الصين واثقة بتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتنتقد «أحادية الغرب»

تحسن واسع للأسواق وقطاع الخدمات بأعلى مستوى في 4 أسابيع

امرأة تمر أمام لافتة إعلانية بأحد المتاجر الكبرى وسط العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
امرأة تمر أمام لافتة إعلانية بأحد المتاجر الكبرى وسط العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
TT

الصين واثقة بتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتنتقد «أحادية الغرب»

امرأة تمر أمام لافتة إعلانية بأحد المتاجر الكبرى وسط العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
امرأة تمر أمام لافتة إعلانية بأحد المتاجر الكبرى وسط العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

أعرب رئيس وزراء الصين، لي تشيانغ، عن ثقته بأن حكومته ستتمكن من تحقيق الانتعاش الاقتصادي، ووجه في الوقت نفسه انتقادات واضحة لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتجارة.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن تشيانغ قوله، في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء بافتتاح «معرض الصين الدولي السابع للاستيراد» في شنغهاي: «الحكومة الصينية لديها القدرة على قيادة تنمية اقتصادية مستدامة». وأضاف أن المسؤولين لديهم «مساحة واسعة للسياستين المالية والنقدية»، وأكد مجدداً أن الصين ستحقق هدف النمو الاقتصادي بنحو 5 في المائة.

من جهة أخرى، قال لي إن الصين يجب أن تكافح «الأحادية» المتصاعدة لدى الدول الغربية، عبر الانفتاح بشكل أكبر على التجارة والاستثمار. وقال إن البلاد ستسعى إلى تطوير مناطق التجارة الحرة لديها، واستكشاف مزيد من اتفاقيات التجارة الحرة، والاستثمار مع دول أخرى.

يذكر أن «معرض الصين الدولي السابع للاستيراد»، الذي يعقد خلال المدة من 5 إلى 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، اجتذب 3496 عارضاً من 129 دولة ومنطقة. كما سجل رقماً قياسياً جديداً بحضور 297 شركة من شركات «فورتشن غلوبال 500» إلى جانب قادة الصناعة.

وسيُكشف عن أكثر من 400 منتج جديد، وتقنيات جديدة، وخدمات جديدة، خلال المعرض، وهو ما قال الخبراء عنه إنه مؤشر قوي على ثقة الشركات العالمية بالسوق الصينية والتزامها بمزيد من التطوير في الصين رغم الانتعاش الاقتصادي العالمي البطيء.

وأكدت تصريحات تشيانغ التفاؤل المتواصل لدى المسؤولين الصينيين بأنهم يستطيعون الوصول إلى هدف التوسع في مواجهة ضعف معنويات المستهلك، والضغوط الانكماشية، والمشكلات التي تواجهها سوق العقارات.

ويبدو أن البيانات الحديثة تدعم هذا التفاؤل، حيث توسع يوم الثلاثاء مؤشر نشاط الخدمات الشهر الماضي، في أسرع وتيرة له منذ يوليو (تموز) الماضي، في إشارة إلى أن «طلب المستهلكين» قد يكون في الطريق إلى الإصلاح بعد أن تحركت بكين لدعم النمو بسلسلة من إجراءات التحفيز.

وأظهر تقرير اقتصادي، نشر يوم الثلاثاء، استمرار نمو نشاط قطاع الخدمات في الصين خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث ارتفع مؤشر «كايشين» لمديري مشتريات قطاع الخدمات في البلاد إلى 52 نقطة، مقابل 50.3 نقطة في سبتمبر (أيلول) السابق عليه.

وتشير قراءة المؤشر بأعلى من 50 نقطة إلى نمو النشاط الاقتصادي للقطاع، والقراءة دون 50 نقطة إلى انكماش النشاط.

وجاء تحسن نشاط قطاع الخدمات خلال الشهر الماضي بفضل ارتفاع معدل تدفق الأعمال الجديدة، مما كان له تأثيره الجيد على ظروف الطلب والسوق. كما سجل الطلب على صادرات الخدمات نمواً قوياً بفضل جهود تطوير الأعمال الناجحة وازدياد اهتمام الأسواق الخارجية، مثل الولايات المتحدة، بقطاع الخدمات في الصين.

وفي الأسواق، أغلقت أسهم البر الرئيسي الصيني عند أعلى مستوى في 4 أسابيع يوم الثلاثاء، بعد أن أعرب رئيس الوزراء الصيني عن ثقته بالتعافي الاقتصادي للبلاد.

وأغلق مؤشر «شنغهاي المركب» مرتفعاً بنسبة 2.32 في المائة، بينما قفز مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 2.53 في المائة. وأنهى المؤشران التداول عند أعلى مستوى منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كما ارتفع مؤشر «هانغ سينغ» القياسي في هونغ كونغ بنسبة 2.14 في المائة، وهو أقوى مستوى إغلاق له منذ 14 أكتوبر الماضي. وتقدم مؤشر «هانغ سينغ» للشركات الصينية بنسبة 2.56 في المائة.

لكن الانتخابات الرئاسية الأميركية ظلت المحور الرئيسي للأسواق على مستوى العالم، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترمب شبه متساويين.

وفي جزء من خطته لتعزيز التصنيع الأميركي، وعد ترمب الناخبين بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على السلع من الصين. ويُنظر إلى سياسات التعريفات والضرائب المقترحة من ترمب على أنها تضخمية، وبالتالي، من المرجح أن تبقي أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة وتقوض عملات الشركاء التجاريين.

وقال جون هاريسون، المدير الإداري لـ«استراتيجية الاقتصاد الكلي الناشئة» في «تي إس لومبارد»: «قد يكون للرسوم الجمركية الأميركية المباشرة على الواردات من الصين تأثير أقل مما كان عليه في عام 2018، ولكن مزيداً من تشديد تدابير سلسلة التوريد التي قدمتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أو حتى فرض رسوم جمركية شاملة ضد الدول الوسيطة، من المحتمل أن يسببا ضرراً أكبر للاقتصاد الصيني... وفي الوقت نفسه، فإن تغيير بكين توجهها بشأن التحفيز، بما في ذلك التركيز على دعم الأسهم وتعزيز الاستهلاك، من شأنه أن يساعد في تخفيف تأثير السوق».

وفي سياق منفصل، استعرض المشرعون الصينيون مشروع قانون وزاري من شأنه أن يرفع سقف ديون الحكومات المحلية لتحل محل الديون المخفية القائمة، حيث بدأت «اللجنة الدائمة» في «الهيئة التشريعية العليا» بالصين اجتماعاتها يوم الاثنين، وفق ما ذكرت «وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)».


مقالات ذات صلة

انكماش حاد في نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

الاقتصاد خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)

انكماش حاد في نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

انخفض نشاط الأعمال في منطقة اليورو بصورة حادة خلال الشهر الماضي؛ حيث انضم قطاع الخدمات المهيمن إلى قطاع التصنيع في الانكماش.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد رافعات عملاقة وحاويات بميناء قوينغداو شرق الصين (أ.ف.ب)

منظمة «التعاون والتنمية»: انتعاش التجارة مهدد بعودة الحمائية

قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الاقتصاد العالمي على استعداد لنمو مطرد في العامين المقبلين؛ إذا لم تعرقل الحمائية المتجددة التعافي في التجارة العالمية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد يسير الناس عبر جسر لندن خلال ساعة الذروة الصباحية مع الحي المالي للمدينة في الخلفية (رويترز)

تباطؤ نمو قطاع الخدمات البريطاني بسبب زيادات الضرائب

فقد قطاع الخدمات المهيمن في بريطانيا زخمه في نوفمبر، وإن لم يكن التراجع بقدر ما كان يُخشى في البداية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة لإحدى أراضي منطقة حائل (واس)

السعودية: منطقة حائل تحتوي موارد معدنية تتجاوز 19 مليار دولار

تحتوي منطقة حائل التي تقع شمال السعودية على كنوز وموارد معدنية، تتجاوز قيمتها التقديرية 72.3 مليار ريال (19.3 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (حائل)
الاقتصاد متظاهرون مساندون للرئيس الكوري الجنوبي في العاصمة سيول (رويترز)

إجراءات كورية عاجلة لبث الاستقرار بالأسواق عقب فوضى «الأحكام العرفية»

قالت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأربعاء، إنها مستعدة لضخ سيولة «غير محدودة» بالأسواق المالية، بعد أزمة «الأحكام العرفية»

«الشرق الأوسط» (سيول)

انكماش حاد في نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)
خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)
TT

انكماش حاد في نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)
خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)

انخفض نشاط الأعمال في منطقة اليورو بصورة حادة خلال الشهر الماضي؛ حيث انضم قطاع الخدمات المهيمن إلى قطاع التصنيع في الانكماش.

وتراجع مؤشر مديري المشتريات المركب النهائي لمنطقة اليورو الذي تصدره «ستاندرد آند بورز غلوبال»، ويُعد مؤشراً موثوقاً للصحة الاقتصادية العامة، إلى 48.3 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بـ50 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن القراءة النهائية جاءت أعلى قليلاً من التقدير الأولي البالغ 48.1 نقطة، فإنها بقيت دون مستوى الـ50 الذي يفصل بين النمو والانكماش.

ووصف كبير خبراء الاقتصاد في بنك «هامبورغ التجاري»، سايروس دي لا روبيا، الوضع بقوله إن «انكماش قطاع الخدمات الذي كان يمثّل الداعم الرئيس للاقتصاد الكلي يُعد تطوراً سلبياً لأول مرة منذ يناير (كانون الثاني). وهذا يشكل خبراً سيئاً لآفاق النمو الكلي، خصوصاً أن هذا الضعف يمتد إلى أكبر ثلاثة اقتصادات في منطقة اليورو».

كما تراجع مؤشر مديري المشتريات الخاص بقطاع الخدمات إلى 49.5 نقطة في نوفمبر، مقارنة بـ51.6 نقطة في أكتوبر، مسجلاً أول قراءة دون مستوى 50 منذ يناير.

وفي إشارة إلى استمرار الضغوط الاقتصادية، شهد الطلب الإجمالي انخفاضاً حاداً؛ حيث هبط مؤشر الأعمال الجديدة المركب إلى 46.8 نقطة من 47.9 نقطة، ليصل إلى أدنى مستوى له هذا العام.

وعلى الرغم من هذه التحديات، كثّفت شركات الخدمات جهود التوظيف؛ حيث ارتفع مؤشر التوظيف إلى 51.0 نقطة مقارنة بـ50.3 نقطة في الشهر السابق.

وفي ألمانيا، انكمش قطاع الخدمات خلال نوفمبر للمرة الأولى منذ تسعة أشهر، متأثراً بتدهور مستمر في ظروف الطلب. وتراجع مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع الخدمات إلى 49.3 نقطة في نوفمبر، مقارنة بـ51.6 نقطة في أكتوبر، ليدخل بذلك منطقة الانكماش بعد أن تجاوز لفترة عتبة الخمسين التي تفصل بين النمو والانكماش.

ويواجه الاقتصاد الألماني تحديات متزايدة، من أبرزها: ضعف الطلب المحلي، وتصاعد المنافسة الدولية، بالإضافة إلى حالة من عدم اليقين السياسي، بعد انهيار الائتلاف الثلاثي الحاكم بسبب خلافات تتعلّق بالموازنة. ومن المقرر إجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وقال دي لا روبيا: «بعد ثمانية أشهر من النمو، دخل مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات منطقة الانكماش. وهذا يعني أن القطاع لم يعد قادراً على تعويض الركود في التصنيع، مما يزيد من احتمالية ركود الاقتصاد أو حتى انكماشه في الربع الرابع».

وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب الذي يجمع بين قطاعي الخدمات والتصنيع إلى 47.2 نقطة في نوفمبر، مقارنة بـ48.6 نقطة في أكتوبر، مما يعكس تدهوراً واسع النطاق. كما أشار التقرير إلى استمرار انخفاض الأعمال الجديدة؛ حيث سجّلت الشركات تراجعاً في الطلب من القطاع العام والمصنعين.

وعلى الرغم من استمرار انكماش أعمال التصدير الجديدة للشهر الخامس على التوالي، فإن وتيرة التراجع كانت أقل حدة مقارنة بشهر أكتوبر.

وحول التوظيف، انخفض معدل فقدان الوظائف في قطاع الخدمات بشكل طفيف، رغم استمرار انخفاض التوظيف للشهر الخامس على التوالي، وهي أطول سلسلة تراجع منذ عام 2009.

كما تصاعدت ضغوط التكلفة، مدفوعة بشكل أساسي بارتفاع الأجور؛ مما دفع التضخم في أسعار الإنتاج إلى أعلى مستوياته منذ أبريل (نيسان).

وفي فرنسا، ألقت حالة عدم اليقين السياسي بظلالها على قطاع الخدمات، مع تصاعد المخاطر المحتملة لانهيار حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه وتأثيرها السلبي في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وتراجع مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع الخدمات الفرنسي إلى 46.9 نقطة في نوفمبر، مقارنة بـ49.2 نقطة في أكتوبر. وجاءت القراءة النهائية أعلى قليلاً من التقدير الأولي البالغ 45.7 نقطة.

كما انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب الذي يشمل قطاعي الخدمات والتصنيع، إلى 45.9 نقطة في نوفمبر، مقارنة بـ48.1 نقطة في أكتوبر؛ مما يعكس استمرار الضغوط الاقتصادية على مختلف القطاعات.

ويشهد قطاع الخدمات الفرنسي تراجعاً مستمراً منذ ثلاثة أشهر؛ حيث تبدّدت المكاسب التي تحقّقت خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس بفعل تصاعد المخاوف السياسية.

وأشار الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ التجاري»، طارق كمال شودري، إلى هذا التحول، قائلاً: «الإشارات الإيجابية التي أظهرها مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات الفرنسي خلال الصيف، مدفوعة جزئياً بالزخم الاقتصادي الناجم عن الألعاب الأولمبية؛ أصبحت الآن من الماضي».

وأوضح المسح أيضاً أن ثقة الشركات الفرنسية تراجعت في نوفمبر إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من أربع سنوات؛ مما يبرز هشاشة الأوضاع الاقتصادية.

وأضاف شودري: «هذا التراجع يعكس مدى هشاشة معنويات الأعمال، في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسي، والمخاطر المترتبة على انهيار حكومة الأقلية بقيادة ميشال بارنييه نتيجة الجمود المتعلق بالموازنة».