بيل غيتس يقرّ بأن لا حل لمشكلة المعلومات المضلِّلة

الملياردير الأميركي بيل غيتس (رويترز)
الملياردير الأميركي بيل غيتس (رويترز)
TT

بيل غيتس يقرّ بأن لا حل لمشكلة المعلومات المضلِّلة

الملياردير الأميركي بيل غيتس (رويترز)
الملياردير الأميركي بيل غيتس (رويترز)

يقضي الملياردير الأميركي بيل غيتس الكثير من الوقت في محاولة المساعدة لحل بعض أكبر مشاكل العالم - من تغير المناخ إلى الفقر. وهناك مشكلة رئيسية أربكته.

يقول غيتس لشبكة «سي إن بي سي» إن «المعلومات المضللة هي المشكلة التي تم تسليمها إلى الجيل الأصغر سناً».

أصبحت المعلومات المضللة أكثر شيوعاً، حيث تسهل التطورات التكنولوجية مثل روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي توليد ونشر الأكاذيب بسرعة. تم تحديد المعلومات المضللة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي باعتبارها الخطر العالمي الأول للعامين المقبلين في استطلاع للمنتدى الاقتصادي العالمي في يناير (كانون الثاني). قال 55 في المائة من الأميركيين إن الحكومة وشركات التكنولوجيا يجب أن تتحرك لتقييد المعلومات الكاذبة عبر الإنترنت، في استطلاع أجراه مركز «بيو» للأبحاث عام 2023.

وخلال محادثة مع ابنته فيبي، أصبح غيتس أكثر دراية بخطورة هذه القضية، كما يقول.

ويوضح: «عندما سمعت ابنتي تتحدث عن تعرضها للمضايقة عبر الإنترنت، وكيف عانت صديقاتها من ذلك كثيراً، سلطت هذه الأمور الضوء على المشكلة بطريقة لم أفكر فيها من قبل».

في العام الماضي، تحدثت فيبي غيتس عمّا سمّته «المفاهيم الخاطئة ونظريات المؤامرة» حول عائلتها وعلاقاتها الخاصة في إحدى المقابلات.

أخبر غيتس ابنته أنه يشعر بالسوء لعدم وجود حل عملي لإبطاء انتشار المعلومات المضللة.

ومن المقرر أن يتناول المؤسس المشارك لشركة «مايكروسوفت»، هذا الموضوع في سلسلة وثائقية مكونة من خمسة أجزاء على منصة «نتفليكس» بعنوان «ماذا بعد؟ المستقبل مع بيل غيتس»، والتي ستُعرض لأول مرة في 18 سبتمبر (أيلول). ويتحدث غيتس ضمن السلسلة أنه يشعر بالأسف لعدم وجود حل واضح لإبطاء انتشار المعلومات المضللة.

ويقول إن قضايا أخرى، مثل القضاء على الأمراض أو تعزيز الطاقة النظيفة، ليست سهلة الحل - ولكن هناك مسارات أكثر وضوحا للتغلب عليها.

مؤسس شركة «مايكروسوفت» بيل غيتس (رويترز)

«التغلب على السذاجة»

يقول غيتس إنه عندما أسس شركة «مايكروسوفت»، كان يعتقد أن أغلب الناس يريدون استخدام أجهزة الكومبيوتر المنزلية - ثم الإنترنت لاحقا - لأغراض إنتاجية وبمسؤولية. وعندما بدأ العمل على المسلسل الوثائقي، كان لا يزال يحمل بعض «سذاجته التي كانت تتمثل في اعتقاده أن الناس سيريدون الحصول على معلومات صحيحة عندما نوفرها لهم».

وبدلا من ذلك، ساعده التحدث مع خبراء المعلومات المضللة أثناء التصوير على إدراك حقيقة مفادها إنه أيضا يشترك في الدافع البشري للبحث عن المعلومات التي تؤكد المعتقدات السابقة.

ويقول: «حتى أنا سوف أتخبط في هذا الموقف. فلنقل إن هناك سياسيا لا أحبه، وهناك مقال على الإنترنت ينتقده قليلا، فسأستمتع بقراءته حتى لو كان مبالغا فيه».

ويوضح غيتس أنه ليس متأكدا تماما من طريقة وقف انتشار المعلومات المضللة، خصوصاً أنه حساس تجاه الحجة المضادة القائلة بأن تقييد أي نوع من المعلومات عبر الإنترنت قد يضر بحرية التعبير، ومع ذلك فهو موافق على وجوب وضع بعض القواعد.

تشمل التكتيكات الشائعة للحد من المعلومات المضللة برامج محو أمية الإنترنت وتعديل المحتوى من قبل منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت المديرة التنفيذية لشركة «غوغل» بيث غولدبرغ العام الماضي إن التكنولوجيا يمكن أن تساعد، حيث يطور الباحثون أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد المعلومات المضللة والخطاب السام عبر الإنترنت. لكن «طبيعة سباق التسلح التكنولوجي - شخص ما يخلق حلاً، وشخص آخر يكتشف كيفية الالتفاف عليه - تعني أن ذلك لن ينجح»، كما كتب غيتس العام الماضي.

المشكلة لن تختفي أيضاً: يقول غيتس إنه من السهل جداً بالفعل انتشار المعلومات الكاذبة إلى مليارات الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت بنشاط، ويضيف: «وإذا تم اكتشافها بعد يوم واحد، فهذا يعني أن الضرر وقع».


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتهم «غوغل» بإساءة استخدام هيمنتها في سوق الإعلانات الرقمية

الاقتصاد شعار «مايكروسوفت» في لوس أنجليس (رويترز)

بريطانيا تتهم «غوغل» بإساءة استخدام هيمنتها في سوق الإعلانات الرقمية

قالت هيئة مكافحة الاحتكار البريطانية، يوم الجمعة، إنها وجدت بشكل مؤقت أن شركة «غوغل» التابعة لـ«ألفابت» أساءت استخدام مركزها المهيمن في الإعلان الرقمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يستخدم «Surface Pro» معالج «NPU» قوياً يتيح للذكاء الاصطناعي تنفيذ 45 تريليون عملية بالثانية (مايكروسوفت)

إطلاق أجهزة «سيرفس برو» و«سيرفس لابتوب» في السوق السعودية

أطلقت «مايكروسوفت» أحدث أجهزة الكومبيوتر الشخصي الخاصة بها «سيرفس برو» و«سيرفس لابتوب»، في السوق السعودية.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا يساعد تطبيق «Microsoft Teams» الموحد الجديد المستخدمين في التنقل بين الحسابات الشخصية والعملية والتعليمية بسهولة (مايكروسوفت)

«مايكروسوفت تيمز» أصبح الآن موحداً بين مختلف الحواسيب

لتبسيط وتعزيز تجربة المستخدم مما يلغي الحاجة إلى عمليات تثبيت متعددة.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد شعار «غوغل» أمام المقر الرئيسي للشركة خلال حدث «صنع من قبل غوغل» في ماونتن فيو كاليفورنيا (أ.ف.ب)

بعد اتهامها باحتكار السوق... تفكيك «غوغل» خيار تدرسه الولايات المتحدة

ذكرت «بلومبرغ» أن وزارة العدل الأميركية تدرس خيارات تشمل تفكيك «غوغل» التابعة لشركة «ألفابت» بعد اتهامها باحتكار السوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة دلالية التُقطت في 10 سبتمبر 2022 تُظهِر قرصاناً إلكترونياً وخلفه العلمان الإيراني والأميركي في 10 سبتمبر 2022 (رويترز)

قراصنة مرتبطون بإيران يستهدفون مسؤولين أميركيين قبل الانتخابات

قال باحثون في شركة «مايكروسوفت»، اليوم الجمعة، إن قراصنة مرتبطين بالحكومة الإيرانية حاولوا اختراق حساب «مسؤول كبير» في حملة رئاسية أميركية، يونيو الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مطاعم مصرية «كاملة العدد» رغم الغلاء المتصاعد

بعض المحلات يتطلب قوائم انتظار رغم الغلاء (الشرق الأوسط)
بعض المحلات يتطلب قوائم انتظار رغم الغلاء (الشرق الأوسط)
TT

مطاعم مصرية «كاملة العدد» رغم الغلاء المتصاعد

بعض المحلات يتطلب قوائم انتظار رغم الغلاء (الشرق الأوسط)
بعض المحلات يتطلب قوائم انتظار رغم الغلاء (الشرق الأوسط)

اصطحب محمود عبد الفتاح، موظف في بنك (على المعاش)، أسرته إلى مطعم مشهور في شبرا يقدم وجبات لحوم ومشويات، إلا أنه حسبما قال لـ«الشرق الأوسط»، وجد نفسه ضمن قائمة انتظار تتعدى 15 فرداً؛ «ذهبت إلى مشوار آخر ثم عدت للمطعم بعد ساعة وفق حجزي لأنني حريص على تجربة طعامه بعد أن سمعت عنه كثيراً، رغم أسعاره المرتفعة».

وعلى الرغم من أن هذه المطاعم لا تقدم وجبات شعبية أو رخيصة، إذ إن أسعار وجباتها تبدأ بـ200 جنيه (الدولار يعادل 48.50 جنيه مصري)، فإنها تجد زبائن كُثراً سواء ممن يهوون الطعام الجيد أو من الذين يذهبون إليها بسبب «السمعة»، أو بوصفها نوعاً من النزهة والرفاهية.

وفي ظل أزمة الغلاء التي تعاني منها مصر خلال الفترة الأخيرة، فإنّ هناك مطاعم ترفع لافتة «كامل العدد» في أحيان كثيرة، وتضع روّادها على قائمة انتظار قد تستمر لساعات.

كثير من المحلات في مصر يشهد إقبالاً كثيفاً رغم الغلاء (الشرق الأوسط)

وترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، الدكتورة سامية خضر، أن «قوائم الانتظار في بعض المحلات ترتبط عادة بمواسم أو شهر رمضان، كما أنها ترتبط بفئة اجتماعية قادرة تتعامل مع هذه المطاعم بوصفها فسحة ترفيهية، وتُعدّ تناول وجبة في مثل هذه المحلات ذات قوائم الانتظار، تعويضاً عن الذهاب إلى المصيف».

ويوضح عبد الفتاح: «راتبي التقاعدي يصل إلى 10 آلاف جنيه، والوجبة في محل كهذا قد تكلّف نحو ألفي جنيه لأسرة مكونة من 4 أفراد، لذلك لا يمكننا الذهاب إليه كثيراً، ويقتصر الأمر عادة على المناسبات فقط».

وارتفعت أسعار السلع والخدمات في مصر منذ مارس (آذار) الماضي، بعد تخفيض قيمة الجنيه المصري إلى نحو 49.50 مقابل الدولار الأميركي، من مستوى 30.85 جنيه ظل ثابتاً عليه لعام سابق. وتضمّنت موجة الغلاء وارتفاع الأسعار زيادة في أسعار تذاكر المترو ووسائل النقل العام، بعد زيادة أسعار البنزين، ورفع سعر رغيف الخبز المدعم من 5 قروش إلى 20 قرشاً.

ويفسر الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، رئيس مركز «العاصمة للدراسات الاقتصادية»، قوائم الانتظار في بعض المطاعم، بـ«وجود بذخٍ في بعض قطاعات المجتمع، ممن يحبون التباهي»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «ارتفاع الأسعار أو معدل التضخم والتفاوت الكبير بين متوسط دخل الفرد والأسعار، جعل من الصعب على فئات معينة؛ سواء كانوا موظفي الحكومة أو القطاع الخاص، توفير وجبة طعام واحدة من أحد هذه المطاعم، التي تخرج بالصواني المليئة باللحوم التي نشاهد إعلاناتها، ولكنّ هناك تفاوتاً بين طبقات المجتمع، حيث إن الطبقة المرفهة تتزاحم على مثل هذه المطاعم».

محلات أكلات شعبية تتطلّب أحياناً الوقوف في قوائم انتظار (الشرق الأوسط)

وتصل أسعار بعض الصواني (الوجبات العائلية أو الجماعية) في محلات بها قوائم انتظار، إلى 3 آلاف جنيه، ولا تقتصر قوائم الانتظار على المطاعم مرتفعة الأسعار فقط، بل تمتد إلى بعض المطاعم العادية أو مطاعم الوجبات الخفيفة صاحبة التوكيلات الأجنبية، وتصل أحياناً إلى مطاعم الكُشري الشهيرة ومحلات الحلويات.

ويقول محمد السيد، مسوّق عقارات (42 عاماً)، إنه ذهب لمحل كُشري شهير في وسط القاهرة رفقة صديق، وفوجئ بالزحام الشديد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اضطررنا للانتظار فترة حتى وجدوا لنا مكاناً». وأوضح: «على الرغم من أنّ أسعار المحل ليست رخيصة بالنسبة لأسعار الكُشري في مصر، فإن سمعته وطعمه هما اللذان يؤديان للزحام عليه لدرجة الوقوف في قائمة انتظار».

ويتراوح سعر طبق الكُشري في بعض المحلات بين 35 و60 جنيهاً، وفي المحلات التي تشهد زحاماً تبدأ الأسعار تقريباً من 50 جنيهاً للوجبة، في حين تبدأ أسعار علب الكشري في المناطق الشعبية من 20 جنيهاً.

ويرى الخبير الاقتصادي أن «هناك فئات من العرب الموجودين في مصر، سواء للسياحة أو بسبب النزوح، أسهموا في صناعة هذه الظاهرة، باعتمادهم على المطاعم الفاخرة والتزاحم عليها، ومن ثمّ منحها رخصة ضمنية بالمغالاة في الأسعار».

وعاد محمد السيد ليوضح نقطة مهمة يلجأ إليها بعض المطاعم كنوع من الدعاية أو إثبات الجودة؛ «وهي افتعال قوائم انتظار تتمثل في طوابير أمامها أو داخلها، حتى يبدو للمارة أن الإقبال عليها كبير، في حين أنها في الحقيقة يمكنها إنجاز طلبات الزبائن من دون الحاجة للانتظار».

هناك محلات تعتمد على روّادٍ من طبقات وشرائح معينة (الشرق الأوسط)

وتقدر شركة «فودكس مصر»، وهي شركة برمجيات لتكنولوجيا المطاعم، عدد المنشآت التي تعمل ضمن قطاع المطاعم والكافيهات بـ400 ألف منشأة، عادّة «السوق المصرية واعدة وضخمة»، وهو ما دفعهم للاستثمار فيها.

وتلفت أستاذة علم الاجتماع إلى أن «بعض الأُسر يتفاخر ويتباهى بالذهاب لمطاعم غالية، وتعدّ هذا ميزة طبقية، ويكون ذلك بعد سماع أن هذا المطعم يقدّم طعاماً جيداً أو ترتاده الصفوة، ومن هنا تظهر القوائم رغم ارتفاع أسعار هذه المطاعم التي عادة ما تبالغ في أسعارها بحجة خصوصيتها وتوجهها لزبائن بعينهم».

وتضمّ مصر 1500 مطعم سياحي مرخص، وفق تصريحات لمسؤولي وزارة السياحة في مصر، كما تضمّ كثيراً من المطاعم ذات التوكيلات الأجنبية التي تصل فروع بعضها إلى المئات، وتبدأ أسعار وجباتها من 150 جنيهاً.

ووصف محمود العسقلاني، رئيس «جمعية مواطنون ضد الغلاء»، هذه المطاعم بأنها «تخاطب شريحة معينة من المجتمع المصري»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفقراء الذين يعيشون على الخبز المدعم لا يقفون في هذه القوائم، فزبائن هذه القوائم ليسوا حتى من الطبقة المتوسطة، بل من كريمة الطبقة المتوسطة وطبقة الأثرياء التي لديها فائض من المال».

ويرصد مصباح قطب، الخبير الاقتصادي المصري، أكثر من مطعم ومكان به قوائم انتظار مثل «المنوفى الكبابجى» في شارع التسعين بالتجمع، وهناك مطعم وكافتيريا قرب الهرم تتطلب الحجز قبلها بيومين، وأيضاً تتطلب الانتظار عند الحضور.

ويؤكد قطب أن «هناك عوامل متداخلة تفسر هذه الظاهرة؛ منها أن النّخبة المصرية القادرة على ارتياد مطاعم ومرافق خدمية ذات أسعار مرتفعة للغاية تصل إلى نحو 5 في المائة من السكان، أي نحو 5 ملايين نسمة، يشكلون بحدّ ذاتهم دولة تحتاج إلى كثير من هذا النوع من الخدمات».

ويختم حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «إلى جانب سياحة الأغنياء التي تجعل الطّلب كبيراً على هذه المحلات، فهناك أيضاً بعض الأسر فوق المتوسطة، التي تحبّ ارتياد هذه المطاعم مرة أو اثنتين في العام، بوصفها مطاعم مضمونة الجودة وأحياناً للتباهي أو الترفيه».