أدى إخطار وصل لأسرة الفنان سمير الإسكندراني «1938-2020» يدعوهم لنقل رفاته قبل إزالة مقبرته الموجودة في منطقة السيدة نفيسة، لتجديد أحزانهم، بعد 5 سنوات من رحيله. كانت العائلة نظراً لحب الإسكندراني لآل البيت والسيدة نفيسة التي كان يداوم على زيارة مسجدها، قررت دفنه في مقبرة قريبة من المسجد، تمتلكها عائلة السمري التي تنتمي لها زوجته.
وبينما كانت أسرته تظن بهذا أنها حققت أمنية الفنان الراحل، فوجئت قبل أيام بحارس المقبرة يخبرهم بأنه سوف تتم إزالتها، ويجب نقل جثمان الفنان لمكان آخر. هذا الأمر دعا الأسرة للتحرك والمطالبة بتقدير دوره، ومسيرته الفنية والوطنية، وفي فيديو، تم تصويره من داخل المقبرة، عبر تسجيل صوتي لابنته نجوى، طالبت المسؤولين بالإبقاء على المقبرة التي تضم رفات والدها لما قدمه من خدمات وطنية لمصر، وأضافت: «والدي كان يحب السيدة نفيسة، وكان يريد أن يكون قبره إلى جوارها، وإزالة قبره بعد السنوات التي مرت، ورفع رفاته، يجددان آلام الأسرة التي عاشتها منذ خمس سنوات وقت رحيله».
وللفنان سمير الإسكندراني خدمات جليلة قدمها لوطنه، «جعلت منه نموذجاً فريداً في الجمع بين الفن الهادف الذي عرفه به المصريون وبين البطولة والتضحية من أجل الوطن» كما جاء في نص بيان نشرته المخابرات العامة المصرية فور إعلان رحيله، وعن هذه المسيرة تقول ابنتاه نيفين ونجوى إن والدهما الفنان كان بالفعل نموذجاً للتضحية، وقد أسهم في إسقاط كثير من شبكات الجاسوسية التي كانت تتآمر ضد مصر.
أما عن مسيرته الفنية فقد قدم سمير الإسكندراني كثيراً من الأغاني العاطفية والوطنية بشكل جديد أسهم في تجديد الغناء المصري، من بينها «يا جميل ياللي ناسيني» و«مين اللي قال»، و«بنت يا دوسه»، و«قمر له ليالي» و«يا صلاة الزين»، و«طالعة من بيت أبوها»، و«قدك المياس»، كما قدم العديد من الأغنيات الوطنية منها «ياللي عاش حبك يعلم كل جيل»، و«يا رب بلدي وحبايبي»، وفي عدد من أغانيه مزج الإسكندراني بين اللغة العربية والإيطالية والإنجليزية»، كما غنى عدداً من تترات المسلسلات التلفزيونية منها «الطاحونة»، و«الوليمة».
وذكرت ابنته نيفين في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن والدها لم يكن مطرباً فقط، لكنه كان فناناً تشكيلياً، درس الفن في كلية الفنون الجميلة، وأكمل تعلم الرسم في إيطاليا ضمن بعثة بمدينة بيروجيا عام 1958.

وُلد سمير الإسكندراني في حي الغورية، وكان والده يعمل تاجراً للأثاث، وكان محباً للفن وصديقاً للملحن زكريا أحمد والشاعرين أحمد رامي وبيرم التونسي. أما عن عشقه لآل البيت والسيدة نفيسة بالتحديد، فتقول نيفين الإسكندراني: «كان أبي يقضي أوقاتاً كثيرة في رحابها، وقد لمست الأسرة هذه المحبة، والارتباط بها، وهذا السر كان وراء دفن والدي بالقرب من مسجد السيدة نفيسة».
وأضافت: «لا نشعر عند زيارة مدفن أبي بأنه مقبرة، وهي بعيدة عن الشارع، ولا تؤثر في الطريق، ولا تضر أياً من مشروعات البنية التحتية التي يتم الشروع في إقامتها، كما أن المكان الموجود في رحابه السيدة نفيسة جزء من التراث، وهو جدير بالمحافظة عليه وزراعته وتجميله وبأشياء بسيطة يمكن أن يتحول لمزار بدلاً من هدم وإزالة مقابره».
وكانت مصر شهدت من قبل ضجة بسبب قرارات بهدم وإزالة مقابر تضم رفات عدد من المشاهير من بينهم إحسان عبد القدوس الذي تم هدم جزء من مقبرته، وترددت أنباء عن هدم مقبرة طه حسين عام 2022، ولكن لم يحدث، وذلك ضمن خطط للتوسعات في المحاور المرورية، خصوصاً في المنطقة التي تضم مقابر الغفير والمماليك وحديقة الفسطاط، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أمر في وقت سابق بتشكيل لجنة لتقييم الموقف بشأن نقل مقابر منطقتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وأمر باختيار موقع لإنشاء «مقبرة الخالدين»، لتكون صرحاً يضم رفات الرموز المصرية المختلفة، ومتحفاً لأعمالهم.





