بإطلالات وشخصيات جاذبة ومتنوعة كان يظهر الفنان المصري الراحل نور الشريف على الشّاشات، لكن ماذا كان يفعل نور صاحب التاريخ الفني الحافل خارج «الكادر السينمائي أو التلفزيوني؟ وما هي هوايته المفضلة؟».
في ذكرى رحيله التاسعة التي توافق 11 أغسطس (آب) 2015، تحدثت فنانات مصريات عن نور «الصديق» و«الزميل المثقف والمتواضع»، من بينهن الفنانة المصرية لبلبة التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها قدّمت أهم أفلامها «ليلة ساخنة» مع نور الذي وصفته بأنه «عاشق السينما»، مؤكدةً أن «الفيلم كان نقطة تحوّل كبيرة في مشوارها، إذ حصدت عنه جوائز عدة».
وأشادت لبلبة بتوجيهات نور في «اللوكيشن»: «كان يحضر حتى لو لم يكن لديه موعد تصوير ليشرف على أدق التفاصيل، لحرصه على العمل وفريقه، فقد كان متعاوناً ومثقفاً ويحب القراءة جداً فقد كان الكتاب لا يفارق يده».
وهو ما تؤيده الفنانة المصرية إلهام شاهين التي تقول إن نور كان صديقها المقرب وأستاذها الذي تعلمت منه الكثير، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه هو الفنان الوحيد الذي عملت معه في جميع الوسائط الفنية.
ولفتت شاهين إلى أنها تعلمت من نور حب القراءة والبحث عن كل ما هو جديد في كل المجالات، نور كان يردّد دائماً على مسامعها أن الفنان الجيد هو الفنان القارئ والمطلع ليعبر عن الناس بصدق.
وتؤكد شاهين أن نور كان له دور في تشكيل شخصيتها، من خلال آرائه الشخصية وكتبه القيمة التي كانت تستعيرها منه.
ومن بين الأعمال الدرامية الشهيرة للفنان الراحل «مسلسل عائلة الحاج متولي» الذي شاركت فيه الفنانة المصرية سمية الخشاب، التي تقول إنه كان مدرسة لها قواعد راسخة وأسس فنية لم تر لها مثيلاً، كما كان على المستويين المهني والشخصي متفرداً ومتعاوناً ومتواضعاً.
وتضيف الخشاب لـ«الشرق الأوسط»: «تعلمت من نصائحه وتوجيهاته وخبرته وطاقته الفنية وثقافته العالية فقد كان عاشقاً للقراءة، ويفهم في موضوعات كثيرة، ويعطي النصيحة الثاقبة من أول مرة».
واتفقت الفنانة فادية عبد الغني مع رأي الخشاب، قائلة إن «نور كان مثالاً للالتزام ويملك خبرة حياتية كبيرة، كما أنه فنان مثقف وصاحب رأي، يأتي مبكراً لموقع التصوير، ويجلس في هدوء للقراءة ومراجعة دوره».
فيما تتذكر الفنانة المصرية عايدة رياض كواليس مشاركتها الفنية مع نور في أعمال عدة، من بينها عملها الأول معه مطلع عام 1977 فيلم «مارد الجبل»، وكذلك في فيلمي «أهل القمة» و«الهروب إلى القمة»، ومسلسل «عائلة الحاج متولي»، وتُعدّ العمل الأخير الأهم في مشوارها، مؤكدة أنه «أستاذ في تقمص الشخصية».
ووصفت الشريف بأنه «معلم مُتمكن لا يبخل على الجميع بعلمه وخبرته وثقافته»، مؤكدة أنه كان يتعامل مع الجميع وكأنهم بنفس مستوى نجوميته.
ويرى الناقد الفني المصري أحمد السماحي أنه واحد من نجوم الفن الذين صدّقوا ما يقدمونه وتعامل مع مهنته بحب وشغف، فكُتب لاسمه الخلود الفني، ويضيف السماحي لـ«الشرق الأوسط»: «عشق نور القراءة فانعكست ثقافته على أعماله، وتنوعت أدواره التي عبّرت عن أفراح وأوجاع المواطن البسيط ما بين الرومانسية، والتراجيديا، والكوميديا، والأكشن».
ويقول إن نور الشريف «يحسب له أنه نجم الأدوار الجريئة إذ جسّد دور الملحد، والمنحرف، والشاذ، وغيرها من الشخصيات المثيرة للجدل».
ولفت السماحي إلى أن «نور طبّق نصائح المخرج حسن الإمام، من بينها (إظهار معاني وانفعالات الكلام على الوجه قبل النطق به)»، مؤكداً أنه أثبت في كثير من أفلامه أن الممثل الجيد قادرٌ أحياناً على أن يُنقذ فيلماً، وأن يقدّم على طريقته الخاصة عالماً له أبعاده وانعكاساته وتأثيره.
وتميّزت أعمال نور الشريف في السينما والتلفزيون بالتنوع والاختلاف وإبراز قضايا مجتمعية مهمة، فقدّم دور ضابط الشرطة، وتاجر الخردة الحكيم، وتاجر الأقمشة، والمعلم ورجل الأعمال بجانب الشخصيات الصعيدية والتاريخية التي تألق فيها.
ولم يكتفِ الشريف بعمله ممثلاً، بل شارك في صناعة السينما منتجاً بعد تأسيسه شركة إنتاج فني مع زوجته الفنانة بوسي، وقدما أفلاماً شهيرة من بينها «دائرة الانتقام» 1976، و«ضربة شمس» 1978، و«حبيبي دائماً» 1980، و«آخر الرجال المحترمين» 1984، و«زمن حاتم زهران» 1987، و«ناجي العلي» 1991 وغيرها.