمرين السودانيين داخل مصر».

وأوضح خليل لـ«الشرق الأوسط» أن «دور القطاع الخاص المصري سيظهر أكثر بعد انتهاء الحرب، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار»، لافتاً إلى أن «هناك رغبة من الحكومة السودانية لمنح الشركات المصرية مساحات أكبر في ملف التنمية وإعادة الإعمار، والتنقيب عن المعادن خلال الفترة المقبلة».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال السفير السوداني في القاهرة، عماد الدين عدوي، في تصريحات سابقة: «إن بلاده بدأت دراسة عملية إعادة الإعمار، بعد الحرب الداخلية الحالية»، وأضاف أن «الشركات المصرية هي الأجدر للقيام بإعادة الإعمار في السودان»، مشيراً إلى «عقد ورش عمل لبحث جهود الإعمار في قطاعات الزراعة والصناعة والبنية التحتية».

في سياق ذلك، عدّد رئيس مركز التكامل السوداني - المصري، عادل عبد العزيز، القطاعات التي ستُركز عليها الفعاليات الاقتصادية بين مصر والسودان، بقوله إنها تشمل 9 قطاعات، منها الزراعة والصناعات الغذائية والدوائية، و«ستجرى مناقشة فرص التعاون بين رجال الأعمال السودانيين المقيمين في مصر ونظرائهم المصريين».

وأوضح خلال المؤتمر الصحافي في القاهرة أن «المؤتمر الاقتصادي الأول في بورتسودان يستهدف الوقوف على الآثار الاقتصادية للحرب، وحجم الأضرار التي لحقت بمختلف القطاعات»، إلى جانب «بحث كيفية احتواء ومعالجة تلك الخسائر، وتقليل فاتورتها على الاقتصاد السوداني».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها عبد الناصر

شمال افريقيا شركة «النصر للسيارات» أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (مجلس الوزراء المصري)

تفاعل مصري مع «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها عبد الناصر

حظي «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1959، بتفاعل على «السوشيال ميديا».

أحمد عدلي (القاهرة )
رياضة عربية أحمد فتوح في أحد تدريبات نادي الزمالك (صفحة نادي الزمالك)

الحكم على لاعب الزمالك المصري أحمد فتوح يثير اهتماماً في مصر

أسدلت محكمة جنايات مطروح في مصر، السبت، الستار على قضية أحمد فتوح، لاعب نادي الزمالك ومنتخب مصر لكرة القدم، بإصدار حكمها على اللاعب بالحبس لمدة سنة.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا مجلس النواب المصري خلال جلسة سابقة (مجلس الوزراء المصري)

«النواب» المصري لتنظيم أوضاع اللاجئين

يتجه مجلس النواب المصري (البرلمان) إلى تنظيم أوضاع اللاجئين في البلاد. ويناقش "النواب"، الأحد، مشروع قانون جديد يتضمن "إنشاء لجنة دائمة تختص بشؤون اللاجئين".

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيض فاتورة استيراد الجبن (رويترز)

التحاق الجبنة بقائمة «السلع الاستفزازية» يثير اهتماماً في مصر

حظيت الجبنة المستوردة باهتمام واسع في مواقع التواصل بعدما تصدَّرت «التريند» عقب تصريحات نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصناعة والنقل كامل الوزير.

أحمد عدلي (القاهرة )

البرلمان المصري يقر «مبدئياً» قانوناً لتنظيم أوضاع اللاجئين

مجلس النواب (الحكومة المصرية)
مجلس النواب (الحكومة المصرية)
TT

البرلمان المصري يقر «مبدئياً» قانوناً لتنظيم أوضاع اللاجئين

مجلس النواب (الحكومة المصرية)
مجلس النواب (الحكومة المصرية)

بهدف تقنين وجودهم وتمييزهم عن الأجانب المقيمين، وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، الأحد، مبدئياً على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين الذين تزايدت أعدادهم أخيراً، في ظل صراعات وحروب تشهدها المنطقة.

ويضع مشروع القانون، قواعد تنظيمية تمنح اللاجئ امتيازات وحقوقاً، وتفرض عليه الالتزام بالتشريعات المصرية، كما يُميز بين اللاجئ الذي تحول ظروف قهرية دون عودته لبلاده، والزائر الأجنبي الذي يُقيم في البلاد لأسباب متنوعة، من بينها العمل والدراسة.

وينظم مشروع القانون، الذي قدّمته الحكومة أوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة، في إطار الاتفاقيات الدولية التي انضمت مصر إليها، لضمان تقديم جميع أوجه الدعم والرعاية للمستحقين، وفق النص المقترح.

وبموجب القانون الجديد سيجري إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين «لتكون الجهة المختصة بكل شؤون اللاجئين، بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بهم... وتفصل اللجنة في طلبات اللجوء، بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة»، وفق «وكالة أنباء الشرق الأوسط».

طرق مشروعة وغير مشروعة

يحصل اللاجئون من بعض الجنسيات على امتيازات المصريين في التعليم والصحة (مفوضية الأمم المتحدة)

ومن المفترض أن تنظر اللجنة في طلبات اللجوء، خلال 6 أشهر، لمن دخل البلاد بطرق مشروعة، وخلال سنة بحد أقصى لمن دخل البلاد بطرق غير مشروعة. و«يتمتع اللاجئ فور اكتسابه هذا الوصف بحقوق؛ منها الحق في الحصول على وثيقة سفر... وحظر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة»، وفق مشروع القانون.

وأشار رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، النائب أحمد العوضي، إلى أن «مشروع القانون يستهدف في الأساس تقنين أوضاع اللاجئين الموجودين حالياً في مصر، ما يتيح لهم دعماً وحقوقاً في العمل والحياة، ويفرض عليهم واجبات عدة، على رأسها الالتزام بقانون البلاد».

وقال العوضي لـ«الشرق الأوسط»: «إن مصر لديها ملايين الأجانب المقيمين، جميعهم يعيشون على أرضها ضيوفاً أعزاء لا يقيمون في مخيمات»، مشيراً إلى أنه «في ظل الاضطرابات الإقليمية الأخيرة، زاد عددهم حتى باتوا يُشكلون ما يزيد على 8.5 في المائة من تعداد السكان، ما فرض عبئاً اقتصادياً على البلاد، يتجاوز 10 مليارات دولار سنوياً؛ لذلك كان لا بد من تقنين أوضاعهم، عبر تشريع يتماشى مع المعايير الدولية». وقدّر رئيس مجلس الوزراء المصري، في وقت سابق، التكلفة المباشرة لاستضافة مصر ما يزيد على 9 ملايين شخص، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

فض الاشتباك

بدوره، عَدّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، القانون الجديد «محاولة لتنظيم وجود الأجانب في مصر، وفض الاشتباك بين اللاجئ أو طالب اللجوء والمقيم لعمل أو غيره». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مصر أصبحت ملاذاً للكثيرين في السنوات الأخيرة، لا سيما مع الحروب الدائرة في المنطقة، وعلى رأسها الوضع في السودان».

وأضاف: «القانون مهم للتمييز بين اللاجئ الذي تمنعه الظروف من العودة لبلاده، والمقيم الذي جاء للعمل أو الاستثمار أو غير ذلك»، مشيراً إلى أن «القانون جاء استجابة لإشكالية ناتجة عن عدم تسجيل اللاجئين في مصر على قوائم مفوضية اللاجئين الأممية، ومن ثم صعوبة حصول القاهرة على دعم لهم».

ونوه إلى أن القانون «سيفرض على الأجانب إما تقديم طلب لجوء إذا كانوا يريدون الحصول على صفة لاجئ وإما الحصول على تصاريح إقامة إذا كانوا غير ذلك». وفي حين تقر بيانات حكومية رسمية بوجود أكثر من 9 ملايين أجنبي من 133 دولة في مصر، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة، تُشير بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى «تسجيل 818 ألف لاجئ من 60 دولة في مصر، يحتل السودانيون المرتبة الأولى بينهم، بواقع 537 ألفاً و882 لاجئاً، يليهم السوريون بواقع 148 ألفاً و938 لاجئاً».

مفوضية اللاجئين

لاجئون سودانيون يسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر (المفوضية)

وسبق أن أشارت مفوضية اللاجئين إلى أن «أكثر من 1.2 مليون سوداني لجأوا إلى مصر» منذ بداية الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023. وفرق العوضي بين اللاجئ والمهاجر أو الزائر الأجنبي للبلاد، قائلاً: «التشريع الجديد يسري على اللاجئين، وهم مَن تمنعهم ظروف قهرية من العودة لبلادهم، ووضعهم مختلف عن الزائر أو المهاجر الذي يزور مصر طوعاً، ويمكنه العودة لبلاده في أي وقت».

وأشار إلى أن «لجنة شؤون اللاجئين ستكون مسؤولة عن تلقي طلبات اللجوء والبت فيها، بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وسيتيح القانون للاجئ فرص العمل وتأسيس الشركات».

ووفقاً لمشروع القانون «لا يُقبل طلب اللجوء إذا توفرت في طالبه أسباب جدية لارتكابه جريمة ضد السلام أو الإنسانية أو جريمة حرب، أو إذا ارتكب جريمة جسيمة قبل وصوله إلى مصر، أو إذا ارتكب أي أعمال مخالفة لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، أو إذا كان مدرجاً على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين داخل مصر، أو إذا ارتكب أي أفعال من شأنها المساس بالأمن القومي أو النظام العام»، ويحق لمصر حال رفض طلب اللجوء إبعاد صاحبه خارج البلاد.