مدمن على الحب... كيف «تستغل» تطبيقات المواعدة مستخدميها؟

مسببة للإدمان وتسعى للاحتفاظ بالمستخدمين لأجل جني إيرادات

شعار واحد من أشهر تطبيقات المواعدة بالمملكة المتحدة (غيتي)
شعار واحد من أشهر تطبيقات المواعدة بالمملكة المتحدة (غيتي)
TT

مدمن على الحب... كيف «تستغل» تطبيقات المواعدة مستخدميها؟

شعار واحد من أشهر تطبيقات المواعدة بالمملكة المتحدة (غيتي)
شعار واحد من أشهر تطبيقات المواعدة بالمملكة المتحدة (غيتي)

«مصمم ليتم حذفه»... كان هذا شعار واحد من أشهر تطبيقات المواعدة بالمملكة المتحدة. ويعد تطبيق «هينج» (Hinge) بأنه «تطبيق مصمم من أجل الراغبين في التخلي عن استخدام تطبيقات المواعدة»، بمعنى أنه المكان الذي ستعثر بداخله على حب العمر.

ومع ذلك، يؤكد منتقدو هذه التطبيقات أن قطاع المواعدة الحديثة يمر بأزمة، مدّعين أن تطبيقات المواعدة التي يجري تنزيلها مئات الملايين من المرات في جميع أنحاء العالم «استغلالية»، ومصممة ليس لحذفها، بل لتكون مسببة للإدمان، وأنها تسعى إلى ضمان الاحتفاظ بالمستخدمين، من أجل جني إيرادات.

وخلص تحقيق أجرته صحيفة «أوبزرفر» البريطانية، إلى أن تطبيقات المواعدة تدفع المستخدمين، بشكل متزايد، لشراء إضافات جرى تشبيهها بـ«منتجات المقامرة»، ويمكن أن تصل تكلفتها إلى مئات الجنيهات الإسترلينية سنوياً.

وجدير بالذكر أن «ماتش غروب» تستحوذ على 60 في المائة من مجمل قطاع تطبيقات المواعدة داخل المملكة المتحدة، في حين تستحوذ «بمبل إنك» على نحو 30 في المائة. وتعتبر مؤسسة «ماتش غروب»، دونما منازع، عملاقة هذا المجال، وتمتلك كذلك «أوكيوبيد» و«بلنتي أوف فيش» و«ذي ليغ» و«ماتش دوت كوم»، وغيرها. وقد جرى تنزيل تطبيقاتها 750 مليون مرة عالمياً، وتتولى خوارزمياتها تقرير المصير العاطفي للملايين.

وعلى نحو متزايد، تتركز الأنظار على «ماتش غروب»، وتواجه دعوى قضائية داخل الولايات المتحدة، جرى رفعها أمام القضاء في وقت سابق من العام، تتهمها بأنها: «عبر استغلال تكنولوجيا قوية وخوارزميات خفية، تعمد (ماتش غروب) إلى تصميم منصاتها على نحو يجعل المستخدمين يدمنونها، وتزودها بسمات في التصميم تشبه الألعاب، الأمر الذي يحصر المستخدمين داخل حلقة أزلية من الدفع مقابل اللعب، تولي الأولوية إلى الأرباح، على حساب وعودها التسويقية وأهداف العملاء المرتبطة بالعلاقات».

وفي تصريحات لـ«أوبزرفر»، قال مصدر: «هناك نظرية مفادها أن التطبيقات لا تهدف إلى مطابقة ميول الأشخاص، بل إلى الاحتفاظ بهم على المنصات. والخوارزمية، بناءً على ما يمكننا معرفته من الخارج، ترسل لك في الواقع مطابقات زائفة، ولا تقدم لك تلك التي قد تكون مطابقة لك حقاً».

وفي المقابل، قالت «ماتش غروب»: «هذه الدعوى القضائية سخيفة، ولا أساس لها من الصحة. لا يعتمد نموذج أعمالنا على الإعلان أو مقاييس معدلات التفاعل، وإنما نسعى بدأب إلى جعل الناس في حالة مواعدة كل يوم وخارج تطبيقاتنا. أي شخص يذكر أي شيء آخر لا يفهم غرض ومهمة صناعتنا بأكملها».

ويُذكر أن تطبيقات المواعدة اليوم تختلف عما كانت عليه قبل بضع سنوات فقط. كان تطبيق «تيندر»، تطبيق المواعدة الأول في العالم، متاحاً مجاناً عندما أصبح أول منصة مواعدة مصممة للهواتف الذكية عام 2012. وظهرت تطبيقات أخرى تحاكي تصميمه الرائد الذي يشبه اللعبة، مع دائرة من الملفات الشخصية التي يمكن للمستخدمين «التمرير» خلالها و«الإعجاب» بها للمطابقة والدردشة.


مقالات ذات صلة

رسّام لبناني يبني أعماله على السلام والحوار

يوميات الشرق نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)

رسّام لبناني يبني أعماله على السلام والحوار

لوحة أخرى بعنوان ​«أفكار محاصرة​» رسمها نزيه الشامي تُبرز مدى تأثّر اللبناني بالحرب. ويُجسد ذلك بصورة شخص يتصاعد دخان الانفجارات من رأسه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق من ألف ليلة (المعرض)

معرض عن ليزا بِين أول عارضة أزياء في العالم

قد لا يبدو اسمها مألوفاً للأجيال الجديدة، لكن ليزا فونساغريفس (1911 ـ 1992) كانت واحدة من أيقونات الموضة في النصف الأول من القرن الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك يلعب الضوء دوراً كبيراً في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية (رويترز)

كيف يؤثر الضوء على صحتك العقلية؟

للضوء دور كبير في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية. ولهذا السبب يميل كثير منا إلى الشعور بمزيد من الإيجابية في فصلَي الربيع والصيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يشعر المستأجرون بالقلق من عملية ما بعد البيع (دار مزادات «ألسوب»)

صدمة وسط السكان بعد عرض شارع في لندن بأكمله للبيع

تملك السكان شعور بالصدمة لدى علمهم أن شارعهم بالكامل الذي يضم 24 منزلاً، معروض للبيع بالمزاد. من المقرر طرح شارع «دوك» في شاربنس، غلوسترشاير، للبيع بالمزاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أدار ديفونبورت ظهره للجريمة واكتشف شغفه بالفن (معرض ديفونبورت)

سجين: الزنزانة صنعت مني فناناً حائزاً جوائز

وجد الجندي السابق، الذي تورّط لاحقاً في تجارة هيروين، شغفه الحقيقي بعالم الفن، ليصبح فناناً ناجحاً في أثناء قضاء عقوبة بالسجن لمدة 13 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رسّام لبناني يبني أعماله على السلام والحوار

نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)
نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)
TT

رسّام لبناني يبني أعماله على السلام والحوار

نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)
نزيه الشامي يترجم مشاعره برسومات من الواقع (نزيه الشامي)

بريشته الإلكترونية المشبّعة بالدفء والعاطفة رسَم نزيه الشامي مشهدية المبنى الذي دمّره القصف في لحظة بمنطقة الطيونة (الضاحية الجنوبية لبيروت)، أمام الكاميرات، وقدّمها تحت عنوان ​«احتضان ما تبقّى»، وأرفقها بصورة لولدين يتعانقان من قلب يرتجف خوفاً.

انتشرت الصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن راح يتبادلها اللبنانيون بكثافة. المبنى المهشّم تحوم حوله الطيور المذعورة، وتتطاير منه في لحظة سقوطه نفسها الذكريات والآمال. وبعين نزيه الشامي فإن هذه الغمرة تمثّل عناقاً بين أحد السكان ومبناه المدمّر. فهو يرى أن علاقةً وطيدة تربط الإنسان بالحجر. ومن يقول العكس فهو بالتأكيد لم يَخُض تجربة خسارة بيته. ويوضح لـ​«الشرق الأوسط»: ​«عندما شاهدت المبنى يسقط فكّرت مباشرة بسكّانه، وكيف أنه في ثوانٍ قليلة اختفت ذكرياتهم وجلساتهم العائلية وضحكاتهم، حتى إني غصتُ في حرقة قلوبهم لخسارتهم السقف الذي ادّخروا المال والعمر من أجل تأمينه. وترجمت أفكاري بهذه الرسمة كشخص يتمنّى عناق منزله قبل وداعه. فارتباطنا بالأماكن يندرج على لائحة العلاقات العاطفية التي نعيشها​».

الأماكن كما يقول نزيه الشامي حتى بعد تدميرها واختفائها عن الخريطة تبقى محفورةً في أذهاننا. نمرّ على أطلالها بين وقت وآخر لنستعيد ذكرياتنا ونتخيّلها تنبض دائماً بطيفنا. ويتابع: ​«هذه العودة التلقائية رسمتها بخيالي وترجمتها في لوحة​».

لوحة «احتضان ما تبقّى» (نزيه الشامي)

يعمل نزيه الشامي في إدارة المشروعات المرتكزة على بناء السلام والحوكمة. وطبيعة شغله تدور حول المساهمة في تعزيز الحوار والتفاهم بين المجتمعات. تخصّص بفن التصميم الغرافيكي في الجامعة اللبنانية. وانطلاقاً من تخصّصه راح يرسم بريشة إلكترونية وبتقنية الديجيتال، مشاهد تنبع من الواقع. ويضيف: ​«الفن يولّد السلام، بينما السياسة تتسبب في النزاعات. لا أنتمي إلى أي حزب أو جهة سياسية. ولكنني أتمسك بانتمائي لوطني لبنان أولاً وأخيراً​».

نزيه ابن الـ28 ربيعاً يعيش في مدينة طرابلس الفيحاء، ويعتزّ بعلاقته الوثيقة بها. لم تشأ الظروف أن يتعرّف إلى مناطق تتعرّض اليوم للقصف في لبنان. فهو ترعرع ودرس وعمل فيها. لكنه يستدرك قائلاً: ​«ليس عندي أي ارتباط عاطفي بالمناطق المتضررة من الحرب الدائرة على أرضنا اليوم. ولكن ما يحدث أمام أعين الجميع من دمار حرّك مشاعري. وهو ما حضّني على الإحساس بأنني أنتمي لكل لبنان. وفي ظل كل هذه المشاهد المرعبة التي نعيشها ولد عندي القلق والتوتر. وبرسوماتي أفرّغ الغضب الذي يسكنني​».

لوحة أخرى بعنوان ​«أفكار محاصرة​» رسمها نزيه الشامي تُبرز مدى تأثّر اللبناني بالحرب. ويُجسد ذلك بصورة شخص يتصاعد دخان الانفجارات من رأسه. فالضغوطات النفسية التي يعيشها أدّت به إلى ذلك. ويصوّر نزيه الشامي هذا الشخص يقف في شارع دمّرته الغارات. ويعلّق: ​«في رأيي أن الانفجار الأكبر يحدث اليوم في رؤوسنا، لا سيما عند الأشخاص الذين في عمري. فعندنا هواجس وقلق كبيران لمصير مجهول لا نعرف إلى أين يودي بنا. صحيح أني أبلغ الـ28 من العمر، ولكن سنوات الهدوء والسلام التي عشتها تشكّل أياماً فقط من عمري. فنحن أيضاً عشنا في طرابلس الأمرّين. وشهدنا حروباً بين أحيائنا فكان اللااستقرار رفيقنا​».

«أفكار محاصرة» لنزيه الشامي (نزيه الشامي)

يشرح نزيه الشامي سبب اختياره الأبيض والأسود في رسوماته: ​«إنها الألوان الرئيسية والمحايدة في الوقت نفسه في علم الرسم. كما أن هذين اللونين باستطاعتهما إبراز التناقض في اللوحة بشكل مباشر. وربما بسبب غياب ألوان الحياة الزاهية عن حياتنا نركن إلى الأبيض والأسود، فيسمحان بمشاهدة اللوحة بوضوح والتركيز على المشاعر والرسالة اللتين تحملهما. ووفقاً لدراستي فهذا الفن يتمتع بالجودة الخالدة».

وعن مدينته طرابلس يقول: ​«أنا طرابلسي حقيقي وأحس بأن هذه المدينة تسري في دمي. فهي ليست مجرد مدينة، بل مجموعة حضارات وثقافات. وتاريخها غني بالتحديات والصعوبات. ولعلها تترجم المثل القائل ​(كبرنا سنة بنهار واحد). فما خضته فيها من تجارب حياتية أنضجني بشكل سريع. وهو ما زوّدني بالقدرة على تجاوز مصاعب الحياة. فأنا أشبه مدينتي المنتصبة دائماً، التي تجمع في أحضانها جميع اللبنانيين​».

نزيه الذي عمل في مجال التطوع منذ كان في الـ16 من عمره، تعلّم أنه بذلك يردّ الجميل لمجتمع ينتمي إليه. ويختم لـ​«الشرق الأوسط»: ​«لقد جُلت على مراكز إيواء النازحين في مدينتي. واطلعت على حاجاتهم وساهمت في مساعدتهم. فطرابلس علّمتني الصمود. وهو ما يحفزني على الاستمرار. فأزقتها وبيوتها وأسواقها أعدّها مصدر إلهامي​».