أجهزة جديدة قابلة للارتداء تستهدف الدماغ لتحسين النوم

يعتقد المجتمع العلمي أن تحفيز الدماغ يمكن أن يعدل بالفعل الدماغ النائم (أرشيفية - رويترز)
يعتقد المجتمع العلمي أن تحفيز الدماغ يمكن أن يعدل بالفعل الدماغ النائم (أرشيفية - رويترز)
TT

أجهزة جديدة قابلة للارتداء تستهدف الدماغ لتحسين النوم

يعتقد المجتمع العلمي أن تحفيز الدماغ يمكن أن يعدل بالفعل الدماغ النائم (أرشيفية - رويترز)
يعتقد المجتمع العلمي أن تحفيز الدماغ يمكن أن يعدل بالفعل الدماغ النائم (أرشيفية - رويترز)

تعد الأدوات الجديدة التي تستهدف الدماغ بتسريع عملية بدء النوم، وتحسين مدة ونوعية الراحة، بمستقبل كبير. على مدى العقد الماضي، درس علماء الأعصاب تعديل الموجات الدماغية لدى المرضى المصابين بالخرف أو مرض ألزهايمر أو غير ذلك من الحالات العصبية أو الصحية العقلية لتحسين النوم والذاكرة والإدراك. ووفق تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، قال رونيل جوبال مالكاني، أستاذ مشارك في علم الأعصاب ومتخصص في النوم في كلية نورث وسترن فينبيرغ للطب في شيكاغو: «يعتقد المجتمع العلمي أن تحفيز الدماغ يمكن أن يعدل بالفعل الدماغ النائم». لكن مالكاني يحذر من أن استخدام الصوت كعلاج طبي لا يزال قيد البحث.

في إحدى دراسات النوم التي تهدف إلى تحسين الذاكرة، يعطي مالكاني للمرضى أزواجاً من الكلمات المرتبطة، مثل «سيارة» و«محرك». وقال إن أولئك الذين يتلقون دفعات صوتية مستهدفة يتم توصيلها عبر سماعات الرأس أثناء أعمق مرحلة من النوم لديهم ذاكرة أفضل في اليوم التالي من الذين يتم إعطاؤهم كلمة واحدة، ويُطلب منهم تذكر الكلمة الثانية.

يتم توجيه توقيت التحفيز بواسطة مخطط كهربية الدماغ، أو «EEG»، وهو تسجيل غير مؤلم للنشاط الكهربائي للدماغ باستخدام أجهزة استشعار متصلة بفروة الرأس. أثناء الاستيقاظ، تتكرر موجات الدماغ بسرعة تتراوح من 8 إلى 12 هرتزاً، ولكن أثناء أعمق مرحلة من النوم، المعروفة باسم نوم الموجة البطيئة، تتباطأ الدورة إلى 0.5 إلى 2 هرتز، ما لا يقل عن تذبذب واحد كل ثانيتين.

اليوم، تستفيد الشركات من هذا النوع من البحث لإنشاء منتجات يمكن ارتداؤها تقول إنها ستحسن النوم لدى الأفراد الأصحاء. وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن أكثر من 30 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة يبلغون عن اضطرابات النوم، ووفقاً لإحدى التقديرات، فإن 60 في المائة من هذا العدد - ما يقرب من 46 مليون شخص - يقولون إنهم يواجهون صعوبة في النوم.

وتعد هذه الأجهزة، التي تأتي غالباً على شكل عصابة رأس مع تطبيق مصاحب، بمساعدة الأشخاص على النوم بشكل أسرع من خلال تشجيع موجات الدماغ أثناء الاستيقاظ على التباطؤ بشكل أسرع.

«Elemind» أحد أحدث الأجهزة القابلة للارتداء في السوق، يحتوي على 5 أجهزة استشعار لتخطيط كهربية الدماغ تقرأ موجات دماغ المستخدم، إضافة إلى مكبر صوت صغير يصدر دفعات مستهدفة من الصوت في نقاط محددة في التذبذبات.

قالت ميريديث بيري، الرئيسة التنفيذية والمؤسس المشارك لشركة «Elemind»: «الفكرة هي أنه إذا تمكنا من تعطيل موجات الدماغ المرتبطة باليقظة، فسوف ينام شخص ما بشكل أسرع».

يصدر عقال الرأس نحو 15000 نبضة سمعية في 30 دقيقة قبل النوم، أو ما يقرب من 10 نبضات في الثانية. تذكرنا النبضة المتقطعة برشاش الماء الذي يرش العشب. لجعل التجربة أكثر متعة، يتم تشغيل صوت هطول الأمطار في الخلفية. كلا الصوتين من المفترض أن يكونا غير مسموعين لشريك النوم. تستخدم شركة «StimScience»، وهي شركة أخرى، التحفيز الكهربائي لتشجيع النوم بشكل أفضل. وقال رام غورومورثي، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للتكنولوجيا في شركة «StimScience»، إن عصابة الرأس «Somnee» تُرتدى لمدة 15 دقيقة قبل النوم وترسل تياراً كهربائياً متناوباً يشبه الإحساس بالدفء والوخز.

تأخذ الوحدة قراءات الموجات الدماغية بـ3 أجهزة استشعار لتخطيط كهربية الدماغ في بداية ونهاية الجلسة. يستغرق الأمر ما يصل إلى 3 أسابيع لتخصيص الجلسات لشخص واحد. لدى المستخدمين خيار الاستماع إلى مجموعة مختارة من الموسيقى المريحة أثناء تلقي التحفيز. اختبر كل من «Elemind» و«StimScience» أجهزتهما في دراسات صغيرة مدفوعة الأجر، وأجرتها الشركات ونشرت في مجلات تمت مراجعتها من قبل الأقران.

في دراسة أجريت على مدى 3 أسابيع، وجدت «Elemind» أن 21 مشاركاً استغرقوا 30 دقيقة أو أكثر للنوم، ناموا أسرع بـ10 دقائق في المتوسط ​​عندما تلقوا التحفيز السمعي. وجدت «StimScience» أن 25 مشاركاً شاركوا على مدى أسبوعين، بما في ذلك البعض الذين يعانون من الأرق، زادوا مدة نومهم بمقدار 22 دقيقة في المتوسط ​​عندما تلقوا التيار الكهربائي المتناوب.

وقد استخدمت جلسات وهمية، عندما لم يتلقَ المشاركون أي تحفيز، لقياس تأثيرات التدخلات في كل دراسة. وتلقى المشاركون التحفيز والعلاجات الوهمية بترتيب عشوائي. ولأن الأجهزة القابلة للارتداء لا تزال جديدة نسبياً، فمن الصعب معرفة تأثيرها الكامل.

وفقاً لمارتن دريسلر، الباحث الرئيسي في مختبر «دوندرز» للنوم والذاكرة في هولندا، الذي يجري أبحاثاً حول علم الأعصاب الإدراكي للنوم: «لا توجد دراسات طويلة الأجل حول فاعلية والآثار الجانبية المحتملة لاستخدام جهاز قابل للارتداء لمساعدتك على النوم يومياً».

وقال مالكاني: «بناءً على دراسات محدودة وقصيرة الأجل، تبدو آمنة للأفراد الأصحاء، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى دراسات أطول أجلاً». ومع ذلك، تراهن الشركات على الأجهزة القابلة للارتداء.

وهناك نوع آخر من مساعدات النوم يهدف إلى تغيير وقت نوم المستخدم بالكامل. وخطرت على بال بيكوان لو فكرة تطوير منتج لمساعدة المسافرين على تجنب اضطراب الرحلات الجوية الطويلة من خلال ضبط ساعاتهم الداخلية على المنطقة الزمنية لوجهتهم قبل المغادرة. وقالت لو: «كنت أسافر ذهاباً وإياباً بين الولايات المتحدة والصين. وفي كل مرة، كان الأمر يستغرق مني أكثر من أسبوع للتغلب على اضطراب الرحلات الجوية الطويلة. فقلت، دعونا نطور منتجاً حتى لا أضطر إلى المعاناة». وقد استلهمت لو فكرتها من عمل جيمي زيتزر. وهو أستاذ في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ستانفورد، ويتخصص زيتزر في فهم تأثير الضوء على الإيقاعات اليومية.

وفي بحثه الحالي، يستخدم زيتزر ومضات من الضوء، جنباً إلى جنب مع العلاج السلوكي المعرفي، لمساعدة المراهقين المحرومين من النوم على التكيف مع وقت نوم مبكر. وقال زيتزر إن الومضات التي يتم إجراؤها قرب نهاية ليلة نوم تجعل المشاركين يرغبون في الذهاب إلى الفراش في وقت مبكر في اليوم التالي. وتجعل الومضات التي يتم إجراؤها في بداية الليل المشاركين يرغبون في الذهاب إلى الفراش في وقت لاحق من اليوم التالي.

وبناءً على بحث زيتزر، طوّرت لو، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «لوموس»، قناع نوم يوفر ومضات مبرمجة من الضوء من مصابيح LED لإعادة ضبط الساعات اليومية للأشخاص أثناء نومهم. وتقارن لو سطوع مصابيح LED بضوء الغرفة النموذجي الذي تتم تصفيته من خلال الجفون المغلقة. وقالت إن نحو 5 في المائة من المستخدمين يجدون أنها تزعج نومهم. والبعض الآخر لا يدركون أو لا تزعجهم الومضات.

وقد منحت وزارة الدفاع، التي أعجبت بالنموذج الأولي، الشركة عقداً بقيمة 2.1 مليون دولار في عام 2021 لتوسيع نطاق المنتج لعمال المناوبات. وأكملت لو دراسة لعمال المناوبات في يونيو (حزيران)، وقالت إنها تستعد لنشر النتائج. وقالت إن المشاركين الذين استخدموا القناع باستمرار ناموا بشكل أسرع، وناموا لفترة أطول، وأفادوا بأنهم يشعرون بمزيد من اليقظة أثناء نوبات الليل. يأتي القناع مع تطبيق يحتوي على وحدات مختلفة للتحضير للسفر أو تغيير وقت النوم أو تحسين النوم بطرق أخرى.

وعلى الرغم من كل هذه الطرق الجديدة للحصول على قسط جيد من الراحة ليلاً، قال دريسلر إن هناك طرقاً أخرى للأشخاص الأصحاء للوصول إلى نومهم. وقال: «هناك كثير من الاستراتيجيات التي لا تكلف شيئاً، وهي بسيطة للغاية ومضمونة تقريباً من دون آثار جانبية... إنها مجرد أساسيات، مثل النوم في غرفة مظلمة، والنوم في غرفة هادئة ومحاولة تقليل التوتر».


مقالات ذات صلة

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الخليج الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

اتفقت تركيا وسلطنة عمان على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما وأكدتا دعمهما لأي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
صحتك ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد (أ.ف.ب)

لعبة شائعة في كرة القدم قد تسبب تلفاً بالدماغ

وفقاً لدراسة جديدة، فإن ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

أشارت دراسة جديدة إلى وجود صلة قوية بين عدم الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة وخطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ارتفاع ضغط الدم يشكّل تحدياً للصحة (رويترز)

6 أشياء يقول أطباء السكتة الدماغية إنه لا يجب عليك فعلها أبداً

تعدّ السكتات الدماغية أحد الأسباب الرئيسة للوفاة، والسبب الرئيس للإعاقة في أميركا، وفقاً لـ«جمعية السكتات الدماغية الأميركية»، وهو ما يدعو للقلق، خصوصاً أن…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
TT

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)

أثبتت دراسة بريطانية حديثة أن الضوضاء البشرية الناتجة عن حركة المرور يمكن أن تخفي التأثير الإيجابي لأصوات الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق.

وأوضح الباحثون من جامعة غرب إنجلترا أن النتائج تؤكد أهمية أصوات الطبيعة، مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة الطبيعية، في تحسين الصحة النفسية؛ ما يوفر وسيلة فعّالة لتخفيف الضغط النفسي في البيئات الحضرية، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «بلوس وان».

وتسهم أصوات الطبيعة في خفض ضغط الدم ومعدلات ضربات القلب والتنفس، فضلاً عن تقليل التوتر والقلق الذي يتم الإبلاغ عنه ذاتياً، وفق نتائج أبحاث سابقة.

وعلى النقيض، تؤثر الأصوات البشرية، مثل ضوضاء المرور والطائرات، سلباً على الصحة النفسية والجسدية، حيث ترتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق، وقد تؤدي إلى تراجع جودة النوم والشعور العام بالراحة.

وخلال الدراسة الجديدة، طلب الباحثون من 68 شخصاً الاستماع إلى مشاهد صوتية لمدة 3 دقائق لكل منها. تضمنت مشهداً طبيعياً مسجلاً عند شروق الشمس في منطقة ويست ساسكس بالمملكة المتحدة، احتوى على أصوات طبيعية تماماً مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة المحيطة، دون تدخل أي أصوات بشرية أو صناعية، فيما تضمن المشهد الآخر أصواتاً طبيعية مصحوبة بضوضاء مرور.

وتم تقييم الحالة المزاجية ومستويات التوتر والقلق لدى المشاركين قبل الاستماع وبعده باستخدام مقاييس ذاتية.

وأظهرت النتائج أن الاستماع إلى الأصوات الطبيعية فقط أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر والقلق، بالإضافة إلى تحسين المزاج.

بالمقابل، أدى إدخال ضوضاء المرور إلى تقليل الفوائد الإيجابية المرتبطة بالمشاهد الطبيعية، حيث ارتبط ذلك بارتفاع مستويات التوتر والقلق.

وبناءً على النتائج، أكد الباحثون أن تقليل حدود السرعة المرورية في المناطق الحضرية يمكن أن يعزز الصحة النفسية للإنسان من خلال تقليل الضوضاء؛ ما يسمح بتجربة أصوات الطبيعة بشكل أفضل.

كما أشارت الدراسة إلى أهمية تصميم المدن بشكل يقلل من الضوضاء البشرية، ما يوفر للسكان فرصاً أكبر للتفاعل مع الطبيعة.

ونوه الفريق بأن هذه النتائج تفتح المجال لإعادة التفكير في كيفية تخطيط المدن بما يعزز التوازن بين التطور الحضري والحفاظ على البيئة الطبيعية، لتحقيق فوائد صحية ونفسية ملموسة للسكان.