رحيل وسيم الشاشة الصغيرة سمير شمص

يشكّل جزءاً من ذاكرة الدراما اللبنانية الجميلة

من المتوقع تكريمه في ذكرى رحيله (الأربعين) (إنستغرام)
من المتوقع تكريمه في ذكرى رحيله (الأربعين) (إنستغرام)
TT

رحيل وسيم الشاشة الصغيرة سمير شمص

من المتوقع تكريمه في ذكرى رحيله (الأربعين) (إنستغرام)
من المتوقع تكريمه في ذكرى رحيله (الأربعين) (إنستغرام)

التحق الممثل سمير شمص بقافلة زملائه أمثال فادي إبراهيم، وفؤاد شرف الدين، وشوقي متى، وغيرهم، مفارقاً الحياة عن عمر ناهز الـ83 عاماً. في آخر أيامه كان يعاني شمص من مرض القلب ولم يكن الأطباء يستسيغون إجراء عملية جراحية له، فجسده المنهك الذي هاجمته أمراض أخرى كان يمنعهم من ذلك. وحسب نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي، فقد توفي إثر نقله إلى المستشفى. وخلال إجراء عملية دقيقة للشريان الأساسي للقلب فارق الحياة.

فارق الحياة عن عمر 83 عاماً (إنستغرام)

ويوضح بدوي لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نلتقي السبت من كل أسبوع في مقهى (روكا هورس شو سابقاً) في شارع الحمرا. ومع الممثل صلاح تيزاني، وفؤاد حسن، وعمر الشماع وغيرهم نتسامر بشتّى الأحاديث. كان رجلاً دمث الأخلاق وإنسانياً إلى أبعد حدود. أعتقد أن قلبه لم يتحمّل كل المآسي التي نشاهدها في جنوب لبنان وقطاع غزة. فأحزنته المشاهد المؤثرة التي كان يتابعها عبر نشرات الأخبار. ولطالما انتقد هذا الصّمت المدقع الذي تواجه به هذه الحروب. ففضل الرحيل على البقاء متفرّجاً لمشهد لم تتحملّه إنسانيته». وإثر الإعلان عن وفاته مساء الأحد 11 الحالي، تصدّر الخبر وسائل التواصل الاجتماعي. ونعاه زملاؤه بكلمات مؤثرة واصفينه بـ«أمير شاشة الزمن الجميل». وكذلك بالرجل الخلوق ونجم الرعيل الأول وصاحب البصمة التي حفرت في الدراما العربية ككل. بدأ حياته صحافياً وكاتباً فألّف كثيراً من السيناريوهات للإذاعة والتلفزيون والمسرح. ومن بينها مسلسل «عين الشوق» من إخراج سمير درويش. وتوّج رحلته في الكتابة بإصداره عام 2008 روايته «عند حافة الكون» من النوع الخيالي العلمي. مشواره التمثيلي بدأه في الستينات حين شارك في أفلام عدّة منها، «سفر برلك» و«بنت الحارس»، و«العسل المر»، و«الشريدان»، و«شارع الضباب». كما شارك في مسلسلات لبنانية ومصرية كثيرة، منها، «العنب المر»، و«رجل من الماضي»، والمسلسل المصري «امرأة من زمن الحب» مع الفنانة سميرة أحمد. ووقف إلى جانب كبار نجوم مصر أمثال فاتن حمامة ضمن مسلسل «وجه القمر».

في اللقاء الأسبوعي مع زملائه في مقهى بشارع الحمراء (إنستغرام)

وشارك شمص أيضاً في فيلم المخرجة إيناس الدغيدي «الباحثات عن الحرية» عام 2005. كما شكّل ثنائية مشهورة مع الممثلة الراحلة نهى الخطيب سعادة، وشاركها بطولة أعمال درامية عديدة بينها «النهر» و«ربيع». وتيمّناً باسم هذا الأخير والنجاح الذي حققه، أطلق على ابنه الوحيد اسم ربيع، ويعيش حالياً بين أميركا وكندا. وكان يحب أن يناديه المقربون منه بـ«أبو ربيع». عمل شمص في المسرح وشكّل ركناً من أركان المسرح الوطني للفنان الراحل شوشو، وفي السينما، إضافة إلى أعماله مع الرحابنة مثّل في «كلنا فدائيون». وكذلك في أفلام مصرية من بينها «أجمل أيام حياتي» مع نجلاء فتحي، وفي «شارع الضباب» مع الراحلة صباح، و«حبي الذي لا يموت» مع الراحل ملحم بركات. يقول النقيب نعمة إن سمير شمص كان عاتباً على شركات الإنتاج في لبنان. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «عتبه هذا كان ناتجاً عن تغييب تلك الشركات له وللممثلين الرائدين أمثاله. فنجم الزمن الجميل كان مغيباً عن إنتاجات درامية حديثة. وفي رأيي، لو أن صنّاع الدراما تعاونوا معه، لكانوا أحدثوا إضافة إلى عملهم المنتج». ويشير النقيب نعمة بدوي إلى أن شمص كان متواضعاً يقول: «لقد كان يساند ويشجّع أي موهبة تمثيلية يلتقيها في عملٍ ما، وأنا من بينهم. وكان تواضعه ميزة لديه في زمن نسي خلاله كثير من نجوم التمثيل معنى هذه الكلمة». وعمّا إذا كانت الدولة اللبنانية ستُكرّمه، يردّ النقيب نعمة بدوي: «موته المفاجئ صعّب علينا هذه المهمة، سيما أن مراسم الدفن تمّت في الواحدة من بعد ظهر الاثنين 12 الحالي. ولكننا نحضّر لإقامة حفل تأبيني له في ذكرى (الأربعين) لوفاته. ونتمنى نحن النقابة أن ننجح بذلك؛ وأن يُكرّمه زملاؤه والدولة اللبنانية ولبنان بشكل عام على المستوى المطلوب». وختم يقول: «لقد خسر لبنان نجماً أصيلاً قلّ أمثاله في زمننا الحالي. كان وسيم الشاشة و(جوكر) المسلسلات المحلية والعربية. رحل وهو حزين على مصير لبنان والمنطقة. وكان يردد بأن حرب غزّة كشفت المستور. وعرّت الإنسانية أمام عالمٍ يكتفي بالتفرّج على ما يجري من دون تحريك ساكن».


مقالات ذات صلة

معرض «نسيج الشتاء»... تحيكه أنامل دافئة تعانق الشاعرية

يوميات الشرق الفنان أحمد مناويشي ولوحاته (إنستغرام «آرت ديستريكت»)

معرض «نسيج الشتاء»... تحيكه أنامل دافئة تعانق الشاعرية

يتمتع شتاء لبنان بخصوصية تميّزه عن غيره من المواسم، تنبع من مشهدية طبيعة مغطاة بالثلوج على جباله، ومن بيوت متراصة في المدينة مضاءة بجلسات عائلية دافئة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخبز دفع الثمن (مواقع التواصل)

12 ألف «إسترليني» لكفيف جُرحت مشاعره بطرده من عمله

نال رجلٌ كفيف كان قد أُقيل خلال مدة الاختبار في مخبز، وسط مزاعم بأنه ارتكب أخطاء، مبلغَ 18 ألفاً و500 جنيه إسترليني؛ 12 ألفاً منها بسبب جرح مشاعره.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

قلَّة لم تتأخر عن موعد بدء الدراسة في الصباح، لأسباب مختلفة. لكنَّ اعتياد التلاميذ التأخر بجميع الأوقات يُحوّل المسألة إلى مشكلة فعلية.

«الشرق الأوسط» (نورمبرغ (ألمانيا))
يوميات الشرق سهى نعيمة تستقبل الزوار وتروي الذكريات (الشرق الأوسط)

الأديب ميخائيل نعيمة استقبل زواره وكأنه لا يزال حياً

تعنى سهى حداد بإرث ميخائيل نعيمة، برموش العين. تعيش مع أغراضه كأنه لا يزال حياً، تحيط نفسها بلوحاته وصوره وكتبه ومخطوطاته ورسومه وأقلامه، وتستقبل زواره وتحدثهم.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مارك أبو ضاهر يحمل مجموعات من ملصقات يطبعها على دفاتر (الشرق الأوسط)

مارك أبو ضاهر... لبناني يوثّق الفن الجميل في دفاتر الذكريات

يملك مارك أبو ضاهر مجموعة كبيرة من الملصقات القديمة، بينها ما يعود إلى ملصقات (بوستر أفلام)، وبطلها الممثل اللبناني صلاح تيزاني المشهور بـ«أبو سليم».

فيفيان حداد (بيروت)

فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
TT

فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة شيكاغو الأميركية أن الدوائر العصبية التي تتحكم في حركة أذرع الأخطبوطات مجزأة، مما يمنح هذه المخلوقات تحكماً دقيقاً واستثنائياً عبر جميع أذرعها الثماني، وعبر مئات الممصات الموجودة على طول هذه الأذرع، لاستكشاف بيئتها والإمساك بالأشياء والتقاط الفرائس.

ووفق نتائج الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في دورية «نيتشر كومينيكيشين»، تحتوي كل ذراع من أذرع الأخطبوط على نظام عصبي ضخم، مع وجود عدد أكبر من الخلايا العصبية مجتمعة عبر الأذرع الثماني، مقارنة بدماغ الحيوان.

وتتركز هذه الخلايا العصبية في الحبل العصبي المحوري الكبير (ANC)، والذي يتعرج ذهاباً وإياباً أثناء انتقاله من الدماغ إلى أسفل الذراع.

وتتحرك أذرع الأخطبوط ببراعة لا تصدق، فتنحني وتلتف وتتراجع بدرجات لا نهائية من الدقة والحرية تقريباً.

وقال كليفتون راجسديل، أستاذ علم الأعصاب في جامعة شيكاغو والمؤلف الرئيس للدراسة، في بيان صادر الأربعاء: «نعتقد أنها سمة تطورت على وجه التحديد في رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو مع الممصات للقيام بهذه الحركات الشبيهة بحركات الديدان».

ويمكن للأخطبوطات أن تتحرك وتغير شكل ممصاتها بشكل مستقل. كما أن الممصات مليئة بمستقبلات حسية تسمح للأخطبوط بتذوق وشم الأشياء التي يلمسها -مثل الجمع بين اليد واللسان والأنف.

درست كاسادي أولسون، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأعصاب الحاسوبي والتي قادت الدراسة، بنية الحبل العصبي المحوري واتصالاته بالعضلات في أذرع الأخطبوط ذي البقعتين الكاليفورني (Octopus bimaculoides)، وهو نوع صغير موطنه المحيط الهادئ قبالة ساحل كاليفورنيا.

وكانت هي والباحثة المشاركة بالدراسة جريس شولتز، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأحياء التنموي والتجديدي والخلايا الجذعية، تحاولان النظر إلى المقاطع العرضية الدائرية الرقيقة للأذرع تحت المجهر، لكن العينات استمرت في السقوط من الشرائح. لقد جربوا شرائح طولية من الذراعين وكان حظهم أفضل، مما أدى إلى اكتشاف غير متوقع.

تمتلك الأخطبوطات ثماني أذرع ومئات الممصات على طول هذه الأذرع (جامعة شيكاغو)

وباستخدام العلامات الخلوية وأدوات التصوير لتتبع البنية والاتصالات بين أجزاء الحبل العصبي المحوري الكبير، رأوا أن أجسام الخلايا العصبية كانت معبأة في أعمدة تشكل أجزاء، مثل الأنبوب المموج. يتم فصل هذه الأجزاء عن طريق فجوات تسمى الحواجز، حيث تخرج الأعصاب والأوعية الدموية إلى العضلات القريبة. وتتصل الأعصاب من أجزاء متعددة بمناطق مختلفة من العضلات، مما يشير إلى أن هذه الأجزاء تعمل معاً في وحدة واحدة متسقة للتحكم في الحركة.

قالت أولسون: «بالنظر إلى هذا من منظور دراسات النمذجة الحاسوبية، فإن أفضل طريقة لإعداد نظام تحكم لهذه الذراع الطويلة والمرنة للغاية هي تقسيمها إلى أجزاء أصغر».

وأوضحت: «ولكن يجب أن يكون هناك نوع من الاتصال بين الأجزاء، مما يساعد في تنعيم أداء تلك الحركات بهذا الشكل الفريد».

وتشير النتائج إلى أن «الجهاز العصبي ينشئ خريطة مكانية أو طبوغرافية لكل ممص». ويعتقد الباحثون أن هذه «الخريطة الماصة»، كما أطلقوا عليها، «تسهل هذه القدرة الحسية الحركية المعقدة».

ولمعرفة ما إذا كان هذا النوع من البنية شائعاً بين رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو الأخرى، درسوا أيضاً نوعاً آخر شائعاً في المحيط الأطلسي من أنواع الحبار الساحلي طويل الزعانف، والذي يحتوي على ثماني أذرع ذات عضلات وممصات مثل الأخطبوط.

وفي حين انفصلت الأخطبوطات والحبار عن بعضهما البعض منذ أكثر من 270 مليون سنة، وفق نتائج دراسات التطور، فإن التشابهات في كيفية تحكمهما في أجزاء من أطرافهما باستخدام الممصات -والاختلافات في الأجزاء التي لا تفعل ذلك- تُظهر كيف يمكن التطور دائماً من إيجاد أفضل الحلول.

وهو ما علق عليه راجسديل: «إن الكائنات الحية التي تمتلك هذه الزوائد الممتلئة بالممصات والتي تتحرك مثل الديدان تحتاج إلى نوع مناسب من الجهاز العصبي. وقد تطورت لرأسيات الأرجل بنية مقطعية تختلف تفاصيلها وفقاً لمتطلبات بيئاتها».