ريتا حايك لـ«الشرق الأوسط»: في «البرابرة» أُثبتُ مَن أكون

المشاركة بالسينما الفرنسية حلمٌ تحقَّق... والطموح يتّسع

أرادت محو الأحكام المسبقة عندما يتعلّق الأمر بامرأة وافدة من الشرق الأوسط (صور ريتا حايك)
أرادت محو الأحكام المسبقة عندما يتعلّق الأمر بامرأة وافدة من الشرق الأوسط (صور ريتا حايك)
TT

ريتا حايك لـ«الشرق الأوسط»: في «البرابرة» أُثبتُ مَن أكون

أرادت محو الأحكام المسبقة عندما يتعلّق الأمر بامرأة وافدة من الشرق الأوسط (صور ريتا حايك)
أرادت محو الأحكام المسبقة عندما يتعلّق الأمر بامرأة وافدة من الشرق الأوسط (صور ريتا حايك)

حضر رجلٌ أحد العروض القليلة لمسرحية «فينوس» الشهيرة من بطولة ريتا حايك في باريس. لفته الأداء وأثمر تعارُفهما تحوّله وكيلَ أعمال الممثلة اللبنانية في فرنسا والخرائط المجاورة. ولمّا بلغه أنّ الفرنسية جولي دلبي تبحث عن ممثلة، اقترح أن تُجرِّب. لقاؤهما الأول عبر «زووم» تجاوز اختبار المهارة. فتلقّي ريتا حايك أسئلة شخصية بيَّن تعمُّد المخرجة وكاتبة السيناريو اكتشافَ جانبها الإنساني. «لم تُرد مجرّد ممثلة. بحثتْ في أفكاري وشخصيتي ونظرتي إلى الإنسان»، تقول مَن قدَّمت دور «ألمى» المؤثّر في فيلم «البرابرة» المعروض أخيراً في مهرجان «تورنتو السينمائي الدولي».

لم تُرد جولي دلبي مجرّد ممثلة بل بحثت في النظرة إلى الإنسان (صور ريتا حايك)

في قرية فرنسية صغيرة، تدور الأحداث. إنها حكاية سكان همُّوا لاستقبال حافلة ظنّوا أنها تقلّ لاجئين أوكرانيين ليتبيَّن أنهم سوريون. هنا تتبدَّل الملامح وتُستبدل النظرة إلى الإنسان بأخرى. يمرّ الفيلم على مشهدية صعود اليمين المتطرّف في فرنسا وازدواجية المعايير المتعلّقة بإشكالية اللجوء. فيه تؤدّي ريتا حايك شخصية طبيبة توليد سورية بُترت قدمها جرّاء تمادي العنف، فالتحقت هي وعائلتها بالملاذ الفرنسي لعلّه يُنقِذ.

غابت لمدّة عن منزلها، وهي أمٌّ لطفل ودَّع عامه الدراسي في يوم التصوير الأول، فكثَّفت حميمية المناسبة حزن الانسلاخ. تذكُر: «لم أحضر حفل نهاية السنة، لكنّ ما غادرتُ لأجله يستحق. أخبرتُ ابني أنّ ريتا في سنّه كانت تحلم، والآن تُحقّق أحلامها. بإمكانكَ فعل الشيء نفسه إنْ حلمتَ واجتهدت. هذا تعاملي الأول مع ممثلين فرنسيين لا يعرفون مَن أكون. جزءٌ مني أراد أن يُثبت لهم نفسي. أردتُ محو الأحكام المسبقة عندما يتعلّق الأمر بامرأة وافدة من الشرق الأوسط. شعرتُ بالفخر وأنا أتحدّث بأربع لغات: مع الفرنسيين بالفرنسية، ومع الإسبان بالإسبانية، ومع المخرجة بخليط إنجليزي - فرنسي، وباللهجة السورية. أريتهم إلمامي بالتاريخ والثقافة. كأنني أقول: هذا هو اللبناني وهذا ما نستطيع فعله».

أدَّت دور «ألمى» المؤثّر في فيلم «البرابرة» (صور ريتا حايك)

تصف الفيلم بالإنساني لمَنحه أسماءً ووجوهاً وحكايات لبشر مُطارَدين بالنمطية والانطباع الجاهز. تؤكد أنه يُضحك على مواقف ويستدعي أيضاً الدمع: «تشاء جولي دلبي عبر أعمالها خوض ثورتها. فنّها رسائل. وهذا تحوَّل كذلك جزءاً من رحلتي. أريد بفنّي أن أقول شيئاً. الفرص الخالية من فعل القول، لن تجد طريقها إليّ. أترقّب الدور المُحمَّل بفكرة مؤثّرة. الدور الناطق. خارجه لستُ أكترث».

تطلّبت شخصيتها الاستعانة برِجل اصطناعية. أخبرها المتخصِّص في تركيب هذه القِطع أنها المرّة الأولى التي يضعها على بشريّ لم يفقد ساقه. لبَّس قدمها بمادة «الجفصين» وأجرى اللازم لتبدو مبتورة: «حين صوّرني بعد الانتهاء من مَهمّته، صُدِمت. آلمني المشهد. يقتضي كوني ممثلة التمرين على الحالة الجديدة. عليَّ اعتياد السير بها والتعامل معها بوصفها بعضاً من جسدي. بعد انتهاء التصوير، رحتُ أشعر بأوجاع استجدَّت. ثم تبيَّن أنّ تلك الرِّجل خلَّفت رواسب. كل ذلك يستحقّ العناء. أحياناً نشقى لكي نسعد».

بعد عرضه الأول في «تورنتو»، تهامس حاضرون في كونها مبتورة القدم بالفعل، أم أنّ ألم البتر وتداعياته ألمَّ فقط بالشخصية: «شعرتُ بنظراتهم، كأنهم يقولون: لا، هذا تمثيل! لمحتُ التأثّر في العيون».

صُدِمت حين صوّرها المتخصِّص بعد الانتهاء من تركيب الرِّجل الاصطناعية (صور ريتا حايك)

كان بلوغ السينما الأوروبية حلماً وقد تحقَّق. وريتا حايك من الصنف الذي يوسِّع الأحلام ويُطلقها إلى البعيد: «طموحي السينما الإسبانية وربما الإيطالية أيضاً. وستظلّ السينما الفرنسية مرادي. انطلاقي من لبنان نحو هذه الآفاق الشاسعة، يُشعل وجودي. أعمال بهذا الحجم تُهوِّن الصعب وتُخفّف قسوة غياب الأم عن طفل ينتظرها».

بدأ عرض «البرابرة» في الصالات الفرنسية، وتأمل فنانته بعرضه في لبنان متى تهدأ ناره. ترى أنّ إشكاليته مطروحة، وتهمّ المُشاهد المحلّي لانخراطه في جدلية اللاجئين ونقاش العنصرية. ماذا تعني لها جولي دلبي؟ تراها ملهمة وفيها سحر يميّزها: «هي جزء من تاريخ السينما الفرنسية، وكاتبة مرشّحة لـ(أوسكار أفضل سيناريو). وجودي في القرية الفرنسية حيث تجري الأحداث، أمام كاميرتها، ممتع. بعض التجارب لا يتكرّر، وهذا الفيلم منها».

هل لا تزال الفرص المحلّية مُغرية؟ لذّة الشخصية في مسلسل لبناني، أو مشترك، أو معرَّب، هل غادرتها؟ جوابها: «على الإطلاق». ما يهمّ ريتا حايك هو الفرصة المُحمَّلة بما يؤثّر ويُغيِّر: «أريد كلَّ مختلف وفريد، والأهم أن يُقنعني فأؤدّيه بأقصى الشغف».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية، حيث تستمر الرحلة لمدة أسبوع، وتبدأ من بني سويف (115 كيلومتراً جنوب القاهرة)، وحتى العاصمة القاهرة.

ويهدف المشروع إلى تسليط الضوء على جمال مصر وتراثها الطبيعي والثقافي المتميز، بالإضافة إلى الترويج لمقوماتها السياحية والأثرية المتنوعة، ورفع الوعى بأهمية الحفاظ على نهر النيل.

المُجدّف الهولندي المحترف روب فان دير آر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، فإن مشاركة الهيئة في هذا الحدث تأتي في إطار حرص الدولة المصرية على التعاون مع سفارات الدول الأجنبية بمصر، ولا سيما في الفعاليات والأحداث التي تلقي الضوء على المقصد السياحي المصري والترويج لمقوماته ومنتجاته السياحية المتنوعة والمختلفة.

ولفت القاضي إلى أن «هذه النوعية من الأحداث تخاطب شريحة من المهتمين بمنتج السياحة الرياضية بصفة عامة ومنتج سياحة المغامرات بصفة خاصة، كما أنها تتماشى مع الاستراتيجية الترويجية للهيئة التي تهدف إلى الترويج لمقومات مصر السياحية، علاوة على الدور المجتمعي الذي تقوم به الهيئة في التعاون مع المؤسسات الخيرية».

جدير بالذكر أن هذا المشروع يتم تنفيذه بالتعاون والتنسيق بين سفارة دولة هولندا في القاهرة، ومؤسسة مجدي يعقوب للقلب، وشركة Aspire، وتحت رعاية عدد من الوزارات.

مشروع «التجديف من أجل مصر 2024» يهدف إلى الترويج للسياحة الرياضية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويتوقع وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، الوصول إلى هدف «30 مليون سائح سنوياً» بحلول عام 2031 إذا لم تحدث متغيرات جيوسياسية جديدة بالمنطقة»، وفق تعبيره.

وقال إن «الاستراتيجية التي أعلنتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية -30 مليون سائح بحلول عام 2028- كانت طَموحة للغاية، ولم تضع في حسبانها الأزمات السياسية والعسكرية التي أثّرت تداعياتها على دول المنطقة والعالم».

ورغم ذلك توقع الوزير أن يشهد العام الحالي زيادة في أعداد السائحين القادمين إلى مصر، ليكون 15.2 مليون سائح في 2024، مقارنةً بـ14.906 مليون سائح عام 2023.