ببغاء نادر يطوّر ألوان ريشه للهروب من الخطر

الكاكابو يطور ألوان ريش للهروب من الخطر (بلوس)
الكاكابو يطور ألوان ريش للهروب من الخطر (بلوس)
TT

ببغاء نادر يطوّر ألوان ريشه للهروب من الخطر

الكاكابو يطور ألوان ريش للهروب من الخطر (بلوس)
الكاكابو يطور ألوان ريش للهروب من الخطر (بلوس)

كشفت دراسة جديدة قادتها لارا أوربان من معهد هلمهولتز للأبحاث في ألمانيا، بالاشتراك مع فريق بحثي من قسم الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا، أن ببغاء الكاكابو طور نوعين مختلفين من الألوان في ريشه لمساعدته على تجنُّب اكتشافه من قبل حيوان من الجوارح المفترسة منقرض الآن.

ووفق الدراسة المنشورة، الثلاثاء، في دورية مجلة «بلوس بيولوجي»، فإن الكاكابو هو ببغاء ليلي لا يطير متوطن في نيوزيلندا، ويعد من الطيور النادرة. وشهد انخفاضاً حاداً في أعداده بعد أن جلب المستوطنون الأوروبيون إلى البلاد حيوانات مفترسة جديدة.

وبحلول عام 1995، لم يتبق منه سوى 51 فرداً، لكن جهود الحفظ البيئية المكثفة ساعدت تلك الأنواع على العودة إلى نحو 250 طائراً. ويأتي الكاكابو بأحد لونين - الأخضر أو ​​الزيتوني - اللذين يحدثان بنسب متساوية تقريباً.

لفهم كيف تطور هذا التنوع اللوني، ولماذا تم الحفاظ عليه على الرغم من انخفاض أعداده، قام الباحثون بتحليل بيانات تسلسل الجينوم - الخريطة الوراثية - لـ 168 فرداً، يمثلون جميع الكاكابو الحية تقريباً في وقت القيام بعملية التسلسل الجينومي.

ويقول المؤلف المشارك بالدراسة والمحافظ البيئي أندرو ديغبي: «من خلال استخدام مكتبة جينومية شاملة للأنواع، أوضحنا كيف قد تكونت الألوان الحالية للكاكابو نتيجة ضغط الحيوانات المفترسة».

وأضاف في بيان صادر، الثلاثاء «أن استخدام علم الجينوم لفهم الأهمية الحالية لهذه الخصائص أمر مهم، بينما نسعى إلى استعادة قوة الحياة للكاكابو وإعادتها إلى مواطنها السابقة».

وحدد باحثو الدراسة متغيرين وراثيين يفسران معاً تباين اللون عبر جميع الكاكابو التي درسوها.

أظهر جهاز المجهر الإلكتروني الماسح أن الريش الأخضر والزيتوني يعكسان أطوال موجية مختلفة قليلاً من الضوء بسبب الاختلافات في بنيتهما المجهرية.

ويقدر الباحثون أن اللون الزيتوني ظهر لأول مرة منذ نحو 1.93 مليون سنة، تزامناً مع تطور طائرين مفترسين: نسر هاست وطائر الحوام آيلز.

إذ تشير المحاكاة الحاسوبية إلى أن أي لون كان أكثر ندرة كان أقل احتمالية لاكتشافه من قبل الحيوانات المفترسة، مما يفسر سبب استمرار كلا اللونين في تعداد الكاكابو بمرور الوقت.

وتشير النتائج إلى أن ألوان الكاكابو تطورت بسبب الضغط من الحيوانات المفترسة العليا التي تصطاد معتمدة على قوة البصر. وظل هذا التنوع حتى بعد انقراض الحيوانات المفترسة، منذ نحو 600 عام.

ويزعم باحثو الدراسة أن فهم أصول تلوين ريش الكاكابو قد يكون له أهمية في الحفاظ على هذا النوع المهدد بالانقراض. ويظهرون أنه من دون التدخل للحفاظ عليه، يمكن أن يذهب تنوع لون الكاكابو هذا في غضون 30 جيلاً فقط، إلا أنه من غير المرجح أن يؤثر ذلك سلباً على الأنواع الموجودة اليوم، وفق قولهم.


مقالات ذات صلة

6 نصائح للنوم السريع

صحتك الأمور التي نقوم بها في النهار تكاد تكون بالأهمية نفسها لما نقوم به عندما نذهب إلى الفراش (رويترز)

6 نصائح للنوم السريع

متوسط الأشخاص الأصحاء يستغرقون من 15 إلى 20 دقيقة للنوم؛ حيث إن بعض الناس أكثر استعداداً للنوم بسرعة بسبب عوامل مثل الوراثة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تشمل تلك المواد «مسك أمبريت» الذي يُستخدم في بعض العطور ومنتجات العناية الشخصية (جامعة كاليفورنيا)

منتجات العناية الشخصية قد تقود الفتيات إلى البلوغ المبكر

أظهرت دراسة جديدة أن الفتيات المعرّضات لبعض المواد الكيميائية التي تعطّل عمل الغدد الصماء قد تقودهن إلى البلوغ مبكراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك التمارين الرياضية تعزّز قدرة الجسم على تخزين الدهون بشكل أفضل (أ.ف.ب)

الرياضة قد تساعد جسمك على تخزين الدهون بشكل أفضل

لا تساعدك التمارين الرياضية على فقدان الدهون فحسب، وإنما قد تعزّز أيضاً قدرة الجسم على تخزين الدهون بشكل أفضل، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا تعليق الدراسة مؤقتاً لآلاف الطلاب في ألمانيا بسبب تلقي عدد من المدارس رسائل تهديد (أ.ب)

تعليق مؤقت للدراسة في مدارس بألمانيا بسبب رسائل تهديد بعضها مرتبط بحرب غزة

تم تعليق الدراسة مؤقتاً لآلاف الطلاب في ألمانيا بسبب تلقي مدارس في عدة ولايات ألمانية رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني وتهديدات بوجود قنابل.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
أفريقيا نحو 2.8 مليون طفل في غرب ووسط أفريقيا عاجزون عن الذهاب إلى المدارس بسبب الصراعات (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: ملايين الأطفال في أفريقيا يتغيبون عن المدارس بسبب الصراعات

أعلنت الأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، أن نحو 2.8 مليون طفل في غرب ووسط أفريقيا عاجزون عن الذهاب إلى المدارس بسبب الصراعات.

«الشرق الأوسط» (داكار)

«درب خلاص» مارون الحكيم... الصلاة بالفنّ

لوحات الصَلْب تُبرِّد مشاعر التشكيلي اللبناني القلقة حيال الفيض الدموي (مارون الحكيم)
لوحات الصَلْب تُبرِّد مشاعر التشكيلي اللبناني القلقة حيال الفيض الدموي (مارون الحكيم)
TT

«درب خلاص» مارون الحكيم... الصلاة بالفنّ

لوحات الصَلْب تُبرِّد مشاعر التشكيلي اللبناني القلقة حيال الفيض الدموي (مارون الحكيم)
لوحات الصَلْب تُبرِّد مشاعر التشكيلي اللبناني القلقة حيال الفيض الدموي (مارون الحكيم)

يتناول الفنان التشكيلي مارون الحكيم في معرضه، «درب الخلاص»، ما يتراءى بعيداً، وصعب المنال. يلحُّ على متأمِّل لوحاته تساؤلٌ حول أي خلاص تُجسّده، والظلام محيق والإنسان في المهالك؟ يختار المقولة الأيقونية «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل» لشرح الدافع. بفكرة الصَلْب والبذل العظيم، يُقارب المقتلة الكونية المُتجسِّدة في فظاعة الارتكاب البشري والصفح المُستبعَد.

المعرض يقارب المقتلة الكونية المُتجسِّدة في فظاعة الارتكاب البشري (لوحات مارون الحكيم)

لوحاتٌ تمثِّل المسيح المصلوب وآلام التحمُّل، يستضيفها متحف جامعة «الروح القدس- الكسليك» من 10 سبتمبر (أيلول) حتى 27 منه. هي ليست وليدة الآن، بل مسارها امتدّ لفترات متباعدة، من 1991 إلى 2024، مما يمنح رسمها وتصويرها أسباباً مختلفة باختلاف الزمن والأحداث المُرافقة له. يؤكد الرسّام والنحّات اللبناني لـ«الشرق الأوسط» أنه من الخطأ ربط جميع الأعمال بالراهن فقط، مع العلم بأنّ جديده تطرَّق إلى مآسي الشرق والمنطقة، وقد ربطه أيضاً بموضوع الصَلْب بلمسة أسلوبية تميّز المعالجة داخل أعماله التشكيلية.

أي خلاص تتوق إليه اللوحة بتجسيد رمز الفداء في الديانة المسيحية، والحروب تستعر، والطفولة تتضرَّج بدمائها، والمقابر جماعية؟ يردُّ السؤال بآخر: «ما حيلة الفنان أمام تطوُّر أحداث الزمن وغدره، سوى التعبير من منظار شخصيّ يعكس غالباً أحوال الآخرين وتوجّهاتهم حيال المهالك الوجودية المتلاحقة؟». ذلك ليقول إنّ إعلاء الأمل ومناشدة الخلاص قد يخفّفان المعاناة ويبلسمان الوجع، «شرط أن يتضمّن العمل الفنّي كامل مستلزمات الجمالية الفنّية من تأليف وتقنيات ذات جودة عالية. فجلال الموضوع وحده لا يصنع فنّاً متكاملاً من دون الصياغة التشكيلية المتفرّدة والمؤثّرة».

عبر فكرة الصَلْب تطرَّق إلى مآسي الشرق والمنطقة (لوحات مارون الحكيم)

سجَّل تحت إحدى اللوحات خلاصةَ فلسفة الصَلْب القائلة: «ما من حبّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبائه». ولكن، أليست «طوباوية» بعض الشيء فكرة البذل أو القربان في ظلّ النزعة الفردانية؟ وفي المقابل، كيف تُقاربها اللوحة وأنهر الدم تعمُّ الخرائط؟ يدرك أنّ فكرة الشرّ أو الانتقام قد تبدو أقوى من أفكار الخير والتسامح، فيقول: «في مفهوم البشر، يبدو أنّ التنازل للآخر مسألة لا تمرّ بسهولة، والأكثرية الساحقة تنحاز إلى فكرة الانتقام. من هنا تنشأ النزاعات على مستويات الأفراد والشعوب والدول. فمنذ ولادة الإنسان وبدائيته، لم تتغيَّر طباعه، بل تعاظم البطش والتفنُّن في اختراع أدوات الموت. دور الفنّ والفنّانين هو التحفيز على الإنسانية. وذلك بنشر السلام والإخاء، ونجدة الشعوب المقهورة بتضميد بعض جراحها».

لوحاتٌ تمثِّل الصلب وآلام التحمُّل (مارون الحكيم)

تنطق اللوحات برؤية مارون الحكيم للحياة: «لولا الفنّ والثقافة، لأصبح الإنسان وحشاً!» هي خلاصه من قسوة العالم. والشعاع القادر على تبديد هواجس الليل الحالك. تستوقفه «تهمة» الطوباوية في مسألة الخلاص، فيؤكد أنها حاضرة لدى كثير من البشر: «أليست الشهادة في سبيل الأوطان فكرة طوباوية؟ ومع ذلك نرى مَن يبذلون النفوس من أجل الأفكار والمثل العليا». يتابع أنّ لوحاته لا تدّعي حلاً للنزاعات ووقف الشلال الأحمر. يراها عزاء للمنكسرين والمقهورين، وتكريماً للأبطال المناضلين، وتبريداً لمشاعره القلقة حيال الفيض الدموي.

ما دلالات مسيح اللوحات في هذا الواقع المتألِّم بالصَلْب؟ يشرح: «الهدف الأول من معالجة حضور المسيح في بعض أعمالي تأكيدٌ لإدراكي العميق أنه رفيق حياتي. ما أعمالي سوى صلوات وأناشيد بتعدُّد اختباراتها وتقنياتها وموضوعاتها». بتأمّل الكون والطبيعة وروعة التكوين، يدّعي مارون الحكيم بلوغ فَهم فكرة الخَلْق للوصول إلى الله والشعور بعظمة إبداعاته وسخائه بخيرات الأرض ونِعَم السماء.

إعلاء الأمل ومناشدة الخلاص يخفّفان المعاناة ويبلسمان الوجع (لوحات مارون الحكيم)

هذه المناجاة المتصاعدة من روح اللوحة؛ هذه الـ«آه»، والنظرة إلى السماء، والأنّة الصامتة، مَن يشاء أن يسمعها؟ الصلاة من خلال الفنّ، مسموعة؟ يحسم، بمجرَّد تشكُّل «الآهات» من صميم لوحاته، وصولَ الرسالة الفنّية: «هنا، لا تعود اللوحة بحاجة إلى مطوّلات لتفسيرها. لوحتي تحاكي كل إنسان مُرهف على هذه الأرض، خصوصاً شعوب منطقتنا. لا حدود جغرافية لانتشار الفنون. المتحلّون بحسّ فنّي عميق، وصواب البصر والبصيرة، لا بدّ لهم من وعي أهدافها والتأثّر بها».

دور الفنّ والفنّانين هو التحفيز على الإنسانية (لوحات مارون الحكيم)

فلنتحدّث عن الصَلْب المُتراكم في الداخل. عن مارون الحكيم، أهو «مصلوب يُصلَب كل يوم»، كما عنونَ إحدى اللوحات لكونه شاهداً على فظاعة العالم؟ ردُّه أنّ عمله الفنّي بأنواعه وأساليبه هو المُتنفَّس الوحيد. به ينتشي، يفرح، يحزن، يصرخ، يصلّي، يناجي، ويجد حرّيته. لذا يرى نفسه «ناطقاً ومختزلاً لضمير أمّة بشعبها وأرضها». يقول: «أعيش أوجاع الناس اليومية وقلقهم الوجودي. الصَلْب هو المعاناة والذوبان مع الآخرين بآلامهم وأفراحهم. العمل الفنّي يُخرِج إلى العلن مكنوناتي بوصفي شاهداً على السلام المفقود والشعوب المصلوبة بالظلم والحقد واللامساواة. رسمتُ المسيح وصَلْبه في أزمنة المجازر والفظاعات لرغبتي في ربط ما ارتكبوه به قبل ألفَي عام بما يكرّرون ارتكابه مع شعب بريء».

لوحاته لا تدّعي حلاً للنزاعات ووقفاً لشلال الدم (مارون الحكيم)

و«الأمومة المكسورة»، كما تسمّيها اللوحة، رمزية الحضن النازف واللمَّة المستحيلة. لافتة الأم في المجموعة، تُجسِّد أقسى أصناف الآلام والتشظّي في الروح والجسد. يُصوِّر الفنان التشكيلي مريم العذراء مذهولة أمام الصَلْب كذروة للعذاب والتفحُّم. يراها «أمثولة لجميع أمهات الشهداء الذين يسقطون نتيجة العنف واللاعدل والمؤامرات على شعوبنا المستضعفة بهدف سلب أرضهم وخيراتهم».

مسيح اللوحات يلغي بشهادته وفدائه كل الأعمال غير اللائقة بإنسانية الإنسان (مارون الحكيم)

منذ عام 1975، بداية احترافه الفنّ، تسارعت أحداث لبنان وتشابكت مع تعقيدات القضايا من حوله. عاصر مارون الحكيم الحرب الأهلية بكل عنفها وبشاعاتها. ثم توالت الأحداث ولا تزال؛ فتكرَّست مشهديات من العنف والقسوة جرّاء انقسام اللبنانيين وتضارُب مصالحهم. يُنهي مَن يرى الفنّ صرخة تلحُّ لتخرج: «كان بديهياً أن أعالج الموضوعات الوطنية بشكلها الإنساني بما يعكس مشاعري الرافضة لما يحصل بين أبناء الأرض. لبنان المصلوب لوحةٌ عبَّرتُ من خلالها عن إعدام الوطن صلباً بحضور فريقَيْن من الأخوة المتخاصمين، المزهوَّين بتباعدهما القسري».