مصر: واقعة «سحر اللاعب مؤمن زكريا» تجدّد الحديث عن هوس «التريند»

سبقتها تمثيلية «خطف عريس» ومباراة ملاكمة في زفاف

اللاعب المصري مؤمن زكريا (حسابه على إنستغرام)
اللاعب المصري مؤمن زكريا (حسابه على إنستغرام)
TT

مصر: واقعة «سحر اللاعب مؤمن زكريا» تجدّد الحديث عن هوس «التريند»

اللاعب المصري مؤمن زكريا (حسابه على إنستغرام)
اللاعب المصري مؤمن زكريا (حسابه على إنستغرام)

جدّدت واقعة «سحر اللاعب مؤمن زكريا»، لاعب النادي الأهلي المصري السابق، وما أعلنته الجهات الأمنية من قيام عامل مدافن باختلاقها بهدف تحقيق أعلى نسبة مشاهدة للتربح مادياً، الحديث حول «هوس التريند»، خصوصاً مع وقوع حوادث مماثلة في وقت سابق.

كان الحديث عن وجود «سحر» للاعب مؤمن زكريا، الذي يعاني من مرض نادر، قد شغل المصريين خلال الساعات الماضية، بعد قيام أحد اللحادين (يعمل في مجال دفن الموتى داخل المقابر) ببث مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، يزعم فيه أنه عثر على «عمل سفلي» ضد اللاعب. إلا أن وزارة الداخلية أعلنت في بيان، الأحد، أن «التُّربي - اللحاد» اعترف باختلاقه الواقعة بالاشتراك مع نجله وشخصين آخرين وسيدة، عبر إحضار صورة للاعب لعلمهم بتعرُّضه لوعكة صحية، وكتابة طلاسم وعبارات غير مفهومة عليها، كما أحضروا عروسة من القماش بها مجموعة من الدبابيس، وقاموا بدفن الصورة والطلاسم أمام مقبرة خاصة بعائلة اللاعب السابق مجدى عبد الغني، لإلصاق الواقعة به، لكونهما شخصيات رياضية مشهورة، وادعائهم بعثورهم عليها حال قيامهم بزراعة شجرة صبّار أمام المقبرة.

المتهمون في واقعة «سحر» اللاعب مؤمن زكريا (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية)

كما اعترف اللحاد، وفق البيان، بتصوير مقطع الفيديو المتداول ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي «بهدف تحقيق أعلى نسبة مشاهدة للتربح مادياً». وأشار البيان إلى أن المتهمين قاموا بتسليم اللاعب الصورة والعروسة تحت زعم كونها أعمال سحر، الذي قام بدوره بالتخلص منها، وأوضحت الوزارة أنه بمواجهة باقي المتهمين أيّدوا ذلك.

وأثارت الواقعة تفاعلاً واسعاً خصوصاً مع كشف الحقيقة، وأعادت الحديث حول الهوس بتحقيق نسب المشاهدة للتربُّح، خصوصاً أن مصر شهدت وقائع مماثلة خلال الأشهر الماضية؛ لتصدر «التريند»، منها انتشار مقطع فيديو «اختطاف عريس» يوم زفافه داخل سيارة بمحافظة الدقهلية، حيث ترجّل منها شخص ليخطف العريس ويفر هارباً، ثم تبيّن اتفاق القائم على النشر (العريس الظاهر بمقطع الفيديو) مع زوجته وشقيقته، و3 أشخاص، بتصوير مقطع الفيديو المشار إليه بشكل تمثيلي لتحقيق نسبة مشاهدات عالية والحصول على أرباح مادية.

وقبل أيام، أثار مقطع فيديو متداول على نطاق واسع في مصر موجة من الجدل، بعد أن ظهر فيه عروسان من محافظة المنيا (صعيد البلاد) وهما يمارسان رياضة الملاكمة خلال حفل زفافهما؛ حيث ظهرا في الفيديو وهما يرتديان قفازات الملاكمة ويتبادلان اللكمات داخل العرس الذي تحوّل إلى مباراة ملاكمة حقيقية.

صورة اللاعب مؤمن زكريا و«العمل السفلي» المفبرك (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية)

وشهد العام الماضي امتداد هوس «التريند» إلى زعم «بلوغر» تُدعى «أم زياد» في مقطع فيديو أن «نجلها أقام علاقة جنسية مع شقيقته»، وبعد التحقيق معها تبيّن زيف الواقعة، لتوجّه لها سلطات التحقيق ارتكاب جرائم الاتّجار بالبشر باستغلال أطفالها وإظهارهم في مقاطع مرئية ونشرها على حساباتها بقصد الحصول على ربحٍ مادي.

عن تلك الوقائع، والسعي نحو «التريند»، يعلّق الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي في مصر، قائلاً إن «وجود الهاتف المحمول في يد كل الناس، وانتشار منصات التواصل الاجتماعي لا سيما تطبيق (تيك توك)، الذي أتاح التربّح من المشاهدات، جعل كثيرين يسعون إلى ركوب موجة تحقيق الثراء، وفي سبيل ذلك يمكن التنازل عن أي شيء لأجل جمع المال».

وأضاف فرويز لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الاتجاه يأتي مدفوعاً بزيادة الانحدار في الأخلاق، ووجود انهيار قيمي وسلوكي، وهو الأمر الذي يجعلنا نصفه بزمن المسخ الثقافي».

ويطالب فرويز مع انتشار المحتوى غير الأخلاقي والمفبرك بـ«اتخاذ قرارات حاسمة مع تطبيق (تيك توك) في مصر، تصل إلى إمكانية منعه، لافتاً إلى أنه «إذا تحايل بعض المستخدمين على ذلك المنع والدخول على التطبيق، فلن يكونوا مؤثرين مع قلة عددهم وقتها، مقارنة بالعدد الحالي».

وتبيّن أرقام شركة «بايت دانس»، مالكة «تيك توك»، أن التطبيق كان لديه 32.94 مليون مستخدم تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر في مصر في أوائل عام 2024، حسب وسائل إعلام محلية.

من جانبه، قال الدكتور رامي عطا، أستاذ الصحافة بالمعهد الدولي العالي للإعلام بأكاديمية الشروق، إن «هوس التريند يأتي من بين عادات جديدة وممارسات إعلامية غريبة فرضتها شبكات التواصل الاجتماعي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الظاهرة قديمة ترتبط بالشائعات والأخبار الكاذبة أو الزائفة، كما أنها ترتبط بغياب المسؤولية الاجتماعية، وظهور اتجاه البحث عن تكوين ثروة بطريقة سهلة، فأصبح اللجوء إلى تقديم المحتوى وظيفة سهلة لجمع المال وتكوين ثروة».

ويرى عطا أن «تقديم محتوى زائف وافتعال الأحداث سعياً وراء تحقيق نسب مشاهدات مرتفعة، هو تطور لجانب سلبي من ظاهرة (المواطن الصحافي) التي لها إيجابيات كثيرة، والتي ظهرت قبل عدة سنوات بفعل انتشار منصات التواصل والتطور التكنولوجي، وهذا الجانب نجده يتمثل في البحث عن الصيت والشهرة والنجومية، وزيادة عدد المتابعين وزيادة المرور على المواد المنشورة لتحقيق (التريند)، وهو ما قد يتطور لاحقاً عبر محتوى يتطرق إلى أمور لا أخلاقية وغير مسؤولة».

وهو الأمر الذي يتفق معه استشاري الطب النفسي، مبيناً أن «الحل أيضاً لمواجهة هوس (التريند) الزائف يكون بتطبيق وتفعيل القوانين»، محذراً من أن «عدم المواجهة يمكنها أن تدفع الأمور إلى أسوأ مما نتخيل، بوجود محتوى إباحي، وترويج للانحرافات السلوكية والجنسية»، على حد وصفه.


مقالات ذات صلة

أزمة تصوير جنازات الفنانين تعود إلى الواجهة في مصر

يوميات الشرق لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)

أزمة تصوير جنازات الفنانين تعود إلى الواجهة في مصر

عادت أزمة تصوير جنازات الفنانين إلى الواجهة بمصر مجدداً، بعد تزاحم عدد كبير من المصورين بالهواتف المحمولة خلال تشييع جنازة الفنان المصري سليمان عيد، الجمعة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق طالت قرارات الإغلاق جميع الفروع (تصوير - عبد الفتاح فرج)

مصر: أزمة سلاسل المطاعم المغلقة على طريق الحل بـ«تدخلات رئاسية»

انفراجة وشيكة لأزمة إغلاق عدد من المحلات والمطاعم الشهيرة في مصر، بعد «تدخلات رئاسية»، حسب ما أعلن القائمون على سلسلة مطاعم «بلبن» في بيان، مقدمين الشكر للرئيس.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق إغلاق فروع لمحلات حلويات بالجيزة (محافظة الجيزة)

مصر: إغلاق فروع لشركة حلويات «شهيرة» يثير تساؤلات

أثار إغلاق عدد من الفروع التابعة لشركة حلويات شهيرة في مصر حالة من الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأربعاء، وسط تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار

رشا أحمد (القاهرة )
الولايات المتحدة​ المنتج السينمائي السابق الواسع النفوذ هارفي واينستين يظهر داخل قاعة محكمة (أ.ب)

بعد حملة «مي تو»... انطلاق إعادة محاكمة المنتج واينستين في نيويورك

عاد المنتج السينمائي السابق الواسع النفوذ هارفي واينستين الذي شكّلت شهادات نساء ضده عام 2017 شرارة الانطلاق لحركة «مي تو» في العالم، إلى قفص الاتهام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق علَّ الصرخة تصل (أ.ب)

قرود وغوريلا وفهود «ورقية» من أفريقيا إلى القطب الشمالي

هذه الحيوانات ستُجبر على مغادرة موائلها الطبيعية بسبب الاحتباس الحراري، وستنزح نحو الشمال، حيث تمرُّ عبر مدن عدّة في طريقها وتنضم إليها حيوانات أخرى.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)

أزمة تصوير جنازات الفنانين تعود إلى الواجهة في مصر

لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)
لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)
TT

أزمة تصوير جنازات الفنانين تعود إلى الواجهة في مصر

لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)
لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)

عادت أزمة تصوير جنازات الفنانين إلى الواجهة بمصر مجدداً، بعد تزاحم عدد كبير من المصورين بالهواتف المحمولة خلال تشييع جنازة الفنان المصري سليمان عيد، الجمعة، حيث لاحقت الكاميرات نجوم الفن، وأسرة الراحل، لتصوير لقطات خاصة أثناء دفن الجثمان.

وطالب عدد من الفنانين بمنع تصوير الجنازات، خصوصاً أن هوية المصور ليست معلومة؛ حيث كتب الفنان المصري طه دسوقي عبر حسابه بموقع «فيسبوك»، منتقداً ما يحدث، وتساءل: «ما السبق الصحافي في تصوير جثمان... ولماذا يتم التصوير داخل المقابر؟».

ووجَّه دسوقي سؤاله للعاملين في المجال الإعلامي، قائلاً: «كيف يمكنني التعامل مع مَن يُصورني في حياتي اليومية، وأثناء حضوري مناسبات ليست لها علاقة بمجال عملي، وهل أتعامل معه على أنه صحافي أم متحرش؟».

كما عبَّرت الفنانة المصرية بدرية طلبة عن استيائها، وكتبت عبر حسابها بموقع «فيسبوك»: «مهزلة الجنازات وصلت إلى تصوير النعش وما بداخله، من أجل أسبقية النشر والحصول على مشاهدات، من دون اعتبار لحرمة الميت».

وتساءلت بدرية: «مَن هؤلاء؟ ولماذا يوجدون ويزاحمون أهل وأصدقاء المتوفى؟ وطالبت طلبة بالاطلاع على الأوراق التي تُثبت أن مَن يقوم بالتصوير صحافي أم أشخاص يتتبعون الجنازات للتصوير من أجل الربح».

الفنان الراحل سليمان عيد (حسابه بموقع «فيسبوك»)

ويؤكد الناقد الفني المصري رامي المتولي أن «ما يحدث هو ظاهرة سلبية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مَن يقوم بهذا الأمر ليست لهم علاقة بمهنة الصحافة، وليسوا صحافيين بالأساس»، وإن كان المتولي يرى أن «جنازات وعزاءات المشاهير عموماً لا بد من توثيقها، من خلال التصوير الفوتوغرافي والفيديو، ولكن دون إزعاج أو محاولة انتهاك الخصوصية، أو البحث عن سبق على حساب مشاعر الحزن التي تُخيّم على المكان».

وقبل عام، نشرت مواقع صحافية محلية لقطات من جنازة الفنان الراحل صلاح السعدني، ولنجله الفنان أحمد السعدني الذي انفعل بدوره على المصورين الذين تزاحموا خلال الجنازة وطالبهم بالابتعاد.

في حين طالبت نقابة الممثلين، في بيان لها بالتزامن مع أزمة تصوير جنازة السعدني، بعدم وجود الصحافيين والمراسلين في عزاء الفنان الراحل بناءً على رغبة أسرته.

وأكد بيان النقابة أن الفنان أشرف زكي سيضع شروطاً لحضور مراسم الدفن أو الجنازات سيتم الاتفاق عليها بين نقابتي الممثلين والصحافيين.

كما أصدرت وزارة الأوقاف أيضاً بياناً بمنع التصوير في أي جنازة، سواء حال دخولها أو خروجها وأثناء الصلاة على المتوفى، مراعاة لحرمة المسجد وحرمة الميت ومشاعر أهله.

لكن نقابة الصحافيين رفضت قرار «الأوقاف»، موضحة أنه ليس لأي جهة أو شخص الحق في حظر التصوير، وأن ذلك مخالف لنصوص الدستور والقانون، الذي يتيح لهم ممارسة العمل دون رقابة، وأن وضع القواعد من اختصاصها؛ حيث اجتمعت حينها مع نقابة الممثلين لتحديد ضوابط التصوير.

لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (صورة متداولة على «فيسبوك»)

في السياق؛ كتبت الشاعرة منة القيعي عبر حسابها بموقع «فيسبوك»، تعليقاً على الأزمة المثارة: «أتمنى من الدولة إصدار قرار بمنع الصحافة من الحضور والتصوير والنشر في العزاء والجنازات».

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أشار المتولي إلى أنه يجب تحديد مكان للمصورين، وعدم الاختلاط مع الحاضرين، والحفاظ على خصوصيتهم، وتقدير قيمة الحدث، وما يجري خارج هذا الإطار فليست له علاقة بالصحافة.

ويلفت الناقد الفني إلى أن «تغطية كثير من الصحافيين للجنازات تتم بشكل مهني، لكن وجود أفراد غيرهم لا يملكون ثقافة التعامل يعوق عملهم؛ ما يؤدي لاختلاط الأمور».