«أبعاد أسماء الله الحسنى»... الخطّ العربي يُجمِّل الروح ويُهندس الواقع

مراد بطرس ينفتح على الما وراء لإحداث حوار عميق بين العوالم

الذهبي يتناغم مع الكمال الإلهي والنبل (الملحق الإعلامي)
الذهبي يتناغم مع الكمال الإلهي والنبل (الملحق الإعلامي)
TT

«أبعاد أسماء الله الحسنى»... الخطّ العربي يُجمِّل الروح ويُهندس الواقع

الذهبي يتناغم مع الكمال الإلهي والنبل (الملحق الإعلامي)
الذهبي يتناغم مع الكمال الإلهي والنبل (الملحق الإعلامي)

يقدّم الفنان اللبناني البريطاني مراد بطرس، مجموعته الفنية «نقوش مقدّسة: أبعاد أسماء الله الحسنى»، التي توصف بالاستثنائية لتجاوزها حدود الخطّ التقليدي والتصميم الهندسي، وانفتاحها على الما وراء، مُحدثةً حواراً عميقاً بين المادي والروحي.

ومراد بطرس خطّاط ومصمّم غرافيك، توجّه نحو الفنّ التجاري ليبدأ مسيرة مهنية في الخطّ العربي وتصميم الغرافيك. كُرِّم للمرّة الأولى عام 1974، عندما فاز بالجائزة الأولى لأفضل إعلان إبداعي في لبنان ضمن مسابقة نظمتها صحيفة «لوريان لوجور» الناطقة باللغة الفرنسية.

مسعى فنّي لربط الروح البشرية بالمقدّس (الملحق الإعلامي)

وعام 1976، انتقل إلى بريطانيا ليؤسّس مع زوجته أرليت «شركة بطرس الدولية». وأصبح هذا الاستوديو -ومقرّه لندن- مركزاً رائداً في الطباعة والتصميم العربي، يخدم عملاء عالميين مثل «غوغل»، و«أبل»، و«العربية»...

تُعرف أعمال بطرس بدمجها المبتكر بين الخطوط العربية واللاتينية، وتُعرض لوحاته لدى مؤسّسات بارزة، وضمن مجموعات فنّية خاصة حول العالم، بما فيها أفراد من العائلات الملكية.

وفي سياق متصل، أصدر بطرس كتباً حقّقت شهرة في مجالَي الطباعة والتصميم، مثل «العربية للمصمّمين» (طبعتان)، و«التحدّث عن العربية». وقد ساهم بشكل كبير في حقل التواصل العربي، ليستمرّ إرثه في الفنّ والتصميم والطباعة مؤثِّراً على المشهد البصري، متجاوزاً الفجوات الثقافية بنتاجه الفريد والمتناغم. ومن الأمثلة على هذا التأثير، مساهمته الأخيرة في خطوط «غوغل»، و«بيروتي»، وهو خطّ عربي عصري مميّز يُستخدَم ويُوزَّع على صعيد عالمي.

انعكاس الجوهر الإلهي من خلال الخطّ العربي والأنماط الهندسية (الملحق الإعلامي)

أما «نقوش مقدسة: أبعاد أسماء الله الحسنى»، فهي مجموعة من 33+1 عملاً فنياً، صُمِّمت كل قطعة منها بدقة لتعكس الجوهر الإلهي من خلال الخطّ العربي والأنماط الهندسية. وتقدّم رحلة تحويلية تتجاوز المادي وتلامس الروحي، وتقسم إلى 3 أقسام: الأزرق والذهبي والأخضر. وكل مجموعة تمثل أبعاداً روحية ورمزية مختلفة: الأزرق (11 عملاً فنياً) يرمز إلى الروحانية والسماء، ويُعدُّ مركزياً في الفن الإسلامي، إذ يمثل التأمل والتفكير. استخدامه في أرضيات وقباب المباني يمثّل عمق الكون والمعرفة العليا.

أما الذهبي (11 عملاً فنياً)، فيتناغم مع الكمال الإلهي والنبل، ويرمز إلى الملكية والمكانة والثروة. استخدامه في العمارة الإسلامية يبرز عظمة الإيمان وأهميته. ليرمز الأخضر (12 عملاً فنياً) إلى الجنة والبيئة السماوية، ويجسّد الوئام والسلام والثقة بالنفس، رابطاً العالم الطبيعي بالمعتقدات الروحية.

أما القطعة الرئيسية للمجموعة، فتشمل الأسماء الحسنى الـ99، وتشكل نقطة محورية للتأمل والاستلهام الروحي.

يقول مراد بطرس: «هذه المجموعة استكشاف وجداني لأبعاد أسماء الله الحسنى، ومسعى فنّي لربط الروح البشرية بالمقدّس. كل قطعة تشكّل انعكاساً لاحترامي العميق للقيم الروحية التي تجسّدها هذه الأسماء. من خلال هذه الأعمال الفنية، آمل أن أقدّم للجمهور لحظة من التأمل والتواصل الروحي».

وتدعو هذه المجموعة، الجمهور، إلى الانخراط في رحلة تحولية، تتفاعل مع الجوهر الإلهي الذي يتمظهر مع جوانب الوجود، فيعكس كل تصميم ونمط ضمن هذا العمل، التصميم الكبير للكون، إذ يُشجَّع على الكشف عن طبقاته الرمزية وأهميته الروحية.


مقالات ذات صلة

لوحة المذيع البريطاني ديفيد أتينبارا تخدم الخير

يوميات الشرق صورة تُجسِّد حقيقته (بي بي سي)

لوحة المذيع البريطاني ديفيد أتينبارا تخدم الخير

تُعرَض صورة لصانع الوثائقيات والمذيع التلفزيوني والكاتب والبيئي البريطاني ديفيد أتينبارا للبيع بمزاد هدفه جمع الأموال لمصلحة عمل خيري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات المفتّقة لا تتمتع بشهرة واسعة خارج العاصمة اللبنانية (أ.ف.ب)

المفتّقة... حلوى تراث بيروت وتقاليد أهلها

البيروتيون كانوا يعدّون المفتّقة مرة واحدة فقط في السنة، وتحديداً في آخر أربعاء من أبريل، حين كانت عائلات تقصد شاطئ الرملة البيضاء الشهير بمناسبة «أربعاء أيوب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق تسببت وصفات سلطات الخيار التي يقدمها لوغان موفيت على «تيك توك» في نقص حاد للخيار في أسواق آيسلندا (د.ب.أ)

أزمة خيار في آيسلندا بسبب وصفة سلطة على «تيك توك»

تسببت وصفات سلطات الخيار التي يقدمها صانع محتوى كندي على تطبيق «تيك توك»، في نقص حاد للخيار في أسواق آيسلندا!

يوميات الشرق تُظهر الصورة فقدان جزء كبير من درابزين سطح السفينة (أ.ب)

صور مذهلة تكشف عن التحلل البطيء لـ«تيتانيك» في أعماق المحيط

كشفت رحلة استكشافية جديدة عن آثار التحلل البطيء الذي باتت تتعرض له سفينة «تيتانيك» الغارقة وسط الظلام في أعماق المحيط بعد سقوط جزء كبير من سورها في قاع الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاعتزال المبكر موضة الفنانين... وأديل أحدث نجماته

الاعتزال المبكر موضة الفنانين... وأديل أحدث نجماته

ليست أديل الفنانة الوحيدة التي قررت الخروج من دائرة الضوء، فقبلها وضع نجومٌ كثر حداً لمسيرتهم الفنية وهي بعد في ذروتها.

كريستين حبيب (بيروت)

«واسجد واقترب»... أول فيلم كرتون سعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي

لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
TT

«واسجد واقترب»... أول فيلم كرتون سعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي

لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)

محملاً بـ31 جائزة من مهرجانات سينمائية متعددة، حقق الفيلم السعودي القصير «واسجد واقترب» خطوة جديدة نحو العالمية، بعد عرضه ضمن فعاليات مهرجان فينيسا السينمائي الدولي، يوم الجمعة الماضي. الفيلم من إخراج وإنتاج الكاتبة ثريا الشهري وابنتها الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل.

في حديث مع «الشرق الأوسط» تؤكد ثريا الشهري أن «واسجد واقترب» يعد أول فيلم سعودي للرسوم المتحركة يشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، مبينة أن الفيلم حاز جائزة فينيس للرسوم المتحركة في برنامج سوق الأفلام في «فينيسيا برودكشن بريدج»، وجائزة «الرسوم المتحركة ذات الأهمية» في مهرجان كان السينمائي الدولي، في دورته الأخيرة.

ثريا الشهري وابنتها نبيلة أبو الجدايل في الدورة 81 من مهرجان فينيسيا السينمائي (الشرق الأوسط)

خروج عن التقليدية

تتحدث ثريا الشهري عن الفيلم، قائلة: «طريق السينما عادة ما يحبذ القصص الاجتماعية المتشابهة حول العالم، ويندر أن يختار موضوعاً دينياً؛ لأنه عادة ما تكون الشركات المعنية بالإنتاج لا ترغب في المجازفة والخروج عن المعيار التقليدي؛ لكن فيلم (واسجد واقترب) أنتجته شركتنا (الثريا للإنتاج الفني)، وهي مؤسسة من قبلي وقبل ابنتي الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل، وبالتالي فنحن من دعم واختار موضوع فيلمنا لقوة رسالة (واسجد واقترب)».

وتوضح ثريا الشهري أن فكرة هذا الفيلم جاءت استلهاماً من اللوحة الأصلية التي رسمتها نبيلة أبو الجدايل، وحملت عنوان «واستجد واقترب»، عام 2020، إبان جائحة «كورونا»، ولاقت أصداءً بعيدة إسلامياً وعربياً؛ حيث تناولت خلو ساحات المسجد الحرام من المصلين، نتيجة الاحترازات التي اتخذتها الحكومة السعودية آنذاك. وتتابع بالقول: «نحن لا نملك أفلاماً تتحدث عن مكة المكرمة والمسجد الحرام، نظراً لحساسية هذا الموضوع وصعوبة اختيار القصة المناسبة، ولكنها تظل مسؤوليتنا نحن المسلمين في إظهار هذا الجانب الأهم في حياتنا وديننا، فليس هنالك ما هو أهم من تجسيد الروايات والقصص التي تمثلنا وتشرفنا».

الفنان جورج كلوني برفقة نبيلة أبو الجدايل ويظهر الفيلم في غلاف مجلة فرنسية شهيرة (إنستغرام الفنانة)

بين الكتابة والأفلام

وبسؤالها عن الانتقال من الكتابة إلى عالم صناعة الأفلام، تقول ثريا الشهري: «هو مجرد تغيير في الوسيلة لإيصال المعنى المطلوب، ففي النهاية الكتابة هي تعبير بفكرك، ومجال أفلام الرسوم المتحركة هو أيضاً تعبير، ولكن بالفكر والصوت والحركة، لرواية ما لا يُروى، وبطريقة تلقى عدداً أكبر من المشاهدات؛ خصوصاً في أوساط الجيل الصاعد الذي يفضل هذا النوع من التفاعل المرئي».

ويبدو غريباً أن يجذب هذا الفيلم جمهوراً عالمياً، عن ذلك تقول ثريا الشهري: «شكَّل موضوع فيلم (واسجد واقترب) عامل جذب كبير للمشاهد الأجنبي، لندرته وعدم اعتياده على رؤية الكعبة». وتشير إلى أن عين المشاهد الأجنبي لم تعتد على قصص من هذا النوع.

ابتهالات دينية

وتضيف ثريا الشهري: «كذلك فإن اختيار الموسيقى المصاحبة للفيلم كان له دور، فقد كانت عبارة عن ابتهال بالأصوات، خالٍ من الآلات الموسيقية، وصوت المؤدين -ضمن الأوركسترا الأندلسية بأمستردام- كان مؤثراً فيمن يسمعه، حتى لو لم يفهم المعنى، لوجود نغمة الحنين. مع الأخذ في الحسبان أن الأفلام عادة ما تروي حنيننا نحو المشاعر والأماكن، وعليه، فقد لعب الصوت دوره، وكان من المؤثرات التي ساهمت في فوز فيلم (واسجد واقترب) بهذا الكم من جوائز مهرجانات الأفلام الدولية في العالم».