كشف أسباب بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين

عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)
عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)
TT

كشف أسباب بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين

عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)
عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)

كشفت دراسة جديدة لعلماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأميركية عن سر بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين، رغم احتواء الهياكل إلى جانب الكولاجين على روابط كيميائية عمرها الافتراضي لا يزيد على 500 عام.

الدراسة التي أجراها البروفسور رون رينز وزملاؤه ونشرت، الأربعاء، في مجلة «إيه سي إس سنترال ساينس»، أماطت اللثام عن سرٍّ خفي لهذه الكائنات المثيرة للإعجاب؛ فالقوة الفريدة للكولاجين قد تكون ناتجة عن بنية جزيئية تحمي هذه الروابط الضعيفة من الهجوم بواسطة الماء الموجود في البيئة.

والكولاجين هو البروتين الأكثر وفرة في الحيوانات، ويوجد في الجلد والأنسجة الضامة، مثل الغضاريف والعظام.

وسبق أن استخرجت شظايا الكولاجين من عظام حفريات عمرها 68 مليون عام من الديناصور «تيرانوصور ريكس» (Tyrannosaurus rex)، وكذلك اكتُشفت في هيكل عظمي للديناصور «لوفينجسوصورس» (Lufengosaurus) الذي يبلغ عمره 195 مليون عام.

ويتكون الكولاجين من خيوط بروتينية - سلاسل من الأحماض الأمينية - تشكل معاً حلزونات ثلاثية، وعلى غرار الحبل، تتشابك هذه الحلزونات بدورها لتكوين مادة ليفية قوية. وعند تعرضها للماء، تتحلّل الروابط الببتيدية التي تربط الأحماض الأمينية عادة في عملية تعرف باسم التحلل المائي، ولكن عند دمج الببتيدات في الكولاجين، لا تحدث هذه العملية المدمرة.

تصوّر فني يظهر تيرانوصور ريكس في كامل هيئته (جامعة بورتسموث)

وشاعت تفسيرات مختلفة، لكن رون رينز وزملاءه شعروا بأن هذه النظريات تفتقر إلى أساسٍ فيزيائي وكيميائي لمقاومة الروابط الببتيدية في الكولاجين، مثل تلك المحفوظة في عظام الديناصورات القديمة. ليبدأ الفريق من خلال الدراسة الأخيرة في ملء هذه الروابط المفقودة.

وباستخدام الأساليب التجريبية والحسابية، فحص رون رينز وزملاؤه سلوك محاكيات الجزيئات الصغيرة لببتيدات الكولاجين. وعلى وجه الخصوص، درسوا التفاعلات بين إحدى المجموعات الكيميائية الفعالة في الجزيئات، التي تحتوي كل منها على ذرة كربون مرتبطة برابطة مزدوجة بذرة أكسجين. ووجدوا أن كل مجموعة تشارك جزئياً إلكتروناتها مع مجموعة كيميائية أخرى مجاورة.

وأشارت النتائج إلى أن مثل هذه التفاعلات تحمي كل رابطة ببتيدية في حلزون ثلاثي الكولاجين من التحلّل المائي، وبالتالي تظلّ هذه البنية العجيبة قادرة على البقاء سليمة.

ويقول الباحثون إن الدروس المستفادة من الاستقرار الذي توفره هذه التفاعلات يمكن أن تساعد في تصميم مواد أخرى جديدة طويلة العمر بشكل استثنائي.


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».