أوقفت أجهزة الأمن المصرية اثنين من «البلوغرز» يُدعيان «الأكيلانس» و«سلطانجي» تحدثا عن عدم نقاء المياه المعدنية والعسل، وهو ما اعتبرته السلطات «تشكيكاً» في سلامة الغذاء، في حين أثارت الواقعة جدلاً ما بين من رأوا أن هذا حق المجتمع وأفراده في الرقابة على المنتجات، وآخرين يرون أنه دور رسمي يجب تركه للجهات الرقابية.
وعقب انتشار مقاطع «الفيديو» التي يتحدث فيها «الأكيلانس» و«سلطانجي» على منصات التواصل الاجتماعي، أعلنت وزارة الداخلية القبض عليهما، وقالت في بيان عبر صفحتها على «فيسبوك»، السبت، إنه «في إطار كشف ملابسات عدد من مقاطع الفيديو التى تم تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي وتضمنت قيام صانعي محتوى بمحاولة التشكيك في سلامة المنتجات الغذائية ومدى صلاحيتها للاستخدام... بالفحص أمكن تحديد الظاهرين بمقاطع الفيديو المشار إليها (مقيمان بمحافظة دمياط)»، وأكد البيان أنه «بمواجهتهما أقرّا بقيامهما بإجراء تحليل لبعض المنتجات الغذائية بعدد من المعامل للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية، وتصوير مقاطع الفيديو المشار إليها بمنزل أحدهما ونشرها على صفحتهما بمواقع التواصل الاجتماعي بغرض زيادة نسب المشاهدات وتحقيق مكاسب مادية».
الواقعة أثارت جدلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ ففي رأي متابعين أنهما يقومان بدور رقابي مجتمعي، وأنه تجب محاسبة التجار.
هما بيكشفوا غياب ضمير تجار وسوء نواياهم فلو حد يستحق العقاب يبقى التجار دول .. ايه المنتجات المصرية اللي بتحظى بثقة المستهلك المصري طيب؟! منتجات تتعد على الأصابعhttps://t.co/7Wfn6NqGef
— Motaz Assal (@MotazAssal) November 30, 2025
ورأى آخرون أنهما يضران الصناعة المصرية، ويشككان الناس في جودتها.
الاتنين شباب دول بيضربوا في الصناعه المصريه ومطلعين كل المنتجات المصريه كلها مغشوشهضبط صانعي محتوى «الأكيلانس» بعد نشر فيديوهات تشكك في سلامة المنتجات الغذائية وأحدثها المياه المعبأة https://t.co/5obsW3wxBz pic.twitter.com/woogZ6vnWy
— شاهيناز طاهر (@ChahinazTaher) November 30, 2025
وأكد رئيس «الهيئة القومية لسلامة الغذاء» الدكتور طارق الهوبي، أن الهيئة تتابع كل المنتجات بالسوق المصري، وتتابع شكاوى المواطنين. وقال في مقطع «فيديو» بثه «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء، الأحد، إن المستهلك يجب أن يطمئن؛ فلديه «حائط صد هو الهيئة التي تراقب كل السلع، كما يوجد قنوات تواصل عدة مع الهيئة عبر منصات التواصل الاجتماعي لتلقي الشكاوى من المستهلكين». لكن أستاذ الاجتماع السياسي الدكتور سعيد صادق، يرى أن «المشكلة تكمن في ضعف الأجهزة الرقابية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حائط الصد هو الرقابة المجتمعية على السلع وجودتها، لكن القبض على كاشفي عدم جودة المنتجات يخيف المجتمع ويدفعه إلى التخلي عن دوره الرقابي». وبحسب صادق، فإنه «كان يجب التحقيق في ما نشراه وليس القبض عليهما، فتلك رسالة سلبية للمواطن والمجتمع».

ووسط الجدل الذي أثارته الواقعة حول آليات الرقابة على المنتجات الغذائية، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية الدكتور حسام عبد الغفار، أن «أي تحذير يتعلق بسلامة المنتجات الغذائية لا يصدر عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بل من خلال القنوات الرسمية المعتمدة للوزارة والجهات الرقابية المختصة»، وقال في تصريحات صحافية، الأحد، إن «ما يتم تداوله أحياناً من نشر نتائج عينات غذائية أو ادعاءات بوجود تلوث عبر حسابات بعض المدونين أو صنّاع المحتوى (البلوغرز) لا يجوز»؛ إذ إن «آليات سحب العينات وإجراءات نقلها وفحصها تخضع لبروتوكولات رسمية دقيقة، ولا يمكن لأي جهة غير معتمدة تنفيذها أو الإعلان عنها».

وبحسب عبد الغفار، فإن الدولة تطبق «منظومة رقابية متكاملة على المنتجات المتداولة في السوق، خصوصاً ما يتعلق بمصادر المياه، وجودتها، ونوعية المنتجات الغذائية. وإنه لا يوجد أي شك في صحة التراخيص الممنوحة للمصانع والشركات الخاضعة للرقابة الدورية»، مؤكداً أن «وزارة الصحة تتخذ إجراءات فورية ومنهجية لسحب أي عينة من الأسواق عند الاشتباه في وجود تلوث أو مخالفة، وذلك عبر فرق التفتيش الصحي والمعامل المركزية».
الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس تطرق إلى جانب آخر من القضية يتعلق بإحداث التوازن بين حماية المستهلك والحيلولة دون «الكيدية التجارية» وحملات تشويه بعض المنتجات عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة ما فعله (البلوغرز) أنه يثير مخاوف حول حروب تجارية وحملات تشويه بعض المنتجات عبر منصات (السوشيال ميديا) لحساب منتجات أخرى». لكن بحسب النحاس «كان يجب على الدولة الاستعانة بأفكار الشابين وتقنين أوضاعهما بشكل قانوني لتعزيز الرقابة على الأسواق من خلال أفكار شبابية مختلفة، وليس القبض عليهما».




