التحاق الجبنة بقائمة «السلع الاستفزازية» يثير اهتماماً في مصر

بعد حديث عن وصول وارداتها إلى 130 مليون دولار سنوياً

تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيض فاتورة استيراد الجبن (رويترز)
تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيض فاتورة استيراد الجبن (رويترز)
TT

التحاق الجبنة بقائمة «السلع الاستفزازية» يثير اهتماماً في مصر

تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيض فاتورة استيراد الجبن (رويترز)
تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيض فاتورة استيراد الجبن (رويترز)

حظيت الجبنة المستوردة باهتمام واسع في مواقع التواصل بعدما تصدَّرت «التريند» عبر «إكس»، الجمعة في مصر، عقب تصريحات نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصناعة والنقل كامل الوزير عن استيراد الجبن بنحو 130 مليون دولار سنوياً، وسط تبايُن في ردود الفعل حول المبلغ المُعلن. وكان الوزير عدَّ الجبنة المستوردة في تصريحات الشهر الماضي من «السلع الاستفزازية».

وبرز مصطلح «السلع الاستفزازية» بالتزامن مع سعي الحكومة إلى ضبط الواردات بسبب الأزمة الاقتصادية التي أدّت إلى تخفيض قيمة الجنيه مرات عدّة في السنوات الأخيرة لمحاولة تقليص الطلب على العملة الصعبة، في حين أوقفت الحكومة لفترة تدبير العملة لمستوردي هذه السلع التي ظلَّت قائمتها تخضع لتحديث مستمر.

وعقب اجتماع مجلس الوزراء، الخميس، أكد وزير الصناعة وجود رؤية استراتيجية لدى الدولة لتصنيع الجبن داخل مصر، بما يُسهم في خفض الفاتورة الاستراتيجية وتقليل الضغط على العملة الصعبة، نافياً نية منع الاستيراد.

وانقسمت الآراء في مواقع التواصل بين مؤيّد لتصريحات الوزير وداعم لفكرة الاعتماد على التصنيع المحلّي للجبن بدلاً من استيراده.

بينما طالب آخرون الحكومة بالالتفات إلى زيادة الصادرات والاستثمار المباشر، وعدم تكرار الحديث عن قائمة السلع التي تُستَورد.

وعانت مصر خلال العامين الماضيين من أزمة في توافر الدولار، ما أدّى إلى انتعاش «السوق الموازية»، إذ وصل سعر الدولار خلال العام الماضي إلى نحو 70 جنيهاً، في حين انخفض الجنيه أمام الدولار في البنوك خلال مارس (آذار) الماضي.

وأعلن الوزير، الشهر الماضي، أنّ الحكومة استوردت «سلعاً استفزازية» بـ5.6 مليار دولار بين 2014 و2023، بالتزامن مع دعوة الرئيس المصري لتطوير الصناعة للحدّ من الاعتماد على الاستيراد، منتقداً التوسُّع في استيراد «السلع الترفيهية».

بدورها، رأت عضوة مجلس النواب، أمل سلامة، أنّ «ثمة ضرورة تفرضها الظروف الحالية للحدّ من استيراد المنتجات غير الضرورية في مقابل الاهتمام بتصنيعها محلّياً، وهو أمر يشمل الجبنة بمختلف أنواعها»، مشيرة إلى أنّ «مصانع ستعمل على تصنيع الأنواع التي تُستَورد ليكون لها بديل محلّي».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «التصنيع المحلّي لأنواع الجبن سيوفّر العملة الصعبة التي تدفع لاستيرادها بشكل كبير، بالإضافة إلى توفير فرص عمل للشباب وتشغيل أيادٍ مصرية في المشروع»، لافتة إلى أنّ «التصنيع المحلّي لا يعني منع الاستيراد، لكون المجتمع المصري كبيراً ومتنوعاً ويضمّ فئات قادرة على شراء السلع المُستوردة، وتفضّلها، وبالتالي تدفع قيمتها».

أما الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة، فرأى أنّ «مصطلح (السلع الاستفزازية) لا يبدو دقيقاً لأنّ السلع ما دامت مطلوبة فهي مهمّة بالنسبة إلى المواطن. وتفاوت المستويات والطبقات مسألة ينبغي تفهّمها في ظلّ اختلاف الحاجات من شخص إلى آخر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «تصريحات نائب رئيس الوزراء يمكن تفهّمها في ضوء زيادة الاهتمام بالمصانع والصادرات الغذائية خلال الفترة الماضية».

وسجَّلت صادرات الصناعات الغذائية 4.6 مليار دولار من يناير (كانون الثاني) حتى سبتمبر (أيلول) من العام الحالي بزيادة 688 مليون دولار، ونمو يصل إلى 18 في المائة مقارنة بالفترة عينها من 2023.

وأكد العمدة على «ضرورة عمل الحكومة بشكل مكثَّف على تعزيز الصناعة المحلّية في جميع المنتجات التي تزيد فاتورة استيرادها عن 100 مليون دولار، لأن إحلال المنتج المحلّي بدلاً من المستورد يضمن استثمارات وعائدات في السوق بمليارات الجنيهات في ظلّ وجود طلب على المنتج وإمكان تسويقه بسعر أقل من المستورد في حال تصنيعه محلّياً».

وتهدف مصر إلى زيادة الصادرات لتبلغ 145 مليار دولار بحلول 2030، مُعتمدةً على حوافز التصدير وتعميق التصنيع المحلّي ودعم الإنتاج، مع منح إعفاءات ضريبية وتسهيل تخصيص الأراضي والمشروعات، وفق تصريحات متطابقة لرئيس الحكومة وعدد من الوزراء.


مقالات ذات صلة

رئيس «سار» لـ«الشرق الأوسط»: توطين صناعة السكك الحديدية بالسعودية قريباً

الاقتصاد قطار الحرمين السريع (واس)

رئيس «سار» لـ«الشرق الأوسط»: توطين صناعة السكك الحديدية بالسعودية قريباً

من المقرر أن تطلق الخطوط الحديدية السعودية (سار)، بعد أيام قليلة، برنامجاً خاصاً بتوطين صناعة السكك الحديدية.

آيات نور (الرياض)
الولايات المتحدة​ لاري كودلو المدير السابق للمجلس الاقتصادي الوطني للولايات المتحدة يتحدث خلال ندوة في واشنطن 26 يوليو 2022 (رويترز)

ترمب يدرس تعيين لاري كودلو مذيع «فوكس بيزنس» في منصب اقتصادي كبير

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، تعيين لاري كودلو، المذيع في شبكة «فوكس بيزنس»، بأحد المناصب الكبيرة التي تدير السياسات الاقتصادية في إدارته المقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد زوار يتجهون إلى مدخل قاعة المؤتمرات التي تحتضن اجتماعات «كوب 29» في باكو (د.ب.أ)

«كوب 29» يشهد دعوات للإصلاح والتحول من «التفاوض» إلى «التنفيذ»

قال مجموعة من الزعماء السابقين وخبراء المناخ إن محادثات المناخ السنوية للأمم المتحدة لم تعد تفي بالغرض الذي تجرى من أجله وتحتاج إلى إصلاح.

«الشرق الأوسط» (باكو (أذربيجان))
الاقتصاد العلم البريطاني يرفرف أمام ساعة «بيغ بن» أعلى مبنى البرلمان في وسط لندن (رويترز)

مخاوف التضخم في بريطانيا تزداد بعد الموازنة الجديدة وفوز ترمب

بلغ التضخم في بريطانيا ذروته عند أكثر من 11 في المائة قبل عامين إثر اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهو أعلى مستوى بين الدول الكبرى الغنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد حقل نفطي وسط منطقة سكنية في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

ضبابية أسعار الفائدة وطلب الصين يضغطان أسواق النفط

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، مع عكوف المستثمرين على تقييم مؤشرات على أن الطلب في الصين لا يزال ضعيفاً في ظل التعافي الاقتصادي المضطرب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

«البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)
«البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)
TT

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

«البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)
«البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس»، السبت. وذكرت السلطات أنّ مواد مخدِّرة وُجدت بحوزة صانعة المحتوى.

وتوالت ردود الفعل عبر مواقع التواصل، بين استنكار لِما فعلته صانعة المحتوى التي تعمل أيضاً مذيعةً وممثلةً، واشتهرت بفيديوهات عبر «يوتيوب» و«فيسبوك» وصفها متابعون بـ«الجريئة»، في حين عدَّها بعضٌهم خادشة للحياء وتتنافى مع الآداب العامة؛ وما بين التشكيك في أهلية «البلوغرز» لتصدُّر الواجهة الإعلامية.

وذكرت وزارة الداخلية المصرية في بيان، السبت، أن تحرياتها أكدت «اتجار أحد العناصر الإجرامية، يحمل جنسية إحدى الدول، ويقيم بالتجمع الخامس (شرق القاهرة)، بمخدّر (GHP) المعروف بـ(مخدّر اغتصاب الفتيات)، عبر شرائه من موقع إلكتروني بإحدى الدول، ثم شحنه إلى دولة أخرى تمهيداً لتهريبه إلى داخل البلاد في عبوات مُثبت عليها ملصق لإحدى شركات النظافة، بغرض التمويه؛ وذلك لترويجه بين أوساط الشباب وتحقيق أرباح غير مشروعة».

وبعد تقنين الإجراءات، ضُبط وبحوزته 180 لتراً من مخدر «GHP»، وبمواجهته، أقرّ بنشاطه الإجرامي، كما حُدِّدت إحدى المتعاملات معه وجرى ضبطها؛ فوصفها البيان بأنها «صانعة محتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي لها سوابق جنائية»، لترويجها المخدّر بين أوساط الشباب نظير مقابل مادي، وعُثر بحوزتها على زجاجة تحتوى بداخلها كمية من مادة «GHP» المخدّرة، وعدد من الأقراص المخدّرة، وقدَّرت السلطات القيمة المالية للمضبوطات بقرابة 145 مليون جنيه.

السلطات المصرية تقبض على «بلوغر» لحوزتها مخدرات (وزارة الداخلية)

وأكد البيان أنّ الإجراءات القانونية اتُّخذت، وتولّت النيابة العامة التحقيق. وتوالت التعليقات عبر مواقع التواصل بين مَن يرى المذيعة دون الكفاءة العالية، ولكن برز تساؤل عن العقار المضبوط «GHP».

واشتهرت داليا فؤاد بتقديم فيديوهات عبر «يوتيوب»، ووصل متابعوها إلى أكثر من 200 ألف، في حين وصل متابعوها عبر «فيسبوك» إلى نحو مليونَيْن، ووصفها برنامج «بودكاست» استضافها مؤخراً بأنها «أجرأ بنت في مصر».

في هذا السياق، يرى المخصّص في الإعلام بـ«جامعة القاهرة»، الدكتور عثمان فكري، أنّ «المسألة هنا ليست لها علاقة بكونها صانعة محتوى، بقدر علاقتها بالبعد الأخلاقي»، وحول المحتوى «الجريء» الذي تقدّمه، يقول: «كيف تقدّم هذا النوع من المحتوى وتُترك طوال تلك الفترة؟ وتعمل أيضاً في قناة معروفة؟ خروج صناع المحتوى عن الآداب العامة دون رادع قانوني أصبح محيّراً ومثيراً للانتباه».

وسبق أن تعرّضت أكثر من صانعة محتوى في مصر لإلقاء القبض في الفترة الأخيرة، بسبب المحتوى غير اللائق الذي يقدّمنه، وأبرز تلك الحالات كانت «البلوغر» هدير عبد الرازق، وسوزي أيمن المعروفة بـ«سوزي الأردنية»، و«بلوغر حلوان»، في حين تعرّض ممثلون للتوقيف لحيازة مخدرات كان أحدث حالة الفنان سعد الصغير، وقبله الفنانة منة شلبي.

ويعدّ الأستاذ في «المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية» بمصر، الدكتور فتحي قناوي، «القبض على (بلوغر) بتهمة حيازة مخدرات نتيجة طبيعية لما يحصل عليه بعض مَن يسمّون أنفسهم صنّاع محتوى من أموال مصدرها غير معروف، أو نتيجة نشرهم فيديوهات منافية للآداب». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «مَن لا حسَّ أخلاقياً لديه حيال مجتمعه، لن يرى مشكلة في تقديم أي محتوى للوصول إلى (التريند)، وتحقيق نسب مشاهدة عالية، وأموال طائلة لإثبات أنّ له وزناً اجتماعياً».

ويضيف: «حين ينشر أحدهم مقاطع خادشة، فذلك لا يُعدّ نابعاً من حُسن نية. فهو يسعى إلى الثراء بصرف النظر عما إذا كان مصدر الأموال مشروعاً، وبالتالي يتّجه في كثير من الأحيان إلى صرفها على المخدرات، فهذا أشهر فخ يصطاد المشاهير وأصحاب الثروات السهلة».