مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

بعد واقعة مقبرة ميروكا في منطقة سقارة

جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
TT

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار التي أصدرت بياناً مساء الاثنين، أكدت فيه ترميم الجدار بعد محاولة تخريبه.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في المجلس الأعلى للآثار خبر نقل 7 مفتشي آثار ومسؤولي أمن من المنطقة الأثرية في سقارة إلى مكان آخر في نوع من العقاب لهم جراء تقصيرهم في حماية المقبرة.

وطالب أثريون ونشطاء بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب، من خلال زياد أعداد الحراس والاستعانة بتقنيات المراقبة الحديثة.

مقبرة ميروكا تتمتع بنقوشها الفريدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وبعد مرور ساعات على نشر صور الأعمال التخريبية للمقبرة عبر مواقع التواصل، قالت وزارة السياحة والآثار المصرية، إنه في أثناء قيام مفتشي آثار المنطقة بالمرور الدوري اليومي على المقابر المفتوحة للزيارة بالمنطقة تبين وجود خطوط بيضاء على أحد الجدران الداخلية لمقبرة ميروكا.

وقد قام مديرو المنطقة باتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة كافة وتحرير محضر بالواقعة، حيث أثبتت التحريات قيام أحد زائري المنطقة بالكتابة على الجدار في أثناء زيارته المقبرة، مما نتج عنه وجود هذه الخطوط البيضاء.

وقد قام المجلس الأعلى للآثار بترميم الجدار وإزالة هذه الخطوط وإعادة الجدار كما هو في حالة جيدة من الحفظ.

لكنَّ الصور التي أرفقتها الوزارة بالبيان أظهرت وجود بقايا خط أفقي غائر في نقوش ورسومات المقبرة مما يدل على أن التشويه كان بآلة حادة وليس مجرد خطه بلون أبيض، وفق متابعين.

صورة نشرتها وزارة السياحة والآثار بعد معالجة العمل التخريبي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتقوم الجهات المعنية بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجاني ومعاقبته وفقاً لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، والذي تنص المادة 45 منه على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

ووفق خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، فإن «المقابر الفرعونية تحتاج إلى توثيق ونشر علمي لكل محتوياتها، إلى جانب رقمنة هذا التوثيق وإتاحته على مواقع معروفة متاحة للباحثين والإعلاميين».

المقبرة تعد واحدة من كبرى مقابر عصر الملك «تتي»... (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى «تسجيل المتحف المفتوح بالكرنك بواسطة المركز المصري الفرنسي ووضع محتوياته على قاعدة بيانات دولية، وإذا تمت سرقتها أو تشويه أحد معالمها سيُكشف كل ذلك».

وقال الباحث الأثري أحمد عامر إن معظم المقابر الأثرية غير مراقَبة بالكاميرات، إذ يتم الاكتفاء في أغلب الأحيان بوجود حارس على كل مقبرة مفتوحة للزيارة مع وجود مفتش آثار».

وتوقع أن يكون قد تم تشويه مقبرة ميروكا خلال وجود أحد الزائرين داخل المقبرة عندما كان بعيداً عن أعين الحراس، وبالإضافة إلى توقيع جزاء إداري ضد مسؤولي حراسة المقبرة، يتوقع عامر تحويل القضية إلى النيابة الإدارية لإصدار حكم في الواقعة حيث تتوافر عناصر الإهمال، وفق تعبيره.

جدران المقبرة تتضمن كثيراً من المناظر التي تعرض الحياة اليومية خلال الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتعد سقارة من أبرز المناطق الأثرية في مصر، حيث تلقَّب بـ«أقصر الشمال»، فهي تعد الجبانة الشمالية الموازية لجبانة طيبة (الأقصر) في جنوب البلاد، ولا تزال مليئة بالأسرار، بوصفها مكان الدفن الأساسي لجبانة «منف» عاصمة مصر لعصور طويلة.

وترجع تسمية منطقة سقارة إلى إله الجبانة «سوكر»، وهي إحدى المناطق الموجودة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو منذ عام 1979، ومن أشهر آثارها هرم زوسر المدرج، أول بناء حجري في التاريخ.

وإلى جانب كون ميروكا وزيراً في عهد الملك تتي (2345 - 2323 ق.م)، فإنه كان كذلك زوج ابنة الملك وكان يتمتع بنفوذ كبير، وهي الفترة التي بدأ فيها زيادة نفوذ طبقة كبار رجال الدولة خلال نهاية الأسرة السادسة.

يُذكر أن ميروكا قد دفن في مقبرة على شكل مصطبة شمالي هرم تتي بسقارة، وتعد واحدة من كبرى مقابر عصر الملك «تتي» كما أنها الأروع من حيث المناظر والزخارف التي تزينها من بين مقابر الدولة القديمة، وتضم أكثر من ثلاثين حجرة تتضمن ست حجرات لزوجته وخمساً لابنه «مري تتي»، وفق موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.

وتتضمن جدران المقبرة كثيراً من المناظر التي تعرض الحياة اليومية في الدولة القديمة، مثل مناظر رعي الماشية، وصيد فرس النهر، ومناظر صيد الطيور.


مقالات ذات صلة

اكتشاف قبر صخري بجوار الأهرامات

يوميات الشرق منظر عام لأهرامات الجيزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشاف قبر صخري بجوار الأهرامات

أعلنت بعثة أثرية تابعة لمعهد الدراسات الشرقية بأكاديمية العلوم الروسية عن اكتشاف مقبرة صخرية، يعود عمرها إلى نحو 4 آلاف عام، بالقرب من هرم خوفو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق تجربة فريدة ضمن مهرجان الممالك القديمة في العلا (الشرق الأوسط)

استعادة حيّة لتجربة «طريق البخور» في العلا وتاريخها الثري

لا يزال بإمكان زائر العلا مشاهدة التفاعل بين الممالك العربية الشمالية والقوى العظمى الأخرى، متمثلاً في الآثار التاريخية المختلفة على أرضها وبين جبالها.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق قناع من القطع المُستَردة من ألمانيا (وزارة الخارجية المصرية)

مصر تستردُّ قطعاً أثرية مسروقة من سقارة بعد تهريبها إلى ألمانيا

عملية الاسترداد ليست مجرّد استرجاع لقطع أثرية، وإنما استعادة لجزء من روح التاريخ المصري ورموزه.

محمد الكفراوي (القاهرة )

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل
TT

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

في قلب دلتا النيل، تحتل زراعة الياسمين مكانة خاصة، حيث يُعد هذا النبات العطري جزءاً من تقاليد متوارثة وعصباً اقتصادياً للعديد من العائلات. وفقاً لتقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

بلدة شبرا بلولة، الواقعة على مسافة نحو 50 ميلاً (80 كيلومتراً) شمال القاهرة، تضم نحو 300 فداناً من مزارع الياسمين، الذي يُعرف علمياً بـ«Jasminum grandiflorum»، ويساهم بنسبة 90 في المائة من إنتاج مصر من هذا النبات، بنحو 2500 طن من الأزهار سنوياً.

وعملية قطف الياسمين تتطلب الدقة، حيث تُجمع الزهور في الفجر، وتُنقل إلى معامل خاصة لاستخراج عطرها بطريقة تقليدية؛ إذ تُمرر عبر خزانات مملوءة بالمذيبات، وتخضع للتقطير والتبخير قبل أن تتحول إلى معجون شمعي يُصدّر للعالم لاستخدامه في تصنيع العطور الفاخرة.

ورغم أن الياسمين ليس أصيلاً في مصر، فإن له تاريخاً عريقاً يضرب بجذوره منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام. ويُقال إن التجار جلبوه من بلاد ما بين النهرين، حيث وجدت هذه الزهور طريقها إلى الأدب والشعر العربيين، وأصبحت رمزاً للحب والجمال.

تعود جذور صناعة استخراج الياسمين إلى خمسينات القرن العشرين في مصر، ومع الزمن تحولت بلدة شبرا بلولة إلى مركز رئيسي لهذه الصناعة، معتمدة عليها أنها مصدر رزق رئيسي. ورغم التحديات الاقتصادية، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم، يواصل السكان، الذين يبلغ عددهم نحو 20 ألف نسمة، العمل في زراعة الياسمين كجزء من تراثهم الثقافي.

واليوم، يمثل ياسمين مصر نحو نصف مستخلصات العطور العالمية.

خارج مزارع شبرا بلولة، ينتشر «الياسمين العربي» أو «الفل» ذو العطر الزكي في شوارع مصر، حيث يُباع على نواصي الطرق، ويُقدم كهدايا ترمز للمحبة والنقاء، ليبقى الياسمين مكملاً للمشهد اليومي في حياة المصريين ورابطاً عاطفياً بين الأجيال.