الثقة بالنفس تُعزز الصحة الجنسية

هناك علاقة متبادلة بين الثقة بالنفس والرضا الجنسي (جامعة ولاية أوكلاهوما)
هناك علاقة متبادلة بين الثقة بالنفس والرضا الجنسي (جامعة ولاية أوكلاهوما)
TT

الثقة بالنفس تُعزز الصحة الجنسية

هناك علاقة متبادلة بين الثقة بالنفس والرضا الجنسي (جامعة ولاية أوكلاهوما)
هناك علاقة متبادلة بين الثقة بالنفس والرضا الجنسي (جامعة ولاية أوكلاهوما)

كشفت دراسة لجامعتي «زيورخ» السويسرية و«أوتريخت» الهولندية أن هناك علاقة ديناميكية متبادلة بين الثقة بالنفس والرضا الجنسي. وأوضح الباحثون أن النتائج تقدم رؤى قيمة حول التساؤلات القديمة عما إذا كان الجنس الجيد يجعلك تشعر بتحسن، أو إذا كان الشعور الجيد يجعلك تحظى بجنس أفضل، أو كلا الأمرين معاً. ونشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Personality and Social Psychology Bulletin).

وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الثقة بالنفس يميلون إلى أن تكون لديهم علاقات جنسية أكثر إرضاءً، وأن هذين العاملين يؤثران على بعضهما.

ومع ذلك، لم تُجرَ سوى القليل من الأبحاث حتى الآن حول كيفية تطور هذا التفاعل بمرور الوقت. وقدمت الدراسة الجديدة التي استندت إلى عينة وطنية ممثلة لأكثر من 11 ألف بالغ ألماني بعض الأفكار المثيرة للاهتمام.

وخلال الدراسة، أجرى الفريق تحليلاً لبيانات استمرت لمدة 12 عاماً حول تجارب الأشخاص المتعلقة بالثقة بالنفس والجنس.

وتوصلت النتائج إلى أن الثقة بالنفس تؤثر بشكل إيجابي على التجارب الجنسية، وأن التحسن في الرضا الجنسي يعزز من ثقة الفرد بنفسه، ما يؤكد التفاعل المتبادل بين العاملين.

وتدعم نتائج الدراسة النظريات التي تعدّ الثقة بالنفس بمثابة نوع من المؤشر الاجتماعي، الذي يعكس مدى شعورنا بالقبول والتقدير في علاقاتنا مع الآخرين.

ويمكن أن تزيد التجارب الإيجابية في العلاقات الاجتماعية والحميمية من الثقة بالنفس، في حين يتم تفسير التجارب السلبية بوصفها نوعاً من التحذير من الرفض الاجتماعي، وتنعكس في انخفاض الثقة بالنفس على المدى الطويل.

وفي الوقت نفسه، قد يتمكن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الثقة بالنفس من التعبير بشكل أفضل عن رغباتهم وتفضيلاتهم لشركائهم الحميميين، ما يؤدي إلى رفاهية جنسية أكبر على المدى الطويل، وفق الباحثين.

ومع ذلك، أظهرت الدراسة أيضاً أن هذه العلاقة الديناميكية ليست بالقوة نفسها لدى جميع الأشخاص، وأنها تختلف حسب العمر والجنس؛ إذ أظهرت النساء وكبار السن ارتباطاً أقوى بين الثقة بالنفس والرفاهية الجنسية، مقارنةً بالشباب والرجال.

وأوضح الباحثون أن الأشخاص الذين يتمتعون بثقة نفس عالية لا يكتفون بزيادة نشاطهم الجنسي، بل يشعرون أيضاً برضا أكبر تجاه تجاربهم الجنسية، مشيرين إلى أن التغيرات في الرضا الجنسي تؤدي إلى تغييرات في مستوى الثقة بالنفس، والعكس صحيح.

ونوه الفريق بأن الدراسة تبرز أهمية الثقة بالنفس في التجارب الجنسية؛ إذ تسهم في تحسين الرفاهية الجنسية. في الوقت نفسه، يمكن أن تؤدي التغيُّرات في الرفاهية الجنسية إلى تعزيز الثقة بالنفس، ما يساعد على فهم التفاعل المعقد بين الثقة بالنفس والتجارب الجنسية، ويحفز المزيد من الأبحاث المستقبلية في هذا المجال.


مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي قد يتنبأ بتفاقم أمراض الرئة قبل أسبوع من ظهور الأعراض

صحتك الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بدقة بحدوث تفاقم في الأعراض قبل ما يصل إلى 7 أيام من بدء ظهورها (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يتنبأ بتفاقم أمراض الرئة قبل أسبوع من ظهور الأعراض

كشفت دراسة أن تحليل عينات البول باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يتنبأ بتعرض المصابين بالانسداد الرئوي المزمن لتفاقم أعراض مرضهم، قبل أسبوع من ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك حقن فيتامين سي عبر الوريد تتيح تحقيق مستويات مرتفعة لا يمكن الوصول إليها عبر الأقراص الفموية (جامعة أيوا)

فيتامين سي يحسن نتائج علاج سرطان البنكرياس

كشفت دراسة سريرية أميركية عن نتائج وُصفت بـ«الواعدة» لعلاج سرطان البنكرياس المتقدم باستخدام فيتامين سي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك استخدام الإنترنت قد يقلل الاكتئاب ويحسن الحالة الصحية لدى كبار السن (رويترز)

استخدام كبار السن للإنترنت يحميهم من الاكتئاب ويعزز صحتهم

قد يؤدي استخدام الإنترنت إلى تقليل الاكتئاب، وتحسين الحالة الصحية لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، وفقاً لما أكدته دراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
صحتك الشاي الأخضر من المشروبات الغنية بالفلافانول (جامعة باستير الأميركية)

مشروبان يحميان الأوعية الدموية بعد الوجبات الدسمة

كشفت دراسة بريطانية عن أن الشوكولاته والشاي الأخضر يمكن أن يساهما في حماية الأوعية الدموية من تأثيرات التوتر النفسي حتى بعد تناول طعام دسم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية عائلات الأطفال ضحايا عصابة حديثي الولادة في وقفة أمام المحكمة في إسطنبول رافعين لافتات تطالب بأقصى عقوبات للمتهمين (أ.ف.ب)

تركيا: محاكمة عصابة «الأطفال حديثي الولادة» وسط غضب شعبي واسع

انطلقت المحاكمة في قضية «عصابة الأطفال حديثي الولادة» المتورط فيها عاملون في القطاع الصحي والتي هزت تركيا منذ الكشف عنها وتعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بمتابعتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
TT

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)
تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)

لم تتعمَّد الرسامة اللبنانية آية دبس التحوُّل إلى لاجئة، وإنما بدفعٍ من تكدُّس الأهوال، تُحدِّث «الشرق الأوسط» من كاليفورنيا. كانت في الثانية عشرة عندما رسمت لوحتها الأولى؛ شجرة. ولما اشتدَّت إبادة جنوبها اللبناني، سألت إنقاذها من على جدران منزل العائلة هناك؛ خشية مُشاركته المصير المريع. تشبه موضوعاتها المكان وناسه، وترسم مواسم الزيتون والبيوت العتيقة. تهوى رسم الجدّات، ففيهنّ ترى العُمر المحال على الهدوء.

قصدت بيروت للدراسة في كلية الفنون الجميلة، فلمحت في عمارتها جسر تواصل بين الحجر والبشر. تَلاصُق أبنيتها ألهمها رسم التقارُب الإنساني، فإذا بصُور طفولتها ورائحة الأرض في قريتها الجنوبية تلتحقان بالمشهد البيروتي، وتجعلان الفنانة تعكس على الوسائط ما يعتمل في الروح.

تشبّثها برسم واقع الإنسان على الأرض يتصدَّر في السلم والحرب (آية دبس)

تصف الفنّ بـ«الحقيقي» حين يؤدّي دوره حيال «الأشياء القريبة» قبل مُطالبته بتجسيد «ما هو بعيد». تُحمّله وظيفة «المراقبة والتقاط التفاصيل»، فيستدعي إلى وسائطه «ما قد لا تراه عيون الآخرين». والفنانة، إن استقالت من الرسم بالريشة والألوان، مُعلنةً تحوَّلها إلى احتراف فنّ الديجيتال، تُشيَّد في أعمالها اختزالات عاطفية غذَّتها ذاكرة ثرية بالصور وخيال يجيد الشحطات بشرط الإبقاء على صلتها بالواقع.

تهوى رسم الجدّات ففيهنّ ترى العُمر المحال على الهدوء (آية دبس)

ويحلو لها رسم الشرفات، وبولع مُشابه ترسم القطط. هذا اللطف الذي يسير على أربع ويُصدر مواء رقيقاً، يتّخذ في رسوم آية دبس مساحة عريضة. تعلّقها بالقطط تجسَّد في الفنّ، أسوةً بأشكال التعلُّق الأخرى المستقاة من ذاكرة القرية ووجوه عصيّة على الغياب. ولمّا طارد التوحُّش إنسان غزة، رسمت طاعنةً في السنّ تُغادر منزلها مُحمَّلة بكنبتها على ظهرها. تمدُّد النار إلى لبنان أشعل التفاعل مجدداً مع الرسم، لتجاوُز الموضوع حيّزَه ومحاكاته ضحايا الحروب على الأرض.

طاعنة في السنّ تُغادر منزلها مُحمَّلة بكنبتها على ظهرها (آية دبس)

الوفاء للمكان جعل تناوُل إشكالية النزوح الطارئة جراء الحرب، مُلحَّاً. وها هي تحضُر في رسومها، كأنها تتدفّق لتشغل المساحة بمظاهر هذا التدفُّق، فيتراءى الشوق والحنين والانسلاخ والغصّة. تقول: «أحبّ المكان. أحمل منزلي أينما غادرت. وفيه قططي وكنبتي. رسمتُ الكنبة لأنها الملاذ الحميم. باستطاعتها نَقل المرء من حالة مزاجية إلى أخرى. المساحة الشخصية تُسلَب من مالكها بفعل النزوح، فأجدني أرسم واقع الانسلاخ. حين أغادر منزلي، لا أعود أنا. أشعُر بالبُعد. كأنني طوال الوقت أطرح سؤالاً واحداً: أين أشيائي؟».

تشبه موضوعاتها المكان وناسه (آية دبس)

لصدّ هذه الغربة، سعت والدتها من مكان النزوح إلى إحضار ألبوم الصور، فلا تتوحَّش الذكريات في منزل غادره ناسه. ترى أنها «قصة سعيدة وحزينة في آن، لكنّ الأهم ألا نشعر بأننا غرباء». الأمُّ نفسها المعتادة على حصاد الزيتون وإعداده للمواسم، أبت شراءه جاهزاً من محلات البيت، لتتقصَّد رصَّ ما وصلها منه بيديها والتأكُّد من ملحه ومائه. ترسم هذه المُشاهدات، والأمل بالعودة، مُمتهنةً فَلْش الصور لضخّ الحياة في ذاكرتها البصرية والإبقاء على اتّقادها.

ارتباط الموضوع بالواقع يصيب الفنانة باحتمال تسلُّل العجز، فتجد أنّ عملاً على صلة بالموت المتواصل يتعذَّر اكتماله سريعاً. تقول: «لسنا في وضعية إنهاء الأشغال ثم إغلاق الكمبيوتر والتفرُّغ للانهيار. رسمُ الموضوع القاسي يمسُّ الحالة النفسية. نُعبّر بالفنّ ونجد فسحاتنا للبوح والتشارُك، لكنّ قسوة الموضوع لا مفرّ من تجاهلها».

ترى أنّ الفنان لا يضيف شيئاً إنْ نَقَلَ الصورة نسخةً طبق الأصل إلى فضائه التشكيلي (آية دبس)

وترى أنّ الفنان لا يضيف شيئاً إنْ نَقَلَ الصورة نسخةً طبق الأصل إلى فضائه التشكيلي. ذلك لأنها تُميّز بين الفوتوغرافيا والرسم، وتجد اختلافاً بين المجالَيْن. تستغرب ما يبدو لها استعجالاً في رسم صور ضحايا الحروب مثلاً، وتصف الفعل بـ«تسلُّق اللحظة». يتهيّأ لها العالم ظلالاً، لانسلاخ الأماكن عن ناسها، والناس عن أماكنهم، وتأجُّج الشوق. تشبّثها بالموضوع، وهو واقع الإنسان على الأرض، يتصدَّر في السلم والحرب. الفارق أنه في الأيام الهادئة ترسمه بحميمية وعاطفة. والآن يطفو الحزن، ويلحّ الحنين إلى منزل الجدّة والذكرى الجميلة وجَمعة العائلة. رسْم التاريخ والطفولة شغفها. اليوم تؤلمها الأمكنة وتشتاق إليها. ترسمها بمشاعر لا تُفسَّر.