مُصابة بالتوحُّد أقوى من قدرها

أرادت أن يفتخر ابنها بها وتُجنِّب الآخرين مشاعر تؤلم الأعماق

إرادة الإنسان تخطُّ مساره (مواقع التواصل)
إرادة الإنسان تخطُّ مساره (مواقع التواصل)
TT

مُصابة بالتوحُّد أقوى من قدرها

إرادة الإنسان تخطُّ مساره (مواقع التواصل)
إرادة الإنسان تخطُّ مساره (مواقع التواصل)

مثّل يوم تشخيص إيما شورز بالتوحُّد لحظةً فارقةً في حياتها، حدَّ أنها تحتفل به كأنه عيد ميلادها الثاني.

أول ما خطر لها عندما تلقَّت الخبر، تكوين صداقات مع آخرين يتعايشون مع التوحُّد. أشخاص شعرت بأنهم قد يفهمونها. نقلت عنها «بي بي سي» قولها: «اعتقدتُ أنني ربما سأشعر بغربة أقل عنهم»... لكنّ الأمور لم تكن بهذه السهولة.

كانت إيما في منتصف العشرينات، تقيم في لندن، وتلاحق حلمها بأن تصبح معلّمة بمدرسة ابتدائية عندما عانت مما وصفته بـ«الانهيار الكبير».

انحرفت حياتها عن مسارها حين استقبلتها خدمات الصحّة العقلية، فشُخِّصت حالتها خطأ بأنها مصابة بمرض عقلي، وأُعطيت علاجاً نفسياً. انتقلت إلى الريف الويلزي لتكون مع عائلتها، ثم، بالمصادفة، خلال جلسة علاج نفسي، قال شخص ما إنها قد تكون مصابة بالتوحُّد. تابعت الشابة البالغة 33 عاماً: «بعد التشخيص، أذكر أنني بدأتُ أشعر بالسعادة. ولكن كان ثمة أيضاً بعض الحزن لأنني لن أصبح هذا الشخص الذي أردتُ أن أكونه في مركز خدمات الصحّة العقلية».

حاولت البحث عن مجموعات قد تساعدها في تكوين صداقات. وكانت قد أصبحت أماً، فحاولت الالتحاق أيضاً بمجموعات الأبوّة والأمومة، لكنها وجدتها صاخبة. ثم سمعت عن مشروع جديد مصمَّم لتشجيع الأشخاص المصابين بالتوحُّد على إطلاق نوادٍ اجتماعية خاصة بهم. جذبتها الفكرة على الفور. قالت إيما: «الشعور بالوحدة أشبه بوجود لغة أصلية مختلفة عن كل شخص آخر من حولك. أعتقد أنّ السبب الرئيسي لرغبتي في تكوين نادٍ هو مساعدة الآخرين، وجَعْل ابني فخوراً بي. لا أريد أن يشعر أي شخص بالوحدة التي أشعر بها».

يهدف المشروع الذي تديره «الجمعية الوطنية للتوحُّد» إلى تشجيع البالغين المصابين به على إنشاء مجموعات خاصة لدعم مَن يعانون حالات مُشابهة، إذ يمكن للأعضاء الاجتماع بانتظام لممارسة الأنشطة مثل البولينغ أو تناوُل البيتزا. وأشارت بحوث أجرتها المؤسّسة الخيرية إلى أنّ 80 في المائة من البالغين المصابين بالتوحُّد تؤلمهم مشاعر الوحدة والعزلة. فعلَّق سيمون همفريز، الذي أنشأ أول نادٍ اجتماعي للمصابين بالتوحُّد في مدينة كولوين باي: «نرى بانتظام حالات تعاني فقدان الثقة بسبب أشخاص اعتادوا التنمُّر أو المضايقة. ضحاياهم لا يحبّون الاختلاط ويشعرون بالضعف الشديد والوحدة. بهذه الطريقة يمكننا التحدُّث وتكوين أُسرة للصداقة».


مقالات ذات صلة

تلوث الهواء قد يزيد خطر الإصابة بالتوحد

صحتك التوحد هو اضطراب في نمو الدماغ منذ الطفولة (رويترز)

تلوث الهواء قد يزيد خطر الإصابة بالتوحد

كشفت دراسة جديدة عن أن تلوث الهواء يمكن أن يزيد من خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد (ASD) واضطرابات النمو العصبي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال الحمل قد تؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد (أ.ب)

مرض الأم خلال الحمل قد يصيب الطفل بالتوحد

توصلت دراسة جديدة إلى أن إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال الحمل قد تؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تناول الأسماك خلال الحمل قد يقلل من احتمالية إصابة الجنين بالتوحد (أ.ب)

تناول هذا الطعام خلال الحمل قد يقلل من خطر إصابة الجنين بالتوحد

أظهرت دراسة جديدة أن تناول الأسماك خلال الحمل قد يقلل من احتمالية إصابة الجنين باضطراب طيف التوحد، بنسبة 20 %.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق النموذج الجديد للكشف المبكر عن التوحّد لدى الأطفال (معهد كارولينسكا)

الذكاء الاصطناعي يكشف التوحّد بسهولة

طوّر باحثون من معهد «كارولينسكا» في السويد نموذجاً جديداً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه توقّع إصابة الأطفال بالتوحّد بسهولة من خلال معلومات بسيطة نسبياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك التوحد قد يؤثر على القدرات الإدراكية لدى الأطفال (جامعة ويست فيرجينيا)

علامات تساعد على التشخيص المبكر للتوحد

كشفت دراسة أميركية عن وجود سمات حركية حسية مبكرة لدى الأطفال الصغار الذين يتم تشخيصهم لاحقاً باضطراب طيف التوحد، مما يساعد على تشخيص المرض مبكراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

خيري بشارة: قسوت على أحمد زكي... و«كابوريا» نقطة تحول

المخرج المصري خيري بشارة يتحدث عن مشواره الفني (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج المصري خيري بشارة يتحدث عن مشواره الفني (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)
TT

خيري بشارة: قسوت على أحمد زكي... و«كابوريا» نقطة تحول

المخرج المصري خيري بشارة يتحدث عن مشواره الفني (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج المصري خيري بشارة يتحدث عن مشواره الفني (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)

أكد المخرج المصري خيري بشارة أنه يرفض تصنيف أفلامه؛ لأن «التصنيف يسجن أفكاره»، موضحاً خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45 حول «الهوية في عيون خيري بشارة» أنه ظل دائماً صادقاً مع نفسه، ولم تكن لديه تطلعات مادية، واعترف بشارة أنه كان قاسياً مع أحمد زكي في مشاهد ضرب حقيقية بفيلم «العوامة 70».

الجلسة الحوارية التي أقيمت، الخميس، أدارها عمر الزهيري مخرج فيلم «ريش» وبمشاركة عدلي توما رئيس شركة «جيمناي أفريقيا» والفنانة التشكيلية آية طارق والمخرجة هيا خيرت.

ووصف الزهيري أفلام خيري بشارة الأولى بأنها «كانت تشبه عصرها»، منذ «الأقدار الدامية»، و«العوامة 70»، و«الطوق والإسورة»، ثم «يوم مر ويوم حلو»، ثم حدث التحول في «كابوريا».

وعن بدايته في فيلم «الأقدار الدامية» عام 1982 عدّ بشارة هذا العمل «يعبر عن مزيج من السيرة الذاتية والخيال»، وقال: «إن خطيبة البطل في الفيلم تشبه زوجتي في الواقع، فهي صاحبة شخصية قوية للغاية ودائماً بينها وبين زوجها عراك، فهي تقف على الأرض وهو يحلق في السماء»، مضيفاً: «أنا جريء جداً في أفلامي لكنني في الواقع رومانسي جداً».

وعرّج بشارة على نشأته الريفية التي تأثر بها مؤكداً أن جده لأبيه كان من أعيان القرية، لكن والده كان متمرداً فسكن في بيت بُني على الطريقة الإنجليزية خلال الاحتلال البريطاني لمصر، وروى أنه حين كان طفلاً أقل من 6 سنوات، كان يشاهد عنف أبيه مع المزارعين، ولم يقف في صفه، بل انحاز للفلاحين ضد الظلم، مؤكداً أن «هذا جزء من ميراثي ظلَّ طوال الوقت داخلي، وقد التحقت بمدارس الرهبان لكن كان بها قسوة شديدة وضرب، ثم أدخلني والدي مدارس خاصة وحكومية، ومن ذلك كله خرجت أفلامي».

وحول تخليه عن الواقعية الإيطالية والسينما الحرة الإنجليزية التي تأثر بها في أفلامه الأولى قال: «إلى حد كبير كنت صادقاً مع نفسي قبل أي إغراءات أخرى، وقد شعرت بأنني قدمت كل ما عندي في هذا الاتجاه؛ مما جعل البعض يعتقد أنني قد تخليت عما أومن به، لكن هذا لم يكن صحيحاً، فقد تناولت الصراع الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، والتفاوت الطبقي والتمرد».

فاتن حمامة وسيمون في مشهد من فيلم «يوم مر ويوم حلو»

وتحدث بشارة عن فيلم «يوم مر ويوم حلو»، قائلاً: «بعد هذا الفيلم شعرت بأنني ليس لديّ إضافة، وبالصدفة قابلت أحد المتفرجين في إشارة مرور فقال لي إنه شاهد فيلمي (يوم مر ويوم حلو)، وشاهد فيلم (أحلام هند وكاميليا) لمحمد خان، وسعد بهما، لكنه بعد مشاهدتهما أصيب بذبحة صدرية؛ الأمر الذي أزعجني كثيراً، فأنا أريد بأفلامي دفع الناس للتغيير وليس المرض أو الصدمة».

خيري بشارة في حوار مفتوح حول أعماله الفنية (إدارة المهرجان)

ووصف بشارة فيلم «كابوريا» (1990) بأنه «نقطة تحول في توجهاتي»، موضحاً أنه شاهده كشيء غامض قبل أن يخرجه، مستشهداً بما ذكره المخرج الإيطالي فيديريكو فلليني حين سألوه عن فيلمه المقبل، فقال «إذا عرفته فلن أعمله»، لافتاً إلى أن «عالم كابوريا» يظل ضئيلاً أمام الواقع.

وذكر المخرج المصري أنه حينما حضر العرض الخاص بالفيلم لاحظ أن مخرجين ومنتجين قد غادروا سريعاً حتى لا يصافحوه، وأنه شعر وقتها كما لو كان قد ارتكب جريمة، وفق قوله. مضيفاً: «قالوا إنه فيلم تجريبي ولن ينجح، وفوجئت بنقاد يطالبونني بالعودة إلى أفلامي الأولى وكتبوا (عد إلى المياه العذبة) وكأنني كنت أخوض في مياه مالحة، وحينما حقق الفيلم نجاحاً كبيراً بين الجمهور صنفه من هاجموه بوصفه فيلماً تجارياً»، ويتابع: «أرفض تصنيف أفلامي، فالتصنيف يسجنني بوصفي مخرجاً وعدم التصنيف أعطاني حرية وديناميكية في عملي».

أحمد زكي في فيلم «كابوريا»

وعرض خيري بشارة خلال اللقاء بعض مشاهد من فيلم «العوامة 70» لأحمد زكي وماجدة الخطيب وتيسير فهمي كان قد جهزه بنفسه، وعلق خلال مشاهد تَعرُّض بطل الفيلم أحمد زكي للضرب قائلاً: «لقد كان ضرباً حقيقياً للأسف وأنا نادم على هذه القسوة»، مؤكداً أنه يكره مشاهدة أفلامه كونها باتت ماضياً بالنسبة له، وأن إعادة مشاهدة هذا الفيلم يهزه نفسياً، واستدرك: «أنا الآن هادئ ووديع ولديّ سلام داخلي وتصالح مع نفسي، فعمري 77 عاماً وأشعر بأنني عشت أكثر مما ينبغي في رحلة صعبة سعيت خلالها لتغيير حالنا، فنحن نعيش قدماً في القرون الوسطى وقدماً في العصر الحديث، ولم يكن هدفي المال ولا الشهرة، بل أردت أن تكون الناس سعيدة وآمنة وتنعم بالعدالة الاجتماعية».

واعترف بشارة بأنه، ولزمن طويل، كان يعاني أزمات مادية حتى وهو يتقاضى أعلى أجر، وقال: «كنت ألجأ للاستدانة من صديقيَّ الراحلين؛ المؤلف وحيد حامد والمخرج عاطف الطيب، وحينما أحصل على أجري من فيلم أسدد ديوني وأنفق الباقي ثم أعود للاستدانة من جديد»، مؤكداً أن اتجاهه لإخراج بعض مسلسلات التلفزيون أنقذه من هذا الوضع.

ويُعد خيري بشارة أحد مخرجي تيار السينما الواقعية الجديدة في مصر، وقد تخرّج في معهد السينما عام 1976 وانضم لجماعة السينما الجديدة وأخرج في بدايته أفلاماً وثائقية ثم اتجه للسينما الروائية التي أخرج بها نحو 13 فيلماً من بينها «الطوق والإسورة»، و«رغبة متوحشة»، و«أيس كريم في جليم». كما أخرج عدة مسلسلات درامية.