«شعاع الشمس»... دفقات فنية تحضّ على الإبداع

معرض مصري يضم 35 لوحة لـ20 فناناً

لوحة للفنان عمر عبد الظاهر في المعرض (إدارة الغاليري)
لوحة للفنان عمر عبد الظاهر في المعرض (إدارة الغاليري)
TT

«شعاع الشمس»... دفقات فنية تحضّ على الإبداع

لوحة للفنان عمر عبد الظاهر في المعرض (إدارة الغاليري)
لوحة للفنان عمر عبد الظاهر في المعرض (إدارة الغاليري)

بأفكار فنية تجمع بين الخيوط المشتركة التي تحرّك نسيج الثقافة المصرية والمجتمع والحياة، يقيم غاليري «سفر خان» في القاهرة معرضه الصيفي السنوي لعام 2024 بعنوان «شعاع الشمس»، وذلك بمشاركة 20 فناناً ينتمون لمدارس وأجيال مختلفة.

يتميّز المعرض بمفهوم «الالتقاء المزدوج»؛ حيث تلتقي الأفكار الغنية مع الأساليب والوسائط المتنوعة للفن المعاصر من جهة، ومن جهة أخرى يحتفي هذا الالتقاء الناجم عن تجارب وخبرات إبداعية مميزة، حسب منى سعيد مديرة الغاليري.

عفوية المعالجة الفنية وزخم الدّلالات النفسية في عمل لأحمد جعفري (إدارة الغاليري)

وتربط منى سعيد بين دفقة أشعة الشمس التي نستمتع بها بعد برد الشتاء، وبين الطاقات التي تولد داخل الفنانين والتي تحفّز بدورها على الإبداع والإنتاج الفنيين، انطلاقاً من أنه «إذا كانت الشمس وثيقة الارتباط بالإضاءة الطبيعية فإنها كذلك تكشف الحقائق المتشابكة واللامعة داخل النفس الإنسانية».

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يفسح هذا المعرض الذي يضمّ نحو 35 عملاً، المجال لمجموعة متنوعة من الفنانين البارزين لتقديم أعمالهم عبر الوسائط والموضوعات المختلفة، إضافة إلى مجموعة من الأسماء الشابة الطموحة الذين نهدف إلى منح أعمالهم فرصة لتواصل الجمهور وتفاعلهم معها».

لوحة الفنان إبراهيم خطاب (إدارة الغاليري)

تتجذّر إحدى اللوحتين اللتين يشارك بهما الفنان إبراهيم خطاب في المعرض بالتاريخ، وذلك استناداً إلى اعتزازه بعراقة الحضارات التي شهدتها بلاده، فحملت هذه اللوحة مشهداً درامياً متعدّد الشخوص والحيوانات والعناصر، حيث جمع فيها ما بين الواقع والخيال.

في حين يحتفي العمل الآخر لـ«خطاب» بالذاكرة الجماعية لسكان الأحياء القديمة، وفيه استعان بقصّاصات الصحف القديمة، فضلاً عن الملصقات الإعلانية والدعاية الانتخابية المتناثرة في شوارع المناطق الشعبية المصرية بعد أن أزالها من حوائط البنايات أو جمعها من الأرض، ليعبر من خلال هذه الأوراق متعددة الطبقات عن مشاعر السكان وثقافتهم.

ومن خلال تجريد هذه الطبقات الزمنية في لوحاته القماشية المعالجة كيميائياً يكشف عن الروايات الخفية والعلامات الزائلة التي خلّفها عدد لا يحصى من الأفراد، ويُعد هذا الاكتشاف انعكاساً عميقاً لمرور الوقت والتأثير العابر والدائم للوجود البشري، وفق إبراهيم خطاب.

وتعكس اللوحة التي تشارك بها الفنانة الشابة فاطمة عمران، ميلها للدمج بين الشخوص والحيوانات والنصوص الفارسية، مع استخدام تقنية التركيب والتشريح الدقيق للحيوانات؛ إذ يصور هذا العمل الفني، المستوحى من المنمنمات الإسلامية، حصانين متعارضين، يحمل كلٌ منهما عدداً من الأفراد المزينين بالعمامات، ويشير النص المكتوب بالفارسية إلى «إنما الإنسان أثر فانظر ما أنت تارك خلفَك».

لوحة للفنانة فاطمة عمران (إدارة الغاليري)

تقول الفنانة لـ«الشرق الأوسط»: «أرمز من خلال العمائم التي ترتفع في السماء إلى الأفكار والأحلام، التي تتجاوز العالم المادي؛ ذلك أن تجاور الشخصيات الثابتة والعمامات المحمولة جواً يجسد الطبيعة العابرة للوجود الإنساني، والإرث الدائم لمساهماتنا الفكرية والثقافية؛ ما يدعو إلى التأمل في اللحظة الزائلة التي نعيشها، والأثر الدائم لأعمالنا على الذاكرة الجماعية للأجيال القادمة».

جانب من معرض «شعاع الشمس» في غاليري «سفر خان»

يلتقي المشاهد على مسطح لوحات الفنان أحمد فريد بمساحات من الجمال والسلام والتأملات التجريدية المقترنة بالخطوط القوية والظلال المتباعدة والألوان المتعددة المتدفقة بسخاء لا سيما اللونين الأحمر والأزرق، وهو أحد الفنانين الذين يحرص الغاليري على وجودهم في المعرض الصيفي سنوياً؛ ومن المعروف أنه سجّل حضوراً في ساحات عالمية؛ ومن ذلك بيع بعض لوحاته في «دار كريستيز للمزادات»، ومنها لوحة «متروبوليس» عام 2017، ولوحة «نهر الصمت» عام 2018، فضلاً عن «الفوضى الحضرية» عام 2019.

ويضمّ المعرض كذلك عملين من التماثيل النصفية البرونزية للنّحات الأرمني السكندري المولد، سركيس توسونيان، باللون الأخضر الفيروزي مع لمسات ذهبية لامعة، ولوحة من الرسم بالنسيج للفنانة نعمة السنهوري، في حين تطلّ الفنانتان كاثرين باخوم، وتسنيم المشد، بحضور مميّز عبر أعمالهما الزاخرة بالمنمنمات المتناقضة في الأسلوب والمضمون.

لوحة للفنان عمر عبد الظاهر في المعرض (إدارة الغاليري)

وفي حين ينقل عمر عبد الظاهر المتلقي إلى قلب الريف وتفاصيل الحياة الهادئة البسيطة من خلال لوحاته، فإن اللوحة التركيبية لمحمد حسين تُؤكّد تأثره بنشأته في الفيوم، حيث يتنقل ما بين المناظر الطبيعية ومظاهر البيئة المصرية التي صاغها بتكوينات لونية ترابية.

ويلتقي زائر المعرض ببناء تشكيلي محكم من خلال أعمال أحمد جعفري، وهو بناء يقوم على عفوية المعالجة الفنية وزخم الدّلالات النفسية والوجدانية وجرأة المساحات اللونية، فضلاً عن رصانة أسلوب كريم عبد الملك، واحتفاء ياسمين حسن بالصّبار، وأحمد يسري بدفء البيوت، وتجسيد رنا شلبي للدراويش، وصلاح بطرس للأسواق التاريخية.


مقالات ذات صلة

الوسط التشكيلي المصري يودّع عصمت داوستاشي

يوميات الشرق رحيل الفنان عصمت داوستاشي (وزارة الثقافة المصرية)

الوسط التشكيلي المصري يودّع عصمت داوستاشي

ودَّعت الحركة التشكيلية بمصر الفنان عصمت داوستاشي، الثلاثاء، عن عمر ناهز 82 عاماً تاركاً إرثاً كبيراً من الأعمال الفنية والكتب الأدبية والمتخصصة في تاريخ الفن.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق اختير المنتخب من بين أكثر من 291 ألف طالب وطالبة تنافسوا محلياً (واس)

40 سعودياً ينافسون على جوائز «آيسف 2025» العالمية

أنهى المنتخب السعودي للعلوم والهندسة تحضيراته النهائية للمشاركة في «معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة» (آيسف 2025)، الذي يُعدُّ أكبر محفل علمي تنافسي عالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق بألوان زاهية وأخرى دافئة ترسم ذكرياتها (الشرق الأوسط)

«أصداء الصيف»... لوحات تغمسك في بحر الذكريات اللبنانية

توثّق التشكيلية اللبنانية روزي دانيال لبنان بريشتها مستحضرة لحظات الفرح والحنين من قلب البحر والذكريات.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أعمال الفنان تحمل الكثير من الدراما (الشرق الأوسط)

«طقوس على حافة الوجود»... لوحات تستدعي الأساطير الشعبية

من قلب الحارات الشعبية، وتحديداً من منطقة القلعة بالقاهرة الفاطمية، تشكلت الرؤية البصرية الأولى للفنان المصري عادل ثروت؛ لتنعكس بعد ذلك في أعماله.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق «العندليب» في صور نادرة من أفلامه (أسبوع القاهرة للصورة)

«أسبوع القاهرة للصورة»: حين تستعيد عدسة الكاميرا سحر الأبيض والأسود

يضمّ 26 معرضاً تحتوي على نحو 5 آلاف صورة متنوّعة لفنانين وزعماء سياسيين وبورتريهات لشخصيات عابرة، إلى جانب صور ومعارض متعدّدة تُضيء على مأساة غزة.

انتصار دردير (القاهرة )

متسلق صخور يسقط من ارتفاع 400 قدم وينجو من الموت

جبال نورث كاسكيدز (أ.ب)
جبال نورث كاسكيدز (أ.ب)
TT

متسلق صخور يسقط من ارتفاع 400 قدم وينجو من الموت

جبال نورث كاسكيدز (أ.ب)
جبال نورث كاسكيدز (أ.ب)

قالت السلطات، الثلاثاء، إن متسلق صخور نجا من حادث سقوط من ارتفاع نحو 400 قدم، في أثناء نزوله في ممر شديد الانحدار، في جبال نورث كاسكيدز بولاية واشنطن. وهو الحادث الذي أدى إلى مصرع 3 من رفاقه، ثم سار في الظلام حتى وصل إلى سيارته وقادها إلى هاتف عمومي لطلب النجدة.

وتمكن المتسلق الناجي الذي لم يكشف عن هويته علناً، من تحرير نفسه من حبال وخوذ ومعدات أخرى بعد الحادث، وواصل السير رغم إصابته بنزيف داخلي وإصابة في الرأس، وفقاً لما ذكره نائب قائد شرطة مقاطعة أوكانوجان.

جبال نورث كاسكيدز (أ.ب)

وقالت كريستينا وودورث، قائدة فريق البحث والإنقاذ التابع للشرطة، إن حوادث سقوط بهذا الحجم تؤدي إلى 3 وفيات تعد نادرة للغاية. ولا تزال تفاصيل كثيرة عن الحادث غير معروفة.

وأضافت أن 7 أعوام مضت على حادثة مماثلة، حين لقي متسلقان حتفيهما في سقوط من على جبل إل كابيتان، في متنزه «يوسيميتي» الوطني.

كان أفراد المجموعة الأربعة، وبينهم الضحايا الذين تتراوح أعمارهم بين 36 و47 و63 عاماً يتسلقون قمم «إيرلي وينترز سبايرز»، وهي قمم حادة تتخللها شقوق، وتعد وجهة شهيرة للمتسلقين في سلسلة جبال نورث كاسكيدز، نحو 160 ميلاً شمال شرقي سياتل.

ونقل المتسلق الناجي إلى مستشفى في سياتل.