ورد الخال: الفنانون يتألّمون بالحرب ولا يقيمون في «اللالا لاند»

الممثلة اللبنانية شاركت «الشرق الأوسط» صرخة الشاهد على الاحتراق

ترى ورد الخال محاولة البقاء على قيد الحياة «مقاومة أيضاً» (صور الفنانة)
ترى ورد الخال محاولة البقاء على قيد الحياة «مقاومة أيضاً» (صور الفنانة)
TT

ورد الخال: الفنانون يتألّمون بالحرب ولا يقيمون في «اللالا لاند»

ترى ورد الخال محاولة البقاء على قيد الحياة «مقاومة أيضاً» (صور الفنانة)
ترى ورد الخال محاولة البقاء على قيد الحياة «مقاومة أيضاً» (صور الفنانة)

كانت الممثلة اللبنانية ورد الخال ممَّن يردّدون لدى السؤال عن أحوالهم جملةَ: «مثلنا مثل الآخرين»؛ الدارجة على اللسان الشعبي للتعبير عن تشابُه الأيام. لا مجال لتبنّي هذا التساوي بانقسام أبناء الأرض بين مَن تهجَّر وتهدَّمت منازله، ومَن ينعم بسقفه وجدرانه. الكلام لها. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لكننا نتألم لآلام مَن تشرّدوا. نعتصر بالخوف والمجهول أيضاً».

تقيم في منطقة ليست على خريطة إنذارات أفيخاي أدرعي والغارات مُرتكبة المجازر: «أن يُصادف منزلك في مكان آمن، لا يعني أنّ بيروت أو الجنوب أو البقاع، حين تُضرب، لا يتحطّم القلب. بلدنا في المهبّ والريح عاصفة. ماذا يحمل الغد؟ مَن يملك الجواب اليقين عن هذا السؤال السوريالي؟ ماذا تُخبّئ الساعات المقبلة؟ الدقائق المقبلة؟ الارتباك قاتل».

لها مواقف في الأزمات وصرخة في المنعطف (صور الفنانة)

تتحدّث ورد الخال عن لبنان الشاهِدة على أكثر مراحله مصيرية لاشتداد اللهب والهول. لها مواقف في الأزمات، وصرخة في المنعطف. وحين تُسأل عن الأسى، تجيب بحرقة. تحمل ابنة الشاعر يوسف الخال والفنانة التشكيلية مهى بيرقدار أرضها بصوتها. ماذا كان الوالد المُطّلع ليقول في الاحتراق اليوم والتشرّد الكبير؟ تردّ أنّ الخيبة كانت ستُحبطه: «كتب في الوطنية والعروبة وتحلّى ببُعد الرؤية. كان ليؤلمه الأداء السياسي والمنطقة تختبر المخاض الرهيب».

كلّما أطلّت في حوار، حضَرَ الوطن بجماله المشرَّع على الأطماع وعذابات جغرافيته. تمضي لياليها بالترقُّب، ومن محطة إخبارية إلى أخرى، تُعاين الموت المتنقّل. أمكن قبل ضربة حارة حريك التحايل على العصف وهو لا يزال يتوارى على هيئة تلبُّد؛ ممهِّداً للانفلاش بأقصى هبوبه: «كانت مسلسلات (نتفليكس) مهرباً مما نخشى حدوثه. استطعنا، والحرب محصورة بقواعد الاشتباك، الإحساس قليلاً بالحياة. اليوم، يتوه الذهن ويُشلّ التركيز. نتقلّب بين المحطات وهي تنقل أخبار المجزرة وتبتر احتمال النوم. يحلّ الليل، فيبدأ المسلسل. التسمية مؤلمة، لكنها واقعية. الجمهور ينتظر الأحداث كما لو أنّ العرض مسرحي. مباشرة على الهواء، نارٌ ورماد ودماء ساخنة. ثم في اليوم التالي نحاول مواصلة العيش. نفعل ذلك كلما استراح العنف قليلاً. كيف نستمرّ كأنّ شيئاً لم يكُن؟! هنا الفصام. أنْ يتّسم سلوكنا بالطبيعي في أحوال غير طبيعية، ثم تقسو الغارات مجدداً، فتتجمَّد الحياة، لتتّخذ وضعيتها شبه الطبيعية فور هدوئها، وهكذا حتى يحلَّ التعوُّد».

برأيها، لا يقلّ فظاعة أن نعتاد. العادة مُخدِّر، سبق أن نخر اللبناني فأكمل أيامه كأنّ المصارف لم تمارس النهب والمدينة لم تتفجّر. تخشى ورد الخال أن تصبح الحرب جزءاً من يوميات تعبُر فوق ركام المنازل ودماء الضحايا، ولا تجد مَن يتمهّل أمامها: «المجهول مخيف، والشعور بالرخص الإنساني. هنا الأرواح بلا قيمة. في الغرب، لا مساومة على ثمنها الباهظ».

تخشى ورد الخال أن تصبح الحرب جزءاً من يوميات اللبناني (صور الفنانة)

يُحلّق الطيران الحربي في سماء لم تعد عنواناً لسكينة الصفاء الأزرق المُختَرق ببعض غيم الخريف. تراقب ورد الخال توجّهها، وتتخيّل مسار الصاروخ وهو ينطلق منها إلى التمادي في التوحُّش. تعترف بأنّ هديرها مرعب، «يفتك أعصابي»، وتفكّر في مَن تركوا المنازل إلى تيه الوُجهة: «يا لهذا العذاب! هم على الأرض ونحن في آلامنا النفسية. كيف يغتسلون؟ كيف يتشاركون المرحاض؟ التفكير بيومياتهم يقسو عليَّ جداً».

تتمنّى لو تنشغل في تصوير مسلسل، لكان هدَّأ بعض الروع وحملها إلى نوع من «اللهو». تزور أصدقاء لعلَّ انسلاخاً يحدُث، ثم ينجرف الحديث من تلقائه إلى أحزان لبنان. تقول إنّ مسلسلات تُصوَّر في الوقت الفاصل بين الغارة والهدوء الحذر، وذلك سببه «التزامات وعقود لا مناص منهما». تصنّف محاولات البقاء على قيد الحياة «مقاومة أيضاً»، ولا ترى تناقضاً بين الاجتهاد والتعاطف: «يتضخّم ألمي النفسي، ولو يشغلني عملٌ، لهدأت الآلام. أنا اليوم في انتظار غودو. أمارس بعض الرياضة، وأمضي الوقت أمام الشاشات. إنها أيام أشبه بانتحار. الأخبار العاجلة تغزو هواتفنا. إن صوَّرنا أو أمّنا مصدر الرزق، فلا يعني أننا قساة. يسهُل اتّهام الفنانين بأنهم يقيمون في (اللالا لاند). هذا تجنٍّ. إن رفعوا علم لبنان، اتُّهموا بالتقصير، وإنْ لم يرفعوه جُلِدوا أيضاً. ماذا يفعل الفنان؟ هل المطلوب من الجميع أسلوب تعبيري واحد؟ لكلٍّ أسلوبه، وعندما يتعلّق الأمر بالتعاطف الإنساني في الشِّدة الوطنية، يحضر الفنانون بلا تردّد».


مقالات ذات صلة

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق الفنانة المصرية يسرا أكّدت حبها للبنان (إنستغرام)

يسرا لـ«الشرق الأوسط»: تاريخي يشهد على مواقفي الوطنية

أكدت الفنانة المصرية يسرا أنّ تصريحاتها خلال المؤتمر الصحافي للدورة السابعة من «مهرجان الجونة السينمائي» التي تحدّثت فيها عن لبنان اجتُزئت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق نجم مسلسل «فريندز» ماثيو بيري (أ.ب)

يواجه السجن لـ10 سنوات... طبيب أميركي يقر بضلوعه في وفاة ماثيو بيري

أقر طبيب من لوس أنجليس يُشتبه في ضلوعه بوفاة نجم مسلسل «فريندز» ماثيو بيري بجرعة زائدة من الكيتامين بالذنب، الأربعاء، أمام محكمة في كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أنجلينا جولي: شخصية كالاس كانت الذروة

أنجلينا جولي: شخصية كالاس كانت الذروة

في لقاء مع «الشرق الأوسط»، تحدثت النجمة الأميركية أنجلينا جولي عن تجربتها في «ماريا»، أحدث فيلم كانت البطولة فيه لها، حيث تقمصت شخصية مغنية الأوبرا اليونانية

محمد رُضا (تورونتو (كندا))
يوميات الشرق النجمة الأميركية جينيفر أنيستون (رويترز)

اتصال يرسل الشرطة الأميركية إلى منزل جينيفر أنيستون... ما القصة؟

زارت الشرطة الأميركية منزل الممثلة الشهيرة جينيفر أنيستون في لوس أنجليس، مساء الجمعة، بعد اتصال مخادع و«مزعج».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أدمغة الكلاب والبشر تتواصل معاً عبر نظرات العين

النظر في عينَي كلبك يعني أن إشارات دماغك ودماغه ستتزامن معاً (جامعة إيوتفوس لوراند)
النظر في عينَي كلبك يعني أن إشارات دماغك ودماغه ستتزامن معاً (جامعة إيوتفوس لوراند)
TT

أدمغة الكلاب والبشر تتواصل معاً عبر نظرات العين

النظر في عينَي كلبك يعني أن إشارات دماغك ودماغه ستتزامن معاً (جامعة إيوتفوس لوراند)
النظر في عينَي كلبك يعني أن إشارات دماغك ودماغه ستتزامن معاً (جامعة إيوتفوس لوراند)

أفادت دراسة حديثة، أجراها فريق من الباحثين في الأكاديمية الصينية للعلوم، بأن أدمغة الكلاب والبشر تتواصل معاً بمجرد النظر إلى بعضهم بعضاً. ووفق النتائج فإن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها ملاحظة ما يُعرف علمياً بـ«الاقتران العصبي» بين الأنواع المختلفة.

ويلاحظ العلماء حدوث «الاقتران العصبي» عادة عندما يتفاعل أفراد من النوع نفسه، ويحدث ذلك في الفئران والخفافيش والبشر والقردة.

ووفق الدراسة الجديدة التى أُجريت تحت قيادة عالم الأحياء وي رين من الأكاديمية الصينية للعلوم، ونُشرت نتائجها في دورية «أدفانسد ساينس»: «ربما يكون هذا الارتباط بين الأدمغة مهماً في تشكيل الاستجابات وردود الأفعال خلال اللقاءات الاجتماعية، وقد يؤدي إلى سلوكيات معقدة مثل التعلم، أو تعزيز العمل الجماعي بين الأفراد».

«يحدث (الاقتران العصبي) عندما يتوافق نشاط الدماغ لدى فردين، أو أكثر، خلال التفاعل. وبالنسبة للبشر، غالباً ما يكون هذا استجابةً لمحادثة أو قصة يتبادلها هذان الفردان»، بحسب البيان المنشور، الجمعة، على منصة «ميديكال إكسبريس».

وأضاف البيان أنه «عندما تتفاعل الأنواع الاجتماعية، فإن أدمغتها تتصل. لكن مثل هذه الحالة التي يحدث فيها الاتصال بين أفراد من أنواع مختلفة تكون مثيرة للاهتمام».

وكان الكلب أحد أول الحيوانات التي استأنسها البشر. ولدى الجنسان تاريخ طويل في مشاركة الوقت والمكان معاً. فالكلاب ليست مجرد رفاق لنا، بل لها الآن أيضاً أدوار رئيسية في مجتمعنا، بما في ذلك الدعم العلاجي، واكتشاف الأمراض وحماية ورعي الماشية. ونتيجة لذلك، طوّرت الكلاب بعض المهارات المثيرة للإعجاب، بما في ذلك القدرة على التعرف على حالتنا العاطفية والاستجابة لها.

وفي الدراسة الجديدة، درس الباحثون اقتران الأعصاب باستخدام أجهزة تسجيل نشاط الدماغ، منها جهاز «تخطيط كهربية الدماغ غير الجراحي (EEG)»، الذى يستخدم أغطية رأس تحتوي على أقطاب كهربائية تكتشف الإشارات العصبية.

وفحص الباحثون ما حدث لهذه الإشارات العصبية عندما تم عزل الكلاب والبشر عن بعضهم بعضاً، وفي وجودهم معاً لكن دون النظر إلى بعضهم بعضاً. ثم سُمح للكلاب والبشر بالتفاعل. وعندما نظر الكلاب والبشر إلى بعضهم بعضاً وتمت مداعبة البشر للكلاب، تزامنت إشارات أدمغتهم.

ووجدت الدراسة أن الأنماط الدماغية في المناطق الرئيسية من الدماغ، المرتبطة بالانتباه، متطابقة في كل من الكلب والإنسان.

وكشفت النتائج عن أن الكلاب والأشخاص الذين أصبحوا أكثر دراية ببعضهم بعضاً، على مدى الأيام الخمسة للدراسة، كانت لديهم زيادة في مزامنة الإشارات العصبية.

وكانت دراسات سابقة للتفاعلات بين البشر قد وجدت أن زيادة الألفة بين الناس أدت أيضاً إلى أنماط دماغية متطابقة بشكل أوثق. لذا فإن عمق العلاقة بين الناس والكلاب قد يجعل «الاقتران العصبي» أقوى.

وتشدد نتائج الدراسة على أن «النظر في عينَي كلبك يعني أن إشارات دماغك ودماغه ستتزامن معاً، وأنك تعزز اتصالك به. ويبدو أنه كلما كنتما أكثر دراية ببعضكما بعضاً، أصبح الاتصال أقوى».