مسرحية «زواج اصطناعي»... كوميديا حول التقنية والعلاقات الاجتماعية

تعرض ضمن فعاليات موسم جدة

«زواج اصطناعي» تقدم عرضها الأول في جدة من 1 وحتى 4 أغسطس على خشبة المسرح العربي
«زواج اصطناعي» تقدم عرضها الأول في جدة من 1 وحتى 4 أغسطس على خشبة المسرح العربي
TT

مسرحية «زواج اصطناعي»... كوميديا حول التقنية والعلاقات الاجتماعية

«زواج اصطناعي» تقدم عرضها الأول في جدة من 1 وحتى 4 أغسطس على خشبة المسرح العربي
«زواج اصطناعي» تقدم عرضها الأول في جدة من 1 وحتى 4 أغسطس على خشبة المسرح العربي

في ظل التقدم التقني وتغلغل التكنولوجيا الرقمية في مختلف جوانب الحياة، تأتي مسرحية «زواج اصطناعي»، المقامة في «المسرح العربي» بسيتي ووك، ضمن فعاليات موسم جدة، لتناقش أثر التقنية الرقمية على حياتنا. المسرحية تطرح فكرة أن التكنولوجيا بذاتها لا تملك سلطة، بل إن الاستخدام البشري هو ما يمنحها هذه القوة.

تدور أحداث المسرحية حول شروق وفاروق، اللذين يواجهان أزمة في ليلة زفافهما تدفعهما للجوء إلى خبير في العلاقات العاطفية. هذا الخبير يستخدم الذكاء الاصطناعي لإجراء تجربة حديثة تجعلهما يعيدان النظر في فكرة الزواج بالكامل. المسرحية من بطولة مي عز الدين، ومحمد أنور، وبيومي فؤاد، ومصطفى غريب، وسليمان عيد، وإيمان السيد، ودنيا سامي، ومن إخراج محمد المحمدي.

تجسد مي عز الدين دور شروق، الفتاة الجميلة التي ترتبط بفاروق، في جو مليء بالمفارقات الكوميدية. تقول مي عز الدين لـ«الشرق الأوسط»: «المسرحية كوميدية، وتتناول تأثير الذكاء الاصطناعي على العلاقات الاجتماعية. التكنولوجيا تحمل إيجابيات وسلبيات، لكن في العلاقات الاجتماعية أثبتت التجارب أن السلبيات قد تفوق الإيجابيات».

محمد أنور بطل العرض (الشرق الأوسط)

أما محمد أنور، الذي يقوم بدور فاروق، فيشير إلى أن المسرحية تطرح موضوع الإنسانية الرقمية وقدرتها على تقديم رؤية شاملة للحياة. يؤكد أنور على ضرورة أن يكون الإنسان هو صاحب السلطة والكلمة الفصل في حياته، خصوصاً في الأمور الاجتماعية.

مصطفى غريب، الذي يلعب دور شقيق العروس، يعبر عن رأيه قائلاً: «المسرحية تقدم رؤية غير تقليدية للحياة الزوجية؛ إذ يتدخل الذكاء الاصطناعي ليحدد مستقبل العلاقة بناءً على البيانات. نتمنى أن يبقى التعايش رغم الاختلاف سمة إنسانية لا يمكن للتقنية تقييمها».

محمد المحمدي مؤلف ومخرج مسرحية «زواج اصطناعي» (الشرق الأوسط)

ويوضح محمد المحمدي، مؤلف ومخرج المسرحية، أن المسرحية تناقش أزمة الطلاق المتفشية في المجتمع. يقول المحمدي: «المسرحية تقدم تجربة افتراضية لاستكشاف ما إذا كان يمكن للذكاء الاصطناعي أن يختبر العلاقات قبل الزواج لتحديد مدى التوافق».

ويضيف: «في عام 2024، دخل الذكاء الاصطناعي في كل شيء، من الأغاني باستخدام أصوات مطربين متوفين، إلى مقاطع مرئية تبدو حقيقية. فكرة المسرحية ساخرة؛ تتناول مستقبل الذكاء الاصطناعي وإمكانية تأثيره على قراراتنا الحياتية».

تجربة مي عز الدين المسرحية في «زواج اصطناعي» هي الأولى في مسيرتها الفنية التي امتدت لـ25 عاماً. بدأ العرض الأول في موسم الرياض، ثم انتقل إلى موسم جدة. وتعبر مي عز الدين عن سعادتها بتجربتها الأولى على خشبة المسرح، قائلة: «جزء كبير من حبي للوقوف على المسرح كان بفضل الجمهور الذي استقبلني بحرارة في الرياض، وأيضاً في جدة، ما جعلني أتطلع لمزيد من العروض المسرحية».



حضارات لبنان في عرض مبهر لفرقة «ميّاس»

لوحة فنية راقصة في عرض «قومي» لفرقة «مياس» في بيروت (أ.ب)
لوحة فنية راقصة في عرض «قومي» لفرقة «مياس» في بيروت (أ.ب)
TT

حضارات لبنان في عرض مبهر لفرقة «ميّاس»

لوحة فنية راقصة في عرض «قومي» لفرقة «مياس» في بيروت (أ.ب)
لوحة فنية راقصة في عرض «قومي» لفرقة «مياس» في بيروت (أ.ب)

سمعت بيروت صوتها لأول مرة، وأدركت أن حدوده السماء في عرض «قومي» لفرقة «ميّاس» العالمية. الآلاف احتشدوا على مدارج صنّفها القيمون على الحفل بـ«الغولد» و«البلاتينيوم» و«في آي بي». كان من المقرر أن يبدأ الحفل في الثامنة والنصف مساء على الواجهة البحرية للعاصمة، لكن بسبب الحشود البشرية الزاحفة من مختلف المناطق اللبنانية، تأخر ليبدأ نحو العاشرة.

كان اللافت الانتشار الواسع لرجال الأمن من شرطة وأفراد جيش، أحاطوا بجميع مداخل المكان زارعين شعوراً بالأمان بين الوافدين.

وقبل افتتاح الحفل اعتلى الإعلامي ريكاردو كرم المسرح، وألقى كلمة وجيزة عن بيروت وعما يتضمنه العرض. ومن ثم انطلق الحفل بلوحة عن المدينة المقاومة. وبكلمات الشاعر علي المولى وبصوت الممثلة كارمن لبس قالت بيروت: «أنا العصية على التفسير ولغز الكون الأخير. أول مدينة شيّدت في حكايا الأساطير... أنا مملكة ملوك الطوائف الكل من هيبتي خائف ومن إرثي العظيم... أنا بوق القيامة والرمق الأخير ولآخر نبض مقاومة».

«قومي» عرض استثنائي حبس الأنفاس منذ لحظاته الأولى (الشرق الأوسط)

نحو 5000 شخص حضروا الحفل، مصغين بدقة للمقاطع الشعرية والنثرية، متفرجين على اللوحات الراقصة المبهرة لاكتشاف مغزاها. فكان الصمت سيد الموقف مع كسره بين حين وآخر، بتصفيق حار وهتافات تشجيعية.

100 فتاة شاركن بالعرض ورقصن على موسيقى هاري هديشيان. أما تصاميم الأزياء فوقّعتها كريستين سماحة، التي ألبست كل حقبة وحضارة ومنطقة ما يناسبها. وتمحور العرض بمجمله حول حضارات مرت على لبنان وتتصدرها الفنيقية. عرّج العرض على موضوعات تصدير الحرف واكتشاف الأرجوان. وروت اللوحات حكايات عن مناطق من لبنان كصور وجبيل. واستخدم نديم شرفان كاتب العمل ومخرجه صوراً سوريالية تنبع من خياله المبدع. فتوالت الحكاية تلو الأخرى يقدّم لها بصوت نجمات الدراما الأربع. وكان الحضور في كل مرة يستمع إلى صوت إحداهن يتساءل عما إذا هي سينتيا كرم أو ندى بو فرحات، تقلا شمعون أو كارمن لبس. الحداثة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مزجها نديم شرفان بالعراقة والأصالة، فقدّم خلطة فنية مميزة، وعرف كيف يطعّمها بنبض حديث يزيل كل الشبهات عنها.

وكان لإطلالة الفنانة عبير نعمة وقعها على الحضور. مرتدية الأبيض، أنشدت بصوتها الملائكي «لبيروت» على طريقتها. فكان غناؤها بمثابة تكريم من نوع آخر لمدينة عانقت طير الفينيق لتبعث حية أكثر من مرة.

ترافقت أبيات الشعر التي أعدّها علي المولى مع لوحات فنية مبتكرة. فبلغت جماليتها الذروة مع فتيات «ميّاس»، بلوحات فولكلورية وشعبية وجبلية رافقتها مشهدية برّاقة. وعكست لمعانها بملامح الحضور الذي خطفه الاندهاش. وحصدت لوحة «أرزة لبنان» تصفيقاً حاراً. فتألفت أغصانها من سواعدهن تغزل العزة والصلابة. ورافعة بيديها إلى الأعلى معلنة لولادة تخرج من شهب دخان أبيض.

تكريم بيروت من قبل مناطق لبنان هي الفكرة الرئيسية التي اعتمدها نديم شرفان في عرضه الفني «قومي». وكانت كلمات الشعر تشكّل مفاتيح دخول أبواب كل منطقة، كما حدث عند الانتقال من لوحة بيروت إلى لوحة بيبلوس، فخرج صوت كارمن لبس يقول: «إن انتهيت الكون انتهى، هاتي يديك كي تنهضي. إلا أني لن أقوى على رفعك وحدي. فنحتاج بيبلوس معنا لكي يكتمل المعنى». وبعدها يأتي صوت تقلا شمعون مجسدة دور بيبلوس تنادي على أليسار كي تصحح المسار.

من عرض فرقة «مياس» في بيروت (أ.ف.ب)

وبلغ التأثر حدّه عند الحضور في اللوحة الختامية للعرض، وحملت عنوان «الجنوب». فشرفان أرادها تحية تكريمية لهذه المنطقة، التي تشهد الأمرّين في حروب تجتاح أرضها على مر الزمن. ومع فتيات «ميّاس» المتشحات بالأسود خرج صوت سينتيا كرم يقول: «أنا الصامدة في وجه الحروب، شمس لا تعرف غروب. للبلاد حامية حدودها كي يبقى وجودها». ولتكمل: «بيروت لا تخضعي أن فؤادك تحميه أضلعي. أنا درعك الواقي أنا نبضك الباقي. أنا يدك التي تضرب من المشرق إلى المغرب». ولتختم: «كوني آمنة يا عاصمتي لن نبقى إن أنت زلت... أنت المقياس والبطولة والأساس. نحن الحجارة وأنت الماس. دمت لنا فخراً ونصراً يا أرقى المدن. أنا جليد لا يذوب أنا ستّارة العيوب. أنا الجنوب».