جوائز «بيلبورد العالمية» للموسيقى بنسخة عربية في الرياض

للمرة الأولى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

جمانا الراشد نوهت بأهمية الاحتفاء بالتنوع الذي تتمتع به الثقافة الموسيقية والفنية في المنطقة (الشرق الأوسط)
جمانا الراشد نوهت بأهمية الاحتفاء بالتنوع الذي تتمتع به الثقافة الموسيقية والفنية في المنطقة (الشرق الأوسط)
TT

جوائز «بيلبورد العالمية» للموسيقى بنسخة عربية في الرياض

جمانا الراشد نوهت بأهمية الاحتفاء بالتنوع الذي تتمتع به الثقافة الموسيقية والفنية في المنطقة (الشرق الأوسط)
جمانا الراشد نوهت بأهمية الاحتفاء بالتنوع الذي تتمتع به الثقافة الموسيقية والفنية في المنطقة (الشرق الأوسط)

أعلنت «بيلبورد عربية» عن إطلاق النسخة الأولى من جوائزها الموسيقية بتاريخ 11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، ضمن «أسبوع الرياض الموسيقي» الأول، وهو إحدى مبادرات هيئة الموسيقى السعودية التي تستضيف الخبراء والصانعين من مختلف دول العالم، في أحد أسرع المراكز نموّاً بقطاع المهرجانات والفعاليات الموسيقية.

وباعتبارها من أكثر المنصّات تميّزاً ومصداقية في اكتشاف الفنانين العرب الجدد، والإضاءة على المخضرمين منهم، سيرسّخ حفل الجوائز السنوي الجهود التي بدأتها «بيلبورد عربية» منذ إطلاقها قبل عام واحد فقط، عبر قوائمها الموسيقية الشهيرة ومبادراتها وفعالياتها.

وسيُكرّم الحفل الفنانين العرب المبدعين، ويحتفي بأعمالهم الفنية، كما سيمثّل أيضاً حالة جديدة وغير مألوفة في المنطقة ككل، إذ ستكون -على خلاف معظم التكريمات الأخرى- شعبية الفنان والترتيب الذي تحصده أغنياته ضمن قوائم «بيلبورد» الموسيقية الشهيرة والموثوقة، هما العامل الأساسي لفوزه بتلك الجوائز المرموقة، التي تشمل مجموعة واسعة من الفئات، بما فيها أفضل فنان، وفنانة، وأبرز أغاني السنة، والكثير غيرها.

«بيلبورد عربية» أصبحت خلال سنة واحدة الأسرع نمواً بين منصات الموسيقى (الشرق الأوسط)

يُشار إلى أن قوائم «بيلبورد عربية» تشمل القائمتين الرائدتين «بيلبورد عربية هوت 100» و«بيلبورد عربية لأفضل 100 فنان»، كذلك سبع قوائم جديدة أُطلِقت حديثاً، خصوصاً باللهجات الخليجية والمصرية والشامية والمغربية، وبأغاني الهيب هوب والإندي العربية والشيلات، مُشكِّلةً علامة فارقة في المنطقة، تستند إلى المعايير الراسخة التي اعتمدتها علامة «بيلبورد» العالمية لثمانية عقود مضت.

وإلى جانب تكريم أفضل الفنانين والأغاني لهذا العام، ستحتفي جوائز «بيلبورد عربية» بالمواهب المتنوعة في السعودية والمنطقة. كما سيتم الإعلان عن أغانِ مشتركة جديدة بين فنانين عرب وعالميين، وستقام عروض حصرية يقدّمون خلالها أجمل أغنياتهم وأكثرها شعبية.

من جانبها، قالت جمانا راشد الراشد، الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، إن «(بيلبورد عربية) أصبحت خلال سنة واحدة فقط الأسرع نموّاً بين منصّات الموسيقى، لأنها انعكاس واقعي لما يفضّله المستمعون، وتستطلع آراء ملايين المتابعين، وتحاكي أمزجتهم الفنية».

جمانا الراشد تحدثت عن مساعي «بيلبورد عربية» لنقل أعمال الفنانين العرب إلى المنصّات العالمية (الشرق الأوسط)

ونوّهت بأهمية الاحتفاء بالتنوّع الذي تتمتّع به الثقافة الموسيقية والفنية بالمنطقة، سواءً عبر القوائم الشهيرة للأغاني الأكثر رواجاً أو قوائم اللهجات، و«اليوم عبر أكبر جائزة موسيقية في العالم»، مؤكدة أن «دعم وزارة الثقافة ممثلة بهيئة الموسيقى، والشراكة الاستراتيجية مع (بيلبورد العالمية)، يساهمان إلى حدّ بعيد في تعزيز إمكانياتنا لدعم الفنانين العرب، ونقل تجاربهم وأعمالهم إلى المنصّات العالمية، وتطوير قطاع الموسيقى الحيوي بالمنطقة».

من ناحيته، قال رامي زيدان، مدير عام منصّة «بيلبورد عربية»: «يسعدني الإعلان عن إطلاق النسخة الأولى من جوائز (بيلبورد عربية) في الرياض باعتبارها واحدة من أسرع المراكز نموّاً على مستوى قطاع الموسيقى حول العالم».

وأضاف أن الجمهور سيختبر تنوّع الموسيقى العربية بشكل مباشر، وسيشاهد المعجبون فنانيهم المفضّلين عبر عروض فنية متنوعة، مؤكداً تطلع «بيلبورد عربية» من خلال هذا الحفل للاحتفاء بالفنانين العرب، وتسليط الضوء على موسيقاهم وقصصهم التي كانت غائبة عن المشهد العام مع استحقاقها كل التقدير إقليمياً ودولياً.

رامي زيدان أكد تطلع «بيلبورد عربية» من خلال إطلاقها حفل جوائزها السنوي إلى الاحتفاء بالفنانين العرب (الشرق الأوسط)

إلى ذلك، أبدى مايك فان، رئيس «بيلبورد»، فخرهم بإطلاق حفل الجوائز بالرياض، الذي يعد الحدث الموسيقي العالمي الأبرز في تكريم المواهب الموسيقية والإنجازات التي تحقّقها ضمن القوائم والتصنيفات، مضيفاً: «يسعدنا أن نرى هذا الإرث وهذه الرؤية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن نسلّط الضوء على التميّز الموسيقي للفنانين العرب». وتابع: «لا يحتفي الحدث بالنجاح التجاري للفنانين فحسب، بل ويسلّط الضوء أيضاً على تأثيرهم الحقيقي في صناعة الموسيقى وعلى تطور المشهد الموسيقي ككل»، معتبراً أن «الفوز بإحدى جوائز (بيلبورد) الموسيقية ليس مجرّد ليلة واحدة من التكريم، بل إنه يمثل لحظة مهمة يرتقي فيها الفنان نحو نجاح دائم».

وأكد فان أن جوائز «بيلبورد عربية» تخضع للمنهجية ذاتها في تقييم الفنانين على أساس شعبيتهم لدى عشاق الموسيقى من جميع أنحاء العالم.

مايك فان أعرب عن سعادته بتسليط الضوء على التميز الموسيقي للفنانين العرب (الشرق الأوسط)

وأُطلقت «بيلبورد عربية» خلال يونيو (حزيران) 2023 لتسليط الضوء على الفنانين العرب، ونقل موسيقاهم وقصصهم للساحة الدولية، ونجحت خلال عام واحد فقط بتدشين عدة مبادرات مهمّة في المنطقة، من بينها أخبار «بيلبورد عربية»، والمرأة في الموسيقى، والقوائم الموسيقية و«أصوات الأرض».

وإلى جانب المبادرات التي وفّرت البيئة الضرورية للفنانين المخضرمين والجدد للوصول إلى جمهور أوسع، ابتكرت «بيلبورد عربية» فعاليات فريدة تسلط الضوء على الأصوات العربية، بما فيها سلسلة «جلسات بيلبورد العربية» الحصرية في الاستوديو. ومن المقرر أن تعلن «بيلبورد عربية» عن تفاصيل العروض والتذاكر خلال الأسابيع المقبلة عبر موقعها الإلكتروني.


مقالات ذات صلة

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)

زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

يعدّ زياد الابن الأصغر للفنان غسان صليبا. وهو مثل شقيقه وسام جذبه عالم الفن بكل أبعاده، فمشى على خطى والده المغني وأخيه الممثل وسام صليبا.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})

السوبرانو أميرة سليم لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لمنافسة أحد

كشفت مطربة الأوبرا المصرية (السوبرانو) أميرة سليم عن استعدادها لتقديم أغنيات باللهجة العامية المصرية بعدما قدمت أغنية «بنحب المصرية»

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق حفل سيمفوني للموسيقى الغنائية بالأوبرا خلال الكريسماس (وزارة الثقافة المصرية)

«رسالة سلام» في احتفالات الكريسماس بمصر

بمقطوعات موسيقية وأغانٍ من الإنشاد الصوفي والترانيم الكنسية والتراتيل القبطية والأعمال التراثية، والدمج بين الفنون العربية والأجنبية، تستقبل مصر الكريسماس.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
TT

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)

منذ اللحظة التي حصلت فيها «نتفليكس» على حقوق تصوير رواية «مائة عام من العزلة»، أدركت أنه لا يمكنها العبث بإرثٍ ثمين كهذا الإرث الذي تركه غابرييل غارسيا ماركيز.

يوم عرض المنتج الأميركي هارفي واينستين على الأديب الكولومبي عام 1994 تحويل تحفته إلى فيلم هوليوودي، أجابه ماركيز: «وحدها مائة ساعة سينمائية ربما تَفي هذه الرواية حقّها». تراجعَ واينستين أمام عناد ماركيز وشروطه التعجيزيّة، ورحل الأخير عام 2014 ليوافق ولداه رودريغو وغونزالو (بعد 5 سنوات) على تنفيذ المشروع، بالتعاون مع المنصة العالمية.

الكاتب الكولومبي الحائز على نوبل الآداب غابرييل غارسيا ماركيز (أ.ب)

بـ16 حلقة، مدّة كلٍ منها ساعة، وبفريق عمل كولومبي مائة في المائة، وباللغة الإسبانية، بدأ عرض الحلقات الـ8 الأولى من المسلسل، الذي أشرف على تفاصيله وريثا ماركيز بصفة منتجَين منفّذَين، اشترطا على «نتفليكس» أن يجري التصوير في كولومبيا، وأن يفي النص لروح الرواية، فينطق بالإسبانية. أما الممثلون فهم جميعاً كولومبيون.

ينتمي العمل إلى فئة الواقعيّة السحريّة، أي أنّ الخيال والحقيقة يتداخلان من دون أي خيطٍ رفيعٍ فاصلٍ بينهما، فيبدو السحر جزءاً طبيعياً من السرديّة. ولو قُدّر لماركيز أن يكون حياً ويتابع المسلسل، فإنّه على الأرجح كان سيبتسم إعجاباً بصورة عالية الجاذبيّة وبأداءٍ تمثيلي خارق، أخلصا لروايته المدهشة.

«بعد سنواتٍ كثيرة، وبينما كان يواجه فرقة الإعدام، عاد الكولونيل أوريليانو بوينديا بالذاكرة إلى تلك الظهيرة البعيدة، عندما أخذه والده لاكتشاف الثلج». بتلك العبارة الشهيرة، يُفتَتح المسلسل لتنطلق رحلة 7 أجيال من سلالة بوينديا. بدءاً بالوالد المؤسس خوسيه أركاديو وزوجته أورسولا، وصولاً إلى أحفاد الأحفاد الذين يحملون الأسماء واللعنات ذاتها.

في منتصف القرن الـ19، ومن قريتهما، حيث اعترضت العائلة على ارتباطهما خوفاً من غضب القدَر، ينطلق خوسيه أركاديو وأورسولا إلى بقاع كولومبيا الشاسعة. ترافقهما في الرحلة مجموعة من شبّان البلدة وشاباتها، فيؤسسون معاً بلدة ماكوندو المتخيّلة. في ذلك المكان الذي يشبه مجسّماً صغيراً للبشريّة بجمالها وبشاعتها، بيوميّاتها الاعتياديّة وغرائبها، بخَيرها وشرِّها، تكبر عائلتهما وعائلات رفاقهما، لتتحوّل القرية الصغيرة تدريجياً إلى بلدة معروفة ومقصودة، إنما مسحورة في الوقت عينه.

خوسيه أركاديو بوينديا باحثاً عن مكان في أراضي كولومبيا الشاسعة لتأسيس بلدة "ماكوندو" (نتفليكس)

ليس شبح الرجل الذي قتله خوسيه أركاديو في بداية القصة، والعائد أبداً لزيارته وزوجته، المتخيَّل الأول والأخير. ستدخل إلى ماكوندو مجموعة كبيرة من الغجر الذين سيجلبون معهم كثيراً من الغرائب والعجائب والظواهر غير المألوفة. يقع أركاديو في شَرَك ما ورائياتهم وألاعيبهم وعلم الفلك والخيمياء، فيصبح حبيس مختبره مستطلعاً النجوم والكواكب، ومحاولاً تحويل الحديد إلى ذهب. فيما أورسولا تصنع الحلوى لتبيعها وتعيل العائلة.

تنطلق الحكاية من زواج خوسيه أركاديو بوينديا وأورسولا إيغواران والذي يثير حفيظة عائلتهما وغضب القدر (نتفليكس)

لا تجتاح الغرائب ماكوندو عبر سيّد الغجر ملكياديس الذي يعود من الموت فحسب، بل تدخلها كذلك مع ريبيكا، الطفلة ذات العينَين الجاحظتَين. تطرق باب الثنائي بوينديا حاملة عظام والدَيها في كيسٍ يهتزّ وحده بين الفينة والأخرى، وتأكل التراب من الحديقة كلّما ساورتها نوبة حزن أو غضب.

على كثرتها، لا تبدو الغرائب وكل الظواهر الخارجة عن الطبيعة نافرة. فهي، وكما آمنَ بها ماركيز، جزءٌ لا يتجزَّأ من معتقدات شعوب أميركا اللاتينيّة والأساطير التي آمنت بها.

ينسحب الأداء الآسر على الممثلين الأطفال على رأسهم شخصية «ريبيكا» على يمين الصورة (إنستغرام)

كذلك يأتي الواقع ليطرق باب ماكوندو. يزورها على هيئة حكايات عشقٍ تقلب حياة أولاد خوسيه أركاديو وأورسولا رأساً على عقب، أو على هيئة قاضٍ آتٍ ليفرض القانون بواقعيّة المدن المتحضّرة. كما تدخل السياسة إلى البناء الدرامي، بصراعاتها وانتخاباتها ودمويّتها الزائدة عن حدّها أحياناً في المسلسل.

بين الواقع والخيال، لا بدّ من أن يقع المُشاهد في حب عملٍ تلفزيوني لا يقتصر تَميُّزُه على ضخامة الإنتاج (إحدى أكبر الميزانيّات الإنتاجيّة في تاريخ المنصة)، ولا على استلهامِ روح ماركيز وإحدى أجمل رواياته على الإطلاق، بل على كونِه تُحفة بصريّة لا تبالغ في توظيف العناصر الخياليّة ولا تضخّم الرموز والفانتازيا، فلا تشعر العين بالتخمة أو بالاشمئزاز.

ملصق المسلسل الكولومبي المؤلّف من 16 حلقة (نتفليكس)

لإضفاء مزيدٍ من عناصر الإقناع والبساطة إلى مشاهد السحر وكل ما هو خارق للطبيعة، تجنَّب فريق الإنتاج قدر المستطاع الاعتماد على المؤثّرات البصريّة بواسطة الكومبيوتر. في مشهد الكاهن الذي يرتفع عن الأرض مثلاً، جرت الاستعانة بحبالٍ ورافعة. أما آلاف الأزهار التي انهمرت من السماء في مشهدٍ آخر، فكلّها حقيقية، ولم تتكاثر بواسطة التكنولوجيا.

تجنّب فريق المسلسل الإكثار من العناصر البصريّة المصنوعة عبر الكمبيوتر (نتفليكس)

من دون أن يتحوّل إلى ترجمة حرفيّة للرواية الأصلية، أخلصَ مسلسل «مائةُ عامٍ من العزلة» لروحِ كِتاب ماركيز. أخذ خيالَ المؤلّف الكولومبي على محمل الجدّ، منحَه قيمة وبرعَ في إقناع المُشاهد به. بدا المسلسل لصيقاً بالأرض، بواقعيّتها وطبيعتها، على الرغم من امتلائه بمحرّكات المخيّلة. يمكن القول إنه من بين أفضل الإنتاجات الدراميّة التي نجحت في التعامل مع الواقعيّة السحريّة. وقد فرض العمل نفسه في صدارة مسلسلات 2024، مغرّداً في الوقت نفسه خارج سرب باقي الإنتاجات؛ إذ إنه لا يشبهها بشيء، لا شكلاً ولا مضموناً.

يحلّق المسلسل فوق الحقبات العابرة على ماكوندو، من خلال نقلاتٍ زمنية سلسة وسريعة لا تُغرق المُشاهد في الملل؛ كأن تعبرَ سنواتٌ بثوانٍ بصريّة ممتعة. لا يُفقد هذا الأمر النص بلاغتَه ولا القصة تفاصيلها المزخرفة بعناية. وما يساعد في ذلك، الأداء الآسر لممثلين كولومبيين غير معروفين عالمياً، إنما على مستوى عالمي من البراعة؛ على رأس هؤلاء مارليدا سوتو بدَور أورسولا، وكلاوديو كاتانيو بشخصية أوريليانو بوينديا.

قدّمت الممثلة مارليدا سوتو أداءً استثنائياً لشخصية أورسولا (نتفليكس)

لم تعلن «نتفليكس» بعد عن تاريخ عرض الجزء الثاني من المسلسل، لكن لا بدّ من فسحة يلتقط فيها الجمهور أنفاسه قبل خوض القسم الثاني من الحلم المثير للدهشة.

ووفق المعلومات، فإنّ الآتي سيحافظ على المستوى ذاته من الإدهاش. مع العلم بأنّ التصوير جرى في مكانٍ قرب ألفارادو في كولومبيا؛ حيث بُنيَت 4 نُسَخٍ من بلدة ماكوندو، تجسيداً لعبور الزمن على أجيال عائلة بوينديا.

أما المستفيد الأكبر من هذه الحركة الإنتاجية، فهم أهالي المنطقة والاقتصاد الكولومبي عموماً، الذي عاد عليه هذا النشاط بـ52 مليون دولار.