أصداء مشاجرة محمد فؤاد تشعل سجالاً طبقياً في مصر

عقب انتشار فيديو لسيدة تتحدث عن «المشاهير» و«عامة الشعب»

محمد فؤاد (صفحته على فيسبوك)
محمد فؤاد (صفحته على فيسبوك)
TT

أصداء مشاجرة محمد فؤاد تشعل سجالاً طبقياً في مصر

محمد فؤاد (صفحته على فيسبوك)
محمد فؤاد (صفحته على فيسبوك)

فجّر مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع في مصر لسيدة ادعت أن لها صلة قرابة بالفنان المصري محمد فؤاد تتحدث فيه عن ضرورة التعامل مع «المشاهير» بشكل مختلف عن «عامة الشعب»، سجالاً طبقياً في مصر.

جاء ذلك بعد وقت قصير من الخلاف الذي وقع بين الفنان محمد فؤاد وطبيب بمستشفى «عين شمس التخصصي»، وهي الواقعة التي يجري فيها التحقيق راهناً، بعد تقدم الطرفين ببلاغات متبادلة.

وشهدت القضية تفاعلاً كبيراً عبر منصة «إكس» خلال الساعات الماضية عبر وسمَي «محمد فؤاد» و«الشخصيات العامة»، مع الفيديو الذي حقق آلاف المشاهدات ونشره عدد من وسائل الإعلام المحلية، وظهرت فيه فتاة تقول إنها ابنة شقيق محمد فؤاد قبل أن تعدّل توصيفها وتقول إنها ابنة شقيقته.

وطالبت الفتاة في الفيديو بـ«معاملة الشخصيات العامة مثلنا بطريقة مختلفة عن عامة الشعب»، حسب تعبيرها. مما أعطى انطباعاً بأن أسرة المطرب الشهير تريد معاملة خاصة.

ونفى طارق العتر، مدير أعمال محمد فؤاد، في تصريحات صحافية، علاقة الفتاة التي ظهرت في الفيديو بعائلة المطرب، مؤكداً اعتزامهم ملاحقتها قضائياً، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية، وسط اتهامات للفتاة بالرغبة في تحقيق الشهرة.

وتعزو أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس سامية خضر حالة الاحتقان الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الفيديو، إلى «نقص وغياب الثقافة»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «التسرع في إصدار الأحكام، وعدم الاطلاع بشكل كاف على الوقائع، يجعلاننا نحكم عليها بطريقة غير دقيقة، وهو ما يفسر ما نشهده عبر المنصات المختلفة».

وأضافت أن «الحديث الموجود في الفيديو يحمل طابعاً استفزازياً بالفعل، لكن من سارع بإصدار أحكام بشأنه لم يفكر في مصداقيته أو جديته، رغم ما يحمله من تمايز طبقي سافر»، لافتة إلى أن «ما حدث يعد بمثابة جرس إنذار لتدارك أمور سلبية قد تحدث نتيجة صورة ذهنية يجري تصديرها للرأي العام، سواء من خلال الإعلام أو حتى الدراما».

الفنان المصري محمد فؤاد (صفحته على فيسبوك)

وهنا يشير مدرس الإعلام بجامعة حلوان الدكتور محمد فتحي، إلى تداول الفيديو عبر مواقع إخبارية من دون تأكيد صحته، وهو الأمر الذي يصفه بـ«الخطأ الذي يأتي سعياً وراء البحث عن المكاسب والمشاهدات».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مشاهدة الفيديو للوهلة الأولى تعطي انطباعاً بعدم صحته ودقته لأسباب عدة، منها علم الفتاة بالتصوير وعدم الاعتراض عليه، فضلاً عن خطئها في تعريف نفسها وصلة قرابتها بالفنان محمد فؤاد بجانب نهاية الفيديو التي تترك فيها العاملين بهدوء من دون أن تدخل لمقابلة المدير كما طلبت».

وحظي الفيديو بتعليقات ساخرة من بعض المدونين على «إكس» حول طريقة تعريف «المشاهير».

ويصف فتحي السجال الطبقي الذي تبع تداول الفيديو بـ«السوشيالي»، وقال إنه «يعبر عن طبيعة ما يدور على مواقع التواصل الاجتماعي»، مؤكداً أن «الأمر لا يستحق التعامل معه بجدية، واعتباره قضية لكونه مبني من الأساس على معلومات مغلوطة».

وهو ما تدعمه أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس؛ إذ تشير إلى «خطورة استحواذ القضايا الهامشية على تفاعلات الشباب بشكل كبير عبر (السوشيال ميديا)، الأمر الذي يستوجب تحركات مجتمعية من الأسر والدولة على حد سواء؛ للاستفادة من طاقة الشباب في أمور جادة ومهمة».


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
TT

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

قد ينشغل اللبنانيون في زمن الحرب بأخبارها وأحوال النازحين وكيفية تأمين حاجاتهم. لكنّ قلةً منهم فكّرت بجزء من المجتمع اللبناني؛ هم الأشخاص الصمّ. فهؤلاء يفتقدون القدرة على السمع وسط حرب شرسة. لا أصوات القذائف والصواريخ، ولا الانفجارات والمسيّرات. ولا يدركون إعلانات التحذير المسبقة لمنطقة ستتعرّض للقصف. وقد تكمُن خطورة أوضاعهم في إهمال الدولة الكبير لهم. فهي، كما مراكز رسمية ومستشفيات ووسائل إعلام، لا تعيرهم الاهتمام الكافي. فتغيب لغة الإشارة التي يفهمونها، ليصبح تواصلهم مع العالم الخارجي صعباً.

من هذا المنطلق، ولدت مبادرة «مساعدة الصمّ»، فتولاها فريق من اللبنانيين على رأسهم نائلة الحارس المولودة من أب وأم يعانيان المشكلة عينها. درست لغة الإشارة وتعاملت من خلالها معهما منذ الصغر؛ الأمر الذي دفع بأصدقائها الصمّ، ملاك أرناؤوط، وهشام سلمان، وعبد الله الحكيم، للجوء إليها. معاً، نظّموا مبادرة هدفها الاعتناء بهؤلاء الأشخاص، وتقديم المساعدات المطلوبة لتجاوز المرحلة.

بلغة الإشارة يحدُث التفاهم مع الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

تقول نائلة الحارس لـ«الشرق الأوسط» إنّ القصة بدأت مع صديقتها ملاك بعد نزوح أهلها الصمّ إلى منزلها في بيروت هرباً من القصف في بلدتهم الجنوبية، فتوسّعت، من خلالهم، دائرة الاهتمام بأصدقائهم وجيرانهم. وعندما وجدت ملاك أنّ الأمر بات يستدعي فريقاً لإنجاز المهمّات، أطلقت مع هشام وعبد الله المبادرة: «اتصلوا بي لأكون جسر تواصل مع الجمعيات المهتمّة بتقديم المساعدات. هكذا كبُرت المبادرة ليصبح عدد النازحين الصمّ الذين نهتم بهم نحو 600 شخص».

لا تواصل بين الصمّ والعالم الخارجي. فهم لا يستطيعون سماع أخبار الحرب عبر وسائل الإعلام، ولا يملكون «لاب توب» ولا أدوات تكنولوجية تخوّلهم الاطّلاع عليها لحماية أنفسهم. كما أنّ لا دورات تعليمية تُنظَّم من أجلهم ليتمكّنوا من ذلك.

كي تلبّي نائلة الحارس رغبات الصمّ وتجد فرصاً لمساعدتهم، كان عليها التفكير بحلّ سريع: «لأنني أدرس لغة الإشارة والترجمة، دعوتُ من خلال منشور على حسابي الإلكتروني متطوّعين لهذه المهمّات. عدد من طلابي تجاوب، واستطعتُ معهم الانكباب على هذه القضية على أرض الواقع».

معظم الصمّ الذين تعتني بهم المبادرة في البيوت. بعضهم يلازم منزله أو يحلّ ضيفاً على أبنائه أو جيرانه.

يؤمّن فريق «مساعدة الصمّ» جميع حاجاتهم من مساعدات غذائية وصحية وغيرها. لا تواصل من المبادرة مع جهات رسمية. اعتمادها الأكبر على جمعيات خيرية تعرُض التعاون.

كل ما يستطيع الصمّ الشعور به عند حصول انفجار، هو ارتجاج الأرض بهم. «إنها إشارة مباشرة يتلقّونها، فيدركون أنّ انفجاراً أو اختراقاً لجدار الصوت حدث. ينتابهم قلق دائم لانفصالهم عمّا يجري في الخارج»، مؤكدةً أنْ لا إصابات حدثت حتى اليوم معهم، «عدا حادثة واحدة في مدينة صور، فرغم تبليغ عائلة الشخص الأصمّ بضرورة مغادرة منزلهم، أصرّوا على البقاء، فلاقوا حتفهم جميعاً».

ولدت فكرة المبادرة في ظلّ مصاعب يواجهها الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

وتشير إلى أنّ لغة الإشارة أسهل مما يظنّه بعضهم: «نحرّك أيدينا عندما نتحدّث، ولغة الاشارة تتألّف من هذه الحركات اليومية التي نؤدّيها خلال الكلام. كما أن تعلّمها يستغرق نحو 10 أسابيع في مرحلة أولى. ويمكن تطويرها وتوسيعها بشكل أفضل مع تكثيف الدروس والتمارين».

عدد الصمّ في لبنان نحو 15 ألف شخص. أما النازحون منهم، فقلّة، بينهم مَن لجأ إلى مراكز إيواء بسبب ندرة المعلومات حول هذا الموضوع. كما أنّ كثيرين منهم لا يزالون يسكنون بيوتهم في بعلبك والبقاع وبيروت.

بالنسبة إلى نائلة الحارس، يتمتّع الأشخاص الصمّ بنسبة ذكاء عالية وإحساس مرهف: «إنهم مستعدّون لبذل أي جهد لفهم ما يقوله الآخر. يقرأون ملامح الوجه وحركات الشفتين والأيدي. وإنْ كانوا لا يعرفون قواعد لغة الإشارة، فيستطيعون تدبُّر أنفسهم».

يغيب الاهتمام تماماً من مراكز وجهات رسمية بالأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم: «ينبغي أن يتوافر في المراكز الرسمية، أسوةً بالخاصة، متخصّصون بلغة الإشارة. المشكلات كثيرة في كيفية تواصلهم مع الآخر. فالممرض في مستشفى قد لا يعرف كيفية سؤالهم عن زمرة دمهم. وليس هناك مَن يساعدهم لتقديم أوراق ووثائق في دعوى قضائية. هذه الثغر وغيرها تحضُر في مراكز ودوائر رسمية».

تختم نائلة الحارس: «التحدّي في الاستمرار بمساعدة الأشخاص الصمّ. فالإعانات التي نتلقّاها اليوم بالكاد تكفينا لأيام وأسابيع. على أي جمعية أو جهة مُساعدة أخذ هؤلاء في الحسبان. فتُدمَج مساعدات الأشخاص العاديين مع مساعدات الصمّ، وبذلك نضمن استمرارهم لأطول وقت».