نهر «أبو علي» اللبناني فيضانه قبل 70 عاماً لا يزال يؤرق الطرابلسيين

عمل فني بتقنية الواقع الافتراضي

النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)
النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)
TT

نهر «أبو علي» اللبناني فيضانه قبل 70 عاماً لا يزال يؤرق الطرابلسيين

النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)
النهر الذي جرف حقبة بأكملها (الشرق الأوسط)

في السابع عشر من عام 1955 تغيّرت طرابلس جذرياً. كانت مدينة مؤهلة لأن تصبح فينيسيا العالم العربي، يفد إليها السيّاح ليروا ما لا يمكن أن يجدوه في أي مكان آخر. مدينة مملوكية قديمة ساحرة، على ضفتي نهر أبو علي في شمال لبنان، بنوافذها وأدراجها وأبوابها الخشبية وجسورها وبيوتها الحجرية، وبساتينها ومطاحنها ومدارسها.

طوفان النهر في تلك السنة كان عاتياً، جرف منازل ودكاكين، قتل 160 شخصاً وهجّر ألفين، بفعل الخراب الذي خلفه. انتقل بعض التجّار المتضررين إلى منطقة بعيدة عن النهر. وبدل إيجاد مشروع يحمي السكان من طوفانات لاحقة، مع الحفاظ على جمالية المدينة وأحيائها القديمة الملاصقة للنهر، كان الحل الذي تم اختياره تدميرياً. فقد أقيمت جدران إسمنتية هائلة على ضفتي النهر، ووسع مجراه بشكل مبالغ فيه، بحيث تحولت المياه إلى ما يشبه ساقية صغيرة في ممر هائل، وهذا استدعى هدم العديد من المنازل الأثرية القديمة على جانبي النهر والمتاجر، مما استدعى انتقال سكان النهر إلى خارج الأحياء التاريخية القديمة.

رويداً رويداً، أصبح ثمة مدينة جديدة، فيما بدأت المناطق القديمة تتعرض لإهمال يقضي عليها تدريجياً، وأقيمت على السكة التي فتحت على جانبي النهر عشوائيات بشعة لا نظام فيها.

بمرور الوقت، نسي أهل المدينة الطوفان وتوابعه، وتعودوا رؤية نهر «أبو علي» وما حوله في الحالة المزرية التي صار عليها.

لكن الفن يأتي كالمهماز ليعيد للذاكرة المخدّرة وعيها. في «مرسح» المركز الثقافي الذي افتتح قبل ما يقارب السنة، ومن خلال أول عمل من سلسلة «فن في السعي» الذي أخذ على عاتقه إنعاش الوعي الجمعي، قدّم الفنان أحمد النابلسي، بدءاً من 13 سبتمبر (أيلول) ويبقى حتى 22 منه، عمله الفني «أبو علي» أو «كما تكونون يولى عليكم»، عارضاً على جمهوره حكاية نهر أبو علي الحزينة بطريقة مؤثرة.

توافد الحضور يوم الافتتاح، ينتظر كل منهم دوره كي يرتدي النظارات الخاصة التي تنقلك إلى العالم الافتراضي كما أعده لك الفنان. تجد أنك في النهر كأنك تسير في مياهه. تسمع الحكاية وأنت تتابع أبو علي (الذي أعطي النهر اسمه)، وكأنه يحوم حولك بملابسه الممزقة وشعره الطويل، ووجهه الأشعث. لقد سقط في النهر يوم الطوفان ولم يُعثر عليه بعدها أبداً، بحث السكان عنه كثيراً. كثيرون لا يزالون يعتقدون أنه حي يرزق، رغم مرور ستين سنة، وها هو يتجول حولك الآن. لقد «تحول بمرور الوقت إلى كائن غير إنساني، يتعثر بحركته ويقوم بتصرفات يصعب تفسيرها، يتغذى على الخضراوات الفاسدة، ويستحم في المجاري».

ترى بنظارتك وأنت في النهر، المياه التي تتدفق صوبك، البنايات الجديدة التي أقيمت على الأطراف، والخضرة في جانب آخر، ولا تستطيع أن تتوقف عن متابعة «أبو علي» الذي ينام حيناً على طرف النهر الذي غادرته المياه، وحيناً آخر، يخلع ملابسه، ثم يأتي صوبك وكأنه يريد أن ينظر في عينيك.

المشاهد قصيرة، كي يتسنى لأكبر عدد من الحضور المشاهدة، خلال الوقت المتاح. لا أحد يستطيع أن يثبت صحة هذه القصة من عدمها. البعض يعتقدون أنها «من نسج الخيال، وهي ترجمة لخوف الناس وإحساسهم بالذنب. وشاهد على الفساد الذي أصاب المدينة».

يواكب العمل مجموعة وثائق معروضة، تم العثور عليها في مكتبة الجامعة الأميركية عام 2019 تعود إلى أحد سكان المدينة في تلك الحقبة، وهو جوزيف توفيق سلامة، الذي وثّق بالصورة معاناة أهالي مدينته ليومين بعد الطوفان. وهي صور نادرة، تم تداولها قبل مدة على وسائل التواصل، دون أن تسند إلى مرجعها.

وها هو عمل فني يأتي مستنداً إليها. وتشرح لنا نادين علي ديب، مديرة مرسح، الذي يعرض العمل، أن «طرابلس أصلاً تأسست حول النهر، ولولاه لما وجدت واتسعت. وقد فاض مرات عدة، كانت أصعبها عام 1955». وتروي: «كانت مدينة عائمة انتهت للأسف، وجاءت توسعة النهر على حساب جماليات المدينة. لقد دمر الطوفان جزءاً من المدينة، ثم تدخلت الدولة في الستينات ودمرت جزءاً آخر. مهندسون وخبراء عندهم تحفظ كبير على الطريقة التي تمت بها توسعة مشروع توسعة مجرى النهر، وتخريب الآثار على أطرافه بالطريقة التي تمت بها».

ونهر «أبو علي» هو الامتداد الطبيعي لنهر قاديشا الذي ينبع من جبال الأرز، ويتحدر نزولاً من المرتفعات إلى الساحل، مروراً بطرابلس قبل أن يصب في البحر، ويطلق عليه اسم «أبو علي» الذي تختلف الروايات حول أصله وجذوره، ويتبنى الفنان النابلسي في عمله، إحداها ليقدم عمله التخيلي الجميل.

قد يكون الأهم من العمل نفسه، النقاش الذي أثاره. وبمقدور الحاضر أن يلحظ مدى اهتمام الجيل الجديد بتاريخ المدينة، والصعوبات التي مرّت بها. وبمناسبة اجتماعهم لرؤية العمل، تداولوا طويلاً حول بشاعة الأسلوب الهندسي المتبع لحلّ مشكلة النهر بعد طوفاناته المتكررة، وكيف أنه أنهى روح المدينة، ثم كانت القاضية عبر مشروع الإرث الثقافي، الذي قضى بسقف النهر وإخفائه، وحجبه عن عيون المارة، فيما تبقى الأجزاء غير المسقوفة، فرصة للعابرين لرمي قاذوراتهم.



«موسم الرياض» يبرم 5 اتفاقيات لدعم الزواج الجماعي المقرر في يناير المقبل

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
TT

«موسم الرياض» يبرم 5 اتفاقيات لدعم الزواج الجماعي المقرر في يناير المقبل

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

في إطار مبادرة الزواج الجماعي، ضمن مبادرات المسؤولية الاجتماعية لموسم الرياض 2024، رعى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA) المستشار تركي آل الشيخ، في حفل أقيم اليوم، توقيع عدد من الاتفاقيات مع عدد من الجهات المشاركة في الزواج الجماعي، الذي سيقام على أكبر مسرحين من مسارح منطقة بوليفارد سيتي في يناير (كانون الثاني) المقبل، حيث سيكون مسرح أبو بكر سالم قاعة لزواج الرجال، فيما سيكون مسرح محمد عبده أرينا قاعة لزواج النساء.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

ووقّع المستشار تركي آل الشيخ، ووزير البلديات والإسكان رئيس مجلس أمناء مؤسسة «سكن» ماجد بن عبد الله الحقيل، اتفاقية تنص على تلقي التبرعات من كبار المانحين والشركاء والأفراد والداعمين لتمكين المستفيدين من مبادرة الزواج الجماعي، ضمن موسم الرياض، والاستفادة من منصة «جود الإسكان» لتوفير الوحدات السكنية للمتزوجين، وذلك وفق الاشتراطات المطلوبة لدى برنامج «سكني».

كما وقّع الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه المهندس فيصل بافرط مع مجموعة الاتصالات السعودية (STC) التي مثلها الرئيس التنفيذي للمجموعة المهندس عليان بن محمد الوتيد، حيث سيتم توفير خدمة الإنترنت المجاني لمستفيدي حفل الزواج لمدة عام.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

فيما تم توقيع اتفاقية مع البنك السعودي الفرنسي (BSF) ممثلاً بالرئيس التنفيذي للبنك بدر السلوم، يقدم بموجبها دعماً مادياً بقيمة مليون ريال.

وتم توقيع اتفاقية مع شركة عجلان وإخوانه، ممثلة بعجلان بن محمد العجلان الرئيس التنفيذي للمجموعة، توفر بموجبها هدايا تزيد قيمتها عن مليوني ريال.

كما جرى توقيع اتفاقية مع مجموعة شركات أبو الحسن للتجارة والاستثمار، ممثلة بمدير تطوير الأعمال في المجموعة فهد المانع.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

كما تم خلال مراسم حفل التوقيع حضور عدد كبير من الشركات التي أسهمت في تقديم الخدمات للأزواج في هذه المناسبة الخيرية الكبرى، حيث قدّمت شركات الضيافة والعشاء، وديكورات الحفل، وفستان وبشوت الأزواج، إضافة إلى العطور والبخور، وخدمات الحلاقة والتزيين للأزواج، وتحليل ما قبل الزواج، والشاي والقهوة، ودورات الإرشاد والتنمية الأسرية.